مقالات

على العرب الإنسحاب من الكيانات الدولية وإدارة الظهر لها وعدم الإعتراف بشرعيتها جراء مايحدث في فلسطين

بقلم الشريف عبدالرحيم حماد

إن خطورة ما آل إليه الوضع في الأرض الفلسطينية، جراء حجم وطبيعة الهجوم الإسرائيلي على باحات المسجد الأقصى في شهر رمضان والاعتداء على المصلين وأبناء الشعب الفلسطيني ، وما خلفه لهذا الوقت من حجم مرتفع للضحايا الفلسطينيين ولحجم التدمير الذي ألحق بالبنية التحتية الفلسطينية، قد بات ينذر بعواقب وخيمة على سكان فلسطين، وليس هذا فحسب بل إن تصعيد دولة الاحتلال للأوضاع في فلسطين، قد بات يهدد فعلا السلم والأمن الدولي ليس في الأرض في المنطقة بأسرها، ما يقتضي تدخل المجتمع الدولي الجاد والفاعل بمواجهة هذا الوضع المؤلم.

إزاء استمرار قوات الاحتلال في ارتكابها لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفقاً للقانون الدولي الإنساني والشرعة الدولية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة والأماكن المقدسة ، يوجب تعويض المتضررين الفلسطينيين نتيجة ممارسات قوات الاحتلال الصهيوني غير القانونية وحتمية محاكمتهم

وفقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، يقع على عاتق سلطات الاحتلال التزامان مدنيان.
يتمثل الأول في ضرورة التوقف الفوري عن الانتهاكات والأعمال غير المشروعة، وخاصة العقوبات الجماعية بمختلف أنواعها، واستخدام القوة المفرطة والمميتة ضد المدنيين، والقتل خارج نطاق القانون.

أما الثاني فيتمثل في التعويض العيني والمالي عن الانتهاكات التي ترتكبها قوات الاحتلال، وذلك بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل الانتهاك ، وإذا لم يكن بالإمكان ذلك، فإن سلطات الإحتلال ملزمة بدفع تعويض مالي عن الأضرار التي لحقت بالسكان والممتلكات جراء هذه الانتهاكات. وعليه، يقع على الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية تعويض المواطنين الفلسطينيين والسلطة الوطنية الفلسطينية عن المباني والمنشآت الخاصة والعامة التي قصفتها قوات الاحتلال وخربتها، والأراضي التي جرفتها والأشجار التي اقتلعتها، والبنية التحتية التي دمرتها، والخسائر التي لحقت بالاقتصاد الفلسطيني نتيجة الحصار والقصف والعدوان المستمر. هذا بالإضافة إلى تعويض الجرحى والأسري وذوي الشهداء الأبرياء عن الألم والمعاناة التي حلت بهم، وعن الخسائر المادية التي تم تكبدها نتيجة للأسر أو الجرح أو القتل غير المشروع.

إذ إن الحرب على فلسطين المحتلة وقبلها كل القضايا العربية تثبت أن المؤسسات الدولية سقطت أخلاقيا وايدولوجيا وسياسيا وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي ولم تعد هذه المؤسسات تمثل الإرادة الدولية والقيم الإنسانية الخلاقة بسبب الهيمنة والضغوط السياسية الأوروبية والأمريكية عليها حيث أصبحت وسيلة ضغط في يد هؤلاء للضغط على الدول الضعيفة للابتزاز السياسي والاقتصادي وهي بحاجة إلى إعادة بناء على أسس وثوابت جديدة , وإلا على الدول العربية الإنسحاب من تلك المؤسسات وإدارة الظهر لها وعدم الإعتراف بشرعيتها ، من أجل مطالبة المجتمع الدولي والإطراف السامية المتعاقدة علي اتفاقيات جنيف بأن تقوم بواجباتها بالضغط علي سلطات الاحتلال من أجل أن توقف عدوانها واحتلالها للشعب الفلسطيني، وإجبارها على الإلتزام بأحكام القانون الدولي الإنساني وخاصة إتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين زمن الحرب وتحت الإحتلال ، ومواثيق حقوق الإنسان، وقرارات الشرعة الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية بما يكفل حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني حل عادل للقضية الفلسطينية، يأخذ بالحسبان تعويضهم عن كافة الأضرار والمصائب الجسيمة التي لحقت بهم جراء الإحتلال وممارساته وجرائمه.

أننا نطالب بموقف عربي وإسلامي موحد من أجل مطالبة المجتمع الدولى بالضغط على إسرائيل من أجل فك الحصار وإزالة العدوان عن الشعب الفلسطيني والأماكن المقدسة، ومطالبة الأمم المتحدة بأن تتحمل مسئولياتها وأن تفي بالتزاماتها تجاه سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ويجب أن تعمل الأمم المتحدة على توفير الحماية الدولية اللازمة للشعب الفلسطيني ، وبالتأكيد ستسعى الحكومة الإسرائيلية ومن خلال مؤسساتها القضائية والقانونية وخبرائها الحقوقيين لإفشال أي جهود مبذولة تهدف لمسائلة قادتها وتقديمهم للمحكمة الدولية ، كما ستسعى لإخراج نفسها من دائرة الاتهام والمسؤولية عن الجرائم التي اقترفتها ضد المدنيين والأطفال والنساء تحت مبررات دفاعها عن النفس وحمايتها لمواطنيها وحدودها .

نؤكد علي ضرورة مواصلة الضغط على مؤسسات المجتمع المدني في العالم للضغط على حكوماتها لمقاطعة دولة الاحتلال الإسرائيلي باعتبارها دولة إرهاب منظم

وكما أننا ندعو نشطاء السلام وحقوق الإنسان إلى زيارة الأراضي الفلسطينية والإطلاع على الأوضاع المأساوية ، إذ أن ملاحقة المسئولين الإسرائيليين وقادة الاحتلال عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق المدنيين الفلسطينيين تقتضي رصد هذه الانتهاكات وتوثيقها في ملفات رسمية، تتضمن الأدلة المادية التي تثبت ارتكابها وإسنادها للمسئولين عنها،
حيث أن الأدلة حول انتهاك اسرائيل القواعد الاساسية للقانون الدولي الإنساني هي دامغة بشكل تشكل معه موضوعاً لتحقيق دولي مستقل» ،ومطالبة كافة الحقوقيين ونقابات المحاميين في العالم والمؤسسات الحقوقية الدولية بسرعة التحرك والعمل على ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين وتقديمهم للعدالة ومحاسبتهم علي ما اقترفوه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية

لقد أجمع القانونيون والحقوقيون الموضوعيون مع معظم شعوب العالم أن إسرائيل في حربها على غزة قد ارتكبت جميع جرائم الحرب، ما تركت جريمة من جرائم الحرب إلاَّ وارتكبتها، بما فيها الجرائم البيئية التى ترتكبها إسرائيل فى حق الشعب الفلسطينى والتي بالفعل ترتقى إلى جرائم الحرب المحرمة بموجب المواثيق الدولية خاصة اتفاقية جنيف الرابعة والتى تؤكد على سلامة وحماية المدنيين أثناء الحرب، تلك الجرائم التي أصبح من الضروري محاسبة إسرائيل عليها

أن الجيش الإسرائيلي ارتكب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقتل المدنيين بدم بارد، وقام بإعدام الناس بالجملة، وأن هناك مسئولون عن الجريمة، ليس الجنود وحدهم يتحملون مسؤولية الجرائم، بل ان قياداتهم العسكرية والسياسية تتحمل المسؤولية الأكبر، فهي التي أعطت الأوامر ووضعت التعليمات ، يتبعها تقديم مجرمي الحرب إلى القضاء الدولي لمعاقبتهم على ما اقترفوه من جرائم بحق الفلسطينيين وضد الإنسانية فيه.

ان كل ما قامت به اسرئيل بالنسبة للحرب الإسرائيلية على على الشعب الفلسطيني والأماكن المقدسة هو جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية “، إذ أن قوات الاحتلال “استهدفت مناطق مكتظة بالسكان، علاوة على أنه نظرا لإغلاق الحدود والمدن الفلسطينية لم يكن لدى المدنيين الفلسطينيين فرصة للفرار من تلك الهجمات، وحرمان الناس من حق الفرار من منطقة الحرب ربما يشكل بدوره جريمة ضد الإنسانية.

نؤكد أيضا أن وجود مقاومة في أرض محتلة أمر طبيعي من أجل مقاومة الاحتلال وتحرير الأرض المحتلة، ومقاومة الاحتلال أمر مشروع في كل الأديان والشرائع والقوانين الدولية،

لذلك لابد من وضع إستراتيجية دبلوماسية قانونية جادة فلسطينيا وعربيا واسلاميا وبالتعاون مع المناصرين الدوليين ومنظمات حقوق الإنسان العالمية نطالب بموجبها بتطبيق العدالة ومحاكمة مرتكبي الجرائم

لابد من وضع إستراتيجية دبلوماسية قانونية جادة فلسطينيا وعربيا لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة ، إذ أن عدم محاسبة الاحتلال على جرائمه بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم ومقدساتهم أضعف سيادة القانون على الصعيد العالمي وكان بمنزلة ضوء اخضر للاحتلال للاستمرار في انتهاكاته العدوانية بحق الفلسطينيين التي أدت إلى استشهاد العديد من الفلسطينيين ومئات المصابين بينهم أطفال ونساء وشيوخ وإضافة إلى آلاف المعتقلين ، إذ أنه لا يزال 4450 أسيراً بينهم 160 طفلاً و32 سيدة محتجزين في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي الذي تشن قواته حملة اعتقالات واسعة بحق الفلسطينيين منذ مطلع العام الجاري.

وجدد مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور التأكيد على أن صمت المجتمع الدولي عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة بحق الفلسطينيين في انتهاك صارخ لقرارات الشرعية الدولية يشجعه على التمادي فيها.

وقد اقتحمت القوات الإسرائيلية، صباح الثلاثاء، المسجد الأقصى، في أحدث حلقة من حلقات التوتر في القدس والأراضي الفلسطينية، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”.

وأضافت الوكالة الرسمية أن القوات الإسرائيلية اقتحمت الأقصى لتأمين الاقتحامات الجماعية للمستوطنين، تلبية لدعوات أطلقتها منظمات “الهيكل”، لمناسبة عيد الفصح اليهودي.

وقالت إن القوات الإسرائيلية اقتحمت المسجد الأقصى بالقدس بأعداد كبيرة، في محاولة لإخراج المصلين من باحاته تهيئة لاقتحامات المستوطنين الاستفزازية.

وكانت جماعات يهودية قد دعت إلى تنفيذ اقتحامات واسعة الحرم القدسي لمناسبة عيد الفصح “اليهودي”، الذي بدأ الجمعة ويستمر أسبوعا.

بقلم الشريف عبدالرحيم أبوالمكارم حماد
كاتب ومحلل سياسي مصري
باحث في شؤون حركات الإسلام السياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى