عرب وعالممقالات

شعبويون.. فوضويون

بقلم: عبد الستار حتيتة
لماذا تم هنا وضع كلمة فوضويين، بعد شعبويين؟ هذه صفة، وهي ضرورية! الشعبوية في حد ذاتها مصطلح سياسي فضفاض. واتخذ هذا المصطلح أشكالاً متباينة وضبابية.
هل تريد أن تعرف ما هي الشعبوية؟ استمع، مثلاً، إلى خُطب الزعيم النازي الراحل، أدولف هتلر. ولا تنس خطابات الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب. مثل هؤلاء القادة يتحدثون باسم الشعب.. باسم العمال والفلاحين والموظفين وعموم الفقراء، وفي المقابل يوصمون الطبقات الثرية والعليا بأقذع الألفاظ.
في بعض الأحيان يمكن التعامل مع مثل هذه الشعبوية، إذا كان لها تيار وقائد معروف ومحدد المعالم. ويصعب التعاطي معها إذا جنحت إلى الفوضى. أي إذا كانت دون قيادة وبلا هدف واضح. المقصود أن النوع الفوضوي لا يقدم حلولاً للفقراء، لكنه يكتفي بالتهجم على مؤسسات الحكم السياسية والاقتصادية والإعلامية.
تظل الشعبوية من أسوأ المصطلحات التي ظهرت في العالم، لأنها ضد النظام، وضد المسؤولية. أنظر مثلا، في الإعلام، إلى مؤسس موقع ويكيليكس، جوليان أسانج. إنه، في نهاية المطاف، شعبوي. وهذا قد يغضب بعد الإعلاميين. لماذا هو شعبوي؟ لأنه لم يستخدم المعلومات التي تحصل عليها لتحقيق هدف صحفي محدد. اكتفى بإثارة الفوضى.
الشعبوي عموماً لديه اعتقاد بأنه يملك الحقيقة كاملة، وأنه ينبغي على العالم الاستماع إليه. والشعبوي يظل يدق طبول الحرب رغم أنه يعلم أنه، في نهاية المطاف، لا يقدر عليها. الشعبوي مسكين.. فأسانج، لم يجد من يقف معه. وترامب لم يصدق أنه خسر الانتخابات!
ومع ذلك أصبحت الشعبوية، في السنوات العشر الأخيرة، مصطلحا منتشراً بين زمرة من السياسيين والإعلاميين وغيرهم، ما اضطر قاموس كامبريدج، في 2017، للاعتراف بهذا المصطلح الدخيل. لكن الأمر بالطبع قديم. فقد ظهر التعبير على ألسنة سياسيين من الغرب والشرق منذ القرن التاسع عشر.
من تعريفات الشعبوية أنها صراع بين الشعب والنخبة. ويتحول الموضوع إلى فوضى حين يكون هناك تحريض للشعب للتعدي على النخبة، وكأن النخبة ليست من الشعب!
في بعض عوالم السياسة اقترن مصطلح الشعبوية بالغوغائية، وبمحاولة تضليل البسطاء والناخبين. تتعاطف الحركة الشعبوية، عموماً، مع الناس العاديين ومع البسطاء. تغني أغانيهم، وتروج لموسيقاهم، وتستثير فيهم العواطف المحلية والعرقية. وتحمّل الطبقة العليا المسؤولية عن عذابات هذه الشريحة الكبيرة في المجتمع.
كل هذا يمكن أن يكون مستساغاً. وكما يقال، ينبغي الاستماع إلى صوت الناس، لكن المشكلة تكمن في محاولة بعض الشعبويين، الانتقال بكل هؤلاء الناس، إلى داخل مؤسسات الدولة، سواء أكانت عامة أو خاصة، دون أي اعتبار للإجراءات الديمقراطية. هل تتذكرون ما قام به أنصار ترامب عقب خسارته للانتخابات الرئاسية؟ لقد اقتحموا مبنى الكونجرس!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى