تقارير و تحقيقات

أزمة «ارتفاع الدولار» مستمرة.. والشارع يبحث سر اختفاء أصحاب الضبطية القضائية

تحقيق : عصام النجار

لا حديث للشارع المصري إلا عن التهاب أسعار السلع والمواد الغذائية خاصة ونحن نستعد لاستقبال شهر رمضان الكريم، فرغم تراجع الدولار نسبيا في السوق السوداء إلا إن الأسعار تتصاعد بشكل مخيف.

فهل يستمر الوضع الي مانحن عليه من الارتفاع المطرد في الأسعار أم إن هناك تدخل حكومي ينتشل رب الأسرة من السقوط في براثن الحيرة من خلال التصدي لظاهرة الاحتكار التي تؤثر سلبا علي السوق .. هذا ما ينتظره الشعب من الدولة.

“اليوم” طرحت تلك الأسئلة علي المختصين ورجال الاقتصاد نقلا عن الكثير من المواطنين في شوارع مصر..

البداية كانت مع محمد عيسي الفلاح صاحب سوبر ماركت لتجارة المواد الغذائية لاننكر إن هناك تجار علي قدر كبير من الجشع وإنه لو التزم التاجر بهامش من الربح لحقق مكاسب كبيرة ولإتاحة الفرصة للمواطنين علي اختلاف ظروفهم شراء المواد الغذائية لكن الطمع والجشع يؤدي إلي إرهاق كاهل المواطن بشكل يعجزه عن توفير السلع الاساسية لاسرته.

وأوضح، أن موجة الغلاء الفاحشة التي يشهدها السوق تجعل المواطن يقف في حالة من الوجوه ضاحكا مستعينا بنظرية شر البلية ما يضحك ولسنا كتجار نحب حالة الركود الناتجة عن الغلاء ونتمني أن يتبني كل التجار فكرة اكسب قليلا تبيع اكثر ونقف الي جوار البلد والناس حتي نعبر من النفق المظلم .

ويضيف عادل النجار تاجر مواد بناء قائلا إن ارتفاع الأسعار بهذا الشكل الذي يفوق الوصف يؤثر علي حركة البيع والشراء ويجعل المواطن يبحث عن أولوياته في المعيشة فبدلا من أن يقوم ببناء بيت أو تجهيز مسكن يفضل ان ياكل ويشرب ويذهب الي الطبيب ويشتري الدواء ولهذا تتاثر باقي السلع خاصة مع ارتفاع سعر الدولار .

وأضاف، أغلب تجار المواد الغذائية التي تشهد ارتفاعا شديدا في الأسعار لم يشتروا البضاعة بعد تعويم الجنيه وارتفاع سعر الدولار لأن البضاعة كانت في المخازن من قبل لكنهم يبيعونها بأسعار تفوق قدرة المواطن وتزيد عن سعرها الطبيعي بأضعاف السعر بسبب احتكار كبار التجار لتلك السلع .

وهو مايلقي بالعبء علي مفتشي التموين الذين لم يقوموا بدورهم رغم انهم يتمتعون بحمل الضبطية القضائية التي تخول لهم دخول المحلات التجارية والسوبر ماركت وفتح المخازن وتحرير المحاضر دون أن يحق للتاجر الاعتراض ومفتش التموين يتقاضي مرتبه من الضرائب التي يدفعها المواطن وبالتالي يحق عليه ان يحمي المواطن من الجشع والاحتكار ويجب علي الأجهزة الرقابية إن تشدد الرقابة علي الاسواق وان تجرم كل من يتلاعب بقوت الشعب .

وعلي المواطنين أن لا يكون سلبيين وأن يقوموا بإبلاغ مديريات التموين ومتابعة البلاغ حتي يتحرك المسؤلين ويخرجوا من هذا الجمود الذي خيم عليهم لسنوات طويلة وعلي هؤلاء المسؤلين أن يعلموا إن رب الأسرة يمشي في الشارع في حالة توهان واصبح الرجل غير قادر علي الانفاق علي بيته بسبب قلة من المتلاعبين بقوتهم وكم من بيوت خربت وحالات طلاق ارتفعت بالإضافة إلي وجود حالات انحراف بسبب ضيق ذات اليد.

وأوضح، أن كل هذا يستتبع محاسبة مفتش التموين المتقاعس وتشديد العقوبة علي المحتكر قضية الاحتكار جريمة في حق المجتمع المصري تستوجب تكاتف الجميع للتخلص منها .

ويضيف المواطن صلاح لطفي السيد قائلا ارحمونا من الاسعار فقد اختفت الطبقة المتوسطة وهبطط الي محدودي ومنعدمي الدخل وعلي مفتشي التموين إن يقوموا بدورهم وسرعة ضبط الأسواق، وحتي الموظف اصبح يعيش في معاناة لان الزيادة في مرتبه لم تستطيع مواجهة موجة الغلاء والمرتب ينتهي في الأسبوع الاول من الشهر فما بالنا بمنعدمي الدخل الذين لايملكون اي مورد من موارد الدخل .

ويري عوني أبوزيد تاجر إن ارتفاع الأسعار أضر بالتجارة ضررا بالغا لأن معظم الاكسسوارات الحريمي التي كنا نبيعها تاثرت بارتفاع سعر الدولار وفي حالة هبوط الأسعار يتوفر لنا هامش بسيط من الربح وتكون هناك حركة في البيع والشراء تساعدنا في استقرار بيوتنا ونهيب بالدولة إن تتدخل بأقصى سرعة لضبط أسواق السلع الغذائية باعتبارها الأغلي فزجاجة الزيت أصبحت ب 60 جنيها لا تكفي الاستهلاك يوم لأسرة فاين دور مسؤلي التموين ؟!.

من جانبه تحدث عبد الله أمين مفتش تموين قائلا الضبطية القضائية تعطي الحق المفتش أن يقود حملات في أي وقت للتفتيش علي الأسواق ودخول المحلات التجارية وفي حالة وجود أغذية أو سلع منتهية الصلاحية أو سلع مخزنة بقصد الاحتكار يتم تحرير محضرا بالواقعة وتقديمه لقسم الشرطة لاتخاذ الإجراءات القانونية والضبطية القضائية معناها صلاحية المفتش لدخوال المحلات والاسواق والتفتيش عليها دون إذن من النيابة العامة لكن المنازل فقط هي ماتحتاج باذن من النيابة ويتم ذلك في حالة ورود معلومات من مصادر سرية او شكوي حول قيام شخص بتخزين سلع غذائية في منزله او ملحقات المنزل بقصد الاحتكار نحصل في هذه الحالة علي إذن من النيابة العامة ويتم تشكيل حملة لاقتحام المنزل وملحقاته والتفتيش .

وأضاف: “لا ينتظر المفتش وجود شكاوي من المواطنين ليتحرك نحو التفتيش بل في اي وقت من حقه التفتيش علي الاسواق انما فائدة الشكوي هي تحديد مكان بعينه بولا من التحرك العشوائي لهذا يجب علي المواطنين التعاون مع المفتشين للقضاء علي الاحتكار وضبط الاسعار ولايوجد آية عوائق تحول دون قيام المفتشين بعملهم وفي حالة اعتراض اي تاجر يوجه إليه تهم مقاومة السلطات والتعدي علي موظف اثناء نادية عمله ويصدر عليه حكم وجوبي “.

الدكتور صلاح الدين فهمي أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر قائلا هناك حديث عن الرسول – صلي الله عليه وسلم – يقول “من احتكر حكرة يريد بها إن يغلي علي المسلمين فهو آثم ” إذا فإن الشريعة الإسلامية تمنع الاحتكار والدولة من جانبها تجرم هذا التصرف وتشجع علي المنافسة وفي حالة وجود احتكار للسلع الاستراتيجية تضطر الدولة الي التدخل وتقلل الاسعار رغم ان ذلك مخالف للاقتصاد الحر القائم علي العرض والطلب لكن تدخلها بات امرا حتميا لحماية المواطنين .

وأضاف، لم يتوقف الأمر عند الدولة فالمنطومة لابد أن تكتمل بتضافر الجهود مابين شرطة التموين ومفتشي التموين الذين يتمتعون بالضبطية القضائية وكذلك جمعيات حماية المستهلك الي جانب المواطن نفسه، كل لابد أن يتحرك لضبط الأسواق لانها مسؤلية مجتمعية ومن يتقاعس عن دوره يجب مساءلته قانونيا .

من جانبها قالت الدكتورة هدي الملاح الخبير الاقتصادي إن العالم يمر بأزمة اقتصادية لها تاثير سلبي على دول العالم بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وما حدث بها من من اجراء الحرب الروسية الأوكرانية التي أصابت الاقتصاد العالمي بشلل تام واثرت على القارة الإفريقية بالرغم من أن إفريقيا تتمتع بثروات ولكن للاسف مواردها غير مستغلة وبالتالي يوجد دول كبيرة جدا متاثره بهذه الحرب اقتصاديا وخاصه الدول التي تاخذ قروض من صندوق النقد الدولي ولديها جدوله بحيث يكون لديها او عليها فوائد.

وأشارت، عند الحديث عن المحتكرين بمثابة قيام مجموعة من التجار عديمي الضمير سواء لأهداف سياسية تهدف لحدوث أزمة اقتصادية عن طريق منع السلع من الأسواق أو طمعا في تحقيق مبالغ مالية كبيرة من خلال رفع الأسعار وتعطيش السوق، وهنا يقع علي عاتق الرقابة التموينية العبء الأكبر في التصدي لهؤلاء وتشديد الرقابة علي الأسواق وتسعين الحكومة جاهدة لخلق بدائل وحلولا للأزمة منها مثلا بالنسبه لبنك مصر والبنك الأهلي قام برفع شهادة استثمار جديدة على الودائع بقيمة زيادة 25% .

ويبقى السؤال هل القرار مناسب في هذه الأجواء في ظل ارتفاع الأسعار وفي ظل الاحتكار وفي ظل عدم وجود بعض السلع ونقص السلع الإستراتيجية التي نستوردها من من روسيا وأوكرانيا مثل القمح والاعلاف وغير المنتجات التي نحاول أن نستوردها بالدولار ؟!إذا نسبة ال ٢٥% سوف تجعل نوع من التكاسل أمام المستثمرين الذين يمتلكون مبالغ مالية ويريدون استثمارها سوف يفضلون الربح السريع وسوف تساعد على تباطؤ الانتاج وتكاسل المنتجين ونحن في هذه الفترة لا نستطيع الاستيراد نظرا لارتفاع الدولار أمام الجنيه وعدم وجود العملة الدولارية أو شح الدولار بسبب تراجع السياحة بسبب الحرب الروسيه الأوكرانية حيث أن 30% من السياحة المصرية من روسيا وأوكرانيا.

فيما نفي عمرو عصفور، عضو الغرفة التجارية وجود ما يسمى بالاحتكار في مصر مؤكدا إن الاحتكار معناه استحواذ شخص علي سلعة معينة وهذا لا يتوافر إلا في سلع محدودة لكن السلع الغذائية تحديدا لها شركات متعددة تنتجها فمثلا لو أن هناك نقص في الزيت فإن هناك عدد من الشركات المنتجة وما تشهده مصر هذه الفترة ليس احتكار وانما قلة في عدد من السلع المعروضة مما يؤدي إلي ارتفاع اسعارها ونحن ضد اي شخص يحجب سلعا عن الأسواق فالتاجر مثلا يتاجر في صنف واحد لكنه مستهلك لألف صنف .

ونحن نهيب بالمواطن المصري أن يغير ثقافته وان يفهم معني الترشيد حتي لا يحدث تعطيش للسوق وبالتالي ارتفاع في الاسعار لان المواطن في كثير من الاحيان يكون سببا في صناعة الازمة حيث يسعي للحصول علي اكبر قدر من السلع ويقوم بتخزينها خشية نقصها في الاسواق مما يؤدي إلي قلة المعروض وبالتالي زيادة السعر قائلا: لعل جهاز حماية المستهلك يقوم بمراجعة السلع في الأسواق ويجبر التاجر الذي يبالغ في السعر بالالتزام بسعر السوق مثل الارز باعتباره السلعة الوحيدة المسعرة .

وأضاف قائلا: لا يتطلب الأمر عقوبات بمحاضرة او مصادرة المنتج لان ذلك مع طول إجراءات التقاضي يحدث ازمة في المعروض وهو ما يشعل فتيل الازمة لكن الصواب هو معاقبة التاجر الجشع باخذ السلعة منه وإعادة طرحها في الاسواق بسعر مناسب ودورنا مغرفة تجارية اننا همزة وصل بين التاجر والمستهلك الأجهزة الرقابية ونحن نرصد حالة السوق من اسعار ونقص منتجات وإعداد التقارير من قلب السوق وتصعيدها .واختتم عصفور ، ليس لنا دور رقابي لكننا نبحث عن حلول للازمة فقط إنما الرقابة مسؤلية التموين وجهاز حماية المستهلك والصحة وسلامة الغذاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى