مقالات
أخر الأخبار

أراها بعيني

الاعلامية هيام أحمد. تكتب

أراها بعيني. “(انها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور )”
أعجبني حقا قصة طفلة فقدت البصر ولم تفقد البصيرة ..
تقول مديرة في مذكراتها ..
استوقفتني معلمة الصف الأول وأنا أتجول في أحد الأقسام،
وقد بدأ على ملامحها الضيق والغضب والحيرة!!
المديرة : صباح الخير
المعلمة : (بحدة تحاول اخفاءها)
مس نادية عندي تلميذ تصرفاتها ليست طبيعية!! وبدأت تستفزني، وأنا تعبت معها!!
المديرة :
في الصف الأول الإبتدائي؟؟
ماهي مشكلتها؟
المعلمة:
تمسك بوجوه الطلاب كل ما تكلم معهم!!
وحين تحكي معي تقترب من وجهي كتير؛
دائما أحكي معها أن تترك مسافة بينها وبين أي واحد تتعامل معه
ولكن من دون فائدة !!
وبعد نقاش طويل وتفاصيل كثيرة،
استطاعت المعلمة أن تدخلني الى دائرة إستفزازها ؛
فاستدعيت الطالبه،
وتحدثت معها لأكثر من عشر دقائق؛
لم تعيرني إهتمامها في البداية،
ولكن بعد أن عرضت عليها الحلوى
إقتربت على استحياء،،
ووضعت يدها على وجهي وابتسمت،
ثم غادرت!
شعرت أن لا بد من إستدعاء والديها
فطريقتها في التواصل مع من هم في عمرها
وحتى مع معلمتها
كانت مزعجة وغير اعتيادية!!
في اليوم التالي،
كنت متأهبة لاستقبال والديها،
لا بد أن الطفله تتعرض للعنف أو ما شابه حتى لو أنكروا لن أصدقهم بسهولة..
من هذه الأفكار والإستنتاجات المسبقة!!
وصل والد الطفله
(الذي بدا عليه القلق من استدعائه)
ووالدته وهي تمسك بيد زوجها بهدوء وثبات
الى غرفة الإستقبال،
وفي نفس اللحظة دخلت الطفله مسرعه
إلى حضن أبيها
الذي أخذ يتحسس وجهها وشعرها (بنفس طريقة الطفله مع زملائه ومعلمته) !
وتقول :
بابا لماذا المدرسة طلبوني؟؟
-إنتي عاملتي أيه ؟
ردت عليه ببراءة : مابعرف والله إنا شاطره!
( وخبّأت وجهها بين يدي والدها لعله يشعرها بالأمان) !
هنا فقط إكتملت لدي الصورة ..
وأدركت كم من الحقائق المهمة لا نراها بأعيننا !!
دخل الوالدان وأنا أحاول أن ألملم أفكاري المشتتة،،
واستجمع ما تبقى من قواي!!
فبادرني بالتحية والسؤال :
ما لها (كارما ) إن شاء الله مش مغلبكم؟؟
أنا صح ضرير لكن بشوفها بقلبي وعقلي كل دقيقة ، وبتابعها بكل حركاتها!!
أدركت حينها أن الطفله تتعلم التواصل مع من حولها من والدها.
وأدركت أنها قد تعلمت الحب العميق
من يدي والدها ومن ملمس وجهه..!
بقلب أثقله الدمع..
ولسان تلعثم قبل أن ينطق،
أجبته :
(كارما ) شاطره ومميزه وحبينا نكافئها امامكم
لإنكم جزء من تميزها!!
الله يجعلها نورًا للبصر والبصيرة ..!
وأخذت أردد في نفسي :
كم نحن جهلة حين نحكم على ظاهر ما نراه..
ثم تنكشف الحقيقة
فنصدم من جهلنا وتسرعنا في الحكم !
هذه الحياة لم تأت على مزاج أحد
سنعيشها بحلوها ومرها
فلا تؤلموا أحداً. ولا تتسرع في الحكم علي أحد
فكل القلوب مليئه بما يكفيها !!
وإياكم وكسر الخواطر ..
فإنها ليست عظاماً تُجبَر بل أرواح تقهر..
إلهي؛ لا تنزع منا الرحمة ،
ولا تتركنا نحيا دون الإحساس بها،
ولا تجعلنا نتصرف بما يخالف ضمائرنا،
طوّق قلوبنا بالحنان والرقة والسلام ..
لا تترك كلاماً جميلاً في قلبك،
عبّر عن ودك، أظهر امتنانك،
قل للرائعين من حولك أنك محظوظ بهم
أتمنى السعادة لقلوبكم.وأن نري جميعًا بقلوبنا وليس فقط بأعيننا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى