مقالات

الثقافة الانهزامية وضياع الأمة!بقلم: محمد كامل العيادي

أرسل إليِّ أحد المتابعين طالباً مني الإجابة على سؤال، متعلق بالمقال السابق الذي كان عنوانه الاقتصاد القائد الأعظم للعالم، والسؤال هو، ما هي البدائل الأخرى للمحرومين اقتصادياً؟.

قبل أن نجيب يجب علينا أن ندرك أولاً أن المحرومون اقتصادياً، هم من أعطوا الفرصة لأعدائهم السيطرة على عقولهم، وفكرهم، وأموالهم والتحكم في مقدراتهم، وجعلهم أمة مستهلكة غير مُنتجة، أمة تسمع دون أن تتحدث، أمة تأكل وتشرب دون أن تعمل.ما يميز أي أمة هي الثقافة الإيجابية وليست الثقافة السلبية التي تجعلها متخلفة حضارياً بوقوفها محلك سر عند نقطة معينة يتغنى بها، بينما غيرها قد سبقها واستطاع أن يتحكم في العالم سياسياً وعسكرياً بل وانتاجاً وأصبح سيد الاقتصاد العالمي الذي به يصول ويجول في العقول كيفما شاء ووقتما شاء، وقدرته التي بها يستطيع بذر بذور ثقافة الاستسلام والخنوع في نفوس الأمة، واقناعهم بالفقر المدقع الذي لا علاج له سوى الاعتماد على الغرب، وكذلك نجاحهم في انشاء طابور الجواسيس الذي هو من أخطر الطوابير، ففي بداية الحرب العالمية الثانية قال “فرانكو” القائد الاسباني لـ “هتلر” أمتلك أربع طوابير جيوش فرد عليه “هتلر” أنشيء الطابور الخامس وهو “الجواسيس” فهذا أقوى من الطوابير الأربعة التي ذكرت، وبالفعل أنشأ الطابور الخامس الذي ثقافته الخيانة وبها يتم السيطرة على أي أمة.في الحقيقة أن الأمة جعلت أعداءها تسيطر عليها اقتصادياً وتحقيق مقولة “مائير روتشيلد” الذي ذكرناها في المقال السابق المشار إليه في صدر هذا المقال ” اسمحوا لي أن أسيطر على مال الأمة، ولا يهمني بعد ذلك من يصنع القوانين”.

وحتى تستطيع الأمة أن تغير هذه المعادلة عليها التفكير في كيفية امتلاك الثروة التي من شأنها تستطيع أن يعلو شأن الأمة، فكما قال الرئيس السابق ” محمد أنور السادات” من لا يملك قوته لا يملك قراره، لذا تعمل جماعة “روتشيلد” على العمل بجد بالمال والجهد والفكر، على عدم امتلاك الأمة هذا الحق وهو أن تكون أمة اقتصادية، فأفشت بينهم الخلاف المذهبي والطائفي، واشعلت الحروب الأهلية، والثورات الفاشلة، التي تعيد الأمة إلى الزمن الحجري، وهذا واضحاً وضوح الشمس في كل من، ليبيا، وتونس، واليمن، وسوريا، والسودان، والحالة الاقتصادية المتردية التي تبث في نفوس الأمة ثقافة الانهزامية، وصدق ابن خلدون عندما قال “إذا جاع الناس فسدت أخلاقهم”.ترى الجماعة النورانية أن من أهم طرق هزيمة الأمم وسيادتها هي عملتهم “الدولار”، وذلك عن طريق اغراء الدول النامية بالمشروعات التنموية لإغراقها في الديون، حتى تستطيع السيطرة عليها سياسياً بعد قتلها اقتصادياً، والوقوف في وجه كل من يريد النهضة ببلاده اقتصادياً، كما حدث مع رئيس الحكومة الإيراني “محمد مصدق” عندما فكر في العمل على زيادة العائد المالي الذي يُدره للدولة من شركة البترول “بريتش بتروليم” عندها انتفضت أمريكا وأرسلت ” كيرميت روزفلت” الذي كان يلقب بمهندس الانقلابات في الشرق الأوسط، محملاً بمبالغ طائلة من الدولارات ليس من أجل إيران ولكن من أجل الإطاحة بـ” مصدق” وفعلا لم يمضي الكثير بعد أن وزع المال على مجموعات مختارة لإثارة الفوضى واقناع الناس بخطورة “مصدق” على البلاد، وفعلا تم تنحيته عن الحكومة، وتم التحفظ عليه قيد الاقامة الجبرية حتى وفاته.إن البدائل للمحرومين اقتصادياً أن يتحررو من ثقافة الخوف والاستسلام والانهزامية، بالعلم والانتاج والثقافة والرجوع إلى العقيدة السليمة التي تساعد الفرد على الصمود ضد الأعداء، والصبر على وعورة الطريق للوصول إلى مراد أمته، فليس الغرض من المال هو ملء البطون وشراء الطائرات الخاصة ولا اليخوت، ولكن من أجل بناء الأمة وإعلاء كلمتها، فالاقتصاد هو سيد قراره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى