مقالات

علاء عبد الحسيب يكتب «اللحظات الأخيرة»: دماء «فاطمة»

وسط الظلام الدامس دائمًا ما تكون هناك نقطة ضوء تغير مجرى الأمور.. وتبعث ببارقة أمل تنير الطريق.. ما حدث مع «فاطمة» و«طارق» كان مأساويًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. فقد عاشا حياة صعبة طوال فترة استمرت أكثر من عشرين عامًا قبل زواجهما.. قضاها الاثنان بين جدران دور الأيتام.. فهما شخصان حُرما من العيش تحت مظلة أسرة مستقرة.. فكتب القدر لكل منهما قصة مأساوية انتهت بفقدان الوالدين.. وأصبح اليتم حليفهما.

 

للوهلة الأولى وأنت تستمع إلى قصة ارتباط الزوجان ستسترجع بذاكراتك حكايات الحب الجميلة التي نقرأها في الكتب والروايات.. سيأتي بمخيلتك على الفور حكايات الغرام التي نشاهدها في أفلام الأبيض والأسود.. لا تصدق وأنت تسمع لتفاصيل الظروف الصعبة التي عاشها اليتيمان، وتنقلهما بين دور الأيتام والمؤسسات الخيرية أن يكون الاستقرار حليفهما يومًا.. فقد منحهما الله زينة الحياة الدنيا، ورزقهما بـ«مروان» الذي ملئ حياتهما بالسعادة والتفاؤل والأمل.

 

بدأت الدنيا تفتح لهما أبواب السعادة على مصراعيها.. وتنير أمامهما طريق الرحلة الصعبة التي عاشاها منذ نشأتهما.. حياتهما كانت مُكللة بالتوفيق منذ لحظة الارتباط.. سارت الأمور في مجراها الطبيعي، وعاشا الطرفان حياة هادئة في فترة اقتربت من العشرة أعوام تحت سقف واحد.. لكن الخلافات أبت أن تتركهما وبشأنهما.. فدبت بين جدران منزلهما البسيط.. ونشبت بين «طارق» و«فاطمة» مشاحنات لا حصر لها..

 

لا أحد من المقربين والجيران والأصدقاء يعرف أسباب هذا التغيير المفاجئ الذي طرأ على حياة الزوجين.. الكل كان يسأل: كيف تسللت الخلافات منزلهما؟.. هل اخترق الحسد حياة الزوجين؟.. هل خلافاتهما ابتلاء من الله ومصيرها للزوال؟.. ماذا يحدث في منزل «طارق» و«فاطمة»؟.

 

كان الهدوء يسيطر على منطقة مساكن العبور الواقعة بمدينة المنصورة في محافظة الدقهلية.. فجأة دوى صوت صراخ من شرفة الشقة التي يقطن بها «طارق» و«زوجته».. لم يكن أحد يعرف ما يحدث خلف جدران المنزل.. الصراخ كان يعلوا لحظة تلو الأخرى.. صوت حطام محتويات الشقة كان ملحوظًا للجميع..

دهشة ألمت بأهالي المنطقة مما يحدث داخل شقة «طارق».. فهو رب أسرة مستقرة لا تعرف الخلافات طريقها منذ مجيئهما إلى هذا المكان..صوت الصراخ توقف.. وضجيج الحطام اختفى تماما.. حالة الهياج التي كان يسمعها الأهالي كأنها شيئًا لم يكن..

 

فجأة خرج الطفل «مروان» من شرفة الشقة بصوته الضعيف يصرخ مستنجدًا بالمارة: “أمي ماتت .. أمي ماتت” .. لقد انتهت حالة الاشتباك التي نشبت بين الزوجين بجريمة قتل مأساوية.. قتل الزوج زوجته، وتركا طفلًا وحيدًا يواجه مصيره المجهول والعودة إلى من حيث بدأ والديه الحياة..  فقد الطفل «والدته»، كان القضبان مصير والده ربما ينتظره حبل المشنقة.

 

«صالة» المنزل كانت شاهدة على جريمة قتل بشعة.. بطلها الزوج الشيطان وضحيتها الزوجة المسكينة.. قتل «الزوج» «زوجته» بسبب الخلافات حول ملكية الشقة.. فهي شقة بسيطة منحتها إحدى دور الأيتام لهما قبل زواجهما..

 

سقطت «فاطمة» جثة هامدة وسط بركة من الدماء أغرقت معها تفاصيل جميلة ومواقف أجمل وقصة حب ما أروعها.. هدمت الخلافات المنزل بالكامل.. وأغلقت كل أبواب السعادة أمام هذه الأسرة إلى الأبد.. جريمة أبكت السماء وتركت ملاكًا صغيرًا يواجه التشرد والمصير المجهول ..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى