مقالات

ظاهرة إنتشار الطلاق.. الأسباب والحلول

بقلمي✍️ – خالد محمد امين

الأسرة نواة المجتمع وركيزته الأولى وأساسه المتين، ومتى وُجد خلل في الأسرة انعكس ذلك على المجتمع باكمله فتضرر وتصدع، ومن المشكلات اللافتة التي تحتاج إلى علاج ونظر كثرة حالات الطلاق  ما يشكل تهديداً للبناء الأسري في المجتمع فقد كشف تقرير قام به مختصون عن ارتفاع معدلات الطلاق  لتصل إلى 35.5 %، وهو ما يقتضي النظر بعين فاحصة في هذه المشكلة والبحث عن أسبابها ووضع الحلول المناسبة لها.

ولا شك أن أسباب الطلاق متعددة وقد يكون السبب من الزوج أو الزوجة أو منهما، ومن هذه الأسباب سوء العشرة بأن يعامل أحد الزوجين الآخر معاملة سيئة  سواء إساءة لفظية أو فعلية أو بإهمال وعدم مراعاة الآخر، والاستمرار في هذا النوع من المعاملة  قد يؤدي في نهاية المطاف إلى فقدان الصبر واللجوء للطلاق والعلاج يكون في إصلاح النفس وتقويم السلوك وتصحيح معاملة كل من الزوجين للآخر.

فالطلاق.. كلمة من أصعب الكلمات التي يعاني منها أي مجتمع وكلمة “مؤلمة” لأنها تكتب نهاية علاقة بين شخصين وهي بداية تحول كبير في حياة أشخاص يمثلون ناتج علاقة هذين الشخصين.. وهذا التحول قد يكون فيه تحولات سلبية على مستقبل بقية الأطراف

تؤكد الإحصاءات للأسف الشديد أن المجتمع المصري يعد في مقدمة المجتمعات التي تعاني من تزايد ظاهرة الطلاق عاما بعد عام.. ورغم أن هذه الظاهرة حظيت بالبحث والدراسة والكتابة على كافة المستويات الرسمية والإعلامية والاجتماعية ولكن للأسف الشديد لازالت هذه الظاهرة تسير في نمو متزايد عاما بعد عام ولم تنجح هذه الدراسات والبحوث في علاج هذه الظاهرة !!

وفي جانب آخر جاء في إحصاء لوزارة العدل ان نسبة الطلاق في مصر تصل إلى 21% بمعدل ألف حالة طلاق شهرياً
و69 حالة طلاق يومياً و3 حالات طلاق تتم كل ساعة.

ما يؤكد أن معظم هؤلاء الشباب هم ضحية لقلة الخبرة الزوجية وهم ضحية لعدم التهيئة للانتقال من حالة التحرر الشبابي لحالة الالتزام الأسري .

فبعض الدراسات التي أجريت أكدت أن هناك قصورا واضحا في النضج للزوجين قبل الزواج لمعظم حالات الطلاق خاصة للفئات ما بين (18 – 24) وهذا القصور هو الذي أدى إلى تدهور العلاقة الزوجية بين الزوجين خلال السنة الأولى ثم الطلاق .. وعدم النضج للزوج أو الزوجة مسؤولية كبيرة تشترك عدة أطراف في تحمل مسؤوليتها..
وقدمت هذه الدراسات مقترحا بإقامة دورات تأهيل وتثقيف للزوجين قبل الدخول في الحياة الزوجية ..
كما قدمت الدراسة مقترح إنشاء قسم للتوجيه والاستشارات الأسرية يتبع لوزارة الشؤون الاجتماعية للعمل على فض النزاعات والخلافات الزوجية !!

كما أوصت الدراسات إقرار دورة تأهيلية اجتماعية إلزامية للشاب والفتاة ويكون حضورها واجتيازها شرطا أساسيا في إقرار عقد النكاح أسوة بالكشف الطبي .. وهذه الدورة تعد وتنفذ من جهات رسمية ويشترك في إعداد برنامجها مختصون شرعيون واجتماعيون وأمنيون وإعلاميون من الرجال والنساء لمدة لا تقل عن اسبوع وفق برنامج مكثف وشامل وينفذ من قبل هيئات رسمية أو شبه رسمية .

القصد هنا أن معظم حالات طلاق الشباب تحدث بسبب ضعف تأهيل الشاب والشابة إلى مرحلة الزواج وهذا الضعف تعود أسبابه إلى عدم إدراك الطرفين أو أحدهما بمرحلة الزواج وأهميتها وطبيعة المرحلة الزوجية فإن حالة الزواج في السنوات الأولى تكون معرضة للفشل بنسبة كبيرة لأدنى ولأتفه الأسباب ويعود ذلك لقلة خبرة الزوجين أو أحدهما بهذه المرحلة

وعدم قدرة فهم الزوجين أو أحدهما أن مرحلة الزواج تختلف عما قبلها اختلافاً كلياً وخاصة فئة  الشباب الذين كثير منهم لا يستطيع التخلص من مرحلة العزوبية وعدم قدرته على التأقلم مع الحالة الزوجية وبالتالي فمنهم من لا يقاوم فراق الأصدقاء والزملاء الذين ظل ملازماً لهم سنوات طويلة في نفس الوقت الذي تكون فيه الفتاة غير قادرة على التأقلم مع عدم قدرة الزوج على التخلص من هذه الحالة..

ومن الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق أيضاً الفتور العاطفي وفقدان المشاعر بين الزوجين، سبب آخر من أسباب الطلاق وهذا الفتور، يسميه البعض بالطلاق العاطفي، حيث يرتبط الزوجان ارتباطاً لا روح فيه ما قد يؤدي مع الأيام إلى طلاق حقيقي ولعلاج هذا الأمر لا بد من تكريس مبدأ الرحمة والمودة والعطف بين الزوجين، وضخ المشاعر الفياضة في الحياة الأسرية،
وكما قال الله تعالى في كتابه الكريم : {وجعل بينكم مودة ورحمة}.

من أسباب الطلاق أيضا تغليب أحد الزوجين مصلحته الفردية وعدم التشاور والتعاون وتقدير مصلحة الطرف الآخر فتسود في الأسرة روح الفردية،
ويسعى كل من الزوجين ليتحكم في الأسرة دون الآخر  ويفرض آراءه، ويتعصب لها ويرفض الرأي الآخر عناداً وانتصاراً لنفسه

قال الله تعالى في كتابه الكريم : {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} ومتى بُنيت الحياة الزوجية على اتباع أحسن الآراء، سواء كانت صادرة من الزوج أو الزوجة، كانت الأقرب إلى السعادة والاستقرار.

ومن أعظم أسباب هدم الحياة الزوجيه الغضب وسرعة الانفعال  لأنه يسد باب الحوار والتفاهم بين الزوجين، وينتج عنه
ردود أفعال سلبية من الطرف الآخر وقد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه وخاصة إذا أدمن أحد الزوجين على الغضب وأصبح جزءاً من طبيعته في التعامل مع المواقف اليومية.

وقد حثت الشريعه الاسلاميه العظيمه في التحذير من الغضب وبيان عواقبه والحث على التخلص منه ومتى وجد أحد الزوجين نفسه مبتلى بهذا الداء، فعليه أن يعالج نفسه فوراً ويمرن نفسه على الصبر والتحمل والهدوء وطول البال
حتى يصبح عادة وطبيعه

ومن أسباب الطلاق أيضاً  إفشاء المشكلات الزوجية وعدم احتوائها  وإدخال أطراف خارجية فيها  فالتدخل الخارجي غير الحكيم في المشكلات الزوجية قد يزيدها ولا يحلها  سواء من قبل أسرة الزوج أو الزوجة أو الأقارب أو الأصدقاء.

وخاصة إذا كان هذا التدخل تدخلاً منحازاً لأحد الطرفين على حساب الآخر، دون تحري العدل والإنصاف، ودون نية صادقة لإيجاد الحلول  فيزيد هذا التدخل  المشكلة تعقيداً ويكون لها كالوقود للنار، بخلاف التدخل الحكيم العاقل، الذي يوسع أرضية التفاهم ويسعى لتقريب وجهات النظر، وإيجاد الحلول المناسبة للمشكلة،
قال الله تعالى في كتابه الكريم : {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما}.

وإحدى أسباب الطلاق في المجتمعات، المشكلات المادية
ولا شك أن العنصر المادي جزء أساسي في الحياة الزوجية وهو يقتضي التعامل السديد في هذا الجانب  ومراعاة الموازنة بين الدخل والإنفاق والادخار، لإدارة رشيدة للإنفاق الأسرى  وعدم الإفراط في الكماليات لأن الإنفاق دون تنظيم ولا تخطيط، له آثار سلبيه كبيره كثيرا ما تؤدي إلى الطلاق

#مقالات_خالد_امين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى