مقالات

عبدالله تمام يكتب/ بايدن.. سياسة جديدة أم استنساخ لفشل أوباما

بترقب وحذر، تنتظر منطقة الشرق الأوسط ومختلف الأطراف الفاعلة، الكشف عن سياسات الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، وكيف ستكون سياسات أركان إداراته المعنيين بالسياسة الخارجية، لا سيما أن خبرات معظمهم منخرطة بعمق في الإقليم وبؤر صراعاته.

حتى الآن ينصب تركيز بايدن في أغلب تصريحاته المعلنة والمكتوبة، ووفق ما نقل عنه مقربون في إداراته وتداولته وسائل إعلام أميركية، على قضايا بعينها، تمثلت في الملف الإيراني، فضلاً عن أزمات ليبيا والعراق سوريا واليمن، وعلاقاته بالحلفاء التقليديين لواشنطن، وأنقرة والقضية الفلسطينية.

وهناك احتمالات أن تكون المنطقة على موعد مع متغيرات جوهرية، لا سيما بعد إعلان بايدن، وفق ما كتبه في مقالة له بمجلة “فورين أفيرز” الأميركية، أنه يتعين عليه كرئيس” أن يخاطب العالم كما هو، وسيكون التركيز في التفاصيل مهمة هائلة، بحيث أُصبح مُلزماً بإنقاذ سمعتنا، وإعادة بناء الثقة في قيادتنا، وتعبئة دولتنا وحلفائنا لمواجهة التحديات الجديدة”.

ومن الطبيعي أن سياسة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، تجاه منطقة الشرق الأوسط، لن تتبلور في الأشهر الأولى من ولايته، فأولوياته الحالية مرتبطة مباشرة بالداخل الأميركي، وسيفتح تباعاً ملفات المنطقة العالقة، وأبرزها ملف العلاقة مع طهران وإمكانية العودة للمفاوضات حول الملف النووي، خصوصاً أنه كان قد أعلن أنه سيعود إلى الاتفاق النووي ويرفع العقوبات عن إيران إذا التزمت بهذا الاتفاق.

 ويرى مراقبون، أن تركيز بايدن سيكون محصوراً في البداية على الداخل الأميركي، حيث الأوضاع غير جيدة على المستويات كافة، سواء من ناحية جائحة (كورونا) وخسائرها الضخمة على الولايات المتحدة أو من ناحية الوضع الاقتصادي أو السلم الأهلي.

فأكثر الناس تفاؤلاً لا يتوقعون أن تنخرط إدارة بايدن في قضايا المنطقة العربية فوراً، أو حتى في وقت قريب، فهذه الإدارة حددت لنفسها أولويات يطغى عليها الشأن المحلي، وهذه الرسالة هي التي حرص البيت الأبيض على إيصالها في مقطع الفيديو الذي نشره على تويتر، والذي حدد فيه أربع أولويات للإدارة، متمثلة في السيطرة على جائحة كورونا التي تتصدر فيها أميركا العالم من حيث عدد الإصابات والوفيات، ومواجهة تحديات المناخ، وإعادة بناء الطبقة الوسطى الأميركية، والعمل على تحقيق العدالة العرقية في المجتمع الأميركي.

وعلى المستوى الدولي فإن  تصريحات بايدن ومواقفه كلها تؤكد أنه وبعكس الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، سيعتمد سياسة انفتاح على منطقة الشرق الأوسط، وعلى كل حلفاء واشنطن القدامى سواء في أوروبا أو أينما وُجدوا.

وما دام الرئيس الأميركي الجديد كان نائباً للرئيس السابق باراك أوباما، وجزء كبير من فريقه الحالي كان جزءاً من فريق أوباما أيضاً، فلا شك أننا قد نرى أن سياسة بايدن تجاه الشرق الأوسط ستكون متأثرة إلى حد ما بسياسة أوباما، وهو مايعني أننا سنواجه حالة من التخبط تشبه تلك التي كانت وقت تولي أوباما

وبنظرة سريعة على إدارة بايدن وفريق السياسة الخارجية على وجه الخصوص، سنرى أنها ترتب أولوياتها وعينُها على الصين وآسيا.

فالمعركة مع الصين هي معركة وجود ونفوذ، معركة حول مقعد القوة العظمى الأولى في العالم الذي انفردت به الولايات المتحدة لفترة طويلة، لكنها الآن تواجه تحدياً جدياً من الصين، التي تنافس الآن على الصدارة الاقتصادية، وتفرد عضلاتها في آسيا، وتبسط نفوذها حول العالم.

لذا فإن الهدف الإستراتيجي في احتواء التهديد الصيني سيكون مثلما كان في عهد ترامب، الاختلاف الوحيد سيكون في اللهجة، لأن بايدن لن يستخدم مفردات ترامب، ولن يقود المعركة عبر تويتر، بل سيعمل على ترميم التحالفات الأميركية خارجياً وتحجيم تمدد النفوذ الصيني في آسيا وأفريقيا وحتى في أوروبا، وتعزيز الاقتصاد داخلياً وتحفيز الشركات الأميركية للإنتاج محلياً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى