مقالات

علاء عبدالحسيب يكتب «اللحظات الأخيرة»: جريمة الرابعة فجرًا

فشلت كل محاولات الزوجة في إقناع زوجها بالعدول عن قراره ببيع «عش الزوجية».. حاولت كثيرًا التواصل مع أهله وأقاربه وأصدقائه وأهل الخير بالمنطقة للتخلي عن فكرة البيع حفاظا على كيان الأسرة من التشرد والتشتت، لكنها فشلت أيضًا..

كان هوس الثراء قد أعلن سيطرته الكاملة على عقل الزوج.. بل وضعه في مفترق طرق كلها تؤدي إلى الوهم.. بعد أن صّور له شيطانه بأنه على بعد خطوات قليلة جدًا من عالم القصور والسيارات الفارهة.. لقد سلك الزوج الواهم طريقًا مليئًا بالأشواك والعراقيل يسوده الظلام الدامس من كل مكان، ويحيطه مصير مجهول النهاية.. وهو طريق العمل في توظيف الأموال..

 

طلاق الزوجان كان يقف على باب المنزل، ينتظر لحظة الدخول من باب الخلافات التي اخترقت حياة الأسرة.. الزوجة كانت ترفض فكرة البيع لإتمام الحلم المجهول.. كانت ترى أن بيع المنزل بداية لتشرد الأبناء وانهيار لـ«عش الزوجية»..

 

كانت ترى أن وقوفها حائلًا أمام تنفيذ مخطط زوجها لآخر نفسه هو واجبها تجاه مستقبلها ومستقبل أسرتها.. أما الزوج فقد كان يرى أن التضحية بالمنزل في هذا التوقيت سيمنحه فرصة ذهبية لاختراق عالم الأغنياء وملاك الأطيان والأراضي.. كان يرى أن قراره سيعوضه بدلًا من هذا المنزل المتهالك بآخر أكثر جمالًا وأروع مظهرًا..

 

كان يرى الزوج أنه لا بديل عن اتخاذ قراره ببيع المنزل حتى وإن كان ملاذه وملاذ أسرته.. كان يظن أن استكمال مسيرته الفاشلة التي بدأها منذ خمس سنوات ستنتهي بالنجاح وتحقيق الحلم.. كان الشيطان يزين له دائمًا بأن الزوجة تقف أمام طريق الوصول إلى الحلم المنتظر.. وأنها تعترض على فرصة ذهبية منحها القدر لأسرته البسيطة للوصول إلى هدفه..

 

دائما ما يمتزج حلم امتلاك الثروة بالخيال فيصبح وهما كبيرا يقود صاحبه إلى ارتكاب كارثة كتبت سطور النهاية لأسرة كانت تحلم بالاستقرار والعيش في رغد البساطة.. الزوجة كانت تحاول انتشال أسرتها من براثن الضياع والوهم.. الزوج كان مصرّا على استكمال مسيرة الفشل بحثا عن فرصة ضائعة لم تسنح له ولو بالصدفة منذ دخوله هذا المجال المُحاط بالمخاطر..

 

لقد رأي أن إلحاح زوجته المستمر في الوقوف أمام معتقده ومنعه بيع المنزل، بمثابة صداع في الرأس يجب الخلاص منه في أسرع وقت.. وأن تأخره عن وقف هذا الصداع وتوفير المبالغ المطلوبة يهدد مخططه الواهم .. قرر الزوج القتل والخلاص من الزوجة .. نفذ المتهم الجريمة في الرابعة فجرًا بكل بشاعة.. وأصر على زراعة اللغم تحت جدران البيت.. قتل الزوج زوجته ورفع راية الاستسلام أمام وساوس الشيطان..

 

ما هذا الجبروت الذي يقطن قلب المتهم؟.. أين كان عقل الزوج عندما أقدم على طعن زوجته بهذه الوحشية؟.. ما هي الجريمة التي ارتكبتها السيدة المسكينة التي عاشت مع زوجها تحت سقف واحد أكثر من عشرة سنوات لأن تلقى هذه النهاية الصادمة؟..

 

أي جُرم فعلته الضحية لأن تواجه مصيرها بهذه الفجاعة؟.. إنها الخلافات الزوجية عندما تتطور تؤدي بالتأكيد إلى نهاية مأساوية.. عندما يُصاب الإنسان بـ«هوس الثراء».. يمكن أن يقتل .. يمكن أن يسرق.. يمكن أن يُهيل التراب على كل القيم والمبادئ.. يمكن أن يخون ويغدر .. يمكن أن يضع مسمارًا في نعشه أو يكتب نهايته بيده ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى