مقالات

اوصى ديننا الحنيف بالجار والإحسان إليه

بقلم / محمـــــــد الدكــــــــرورى
لم تأت شريعةٌ من الشّرائع السّماويّة بمثل ما أتت به الشّريعة الإسلاميّة حينما عالجت جميع جوانب حياة الإنسان العقديّة والسّلوكيّة والأخلاقيّة، فقد أوصت الشّريعة الإسلاميّة المسلم كثيراً من الوصايا التي تضمن له منهجاً قويماً في الحياة وصراطاً مستقيماً لا اعوجاج فيه، ومن بين تلك الوصايا الوصيّة بالجار، والجار غالباً ما يطلق على الجار في عرف النّاس بأنّه الإنسان الذي يسكن في جوار أخيه الإنسان، حيث يكونان متجاورين في المسكن، وقد ورد لفظ الجار في القرآن الكريم كما ورد لفظ الجار في السّنة النّبويّة المطهّرة وقد أوصى ديننا الحنيف بالجار والإحسان إليه كثيراً، ومن بين تلك الوصايا أنّ جبريل عليه السّلام قد أتى النّبي عليه الصّلاة والسّلام فظلّ يوصيه بالجار مراراً وتكراراً حتّى ظنّ النّبي الكريم أنّه سيورّثه، وإنّ تكرار الوصيّة يدل بلا شكّ على أهميّة الموصى به وعظيم قدره وذكر عند النّبي الكريم أنّ امرأةً كانت تصوم وتقوم الليل ولكن كانت تؤذي جيرانها، فقال النّبي الكريم إنّها في النّار، فإيذاء الجار بلا شكّ هو سببٌ من أسباب غضب الله على العبد ودخوله النّار وقد عدّ النّبي عليه الصّلاة والسّلام الإحسان إلى الجار علامةً من علامات الإيمان، ففي الحديث الشّريف: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره)، فالإحسان إلى الجار هي من سمات المتّقين الذين يبتغون من هذا العمل الصّالح الأجر من الله تعالى ودخول الجنّة وعدّ النّبي الكريم في المقابل عدم الإحسان إلى الجار نوعاً من أنواع النّفاق والبعد عن الدّين، ففي الحديث الشّريف: (والله لا يؤمن والله لا يؤمن ثلاثاً، من لا يأمن جاره بوائقه)، والبوائق هي الشّرور والمهالك ولا شكّ بأنّ للإحسان فوائد عظيمة جليلة تنعكس على حياة المتجاورين والمجتمع ككلّ، ومنها حصول الودّ والألفة والاتفاق بين المتجاورين، فالجار عندما يحسن إلى جاره ويشركه في أفراحه وأتراحه، ويدعوه ويلبّي دعوته، ويهدي إليه ويقبل هديته، ويبادره بالسّلام ويسّلم عليه، تحصل بينهم بسبب ذلك الأخوّة الصّادقة التي تتمثّل فيها جميع معاني المحبّة والائتلاف وتحقيق التّكافل الاجتماعيّ بين النّاس، فالجار المحسن إلى جاره تراه يحرص على تفقّد حاله باستمرار، ولا يرضى أن يبيت شبعاناً وجاره جائع، أو أن يراه مهموماً مكروباً ولا يسعى لإزالة همّه أو تفريج كربه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى