تقارير و تحقيقات

«العروسة إيه غير نيش وكاسات».. تكاليف الزواج.. إلى متى تظل عادات المصريين؟

كبار العلماء: الإسلام لم يأمر بهذا.. واستشاري: ارتفاع التكاليف أدى لارتفاع نسبة العنوسة

جهاد علي

سيطرت العادات والتقاليد على جوانب كثيرة من الحياة في المجتمع المصري لاسيما في مسألة الزواج، الأمر الذي أدى إلى تمسك الأهالي بالمستلزمات والتكاليف العالية لعقد قران الشاب على الفتاة.

ورغم ارتفاع نسبة العنوسة بين البنات خاصة في المدن، إلا أن أولياء الأمور ما زالوا متمسكين بالتكاليف العالية في المهور والعفش وغيرها من المستلزمات، ما يجعل الشباب عاجزًا عن الزواج خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

الأمر وصل إلى أن الأمهات تشترط أن يأتي الشاب المتقدم لابنتها بنفس ما جيء به لابنة خالتها أو عمتها، مما قد يضع الشاب في حرج شديد عند عجزه عن توفير تلك المتطلبات.

«اليوم» بحثت في هذه القضية المجتمعية من خلال رصد آراء المواطنين في غلاء المهور، والتحدث مع متخصصين ويتح ذلك في سيقا التقرير التالي:

«العروسة إيه غير شوية كاسات»

وقالت “أم محمد”: «النيش ثم النيش ثم النيش، وأوضة الأطفال للي لسه ماجوش أصلا، والشبكة الى هتترمي فى درج التسريحة لحد ماتروحى فرح وتلبس حاجة منها».

وأضافت لـ«اليوم»: «والصينى وكل ما تكتري في عدد القطع يبقى أحسن مع انك هترميه فى النيش لحد مابنتك تبقى على وش جواز وتعزموا العريس فتقومى تطلعيه في الأفراح، وطقم الخشاف».

وأكملت أم محمد: «الجوازة مش هاتكمل بدون طقم الخشاف بقا، وطقم كاسات وهي العروسة ايه غير شوية كاسات فوق بعض».

وتابعت: «النجف أبو 12 لمبة، الفوط لازم 53 فوطة، ولازم يوم الفرح تفتحي الدولاب للي هيجوا يباركوا عشان يتفرجوا جايبه ايه، أطقم الحلل الألومينيوم والتيفال والاستانلس والسيراميك وكل الحلل اللي في الدنيا، علي أساس ان العروسه شيف وكل يوم هتعمل مائدة رحمن».

أما أحمد محمد، فيقول «أنا بسبب النيش مأجل الجوازه بقالي سنة ونص ومستنى خطبيتي تخلصه، ويارب الحكومة تلغيه زي ما تلغي الدعم».

أما إبراهيم فقال: «النيش مهم جدا في حياتنا دا أنا بتعلق وبضرب وبتشتم عشانه في البيت من ماما، وأنا لما اتجوز هقول لوالد العروسة لو بنتك مجابتش نيش.. متلزمنيش».

وأوضحت “ياسمين”: «احنا بنخسر من ورائه آلاف الجنيهات بس لازم وجوده فى الشقة، عشان محدش يقول متجوزين من غير نيش».

بينما أضاف “الحاج محمد: «النيش اختراع المصرى الأصيل الذي لا يستفاد به فى المنزل بأى شىء، ولكن من أجل عادتنا وتقاليدنا النيش شئ أساسي فى الأوضة، والجواز من غير نيش ميبقاش جواز، كفاية يابنتي النيش بس 100 ألف جنية يبقا ازاي مثلا ميكنش حاجة أساسية فى الجواز».

وأوضحت أخرى قائلة: “النيش بيفكرني بأحلى ذكريات أنا الجوازة أتاجلت عشانه تلاته سنين عشان اجمع بس وكل ما أقول لأهلى مش مهم كانوا بيتخانقوا معايا ليه عشان الجواز من غير نيش والصيني والفوط والجهاز كامل مينفعش ومهر ودهب كتير يبقا مش يسما انى اتجوزت، وفي اهو مركون فى الشقة زى اى حاجه منظره على الفاضى».

وقالت إحدى ربات المنزل الصعيد: «انا ست كبيره طلعت من العادات والتقاليد وجهاز العروسة عندنا معروف كدا ولازم النيش في الشقة الجواز من غير نيش في الصعيد يبقا مش جواز.. ولما تتجوزى هتعرفى دا كويس جدا».

الإسلام لما يغالي في المهور

ومن جانبه يقول الدكتور محمود مهنى محمود، عضو هيئة كبار العلماء، إن الإسلام لم يضع حدًا على المهر في الزواج، مشيرًا إلى أن السنة المطهرة دعت إلى تيسير الزواج والحض عليه عند الاستطاعة بكل وسيلة ممكنة.

واستدل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير».

واستشهد أيضًا بحديث: «قام رجل فقال: يا رسول الله أنكحنيها، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: هل«عندك من شئ؟» قال: لا، قال له: «اذهب فطلب ولو خاتمًا من حديد»، فذهب وطلب، ثم جاء فقال: «ما وجدت شيئًا ولا خاتمًا من حديد»، قال: «هل معك من القرآن شئ» قال: «معي سورة كذا وسورة كذا»، قال: «اذهب فقد أنكحتكها بما معك من القرآن»، وفي روية: «اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن»، نعم هذا هو إسلامنا، وتلك هي رحمة نبينا صلى الله عليه والسلم.

وخلال حديثه لـ«اليوم» أوضح مهنى، أنه لا يجوز لأولياء الفتيات رفع أسعار المهور طالما إذا وجد الزوج الصالح، حتى نحافظ على شبابنا وفتياتنا من الإنحراف، مشيرً إلى أنه يجب العمل والتمسك بهذا الأمر للتغلب على المشكلة الاجتماعية.

وتابع، أنه يجب على الأهالي مراعاة الشباب فى السعي وراء الزواج، لأن هناك شباب متدين ومقبل على الزواج، وبالتالي يتم رفضه بسبب عجزه المادي، وعلى الجانب الآخر إذا تقدم شخص لديه أموالًا فيقبل على الفور.

ارتفاع العنوسة بسبب المهور

أما الدكتور علاء الغندور، استشاري التحليل والتأهيل النفسي والأسري، فقال إن الزواج ميثاق غليظ يجمع بين الزوج والزوجه في الحلال من أجل بناء أسرة وإنجاب جيل جديد يساهم فى بناء الوطن.

وأرسل لـ«اليوم»، أن الزواج يهدف إلي السعادة الزوجية والأسرية ويقوم على التفاهم والتسامح والمحبة والإحترام، لافتًا إلى أننا في الفترة الأخيرة لاحظنا ارتفاع نسبة العنوسة بين البنات لتصل إلى ما يقرب من 10 مليون فتاة، وبتحليل الظاهرة اكتشفنا أن هناك سببين أساسيين.

وأوضح استشاري التحليل، أن السبب الأول يكمن في ضعف القدرة المالية لدي المتقدم للزاوج من الرجال، منوهًا أن السبب الثاني هو غلاء المهور والإصرار على طلبات خاصة ومكلفة ومعَجزة للشباب، مثل النيش وقاعة الأفراح وبعض العادات المستحدثة علينا ولم نكن نعرفها من قبل.

وأرجع علاء الغندور، السبب الأول في ارتفاع نسبة العنوسة، إلى ضعف القدرة المالية لدي المتقدم للزاوج، والتي تنتج عن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها مصر، من عام 2011 إلى 2014، منذ بداية الإصلاح الاقتصادي.

وعن مقارنة الأمهات لما يقدم لبناتهن، بغيرها من الإناث، يقول علاء الغندور استشاري الأسري، إن هذه العادة تعد من العادات القاتلة السلبية والسيئة، مما تجعل الشاب المتقدم للزواج يتراجع نظرًا لإمكاناته التي لا تسمح.

وأضاف أن بعض الأمهات تتمسك بشكبة بمبلغ ضخم، يعجز عنه الشاب وبعض الأسر، بخلاف القائمة، لافتًا أن هناك بعض المدن أو المناطق التي تتمسك بهذه القائمة لحفظ حق العروسة.

واقترح الغندور، تأهيل الأهالي نفسيًا وفكريًا وتربويًا للزواج  لكي يدركوا أن الهدف الأسمى من الزواج هو بناء وليست صفقة تجارية بين أهل العريس وأهل العروسة.

وأوضح أنه ينبغى على الإعلام، نشر توعية عن طريق المسلسلات أو الأفلام، وأيضًا التخصصات الدينية والنفسية والفكرية والسلوكية حتى يكون هناك تعليم بمسئوليات وتأهيل الزواج فى الحدود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى