تقارير و تحقيقات

أبرز  أسلحة “الحرب النفسية” للمقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل

تمثل “الحرب النفسية” جزءا أساسيا من العقيدة العسكرية للجيش الإسرائيلي سواء في حروبه مع الجيوش العربية بصورة عامة أو في الحروب التي شنها ضد قطاع غزة بصورة خاصة

ورغم استخدام إسرائيل لأحدث التقنيات الدعائية وتسخيرها آلة إعلامية ضخمة للتأثير على معنويات المقاومة الفلسطينية وتفكيك الجبهة الداخلية في غزة، إلا أن المقاومة استطاعت قلب الأمور رأسا على عقب عندما بدأت عملية “طوفان الأقصى”، التي هزت ثقة الإسرائيليين في الجندي الإسرائيلي وفي عتاده العسكري وخاصة دبابات “ميركافا”، التي روجت لها إسرائيل بأنها من أقوى الدبابات في العالم.

في ذلك اليوم استطاعت المقاومة الفلسطينية تنفيذ ما يمكن وصفه بـ”الضربة المزدوجة“، التي حققت مكاسب مادية ومعنوية، بينما بدأت إسرائيل ردا غير محسوب بقصف عشوائي ضد قطاع غزة أفقدها شريحة كبيرة من الرأي العام العالمي، خاصة بعدما رصد المقاومة ضحايا القصف الإسرائيلي بصور وفيديوهات نجحت في حشد جماهير غفيرة خرجت في جميع أنحاء العالم لدعم الفلسطينيين.

أسلحة “الحرب النفسية

بدأت إسرائيل استخدام أسلحة “الحرب النفسية” الـ5 المعروفة ضد سكان غزة لوضعهم تحت ضغط وتخويفهم بصورة تؤدي إلى تفكيك جبهتم الداخلية وإثنائهم عن إرادتهم في مواصلة المقاومة، ويشمل ذلك جعلهم يشعرون بآلام البرد والجوع والعطش والتعب والملل”.

وكان ذلك واضحا في قطع الاحتلال للماء والكهرباء والوقود ومنع المساعدات وقصف المستشفيات وقطع الاتصالات، في بعض الأحيان”، والرسائل والمنشورات التي تطالب السكان بترك منازلهم والتهجير القسري، وجميعها عوامل تساهم في تحقيق أهداف الحرب النفسية، بالضغط على المقاتلين عن طريق المدنيين إضافة إلى تخويف المدنيين لجعلهم يتخلوا عن المقاومة.

أساليب الحرب النفسية وأسلحتها في الحروب الحديثة
أساليب الحرب النفسية وأسلحتها في الحروب الحديثة

كما كان إعلان إسرائيل مواصلتها القتال حتى “سحق المقاومة” أحد أساليب الحرب النفسية، التي تستهدف معنويات المقاتلين الفلسطينيين، وكان آخرها ما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الـ25 من ديسمبر 2023، عندما قال إن “الحرب في غزة ستستغرق وقتا طويلا”.

“المثلث الأحمر”

في المقابل، استخدمت إدارة “الحرب النفسية” للمقاومة الفلسطينية أساليب مبتكرة اعتمدت على مقاتل شجاع يجيد تصوير مشاهد استهداف الجنود والآليات الإسرائيلية كما يجيد استخدام سلاحه، ومصمم يمكنه إنتاج فيديو هادف ومجموعة من المصطلحات المبتدعة وأبرزها “من المسافة صفر” و”المثلث الأحمر”.

وعن طريق التوظيف تلك المصطلحات بطريقة صحيحة على الصور والفيديوهات، تمكنت المقاومة من تحقيق أحد أهم أهداف “الحرب النفسية” وهي تخويف العدو والنيل من إرادته في مواصلة القتال، وهو ما كشفته تقارير امتناع أو هروب جنود إسرائيليين من القتال في غزة ووصفهم لمقاتلي المقاومة الفلسطينية بـ”الأشباح”.

كانت صفقة تبادل الأسرى التي جرت في الهدنة الوحيدة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، إحدى المحطات المهمة في “الحرب النفسية” التي أدارتها المقاومة الفلسطينية بنجاح، حيث استطاعت المقاومة تغيير الصورة الذهنية عن المقاومة وأقنعت العالم أجمع بأنها حركة تحرر تقاوم احتلال، وتمتلك أخلاقيات عليا في معاملة الأسرى، مقارنة بما يتعرض لها أسراها من تنكيل وتعذيب في السجون الإسرائيلية منذ عقود.

صرخات الضحايا ورسائل الأسرى

استطاعت المقاومة الفلسطينية أن تنقل ما يحدث في غزة للعالم في مشهد واحد، في جانب منه مدنيين فلسطينيين بينهم نساء وأطفال بجراح تنزف ويتم قصفهم داخل المستشفيات، وفي الجانب الآخر أسرى إسرائيليون يشيدون بما لقوه من معاملة حسنة خلال فترة أسرهم لدى المقاومة.

وتكمن قوة “الحرب النفسية” في أن الطرف المستهدف لا يملك القدرة على مواجهة تأثيرها، كما يقول موقع “ثوب هب” الأمريكي، الذي أشار إلى أن الناس يدركون قسوة الحرب لكنهم يجهلون أساليب “الحرب النفسية”، التي تهدف إلى تعطيل آلة الحرب عن طريق استهداف العنصر البشري لتغيير عقيدته القتالية بمستويات متفاوتة تؤثر على كفائته القتالية أو تجعله يتوقف عن القتال نهائيا.

وتحتاج “الحرب النفسية” إلى نوع خاص من الجنود لتنفيذ ما يطلق عليه “العمليات النفسية” التي إما أن تكون لحشد دعم لمواصلة الحرب أو حشد رأي عام لإيقافها، بينما يقول تقرير لموقع “راند” الأمريكي إن الوقت الحالي يشهد تكتيكات جديدة لـ”الحرب النفسية” تتضمن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لشن حملات مدروسة ضد الخصم لإرباك حساباته الخاصة بميادين القتال.

وأسفر القصف الإسرائيلي والعمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة منذ الـ7 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حتى الـ9 من يناير/ كانون الثاني الجاري (اليوم رقم 95 للحرب على غزة)، عن مقتل أكثر من 23 ألف قتيل ونحو 60 ألف مصاب، إضافة إلى نحو 7 آلاف مفقود، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى