مقالات

عبدالرحيم أبوالمكارم حماد: لبنان من جنة الشرق وموئل الحضارات إلى وطن مثقل بالآلام والجراح

لبنان ، بالعودة إلى تاريخها فهي تعتبر موطناً لأقدم الحضارات البشرية في الألفية الثالثة قبل الميلاد خاصةً المنطقة الساحلية منها، فكانت من أهمّ المراكز الثقافية والتجارية في ذلك الوقت، وكان لتضاريسها الوعرة دوراً مهماً على مرّ التاريخ في لجوء عدة جماعات إليها، وأُعلنت كدولة جمهورية عام 1926م، وفي عام 1946م حصلت لبنان على استقلالها بعد الانتداب الفرنسي
في مرفأ بيروت يوم الثلاثاء 4 اغسطس الماضي ،كان الحادثة الإجرامية البشعة، والجرح الأليم للإنسانية، و الانفجار المروع الذي هز العاصمة اللبنانية بيروت ، وأسفر عن وقوع أكثر من 154قتيلاً و 4آلاف مصاباً ،غير المفقودين ، لم يكن ذلك اليوم فقط مرعباً بشعاً، بل كان عبثياً، ومن ثم كان الإجرام مجسداً في أكثر صوره فجوراً. هذه الكارثة كان سهلاً للغاية منعها.لم تُمنع، بل، في استخفاف مفجع بأرواح البشر، يأتى الانفجار الضخم الذى قال عنه مدير عام الأمن اللبناني اللواء عباس إبراهيم أنه “وقع فى مخزن لمواد شديدة الانفجار مصادرة منذ سنوات”، قبل يومين من إصدار المحكمة المكلفة بقضية رفيق الحريرى رئيس الوزراء اللبنانى السابق، حكمها على 4 متهمين، يوم الجمعة المقبل، وذلك بعد مرور 15 عامًا على مقتل رفيق الحريري بتفجير شاحنة ملغومة في بيروت ، يتكرر الآن مشهد مماثل للأنفجار لكن أبشع وأكثر دمارًا،
الصورة الكلية واضحةٌ تماماً، وهي تحديداً تختصر لبنان في جسده الصغير أوجاع وآلام هذه المنطقة جميعاً، في سعي أبنائه لخلاصهم، سيفتحوا لنا جميعاً أبواباً وسُبلاً.
لبنان هذا الشقيق العربي الجميل الصغير حجما ومساحة والكبير قيمة وقامة ، الشقيق الطيب الوديع والمسالم والمنفتح عبر تاريخه الطويل علي العالم شرقا وغربا بفكره المستنير وثقافته العصرية الواسعة وأسلوبه المتميز والراقي في حياته العامة وفي علاقاته السياسية والانسانية ، وبعطائه الحضاري الثري الذي لا يمكن انكاره او تجاهله ،

 

لبنان الجار الطيب الغالي كثيرا علينا جميعا ، والذي اوجعنا بشدة ما اصابه من دمار هائل، ومن بلاء كبير لا يستحقه علي ايدي المتربصين به والمتآمرين عليه والساعين الي تدميره حتي تخلو الساحة العربية منه ولا يعود هناك لبنان القيمة والرمز ، أقول نتمني أن ينهض لبنان من كبوته ، وأن يخرج سالما من محنته، وأن يتعافي سريعا حتي يرجع إلينا كما عهدناه دائما بكامل حضوره ولياقته وحيويته ، بعد أن تصفو الأجواء ،وتهدأ العاصفة ،وتستقر الأحوال، وتتحسن الظروف والأوضاع ، وتزول أسباب هذه الغمة التي طالت كثيرا وأخذت لبنان من نفسه ، وفعلت به ما فعلت رغما عنه، واوصلته إلى هذه النهايات الأليمة والمحزنة التي لم يكن أحد منا يريدها او يتمناها يوما له.
هذا هو الزمن العربي الأسود الذي شاءت اقدارنا البائسة أن نعيشه لنكون شهودا عليه، حتي لم نعد ندري ما سوف يأتي به الغد مما قد يكَون اشنع وافظع من كل هذا الذي نعيشه الآن مع لبنان وغير لبنان في منطقة تعم فيها الفوضي وينتشر فيها الفساد والدم والدمار والتهجير والخراب والآلام.
الحادث تزامن مع عدد من التطورات شديدة الأهمية، منها الأزمة الحكومية المتصاعدة واستقالة وزير الخارجية والحديث عن استقالات تالية لعدد من الوزراء، وهو مايمكن أن يسقط الحكومة التي يهيمن عليها تيار 8 آذار الذي يعد واجهة سياسية لحزب الله. إضافة إلى مطالبة قوى سياسية لبنانية بما فيها البطريرك الماروني بضرورة حياد لبنان وهو مايستهدف حزب الله أساسا، كذلك يتزامن مع القرار المتوقع صدوره من المحكمة الدولية في قضية اغتيال رفيق الحريري الأسبوع القادم، والمتهم فيها أربع شخصيات تنتمي لحزب الله وماسيستبعه ذلك من عقوبات دولية عليه.
الحادث ماهو إلا عملية استخبارية نظيفة، استهدفت خلط الأوراق وتأزيم الموقف الداخلى وتوجيه الإتهام والمسئولية لبعض التيارات أوالتجمعات السياسية أو دولا أخرى ، خاصة وأن الحادث كان يمكن أن يسفر عن إغتيال سعد الحريري وتكون بذلك رسالة أن حكم المحكمة إذا أدان حزب الله فسيكون الثمن الإستقرار والأمن في كل لبنان.
أياً كانت السيناريوهات المطروحة لتحليل ما جرى بالضبط أمنياً وسياسياً، فإن هناك السيناريو الأول الذي طرحه وزير الصحة اللبناني، والذي قال إن الانفجار بسبب مفرقعات، فيما أكد اللواء عباس إبراهيم مدير الأمن العام اللبناني – (الشخصية الشيعية الثالثة ) في البلاد بعد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري – أن السبب مواد متفجرة مخزنة في الميناء منذ سنوات،
ولكن السؤال المنطقي حول كيف تخزن مثل هذه المواد في ميناء بيروت المجاور لمناطق سكنية؟ ومن كان سبب التفجير أصلاً إذا توافرت هذه المواد؟ والسؤال: هل الهدف من الإعلان التشويش على دور لحركة أمل أو حزب الله، والثاني على وجه الخصوص، وكرسالة استباقية لتيار المستقبل قبل الإعلان عن قرار المحكمة الدولية التي تحاكم أعضاء من الحزب بتهمة اغتيال رفيق الحريري، وتذكر بأحداث 2008 التي افتعلها حزب الله، ويشار إلى أن هذا الانفجار أعنف من التفجير الذي استهدف موكب رفيق الحريري بعشرات المرات،
والسيناريو الثاني هو توجيه الإتهام لإسرائيل سواء باستهدافها أهدافاً قابلة للتفجير تابعة لحزب الله أو غيره، أو أن الأنفجار برمته من تدبيرها، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي خلال الساعات الأخيرة عن شن مقاتلات إسرائيلية هجوماً على أهداف عسكرية في سوريا، منوهاً بأن الضربات جاءت “رداً على محاولة من عناصر معادية لزرع قنبلة على السياج الحدودي”.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن الجيش الإسرائيلي ضرب الخلية التي حاولت تنفيذ هجوم عند حدود الجولان، كما أنه قتل من أرسلها. وعدّ أن “ما جرى رسالة إلى حزب الله، عليهم أن يأخذوا هذا بالاعتبار. وقد يكون اختيار إسرائيل أو طرف آخر لمسرح العمليات، وهي بيروت، وبالقرب من بيت رفيق الحريري سعياً إلى إدخال لبنان في أزمة حقيقية، وفي توقيت له حساباته وتقييماته. ولتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى