تقارير و تحقيقات

“ولد بقدم واحدة”.. عمر يقهر التنمر ويحترف لعب الكرة (فيديو)

سامح الألفي ونورا سعد

تخجل عيناك من النظر إليه، ويقشعر بدنك لكلماته المتزنة وابتسامته التي لا تفارق ملامحه، وصوته المملوء بالرضا ويجعلك تبحث عن مصدره، إيمان وقناعة لم يملكها الأغنياء تنبع من ذاك الصغير الذي لم يتعد عمره 11 عامًا، والذي حُرِمَ نعمة السير على قدمين، بعدما ولد بساق واحدة فقط.

“العيال اتلمت عليا وعملوا دايرة حواليا وفضلوا يقولو أبو رجل واحدة أهو، مستحملتش ساعتها ووقعت وفوقت لقيتني في حضن أمي بتهديني وبتقويني لغاية دلوقتي”.. بهذه الكلمات بدأ “عمر أيمن” صاحب الموهبة الفريدة التي تسير بقدمٍ واحدة حكايته لمحررا «موقع اليوم».

الطفل عمر صاحب الإعاقة الحركية

يقول عمر الطالب بالصف السادس الابتدائي بمدرسة أبو النجا الابتدائية: “عند ذهابه للمرة الأولى للمدرسة لاقى معاملة سيئة من كل التلاميذ حيث كانوا يلتفون حوله هاتفين أبو رجل مكسورة أهو، فيشعر حينها بالقهر والألم، ما يدفعه للشكوى لأستاذه الذي يقوم بتأنيبهم”.

ويضيف: “وجدت الحل الأمثل في تجنب زملائي منعًا من وقوعهم في خطأ التنمر على حالتي فيعاقبوا بسببي، فلم أعد أشتكي لأساتذتي وبدأت أتعامل معهم بشكل طبيعي، لكني أفضل الجلوس على طرف المقعد نظرًا لسهولة التحرك في حال لو أردت الذهاب لقضاء حاجتي”.

الطفل عمر صاحب الإعاقة الحركية

ويتابع متحدثاً عن أحلامه: “أنا أستحق الاهتمام وأن أكون بطلًا رياضيًا فأنا عاشق لكرة القدم وأمارسها بمهارة عالية رغم إعاقتي، ومثلي الأعلى محمد صلاح لأنه كافح كتير عشان يوصل” مضيفًا أنه كان يشاهد زملائه أثناء اللعب ولا يشارك معهم خوفا من التنمر عليه، وأنه كان يصد الكرة إذا جاءت تحت قدميه.

وقال إن ذلك كان في عامه الأول بالمدرسة أما في ثاني عام فبدأ يشارك معهم في اللعب ويواجه تنمرهم بموهبته الفريدة التي تعتمد بشكل كلي على القدم، حتى أثبت كفاءته معهم وأصبحوا ينتظرون لعبه.

الطفل عمر صاحب الإعاقة الحركية

“سألت ربنا ليه خلقتني كده، بس السؤال ده بييجي في دماغي لما صحابي يتريقوا عليا كتير وما مش قادر أمشي من ضحكهم عليا”.. كلمات مؤثرة عبر بها “عمر” عن أحزانه والأشياء التي تأتي في خاطره.

يقول: “وقتها كنت بقعد مع نفسي وأقول أنا ليه عندي رجل واحدة وكل الناس عندها رجلين اتنين، ولم أكتفي بسؤالي لنفسي بل توجهت لأمي وطرحت سؤالي عليها أنا ليه ربنا خلقني كدة، فقالت لي انت بظروفك دي أحسن من ناس كتير وإن شاء الله هتكون أفضل من كل اللي بيعايروك وهتركب أحسن عربية وهتكون أفضل مهندس معماري”.

حديث أمه لم يكن مثل باقي الأحاديث التي لم ترك ساكنًا، بل دفعه للأمام ومحى من عقله ما يعرقل مسيرته، فعقب: “هذه الجمل القوية من والدتي وقعت على قلبي موقع الاطمئنان وعلى عقلي موقع الرشد، فأصبحت تلك نقطة التحول بداخلي، فمنذ ذلك الحين من يتنمر عليا أقول فقط الله يسامحك”.

الطفل عمر صاحب الإعاقة الحركية

وأكمل: “العيال في الشارع بعد ما كانوا مش عايزيني ألعب معاهم دلوقتي بينادوا عليا عشان ألعب، بس بيضايقوني لما يقولولي سيب العكاز والعب من غيره، أو يقولو لي أقف حارس طب ازاي؟، بس خلاص اتعودت على كلامهم وإني أعمل الحاجة اللي بحبها، وبروح الملعب الخماسي اللي في البلد 3 أيام في الأسبوع والكابتن علمهم ما يؤذونيش بالكلام”.

وأشاد بتشجيع الكابتن له وإعجابه بأدائه في اللعب، لافتًا إلى أنه يحب اللعب في مركز الظهير الأيمن ورأس الحربة، ويقول: “بلعب 3 ماتشات في المرة الواحدة مدة الماتش ربع ساعة، وباخد راحة ربع ساعة بعد كل ماتش، حتى لا أرهق قدمي لأن كل المجهود يكون عليها بمساعدة من العكازات لها”.

الطفل عمر صاحب الإعاقة الحركية

واختتم حديثه متمنيًا أن يصبح مهندسًا معماريًا لأنها رغبة والداه، ولطالما نادوه بـ”الباشمهندس عمر”، وعقب على ذلك بقوله: “نفسي الناس تهتم بيا ومحدش يهملني وعيلتي وأصحابي يفتخروا بيا، وأكون مثلهم الأعلى وأصبح لاعب كرة القدم بجوار الهندسة فأنا استحق الاهتمام ومش بطلب حاجة غير إنهم يوفروا لي مكان يناسب ظروفي عشان ألعب فيه”.

أما أيمن والد الطفل عمر، فقال والده معبرًا عن معاناته، إن عمر ولد بساق واحدة ولم يأتي ذلك نتيجة لحادث تعرض له أو ما شابه ذلك، مؤكدًا أنه لا توجد صلة قرابة بينه وبين زوجته تؤدي لمثل هذه الإعاقة أو العيب الخلقي

وأضاف “أيمن” أنه في بداية الأمر كان عندما ينزل ابنه إلى الشارع، يلاقي استغرابًا من أهالي المنطقة لكن الأمر الآن لم يعد مثل السابق، مشيرًا إلى أن هذه الحالة نادرة فعادة ما يولد الطفل صاحب الإعاقة الحركية، بقدم قصيرة والأخرى جيدة أو أقداما ملتوية، لكن حالة عمر من النوادر.

وأكد أن عمر في البداية كان يتعرض لمضايقات من الأطفال وزملائه بالمدرسة ومع مرور الوقت تفهم الأهالي والأصدقاء حالته وشعروا معه بالحب والطمأنينة.

الطفل عمر صاحب الإعاقة الحركية

كما عبر عن أمنيته لعمر في أن يلعب في نادي أو فريق يتناسب مع ظروفه قائلًا: “لو عمر بيلعب دلوقتي مع الأصحاء بنسبة 50 % فهو عنده قدرة يأدي في فريق يناسب ظروفه بنسبة 70 %، مضيفًا أنه يتمنى لعمر حفظ القرآن الكريم كاملًا كما ويطالب المسؤولين بالتضامن مع حالته للحصول على دخل جيد يعيش منه.

الطفل عمر صاحب الإعاقة الحركية

شاهد الفيديو..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى