تقارير و تحقيقات

«ارجع يا زمان».. معمرون يروون طقوسهم القديمة في الشهر المبارك

ما بين جيل وآخر تختلف العادات والتقاليد في شتى الأنشطة، حتى في الطقوس والمراسم التي نمارسها في المناسبات الدينية، فلم تعد المشاهد القديمة تدور بحذافيرها في العصور الحديثة، بل أخذ بعض منها في الاختفاء وسيطرت عليها العولمة والتكنولوجيا.

ففي قديم الزمان ونحن على أعتاب شهر رمضان المبارك، كان له نكهات ونسمات مختلفة عن أيامنا التي نعيشها في الفترة الأخيرة، ما دعانا للتحدث إلى بعض كبار السن في محافظة البحيرة، لاسترجاع ذكريات الماضي في الشهر المبارك.

رحمة وبهجة

الحديث بدأ مع “مهدي حامد” الملقب بشيخ العرب ويبلغ من العمر 90 عامًا، ويقطن بقرية أبو مشفه بمركز إيتاي البارود، يقول: «في صغرنا كان لشهر رمضان الكريم بهجة خاصة تكمن في لعبنا والزينة الرمضانية التي تعلق في الشوارع وعلى أسوار المنازل، وكنا نغني قبلها فرحين بقدوم شهر الخير”.

ويضيف لـ”اليوم”: «لم يكن في قديم الزمان كل هذه الإنارة والأضواء التي نراها في شهر رمضان في العصر الحديث، فكنا نستخدم الجاز الأبيض لإنارة الكشافات فضلًا عن الفوانيس التي كانت تصنع من الورق».

وفيما يخص المأكولات والمشروبات الرمضانية، فأكد أنها لا تختلف كثيرًا عن أيامهم، لأن الأجيال توارثوها عن طريق من آبائهم وأجدادهم وأصبحت عادات لا تغيير فيها ولا تجديد”.

«شهر رمضان كله رحمة ومغفرة وعتق من النار».. بهذه الكلمات وصف الحاج مهدي حامد، الشهر الكريم مقعبًا بقوله: «رمضان فرصة لنا جميعًا ننتظرها كل عام كي نكفر الذنوب والخطايا وتُرفع بأعمالنا الصالحة فيه الدرجات».

وأكمل: «ولكن تلاشت بعض من العادات الحميدة التي كانت في الماضي، فعلى سبيل المثال التجمعات العائلية وزيارة الأقارب وصلة الرحم وصلاة التراويح، حتى كان في العام غلق المساجد ومنع صلاة التراويح فيها».

قطيعة الرحم تسيطر على المشهد

أما “فتحية عبدالفتاح” فبلغت من العمر 101 عامًا، وتقول إن أجواء شهر رمضان التي نعيشها في الحقبة الأخيرة تختلف كثيرًا عن عادات وتقاليد رمضان منذ عشرات الأعوام ، فكان حينئذ تجد البهجة والسرور بحلول الشهر المبارك وتعم السعادة بين الجميع”.

وتستطرد السيدة المعمرة: «روح المحبة والألفة والمرح كانت تسود على الجميع، وهذا ما نفتقره خلال أيمانا التي نعيشها الآن، بسبب تخوف الناس من بعضهم البعض لكثرة الأمراض”.

وتسرد لنا موقفًا من أيام طفولتها قائلةً: «في صغري كان والدي إلى الأقارب لنصل الأرحام ونرى الأهل والأصدقاء، وهذا أمر كنا نشعر معه بالسعادة لما نرى في هذه التجمعات من الود والمحبة».

وعن تلك الأيام التي نعيشها تعلق “الحاجة فتحية”: «الدنيا بقت أصعب من الأول والناس كلها انشغلت بنفسها وأولادها علشان توفر لقمة عيشها، والأمراض زادت، من زمان مكانش في الكلام ده».

وأنهت حديثها قائلةً: «كنا نذهب لأقاربنا لنقدم لهم التهاني والتبريكات ونجلس سويًا ونتحدث مع بعضنا البعض، في جو يضفى عليه البركة والبهجة، ولكن الآن الأمر اختلف كثيرًا وانقطعت الناس عن بعضها وأصبحوا يتواصلون مع بعضهم عبر شبكات الهاتف المحمول ومواقع التواصل الاجتماعي».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى