مقالات

محمد كامل العيادي يكتب: المال والاستعمار الأوربي للعالم العربي!

هل الدول العربية صنعت نفسها بنفسها أم هي من صُنع الغرب؟.. هل العالم العربي في وحدة فعلية أم إنقسام؟.. هل استطاعت دول المشرق العربي في الحصول على استقلالها حقًا أم لا تزال قابعة تحت حكم المستعمر؟.. هل تمكن العالم العربي من وضع شكلًا للقومية العربية أم فشلوا في ذلك؟.. وهل فعلًا الأمة العربية أمة واحدة أم أنها شعارات فقط؟.. أسئلة تولد أسئلةً غيرها ربما تُجيب عنها أطروحة السطور التالية.

عندما نعود بالتاريخ وندرسه بحيادية تامة نجد أن من قام بترسيم الحدود العربية هو المستعمر، وأنه قد رسمها بطريقة تتناسب وأطماعه الاستعمارية خلال القرن التاسع عشر، لتُصبح مستعمرات لبريطانيا وفرنسا، وجزء آخر منها للاتحاد السوفيتي آنذاك، روسيا حاليًا، بعدما كانت مقاطعات في الإمبراطورية العثمانية.

قبل نحو قرن ونصف من الزمان، استطاع “إسماعيل باشا” أن يقفز بالدين الداخلي من 3 ملايين جنيه عام 1863م إلى 68 مليون جنيهًا بحلول عام 1875م؛ بعدما صرف ببزخ على قصوره وفي رحلاته إلى الغرب في رغبة منه لتحديث مصر وتطبيعها بالطابع الأوروبي، فيما استغلت بريطانيا الوضع المالي المُزري وقتها وقامت بشراء النصيب الأكبر في شركة قناة السويس البالغ قيمته 44%، والذي به تكون قد أمنت طريقها الملاحي إلى الهند، وساعدها في ذلك أسرة “روتشيلد” التي تسيطر على العديد من مراكز الاقتصاد في العالم وتتحكم في حركتي التجارة والبورصة العالمية، وبهذا استطاعت بريطانيا إحكام سيطرتها على بوابة مصر.

تعي المنظومة الاستعمارية الغربية جيدًا أن المال هو المتحكم الأصيل في العالم، لذا تلعب على هذا الوتر “المساعدات المالية” عن طريق إعطاء القروض الميسرة، وما هي في الحقيقة إلا قيود شديدة الإحكام، لفرض قبضتها على العالم العربي مع ضمان أن يظل الاستعمار قائمًا، بعدما حيز له القانون الدولي، الذي من المفترض أن يكون هو منظم العلاقات بين الدول وبعضها وليس للعمل في الحفاظ على الصفة الاستعمارية والمصالح الاقتصادية للغرب.

إن المستعمر يرى أنه في الطريق الصحيح عندما يجعل الأمة تتناحر فيما بينهم بدعوى الحرية والاستقلالية أحيانًا، والمذهبية والقبلية في أحيانٍ أخرى، لتدور الحروب الداخلية ويتسابق العرب في شراء السلاح وتوريط أنفسهم بالديون، والتي به تُصبح متبوعة لا تابعة، مستهلكة لا مُصنعة، أمة مريضة غير صحيحة، لذلك أصبح العالم العربي في حالة انقسام تام دون وجود وحدة بينهم، ولم يستطيع أو يتمكن العرب من الوصول والاتفاق على شكل واحد من أشكال القومية، وكيف يتفقون وهم ما لازالوا يجدون هويتهم في العشيرة والطائفية والحكم لأشخاص وليس مؤسسات؟؛ فالوحدة العربية لا تمت للواقع الفعلي بِصلة، بل إن الواقع الراهن كله صراعات وخلافات ما أنزل الله بها من سلطان، كالصراع الشيعي المتمثل في الحوثي اليمني والسني المتمثل في السعودية، والصراع بين الشيعة والسنة في العراق، والصراع بين حفتر والسراج في ليبيا، والعلويين الشيعة مع السنة في سوريا.

لا شك أن هذه النزاعات في الشرق الأوسط هي ساحة مناسبة للمنافسات الإقليمية لضمان سيادة العالم واستمرارية الاستعمار ونهب المال والثروات؛ عن طريق بيع السلاح وإنهاك العالم العربي بالحروب الداخلية لضمان عدم تقدمه ومواكبته العصر الحديث، وذلك من أجل الشرق الأوسط الجديد الذي أخرجته للنور إدارة “بوش” على لسان وزيرة خارجيته “كونداليزا رايس”، وإعلان دولة اليهود الكبرى من النيل للفرات.. فهل تعي الأمة ما يدور ويحاك لها؟ أم ستبقى في ثباتٍ عميق؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى