مقالات

مصر طرقت كل أبواب الدبلوماسية في أزمة السد وإثيوبيا تسعى لخطة الحنفية

بقلم عبدالرحيم أبوالمكارم حماد

منذ عام 2011، تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا للوصول إلى إتفاق حول ملء وتشغيل سدّ النهضة المعد ليكون أكبر مصدر لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا بقدرة تصل إلى 6500 ميغاوات.

تعد أزمة السد الإثيوبي وعملية الملء الثاني له، القضية الأخطر التي تواجه الدولة المصرية منذ فجر التاريخ ، عند الانتهاء من سد النهضة العملاق على النيل الأزرق، والمقرر هذا العام، ستصبح لأثيوبيا اليد العليا في قرار تدفق المياه.


إذن الأزمة تمثل صراعاً سياسياً يتعلق بانهيار مصر كقوة عظمى في المنطقة، وصعود مراكز قوى أخرى ،ودمار الرقعة الزراعية في مصر ومشروعات التنمية ، بعباره أوضح أن الحياة في مصر متوقفة على مياة نهر النيل ، في حين إثيوبيا لا تكتفي بمياه بحيرة تانا منبع النيل الأزرق البالغة 40 مليار متر مكعب ولا بمياه 9 أحواض أنهار تجرى في اراضيها وتتناساهم طمعا في القليل من المياه التي تجرى بين ضفتي النيل الأزرق”.

خلال السنوات الماضية، لم تتوقف الحكومة المصرية عن إعلان تمسكها بروح ونصوص قانون الأنهار واتفاقية إعلان المبادئ الموقعة 2015 وبقواعد القانون الدولي العام المنظمة لحقوق الدول المطلة على الأنهار العابرة للحدود وأهمها عدم مشروعية الإجراءات الأحادية، والتشديد على اعترافها بمشروعية الاحتياجات التنموية لإثيوبيا وبحقها في بناء سد النهضة شريطة عدم الإضرار بحقوق ومصالح الأطراف الأخرى.

أزمة سد النهضة تدخل مراحلها النهائية، أما تستمر إثيوبيا بقرار أحادي في عملية الملء الثاني للسد بعد إخطار الجانب المصري والسوداني وعقد جلسة مجلس الأمن الدولي بشأن ملف سد النهضة بطلب من مصر والسودان ، وتقديم دولة تونس بمشروع قرار لحل أزمة ملء المياه خلف السد ، أو أن تستجيب إثيوبيا لطلبات أعضاء مجلس الأمن والنداءات الدولية ، وترجع إلى مائدة المفاوضات ، وتتوصل الدول الثلاث إلى إتفاق ملزم، تقوم من خلاله أيضا إثيوبيا بملأ السد لكن على مراحل أطول، مما يقلل تداعيات حجز المياه خلف السد. وقد تطول فترة الملأ في هذه الحالة حتى سبع سنوات، وهو مالا ترغب فيه سلطات إثيوبيا.

وقدمت تونس لشركائها الـ14 في مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يدعو أديس أبابا إلى التوقف عن ملء خزان سد النهضة،

وينص مشروع القرار على أن مجلس الأمن يطلب من كل من “مصر وإثيوبيا والسودان إستئناف مفاوضاتهم بناء على طلب كل من رئيس الإتحاد الأفريقي والأمين العام للأمم المتحدة، لكي يتوصلوا، في غضون ستة أشهر، إلى نص إتفاقية ملزمة لملء السد وإدارته”.

وتجدر الإشارة إلى اعتراض كلا من مصر والسودان على قرار إثيوبيا الأحادي بالبدء في ملء سد النهضة دون مفاوضات أو الإلتزام باتفاق المبادئ ، إذ أن الطرح الإثيوبي على هذا النحو يهدف إلى إهدار كافة الاتفاقيات والتفاهمات التي توصلت إليها الدول الثلاث خلال المفاوضات الممتدة لما يقرب من عقد كامل،

أيضا ترى إثيوبيا حقها المطلق في تغيير وتعديل قواعد ملء وتشغيل سد النهضة بشكل أحادي على ضوء معدلات توليد الكهرباء من السد ولتلبية احتياجاتها المائية، دون حتى الالتفات إلى مصالح دولتي المصب أو أخذها في الاعتبار.

إذن إثيوبيا تفتقر للإرادة السياسية للتوصل لاتفاق عادل حول سد النهضة، ويكشف نيتها لإطلاق يدها في استغلال الموارد المائية العابرة للحدود دون أي ضوابط، ودون الالتفات إلى حقوق ومصالح دول المصب التي تشاركها في هذه الموارد المائية الدولية”.

وعن احتماليه الحل العسكرى مقابل الحلول التفاوضية غير المثمرة حتى الآن ، إذ أن جوهر المشكلة أن الخيار العسكرى له توابعه، والصمت عنه له توابعه، واستمرار الدبلوماسية والتفاوض ستمكن إثيوبيا من استثمار الوقت لاستئناف البناء والملء، ليكون التعامل على أمر واقع تم، أصعب وأخطر من منع استكماله أو تحقق ثمرته.

تجدر الإشارة أيضاً أن ممارسة إثيوبيا لحقوقها توصم بإساءة إستخدام الحق، وتأكيد الغرض الحقيقى للسد للإضرار بدول الجوار، وتعمد إيقاع نتائج كارثية يتحكم بتدرجها بمصر والسودان، حتى يصلا لمرحلة التركيع وبدء سياسة الإدارة بالمياه أو خطة الحنفية!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى