غير مصنف

فضل ليلة القدر والدعاء المستحب فيها

 

كتب : حمدى صابر احمد

ففي حياة الأمم والشعوب، أحداثٌ خالدة، وأيام مجيدة، تحمل في طياتها ما يغرم القلوب، ويبهم النفوس، ولقد شرفت هذه الأمة بأعظم الأحداث، وأكمل الأيام، وأتم الليالي.
ومما أنعم به الخالق على هذه الأمة، ليلة وصفها الله عز وجل بأنها مباركة، لكثرة خيرها وبركتها وفضلها. إنها ليلة القدر، عظيمة القدر، ولها أعظم الشرف وأوفى الأجر.
أُنزل القرآن في تلك الليلة، قال الله جل وعلا: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ) (القدر:1، 2)، وقال جل وعلا: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) (الدخان:3)، وهذه الليلة، هي في شهر رمضان المبارك ليست في غيره قال الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) (البقرة: من الآية185).
وقد سميت الليلة بهذا الاسم، لأن الله تعالى يقدّر فيها الأرزاق والآجال، وحوادث العالم كلها، فيكتب فيها الأحياء والأموات، والناجون والهالكون، والسعداء والأشقياء، والحاج والداج، والعزيز والذليل، والجدب والقمط، وكل ما أراده الله تعالى في تلك السنة، ثم يدفع ذلك إلى الملائكة لتتمثله، كما قال تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (الدخان:4) وهو التقدير السنوي، والتقدير الخاص، أما التقدير العام فهو متقدم على خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة كما صحت بذلك الأحاديث.
ومن أفضال هذه الليلة المباركه :

1- ليلة نزول القرآن

أنزل الله تعالى القرآن ليلة القدر، فهي الليلة المباركة التي قال الله عز وجل عنها : {إنا أنزلناه في ليلة مباركة } (الدخان : 3 ) وهي ليلة القدر ، وهي من شهر رمضان ، كما قال تعالى : {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} ( البقرة : 185)، وفقا لما جاء في تفسير القرآن العظيم لابن كثير.

قال ابن عباس وغيره : أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

2- ليلة خير من ألف شهر

هذه اللية العظيمة هي ليلة خير من ألف شهر، يقول الله تعالى في سورة القدر (أية: 3): {لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، وبخصوص هذه الأية قال ابن جرير: “قال بعضهم معنى ذلك العمل في ليلة القدر بما يرضي الله، خير من العمل في غيرها ألف شهر”، وعن مجاهد قال: “عملها وصيامها وقيامها خير من ألف شهر”، وقال عمرو بن قيس الملائي: “عمل فيها خير من عمل ألف شهر”.

3- ليلة تتنزل فيها الملائكة

يقول الله تعالى في سورة القدر (أية: 4 ): {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ}، أي: يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها – وفقا لما ذكره ابن كثير في تفسيره- فالملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة ، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن ويحيطون بحلق الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيما له ، وأما الروح فقيل : المراد به هاهنا جبريل عليه السلام.

4- ليلة سلام وخير وبركة

يقول الله تعالى في نفس السورة السابق ذكرها (أية: 5): {سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ}، عن مجاهد في قوله: “سَلامٌ هِيَ”، قال: سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا أو يعمل فيها أذى. قال ابن الجوزي: وفي معنى السلام قولان: أحدهما: أنه لا يحدث فيها داء ولا يُرسَل فيها شيطان، قاله مجاهد، والثاني: أن معنى السلام: الخير والبركة، قاله قتادة، وكان بعض العلماء يقول: الوقف على “سَلامٌ”، على معنى تنزُّل الملائكة بالسلام.

5- ليلة يُغفر فيها الذنوب

من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه- أن رسول الله قال: “ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه”. قال النووي: معنى (إيمانا): تصديقا بأنّه حق، مقتصد فضيلته، ومعنى (احتسابا): أن يريد الله تعالى وحده، لا يقصد رؤية الناس ولا غير ذلك مما يخالف الإخلاص، والمراد بالقيام: صلاة التراويح، واتفق العلماء على استحبابها.

6- ليلة يكتب فيها الأقدار والآجال والأرزاق

هي ليلة يكتب فيها الأقدار والآجال والأرزاق لذلك سميت ليلة القدر، قال الإمام النووي : ” قال العلماء: وسميت ليلة القدر لما يكتب فيها للملائكة من الأقدار والأرزاق والآجال التي تكون في تلك السنة كقوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}، وقوله تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ}، ومعناه: يظهر للملائكة ما سيكون فيها ويأمرهم بفعل ما هو من وظيفتهم، وكل ذلك مما سبق علم الله تعاطيه وتقديره له، وفقل لما جاء في (شرح مسلم للنووي – كتاب الصيام، باب فضل ليلة القدر ).

الدعاء المستحب في ليلة القدر:

ولكون ليلة القدر ليلة عظيمة لها فضل كبير، لذلك حرصت أم المؤمنين السيدة عائشة – رضي الله عنها – على معرفة الدعاء الذي تقوله في هذا الليلة المباركة فعنها – رضي الله عنها – قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أٌقول فيها؟ قال: قولي: “اللهم إنك عفو كريم تحب العفو، فاعف عني” – سنن الترمذي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى