مقالات

علاء عبد الحسيب يكتب «اللحظات الأخيرة»: جريمة اهتزت لها السماء

ماذا حدث للبشر؟.. ماتت القلوب.. وغابت العقول.. وأصبح الغدر لسان حال الكثير من الناس..هل يصدق أحد أن «القتل» يمكن أن يكون جزاء الإحسان؟.. مهما تحدثنا عن بشاعة هذه الجريمة المُفجعة لا يمكن أن نصف كم الجبروت الذي احتل قلب المُجرم الذي نفّذ هذا الحادث.. هنا في هذه الواقعة ارتكب المتهم جريمة مع سبق الإصرار والترصد ضد إنسان بريء لا حول له ولا قوة.. كل ذنبه أنه طالب عن حقًا مغتصب في بطن واحد من أكلة الحقوق، وقاتل نفس مُجرم بكل ما تحمله الكلمة من معانِ وبشاعة.

 

أقل ما يمكن أن تقدمه لإنسان مد لك يد العون، أو نصرك في محنتك أو كربك هو «الشكر».. كلمة مكونه من أربعة أحرف يمكن أن ترسم الابتسامة على وجه من ساعدك.. يمكن أن تجعله راضِ عن قراراه معك سعيدًا بدعمه وإحسانه إليك.. غير نادم على ما فعله من خير تجاهك.. «شكرًا» كلمة يمكن أن تُذيب جبال الغضب وتزلل تلال الندم والخلافات .. في هذا الوقعة الأمر كان مختلفًا تمامًا، فقد كان القتل جزاء الإحسان.. وكانت إراقة الدماء هي ردًا للجميل.

 

طبيعة الخلاف بين «المتهم» و«الضحية» كانت بسبب استدانة الأول مبلغًا ماليًا من الثاني.. وهو أمرًا متكرر كل يوم وفي كل مكان.. لكن الأحداث هنا اختلفت والنتيجة كانت كارثية.. فقد انتهى الخلاف بكارثة كبيرة مُدبرة، نفذها شيطان من شياطين الإنس.. ملامح جثة «الضحية» كانت مشوهة تماما.. لقد تفحمت واختفت معالمها، وأصبح تحديد هويتها أمرا صعبا للغاية.. حتى رجال الشرطة الذين حضروا فور تلقيهم بلاغ الحادث، فقد واجهوا صعوبة في تحديد هوية القتيل والقبض على مرتكبي الواقعة..

 

لقد كانت رحلة البحث عن قتلة هذه الشاب وتحديد هويته أمرًا صعبا.. فنحن هنا أمام جثة مُلقاة على الطريق الصحراوي .. وأمام قتيل مجهول الهوية لا أحد يعلم من يكون أو سبب وجود جثته بهذا المكان.. حالات التغيب التي تم إخطار الشرطة بها بالمنطقة والمناطق المجاورة لم تتوصل إلى معلومة.. لقد أثبت التقرير الطب الشرعي المبدئي أن الجثة لرجل في العقد الخامس من عمره يرتدي كامل ملابسه.. وبه ٤ طعنات متفرقة في جسده.. لقد تعرض لاعتداء بشع بالضرب والطعن قبل وفاته، ثم إشعال النار في الجثة لإخفاء معالمها..

 

لقد كانت واقعة مقتل الضحية تحمل سرا كبيرا كشف عنه رجال المباحث.. جميع كاميرات المراقبة التي تم فحصها في المداخل والمخارج المؤدية إلى مسرح الجريمة لم تتوصل إلى هوية المتهم بشكل مباشر.. حركة السيارات المعتادة على الطريق الزراعي كانت كل التفاصيل التي أظهرتها شاشات الحاسوب.. لم يتوقع أحد أن الضحية قُتل غدرًا، أو راح ضحية إحسانه ومساعدته لإنسان لا يعرف قلبه الرحمة..

 

حركة مُريبة لسيارة ملاكي أظهرتها كاميرات المراقبة كشفت عن لغز العثور على الجثة.. فقد توجهت بسرعة جنونية إلى نفس الطريق المؤدي إلى مكان العثور على الجثة.. لقد كشفت السيارة الملاكي عن لغزا كبيرا قاد رجال الشرطة للتوصل تفاصيل الواقعة.. فقد كانت تحمل رجل أربعيني وزوجته في العقد الثالث من عمرها.. لكن ما علاقاتهما بالحادث؟..

 

المعلومات التي توصل لها فريق البحث كشفت عن أن قائد السيارة صاحب محل ملابس مقيم في مركز شرطة بني مزار بالمنيا.. تربطهما علاقة صداقة بالمجني عليه المقيم في نفس المركز.. لقد كان سيارتهما بالفعل في طريقها لإلقاء الجثة.. فقد قتلا المتهم، وقررا سويًا الخلاص منه على الطريق الصحراوي، بعدما أوهمهما الشيطان أنهما سينجحان في الإفلات بجريمتهما بعيدا عن قبضة رجال الأمن .. لكن مخططهما باء بالفشل وألقت رجال الشرطة القبض عليهما ..

 

ماذا حدث؟.. ولماذا ارتكب المتهمين هذه الجريمة البشعة؟ .. جلسة التحقيقات التي استمرت قرابة الـ ٧ ساعات مع المتهمين «عماد» البالغ من العمر 48 سنة، وزوجته «صباح» البالغة من العمر 35 سنة، كشفت عن أن الزوج تجمعه علاقة صداقة بالضحية منذ أعوام.. وقد سبق وأن استدان منه مبلغًا ماليا بغرض التجارة في الملابس .. بالفعل وافق الصديق الوفي وأعطى المتهم المبلغ المطلوب.. إلا أن الطرف الثاني لم يلتزم بالسداد في الموعد المحدد.. وهنا بدأ الضحية يطالب باسترداد أمواله إلا أن المتهم كان يتهرب منه ويرواغ كالثعلب.

 

دبت الخلافات بينهما وزاد إلحاح الضحية في المطالبة بأمواله .. هنا قرر الصديق الخائن تنفيذ حكم الإعدام على الضحية.. استدرج القاتل الضحية إلى منزله بعدما أوهمه برد أمواله.. وبالفعل حضر الضحية فانقض عليه بمساعدة زوجته بسلاح أبيض ثم قاما بطعنه عدة مرات.. ووضعوه داخل جوال وقاموا بنقل الجثة داخل سيارة ملاكي وألقياه بمسرح الجريمة.. قتل الخير الشر.. ومات الضحية غدرًا جزاء المطالبة بحقه.. وأهال المُجرم التراب على «صداقة» استمرت عشرات الأعوام.. شاركت «الزوجة الشيطانة» زوجها جريمة قتل.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى