مقالات

في ذكرى استشهاد الإمام الصادق عليه السلام : فيا له من قبر ما أعظمه وقد حوى من الاطهار الكرام

قلم وصوت ومحام آل البيت

الشريف عبدالرحيم أبوالمكارم حماد

في ذكرى استشهاد الإمام جعفر الصادق عليه السلام نسل الاطهار الكرام آل البيت نستعرض نبذة مختصرة عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام وملابسات استشهاده عليه السلام ، وقد استشهد الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) مساء يوم (25) شهر شوال سنة (148) للهجرة وله من العمر (65) سنة، متأثراً بسم دسه اليه المنصور العباسي على يد عامله على المدينة محمد بن سليمان بعد أن احضره المنصور الدوانيقي سبع مرات الى بغداد لقتله وقد عجز عن ذلك لذا عمد المنصور الى وسيلة دنيئة لقتل الامام (عليه السلام) فقد بعث الى والي المدينة المنورة ان يدس السم الى الامام الصادق (عليه السلام) فدس اليه السم في طعامه، بقي امامنا يوما او يومين يعاني الألم الشديد بسبب السم الى ان حضرته الوفاة ودفن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) في البقيع وهي مقبرة المدينة المنورة في العهد النبوي الشريف وفيها دفن جمع كثير الصحابة منهم ابن النبي إبراهيم وأم النبي وكذلك الأئمة الأربعة من أهل البيت عليهم السلام.

الإسم: اسمه جعفر، وقد نسب إليه الشيعة الاثنى عشرية، فيقال لهم ايضا “الجعفرية”.

النسب : هو إبن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي السجاد بن الإمام الحسين السبط الشهيد إبن وليد الكعبة أسد الله الغالب حيدره المرتضى أبا السبطين أبا الحسنيين باب مدينة العلم و شهيد المحراب أمير المؤمنين الإمام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه عليهم السلام ، وأمه فاطمة المكناة بأم فروة بنت القاسم بن محمد بن ابي بكر ، والقاسم ابوها هو من ثقاة الإمام زين العابدين عليه السلام وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة وجدها محمد بن ابي بكر كان بمثابة ولد من أولاد الإمام علي بن ابي طالب امير المؤمنين عليه السلام.الكنية: منها أبو عبد الله، وهي الكنية الأشهر، وأبو اسماعيل، وأبو موسى.

اللقب : لقب بالعديد من الألقاب منها: الصادق، والفاضل، والطاهر، والقائم، والصابر، والكافل، والمنجي.

مولد الإمام جعفر الصادق عليه السلام:

كانت الأمة الإسلامية تحتفل بالذكرى الثمانين من مولد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، في السابع عشر من شهر ربيع الأول، وكانت تسير في بيت الرسالة موجة كريمة من السرور والإبتهاج، ترتقب مجدا يهبط في تلك الليلة، وفي ذلك الجو الميمون ولد الإمام الصادق عليه السلام شعلة نور بازغة سخت بها إرادة السماء لتضيء لأهل الأرض، وتنير سبلها إلى الخير والسلام.نشأتهحيث كانت حياة الامام ما بين عام 83 و148 هـ فقد قارنت شطراً من حياة الامام السجاد وأيام امامته، حيث كانت امامته ما بين عام 61 و95 هـ، فقد عاش معه أثنى عشر سنة. ثم عايش إمامة أبيه الباقر عليه السلام التي شرعت عام 95 هـ وامتدت إلى عام 114هـ.أما بالنسبة لحياة زين العابدين فقد كانت تزخر بعبادته ومن هنا لقب بزين العابدين، وقد كان الصادق عليه السلام يعايش هذه الحقيقة ويشاهدها من جده عن قرب، وقد أثرت فيه واقتدى بها، فهذا مالك بن انس يقول: اختلفت إلى الصادق زماناً، فما كنت اراه إلاّ على إحدى خصال ثلاث: إما مصل، وإما صائم، وإما يقرأ القرآن. ويقول أبو الفتح الاربلي وقف الصادق نفسه على العبادة وحبسها على الطاعة والزهادة واشتغل بأوراده وتهجده وصلاته وتعبده.أما بالنسبة لحياة زين العابدين فقد كانت تزخر بعبادته ومن هنا لقب بزين العابدين، وقد كان الإمام الصادق عليه السلام يعايش هذه الحقيقة ويشاهدها من جده عن قرب، وقد أثرت فيه واقتدى بها، فهذا مالك بن انس يقول: اختلفت إلى الصادق زماناً، فما كنت اراه إلاّ على إحدى خصال ثلاث: إما مصل، وإما صائم، وإما يقرأ القرآن. ويقول أبو الفتح الاربلي وقف الصادق نفسه على العبادة وحبسها على الطاعة والزهادة واشتغل بأوراده وتهجده وصلاته وتعبده.وأما بالنسبة لأبيه فقد كان الصادق كثير الملازمة له ويظهر هذا المعنى حيث يقول عن نفسه: كان أبي كثير الذكر، لقد كنت أمشي معه وأنه ليذكر الله وآكل معه الطعام وأنه ليذكر الله الخ.كما تظهر ملازمته للامام الباقر عليه السلام جلياً حين اصطحبه معه إلى الشام حيث اشخصه هشام بن عبد الملك الحاكم الاموي.

وقد تميزت إمامه الباقر عليه السلام بتصديه لنشر العلم، ولذا يقول الشيخ المفيد: ولم يظهر عن أحد من ولد الحسن والحسين عليهما السلام من علم الدين والآثار والسنة وعلم القرآن والسيرة وفنون الأدب ما ظهر عن أبي جعفر.وكان الصادق عليه السلام في هذه الأجواء المشحونة بالنتاج العلمي وقد انعكست في شخصيته، فقام بدور أبيه بعد وفاته على أفضل نحو ، فقد قال أحمد بن حجر الهيثمي: جعفر الصادق نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وأنتشر صيته في جميع البلدان.

ظروف عصره

في تاريخ الامة الاسلامية عبر القرون الستة الاولى نلاحظ ثلاثة عناصر اساسية هي:قدرة الإسلام على التجديد والابداع والعطاء في كافة المجالات.انحراف الحكام وحدوث هوة سحيقة بين المبادئ الإسلامية وبين السلطة الحاكمة.حيوية الامة الإسلامية وقدرتها على التحرك ضد الحكام المنحرفين عن الإسلام.

ولقد عايش الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام هذه الحقائق الثلاث كأشد ما يمكن ان تكون ظهورا وتجسيدا، ولمدة أربعين سنة وشاهد الظلم والإرهاب للحكام الأمويين ضد أبناء الأمة بصورة عامة والعلويين بصورة خاصة.فقد ولد الإمام الصادق عليه السلام في عهد عبد الملك بن مروان بن الحكم ثم عايش الوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز والوليد بن يزيد ويزيد بن الوليد وابراهيم بن الوليد ومروان الحمار حتى سقوط الحكم الاموي (سنة 132هـ) ثم آلت الخلافة الى بني العباس فعاصر من خلفائهم ابا العباس السفاح وشطرا من خلافة ابي جعفر المنصور تقدر بعشر سنوات تقريباً، إلاّ أن الإمام جعفر الصادق عليه السلام لم يكن يملك القدرة على التحرك خلال هذه الفترة لاسباب عديدة اهمها:

أنه كان محط أنظار المسلمين لذا فقد كان تحت الرقابة الأموية والعباسية، ممّا هدد حركته وحال بينه وبين الاعداد لعمل سياسي ضد الحكام المتعاقبين في عصره.التجربة التاريخية المرة لقيادة آل البيت عليه السلام مع جمهور الامة، وتيارات الثورات ضد الحكام الامويين بقيادة الامام علي عليه السلام، وولده الامام الحسن ومن بعدهما ثورة الإمام الحسين عليه السلام السبط عليه السلام وزيد بن علي بن الإمام الحسين عليه السلام. نظرا لتخلف الناس عن الرقي الى المقام السامي، والأسلوب الرفيع الذي كان يمارسه أهل البيت عليهم السلام.ولهذه الاسباب ولغيرها، كان الامام الصادق عليه السلام منصرفا عن الصراع السياسي المكشوف الى بناء المقاومة بناءً علميا وفكريا وسلوكيا يحمل روح الثورة، ويتضمن بذورها لتنمو بعيدة عن الانظار وتولد قوية راسخة.

وبهذه الطريقة راح يربّي العلماء والدعاة وجماهير الامة على مقاطعة الحكام الظلمة، ومقاومتهم عن طريق نشر الوعي العقائدي والسياسي والتفقه في احكام الشريعة ومفاهيمها، ويثبت لهم المعالم والاسس الشرعية الواضحة. كقوله عليه السلام:(من عذر ظالما بظلمه سلّط الله عليه من يظلمه، فان دعا لم يستجب له ولم يأجره الله على ظلامته) (العامل بالظلم والمعين له والراضي به شركاء ثلاثتهم).انطباعات عن شخصية الإمام الصادق(عليه السلام)أشاد الإمام الباقر (عليه السلام) أمام أعلام شيعته بفضل ولده الصادق (عليه السلام) قائلا: هذا خير البريّة وافصح عمه زيد بن علي عن عظيم شأنه فقال: في كل زمان رجل منّا أهل البيت يحتج الله به على خلقه وحجة زماننا ابن أخي جعفر لايضلّ من تبعه ولا يهتدي من خالفه.وقال مالك بن أنس: ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمّد الصادق علماً وعبادة وورعاً.

وقال المنصور الدوانيقي مؤبّناً الإمام الصادق (عليه السلام): إنّ جعفر بن محمّد كان ممّن قال الله فيه: وكان ممن اصطفى الله وكان من السابقين بالخيرات.وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (ت 327 هـ): سمعت أبي يقول: جعفر بن محمّد ثقة لا يُسأل عن مثله.وقال: سمعت أبا زرعة وسئل عن جعفر بن محمّد عن أبيه وسهيل بن أبي صالح عن أبيه والعلاء عن أبيه أيّما أصح؟ قال: لا يقرن جعفر بن محمّد إلى هؤلاء.وقال ابو حاتم محمّد بن حيّان (ت 354 هـ) عنه: كان من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً وفضلا.وقال أبو عبد الرحمن السلمي ( 325 ـ 412 هـ ) عنه: فاق جميع أقرانه من أهل البيت (عليه السلام) وهو ذو علم غزير وزهد بالغ في الدنيا وورع تام عن الشهوات وأدب كامل في الحكمة.وعن صاحب حلية الأولياء (ت 430 هـ): ومنهم الإمام الناطق ذو الزمام السابق أبو عبد الله جعفر بن محمّد الصادق، أقبل على العبادة والخضوع وآثر العزلة والخشوع ونهى عن الرئاسة والجموع.

وأضاف الشهرستاني (479 ـ 548 هـ) على ما قاله السلمي عنه: وقد أقام بالمدينة مدة يفيد الشيعة المنتمين إليه ويفيض على الموالين له أسرار العلوم ثمَّ دخل العراق وأقام بها مدَّة، ما تعرّض للامامة قط، ولا نازع في الخلافة أحداً، ومن غرق في بحر المعرفة لم يطمع في شط، ومن تعلّى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حطّ.وذكر الخوارزمي (ت 568 هـ)

في مناقب أبي حنيفة أنه قال: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمَّد. وقال: لولا السنتان لهلك نعمان. مشيراً إلى السنتين اللتين جلس فيهما لأخذ العلم عن الإمام جعفر الصادق.وقال ابن الجوزي (510 ـ 597 هـ): جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين كان مشغولا بالعبادة عن طلب الرئاسة.وقال محمّد بن طلحة الشافعي (ت 652 هـ) عنه: هو من عظماء أهل البيت (عليهم السلام) وساداتهم ذو علوم جمّة وعبادة موفورة وأوراد متواصلة وزهادة بيّنة، وتلاوة كثيرة، يتتبع معاني القرآن الكريم ويستخرج من بحره جواهره ويستنتج عجايبه، ويقسم أوقاته على أنواع الطاعات بحيث يحاسب عليها نفسه، رؤيته تذكّر الآخرة، واستماع كلامه يزهّد في الدنيا، والاقتداء بهديه يورث الجنة، نور قسماته شاهد أنه من سلالة النبوّة، وطهارة أفعاله تصدع أنه من ذريّة الرسالة، نقل عنه الحديث واستفاد منه العلم جماعة من الأئمة وأعلامهم.. وعدّوا أخذهم عنه منقبة شرّفوا بها وفضيلة اكتسبوها.

واما مناقبه وصفاته

فتكاد تفوت عدّ الحاصر ويحار في أنواعها فهم اليقظ الباصر حتَّى أنّ من كثرة علومه المفاضة على قلبه من سجال التقوى، صارت الأحكام التي لا تدرك عللها، والعلوم التي تقصر الأفهام عن الإحاطة بحكمها، تضاف إليه وتروى عنه.وقد قيل انّ كتاب الجفر الذي بالمغرب ويتوارثه بنو عبد المؤمن هو من كلامه (عليه السلام) وان في هذه لمنقبة سنيّة، ودرجة في مقام الفضائل عليّة، وهي نبذة يسيرة مما نقل عنه.وفي تهذيب الأسماء (631 ـ 676 هـ) عن عمرو بن أبي المقدام قال: كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمّد علمت أنه من سلالة النبيين.وقال ابن خلكان (608 ـ 681 هـ): جعفر الصادق… أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الإمامية وكان من سادات أهل البيت عليهم السلام، ولقّب بالصادق لصدقه في مقالته، وفضله أشهر من أن يذكر وله كلام في صنعة الكيميا، والزجر والفال … ودفن بالبقيع في قبر فيه أبوه وجدّه وعمّ جده .. فلله درّه من قبر ما أكرمه وأشرفه.وقال البخاري في فصل الخطاب (756 ـ 822 هـ): اتفقوا على جلالة الصادق (عليه السلام) وسيادته.وقال ابن الصبّاغ المالكي (784 ـ 855 هـ): نقل الناس عنه من العلوم ماسارت به الركبان، وانتشر صيته وذكره في سائر البلدان، ولم ينقل من العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه من الحديث.وروى عنه جماعة من أعيان الاُمة.. وصّى إليه أبو جعفر(عليه السلام) بالإمامة وغيرها وصيّة ظاهرة، ونصّ عليها نصّاً جليّاًاستشهادهأن المكانة التي كانت للصادق عليه السلام ، علما وإمامه، جعلته ـ كآبائه وأهل بيته عامة ـ عرضة للحسد والعداوات بل وللخوف من قبل الخلفاء والحكام بصورة عامة؛ وقد تحمل الإمام الصادق عليه السلام بخاصة من بعض معاصريه ومن مدعي الإمامه ومدعي العلم والفضل في زمانه، أذايا وبلايا كثيرة ، ولاسيما من بعض أرحامه وأقاربه وفيهم اخوة وأبناء عم وأنسباء.ولكن الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور الدوانيقي ، كان أشدهم في تطلب فرصة للبطش بالإمام والبحث عن ذريعة لقتله ، حتى أنه أشخصه أربع مرات من مدينة جده عليه السلام، إلى الكوفة ليقتله، فكانت تظهر من الإمام آيات ومعجزات تمنعه عن الاقدام على جريمته، إلى أن بعث إلى الإمام عليه السلام بسم أجبروه جبرا على شربه، فاستشهد سلام الله عليه مظلوما بسم المنصور ، وكان ذلك في المدينة في شهر شوال، على المشهور ( وقيل أيضاً الإثنين منتصف رجب) من سنة ثمان وأربعين ومائة للهجرة، وله من العمر خمس وستون سنة، ودفن بجانب أبيه الإمام محمد الباقر عليه السلام ، وجده الإمام علي السجاد عليه السلام، وعم جده الإمام الحسن المجتبى عليه السلام في بقيع الغرقد في المدينة المنورة، فيا له من قبر ما أعظمه، ويا لها من تربة ما أكرمها عند الله عز وجل، وقد حوت أربعا من الحجج الاطهار الكرام والخلفاء الراشدين، سلام الله عليهم أجمعين.

يمكن القول بأن كان الإمام الصادق عليه السلام عظيم زمانه فقد أسس أكبر مدرسه فقهيه في تاريخ الإسلام وقد تتلمذ على يده آلاف التلاميذ أمثال ابو حنيفه النعمان و مالك بن أنس و سفيان الثوري وجابر بن حيان وغيرهم ، في نفس الوقت كان الإمام الصادق عليه السلام مضايق من قبل المنصور الدوانيقي العباسي فلم يتحمل أن يرى أن الناس تعظمه وتهفو إليه ، وقد بلغ من العمر خمسا وستين سنة .يقال إنه الإمام الصادق عليه السلام قد أحضر سبع مرات عند المنصور الدوانيقي ففي إحدى المرات يقول محمد بن الربيع : دعاني ابي وكنت أقسى أولاده قلبا وقال : انطلق الى دار جعفر بن محمد واحضره على الحال التي هو عليه ، لاتدعه يغير شيئا مما هو عليه ، قال محمد : فأقبلت نحو داره ووضعت السلم وتسلقت الجدار فدخلت واذا بجعفر بن محمد في مصلاه متوجه نحو القبلة ، فلما فرغ من صلاته قلت : اجب امير المؤمنين فقال : دعني البس ثيابي , قلت : ليس الى ذلك من سبيل ، وهكذا اخرجته حافيا حاسرا وكان قد قارب السبعين ، قال محمد : فمشينا بعض الطريق فضعف جعفر بن محمد عن المشي فأركبته على بغل شاكري وجئت واذا بالربيع واقف ينتظر والمنصور ينادي : يا ربيع اين جعفر بن محمد ؟ فلما راه الربيع استقبله وقال : يعز علي يابن رسول الله ان اراك بهذه الحال ولكني مأمور , فقال الامام الصادق عليه السلام : يا ربيع دعني اصلي ركعتين , فقال : صل يابن رسول الله , فصلى الامام الصادق عليه السلام ركعتين ودعا بدعائه ثم اخذه الربيع بيده وادخله على المنصور ، و الطاغية جالس على سريره والامام الصادق عليه السلام واقف بين يديه حافيا حاسرا مكشوف الرأس فقال له المنصور فيما قال : اما تستحي يا جعفر من هذه الشيبة ان تنطق بالباطل وتشق عصا المسلمين ؟فقال إمامنا الصادق عليه السلام : ما فعلت ذلك يا أمير المؤمنين ، فقال المنصور : هذه كتبك الى اهل خراسان تدعوهم الى بيعتك ونقض بيعتي , فقال عليه السلام : ليست بكتبي و لا خطي ولا خاتمي واني ما فعلت ذلك في زمن بني أمية الذين هم اعدى الناس لنا ولكم فكيف افعله في زمانكم وأنتم امس الناس رحما بنا ؟وكان المنصور يخرج مقدارا من سيفه بين الحين و الآخر ثم يعيده الى الغمد وفي المرة الاخيرة جرد السيف كله ثم اعاده الى غمده وأطرق برأسه مليا ثم رفع رأسه وقال : يا جعفر اظنك صادقا ثم ادناه واجلسه الى جنبه وكرمه وودعه فسئل المنصور بعد ذلك : لم كنت تخرج السيف ثم تعيده الى غمده ؟قال : كلما هممت بقتله ارى رسول الله صل الله عليه و اله وسلم مشمرا عن ذراعيه يحول بيني وبين جعفر بن محمد , وفي المرة الاخيرة لما جردت السيف كله رأيت النبي مغضبا محمر الوجه وقد قرب مني وكاد أن يمسك بي فخفت وتراجعت عن ما كنت اهم به من قتل ولده جعفر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى