مقالات

لعنة “نسل الأغراب” تصيب قنا.. قتل ورصاص واستعراض قوة

بقلم: علاء عبد الحسيب

وأنت تستمع إلي تفاصيل مذبحة قرية “أبوحزام” التابعة لمحافظة قنا بين عائلتي “العوامر” والسعدية”، وتتمعن في مشهد إطلاق الرصاص بعشوائية علي الأبرياء في سيارة “الميكروباص”، ستعود بذهنك علي الفور إلي مشاهد النار والفتك والانتقام في مسلسل “نسل الأغراب” الذي جسد بطولته أحمد السقا وأمير كرارة.. عندما تكتشف أن حصيلة الانتقام في أقل من ساعة 17 قتيلا ومصابا بينهم سيدات وأطفال، ستعتقد أننا نعيش في غابة لا تعرف إنسانية ولا تعترف بقانون..

ستكتشف أننا أمام مجتمع يميل إلي ثقافة العنف والانتقام، ويهوي تقليد المشاهد والشخصيات التي تعرضها الدراما والسينما.. وهنا نسأل: ماذا لو دارت أحداث مسلسل “نسل الأغراب” حول وقائع الصلح التي تتم في خلافات أبناء الصعيد؟.. ماذا لو جسد “السقا” و”كرارة” وباقي أبطال المسلسل شخصيات حكام العرف وجهودهم في حل قضايا الثأر وتحقيق السلام بين المتخاصمين؟.. ماذا لو تخلي أبطال هذا العمل عن شخصية “سفاح الدماء” التي جسدوها واتقنوا في تمثيلها وعرضها داخل كل بيت؟ ..

لماذا فضلوا الإثارة وبث سموم الضغينة والحقد علي نشر الفضيلة والسلام؟.. فما الرسالة التي أرساها هذا العمل الدرامي في العقول سوي القتل والفتك والحرق والانتقام والعنف والحقد والضغط علي زناد البندقية للمزيذ من الرصاص والنار؟.. فما أكثر الإثارة والمتعة في تقديم عمل درامي يسرد تفاهة الخلافات التي أشعلت لهيب المعارك بين أبناء الجنوب.. وترصد مشاهده دور مجالس العرف والأجهزة الأمنية في وأد الفتنة.. وتكشف للجمهور: كيف قتلت هذه الخلافات أبناء في رعيان شبابهم ويتمت أطفالا في عمر الزهور؟ .

في مسلسل “الأسطورة” الذي جسد بطولته محمد رمضان، ظهر في إحدي مشاهده وهو يلقن “صاحب المكتبة” علقة ساخنة، ثم أجبره رمضان في المشهد علي خلع ملابسه وارتداء “قميص نوم”، ثم قام بتصويره بالهاتف ونشره بين أبناء المنطقة انتقاما منه، .. لم تمضي أيام من انتهاء عرض المسلسل وظهرت العديد من الوقائع المماثلة في مناطق مختلفة بالمحافظات كوسيلة جديدة للانتقام في الخلافات.

الدراما لها دور كبير في تشكيل وعي الأجيال، ومضامينها رسائل يتم تنفيذها والاقتداء بها علي أرض الواقع.. وهنا الدولة مسئولة مسئولية كاملة عن التدقيق في رسائل الأعمال الفنية، والاختيار بتأني شديد ما يخرج منها للجمهور، خاصة وأننا نعيش في مجتمع يئن من العنف وجرائم الانتقام والعنف وحب التقليد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى