تقارير و تحقيقات

من سرطان الستينات إلى الإرهاب وكورونا.. «معهد الأورام» ما بين العلاج والهلع

ترك المعهد القومي للأورام بمنطقة المنيل، التابع لجامعة القاهرة، صورة في ذهن الشعبي المصري على مر العصور منذ إنشاءه وافتتاحه في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

فنشأت المعهد القومي جاءت بهدف علاج مرضى السرطان، وهو ما يجعل القلوب يرتفع نبضها عند سماع اسمه في كل مرة، مستعطفة حال رواده من مرضى الأورام الخبيثة.

المعهد استمر في العمل بشكل طبيعي متواليًا عليه المرضى والأطقم الطبية، إلى أن ارتجفت القلوب منه في العام الماضي، عند سماع الفاجعة التي جاءت في منتصف الليل، لتدون الصحف حادث معهد الأورام الإرهابي 2019.

فالأمس قد مضى على ضحايا حادث الأورام ودفن أثرهم، وجاء اليوم من العام الجاري، ليطبع أثرًا آخر في نفوس أفراد الشعب ويغلق القومي للأورام لدواعي قد تطيح بالكثيرين.

رحلة السرطان

البداية كانت بفكرة علاج الأورام السرطانية، والتي دفعت أول عميد بالمعهد ومؤسسه، الدكتور لطفي أبو النصر، إلى تحويلها إلى واقع في خمسينيات القرن الماضي، وتحديدًا في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.

جهود العديد من الجراحين المصريين، اللذين تدربوا على جراحات الأورام، أثمرت جهودهم، متمثلين في المعهد، عن اعتراف جامعة القاهرة بطب الأورام كتخصص مستقل.

لكن يجدر بنا الإشارة إلى الدكتور إسماعيل السباعي، الذي تولى عمادة المعهد بعد رحيل مؤسسه، أدخل الجراحات الجذرية (بالإنجليزية).

وفي عام 1969، بدأ عمل المعهد بسعة 270 سريرًا، بكلفة إجمالية وصلت آنذاك إلى مليون جنيه مصري فقط، بنفقات تشغيل في سنة افتتاحه، بلغت 83 ألف جنيه.

أول طاقم طبي مر على المعهد، كان يعمل به 40 طبيبًا و150 من التمريض والعاملين بالخدمات الطبية المعاونة، إذ كانوا يعملون لخدمة 5700 مريض جديد، و8000 مريض متردد على العيادة الخارجية، حسب إحصائيات العام الأول بعد الافتتاح.

حادث معهد الأورام

أعوام مرت على المعهد المتخصص في الكشف على الأورام، لم يسمع عنه سوى السير في مساره الطبي لمعالجة المرضى، سواء المحتجزين به أو المترددين على العيادات الخارجية.

لكنه عاد للأذهان وذاع سيطه في أخبار الحوادث بالقنوات والمواقع الإخبارية، عندما دوى صوت الانفجار، محيط المعهد بمنطقة المنيل، في ساعة مبكرة من صباح يوم الخامس من أغسطس خلال العام الماضي.

كان حادثًا مأسويًا، راح ضحيته عشرات القتلى والمصابين، اللذين بلغوا من يقرب من خمسة وعشرين قتيلًا فضلًا عن خمسين مصابًا.

ونتج ذلك عن اصطدام سيارة تحمل متفجرات، بشارع كورنيش النيل أمام المعهد، كانت تسير عكس الاتجاه، بـ3 سيارات، حسبما أثبتت التحريات من خلال مراجعة اللقطات التي وثقتها عدسات كاميرات.

الحادث أثار هلع الشعب المصري، حينما استيقظ على تفجير إرهابي، خلف خسائر بشرية لم تكن هينة، ما تسبب في حالة من الخوف بالمنطقة المحيطة بالمعهد، نتيجة الصوت والأثر اللذين تسبب فيهما الحادث.

فظاعة الحادث، دفعت العشرات من المواطنين اللذين توجهوا إلى مستشفى القصر العيني، للتبرع بالدم لصالح “المصابيين”، اللذين كانوا في حالة حرجة عقب الحادث.

رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لن ينسوا صورة رجل يحمل طفلته مهرولًا بعيدًا عن النيران، أملًا في إنقاذها من آثار الإنفجار عند سقوطه.

ولا زال يتذكر النشطاء ورواد السوشيال ميديا، لقطة الأم التي احتضنت طفلتها، مريضة السرطان، خوفًا عليها من النيران في قلة حيلتها وضعف قوتها.

وفي أعقاب الحادث بيومين، أكدت التحريات أنه إرهابي بحت من الدرجة الأولى، بعد إجراء الفحص والمعاينة، وأسدل الستار على الواقعة تولت النيابة التحقيق.

كورونا يقتحم القومي الأورام

وبعد اجتياح فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، العالم خلال الربع الأول من العام الجاري 2020، جاء الفيروس ليصل إلى مصر وقارب عدد الإصابات الألف مصاب حتى الآن.

القومي لعلاج الأمراض، لما يكتفي بالأوبئة التي يحويها، بل احتوى الفيروس المميت، عندما اكتشف إصابة 17 من طاقم الأطباء والتمريض، نتيجة انتقال العدوى لأحد الممرضين، حسبما أوضح مدير المعهد الدكتور حاتم أبو القاسم.

اكتشاف الإصابات جاء ما بين الخميس الماضي واليوم ولازال المسح جاريًا لأطقم التمريض اللذي يتجاوز عددهم 600 طبيبًا وممرضًا من الجنسين.

وعلى إثر ذلك، أعلن مدير المعهد، عن إغلاقه لمدة ثلاثة أيام بداية من الخميس، وحتى اليوم السبت.

وقال أبوالقاسم، في مداخلة هاتفية مع الإعلامي المصري عمرو أديب ببرنامج “الحكاية” المُذاع عبر فضائية “MBC مصر”، إن المعهد سيتم غلقه حتى يوم السبت، أمام المرضى لتطهيره وتعقيمه لمواجهة كورونا.

وتابع، أن الحالة الأولى المصابة في المعهد تعود لمُشرفة كانت تعمل في مستشفى آخر بيَنت نتائج تحاليلها الأحد الماضي أنها حاملة للفيروس، مُوضحًا أن المستشفى الثاني الذي كانت تعمل فيه الممرضة كان أيضًا به حالات مصابة.

ليقاطعه الإعلامي عمرو أديب قائلا: «دي معلومة جديدة، أنت تقول أن المستشفى الآخر كانت فيه إصابات؟».

ليجيب مدير معهد الأورام: «نعم، فيه مستشفيات كتير ظهر فيها حالات” إصابة بفيروس كورونا».

بيان جامعة القاهرة

وبدورها، أصدرت جامعة القاهرة، صباح اليوم، قرارًا بفتح تحقيق حول إصابة 17 شخصًا من الأطباء والتمريض، لكشف أسباب التقصير إن وجدت ومعاقبة المتسببين والإطلاع على كافة التفاصيل حول الأزمة.

وأوضج المتحدث الرسمي باسم جامعة القاهرة، الدكتور محمود علم الدين، أن الجامعة قررت تعيين فريقين جديدين لمكافحة العدوى والجودة بالمعهد، لتولي إدارة الملف خلال المرحلة المقبلة في ضوء المتابعة مع اللجنة الفنية التي تم تشكيلها من رئيس الجامعة الدكتور محمد عثمان الخشت.

ويأتي ذلك لمراجعة كافة البروتوكولات الطبية المعمول بها في مجالات مكافحة العدوى وضمان السلامة للأطقم الطبية والعاملين والمترددين من المرضى.

وأوضح الدكتور علم الدين، أن: «المعهد تعامل مع الأزمة من بدايتها، حيث تم إبلاغ المعامل المركزية لوزارة الصحة لإجراء التحاليل للحالات المشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا، بالإضافة إلى عزل الحالات التي ثبت إصابتها والمخالطين لها فور التأكد من الإصابة».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى