مقالات

أيمن مدين يكتب: غزة حرة ونحن السجناء


حدود وقيود وتأشيرات وجوازات سفر ومعابر ونقاط تفتيش هكذا تم تقسيم وطننا العربى ، فعلى الرغم من وحدة اللغة التى تربط دوله إلا أنها فقدت أواصر الإرتباط فلم يعد من السهل على المرء العبور لزيارة الأشقاء بدول الجوار وبعد أن كان بإمكانك أن تستقل القطار من القاهرة لتزور القدس بكل سهولة ، أصبح يتحتم عليك أولا أن تذهب للسفارة وتنتظر حتى تحصل على تأشيرة القبول ويتم تحديد موعد السفر أو الرفض والمنع قد تكون المسافة بينك وبين أشقائك بضع كيلو مترات لكن عليك الإنتظار لأيام لتعبر الحدود او لا تتمكن من الوصول إليهم حتى أصبحت الشعوب العربية تعيش فى سجون كل منها حر لكن داخل حدود دولته .
هكذا فرض علينا الغرب هذا الوضع وعمدت دوله الإمبريالية على ترسيخ الفرقة والتباعد بين عرب أسيا وعرب إفريقيا عبر زرع دولة ( إسرائيل ) على حساب أجزاء من أراضى فلسطين الشقيقة التى تقع فى الجزء اليابس الوحيد الذى يوصل القارتين حتى تحول دون وحدتهم وتعمل على فرقتهم فيضمن العالم الغربى أن تضعف الروابط بين الأجيال المتعاقبة مع مرور الزمن حتى لا يعود هذا الوطن قوى كما كان ما يهدد مصالحهم ويحول دون وصولهم لثرواته وثروات الشرق .
فى حين أن نفس تلك الدول عملت على تقوية العلاقات والروابط بينهم حتى أصبحت متحدة يمكن لجميع دول الإتحاد الأوروبى السفر إلى أى دولة من دوله وقتما شاء فلا حدود ولا جوازات ولا تأشيرات ولا تفتيش بل يمكنك وبكل سهولة إستقلال القطار لتتنقل بين دوله دون عوائق ، هذا كله على الرغم من تعدد اللغات بين دوله ولم يتوقفوا عند هذا الحد بل عملوا على توثيق العلاقات الإقتصادية وتم إصدار عملة موحده أصبحت الأن واحده من أقوى عملات العالم . فبات بذلك أقوى وأكثر ثراء على الرغم من نقص موارده وثرواته حتى أنه يعتمد على دولنا العربية فى توفير مصادر الطاقة والمواد الخام حتى الأسواق التى يروج فيها منتجاته ليجنى الثروات وينهض على حساب شعوبنا الغنية فى الموارد الطبيعيه والفقيرة فى العزيمة والرغبه على التوحد حتى صرنا شعوب ضعيفه مسلوبى الإرادة منهكى القوة يتحكم الغرب فى مصائرنا ويحدد لنا مساحات الحرية داخل السجون التى حددوها لنا .
غزة معقل الأحرار
قد ينظر العالم لقطاع غزة المحاصر على أنه اكبر سجن مفتوح بالعالم و أن سكانه سجناء تم تقييد حريتهم عبر معابر ونقاط تفتيش أنشئها الإحتلال حول القطاع ليتحكم من خلالها فى كل ما يمكن أن يمر من و إلى غزة ولم يكتفى الإحتلال بكل هذا بل فرض عليهم حصار خانق غير إنسانى فقطع عنهم كل مقومات الحياة من ماء وغذاء ودواء حتى الطاقة والكهرباء ما جعل سكان غزة يعيشون حياة أشبه بالحياة البدائية لكن رغم هذا كله فقد أثبتوا أنهم أحرار لم يستطيع هذا الإحتلال الغاشم الذى جاء من شرق اوروبا ومختلف الدول أن يسلبهم الإرادة فلا معنى لحرية دون إرادة حرة فهم أعلنوها بصوت عال لن ننكسر لن ننهزم لن نرحل لن نترك أرضنا سنقاوم همجيتكم بعزيمتنا وقوة إرادتنا سنتصدى لقصفكم بصدورنا وسنروى بدمائنا أرض وطننا سنبذل أرواحنا الحرة لترفرف فى سماء الخالدين فالحر يحي ذكره بعد موته أما السجين يمضى وينسى ذكره حتى ولو ظن المرء انه حرا طليق فمسلوب الإرادة رغم السعة يحي فى ضيق .
وعلى الرغم من أن فلسطين العربية المحتلة تقع بين الدول العربية والتى تحدها من كل جانب فقد عجزت الدول العربية عن كسر الحصار المفروض عليها أو حتى إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة بالشكل الذى يفى بإحتياجاتهم فى مواجهة العدوان الغاشم الذى تشنه دولة الإحتلال فى حين تحركت دول الغرب التى تبعد عشرات الأف الأميال لترسل الإمدادات العسكرية والقطع الحربية والقوات الخاصة التى تتشارك مع قوات الإحتلال فى كل جرائمها الوحشية ضد المدنيين العزل ، ولم يكتفى هؤلاء بذلك بل دعموا الإحتلال بشكل غير محدود سواء سياسيا فى المحافل الدولية او إقتصاديا فنرى الولايات المتحدة تقر مساعدات بعشرات المليارات او عسكريا عبر الإستمرار فى تقديم الدعم الإستخباراتى والذخائر ، وهو الأمر الذى يزيد من معاناة اشقائنا الأحرار بغزة

موقف عربى موحد
بالتدقيق فى ما يجرى حولنا من أحداث وتطورات وأفعال وردود عليها نستخلص أن العدو أضعف مما يسعى لإظهار نفسه عليه فقط يستخدم الحرب النفسية لتنفيذ إرادته فما حدث لدولة الإحتلال فى السابع من اكتوبر وعجزه وبعد أكثر من شهر على إحراز أى تقدم رغم ما تلقاه من دعم كبير يفضح ضعفه بل وضعف داعميه . فلقد رأينا امريكا ترسل حاملة طائرات وسفن حربية متوعدة أى طرف يتدخل برد قوى لكنها منذ أسابيع تتلقى الضربات هى وحليفتها إسرائيل من جماعات مسلحة أمثال حزب الله بلبنان والعراق والحوثيين باليمن ولم تقدم على رد سوى على إستحياء خشية من توسع الحرب فى وقت هى ليست مستعدة لذلك فعلى الرغم من إدعائها القدرة على دعم كلا من أوكرانيا وإسرائيل فى وقت سابق لم تفى بذلك الوعد وقدمت دعما لإسرائيل فقط ما أثار حفيظة الأوكران وجعلهم ينتقدوا حلفائهم من الدول الغربية وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية لكن هذا هو الواقع لم تعد امريكا القوى العظمى الأولى بالعالم فقد أنهكتها كثرة الحروب والصراعات حتى أصبح جيشها منهك ومقسم حسبما ذكر محلليها العسكريين أنفسهم أن جيشهم لم يعد كالسابق فهو مقسم على جبهات عدة وأصبح غير قادر على التأثير بل ان قوات النخبه التى تم إرسالها لمساندة قوات جيش الإحتلال تم تمزيقهم لأشلاء
لذا فعلى العرب إتخاذ موقف حازم وإعلان موقف موحد وتبنى دعوة جادة لوقف إطلاق النارعلى الفور وإدخال المساعدات الإنسانية للأشقاء فى غزة دون قيد او شروط فمن غير المقبول أن يمضى الوقت فى مماطلة أطراف معروف عنها الإنحياز وإزدواجية المعايير والأطفال والشيوخ يعانوا الجوع والموت . ولدينا اوراق قوة يمكن الضغط بها الحرب ليست ألة عسكرية فقط كما يسعى العدو لحصر المشهد بها عبر إرساله السفن الحربية والغواصات النووية بل هناك عوامل عده من موقع وجغرافيا وطبوغرافيا وديموغرافيا وسبل الدعم والإمداد وهى جميعا تصب فى مصلحتنا ، وما لدينا من أوراق أخرى كالطاقة والعلاقات والمصالح المتبادلة
وكما أعلناها أننا مستعدين لتقديم ملايين الأرواح فداء لسيناء فعلى العرب ان يعلنوها أنهم مستعدين لأن يقدوموا عشرات الملايين من الأرواح فداء للقدس والقضية الفلسطينية قضية العرب الأولى والتى لن يفرطوا فيها مهما مر الزمن وتغيرت الأجيال وليتكلف ذلك ما يتكلف وليرى هؤلاء منا بئسا ليعلموا أنه كما للعرب من حلم وميل للسلم فإن لهم غضب وفورة وإقدام إذا جائتهم الأعداء فهم للأوطان فداء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى