مقالات

مني عبدالراضي تكتب: “الخديوي إسماعيل” يأمر ببناء الجبلاية و”المجلس الأعلى للآثار” يهدمها


أثير منذ أيام على المواقع الإخبارية والسوشيال ميديا شائعة اعتزام هيئة الآثار إصدار قرار بهدم حديقة الأسماك أو كما تسمى قديما حديقة “الجبلاية” بمنطقة “الزمالك” بالقاهرة والتي يرجع تاريخ انشائها لعام 1867 عندما أحضر “الخديوي اسماعيل باشا” أحد الخبراء الفرنسيين وأمره بتصميم حديقة على شكل جبلاية تضم أشجارا ونباتات نادرة وبرك مائية وأحواض أسماك نادرة، وأصبحت الجبلاية من أجمل الحدائق المميزة في مصر.
كان “الخديوي اسماعيل” يطمح أن يحول مدينة القاهرة لتصبح باريس الشرق، لذا اهتم بانشاء حدائق ومتنزهات مثل حديقة الحيوان بالجيزة، وحديقة الأسماك بالزمالك والتي بصدد هدمها بعد 154 عاما من إنشائها.
أصدر المجلس الأعلى للآثار بتاريخ 2 اكتوبر الحالي بيانا مخيبا للآمال، ردا على ما أثير بخصوص هدم الحديقة، ليؤكد على أنه وفقا لقانون حماية الآثار المصرية الفريدة التي هي ملك للبشرية على حد قول البيان، فإن ما تم عرضه على اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية واليهودية هو مناقشة شطب مساحة صغيرة فقط من حديقة الأسماك لا يوجد بها أي مباني مسجلة في عداد الآثار.
كما يؤكد البيان على أن موضوع دراسة شطب المساحة تم عرضه باللجان الفنية ولم يتم عرضه على مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار، وإنه لن يسمح بأي نشاط يضر بالبيئة الأثرية بالحديقة وبكافة المواقع المسجلة على مستوى الجمهورية.
السؤال هنا لمصلحة من يتم شطب مساحة حتى لو صغيرة كما يدعي البيان من حديقة تاريخية تعتبر متنفساً طبيعياً ضد التلوث ومتنزهاً لأجيال متعاقبة مرت على هذا الأثر، ليحل محلها كما أشيع جراج متعدد الطوابق ومجموعة كافتيريات ومطاعم.
في الوقت الذي نطالب فيه بالحفاظ على الآثار التاريخية وترميم القاهرة القديمة وإنشاء مساحات خضراء جديدة للقضاء على التلوث البيئي، يصدر قرار بهدم حديقة مثل “الجبلاية” والتي لا يوجد مثيل لها في مصر.
وهذا ليس أول تعدي على آثار تاريخية، فقبلها كان قرار هدم حديقة الميريلاند   بمصر الجديدة بالقاهرة، والتي تقع على مساحة 50 فدان ويرجع تاريخ إنشائها إلى عام 1949 في عهد الملك فاروق تحت اسم نادي سباق الخيل. وأيضا قرار إزالة قصر “اندراوس باشا” في مدينة الاقصر ذو الطراز المعماري المميز والذي يرجع تاريخ بنائه لأكثر من 125 عاماً، وكذلك قرار هدم قصر المنتزه بالإسكندرية، أكبر القصور الملكية، بناه الخديوي عباس حلمي الثاني عام 1829، ويقع القصر داخل حدائق المنتزة الشهيرة.
ألا يرفع المعتدين أيديهم عن آثارنا وتاريخنا الذي بناه أجدادنا الذين كانوا يبحثون عن الجمال والرقي والبناء لا الهدم.
هل من أجل كباري وأنفاق وكافتريات ومطاعم وغيرها لصالح مستثمرين، ترتكب جرائم هدم وإزالة تاريخ.. هل أصبح البيزنس أهم من التاريخ؟
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى