مقالات

السيدة زينب.. نور من نور سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام

بقلم / الشريف عبدالرحيم أبوالمكارم حماد

يحتفل المصريون فى يوم الثلاثاء القادم الموافق 7 من شهر فبراير بمولد رئيسة الديوان ، المشيرة أم هاشم الطاهرة المباركة الشريفة كما يطلقون عليها ، وهى السيدة زينب ابنة الإمام على بن ابى طالب ، رضى الله عنهما، على تكون الليلة الختامية والذى يوافق الثلاثاء الأخير من شهر رجب “الموافق 14من شهر فبراير ، ذكرى الليلة الختامية لمولدها”، فى أنحاء متفرقة فى محيط المسجد الزينبى . 

مولد السيدة زينب هو تراث ديني وشعبي علي مر العصور والأجيال فهو يعد في جوهرة احتفالا بتمكين المرآه في الإسلام . ويتم الاحتفال بمولدها يوم الثلاثاء الأخير من شهر رجب و يحتفل السادة الأشراف آل البيت ومحبى آل البيت، وأتباع الطرق الصوفية ، من جميع الانحاء بمولد السيدة زينب رضي الله عنها، حفيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك بمسجدها فى منطقة مصر القديمة .. وهي عادة سنوية يقوم بها المصرين كل عام . وصلت السيدة زينب بنت علي إلي مصر في شعبان عام 61 هجرية ، و خرج لاستقبالها جموع المسلمين و علي رأسهم والي مصر الأموي مسلمة بن مخلد الأنصاري . و أقامت السيدة زينب في بيت الوالي حتي وافتها المنية بعد عام واحد من قدومها إلي مصر يوم 14 رجب 62 هجرية ، و دفنت في بيت الوالي، الذي تحول إلي ضريح لها . وعرف عن السيدة زينب تحليها بالعلم و التقوي، و الشجاعة و الإقدام السيدة زينب هي من أوائل نساء أهل البيت اللاتى شرفت أرض مصر بالمجيء إليها ويحرص المصريون على إحياء مولدها فى من كل عام، فى أجواء تسودها المحبة، وتعم فيها الأفراح،

مصر المحروسة لها خصوصية خصها الله سبحانه وتعالى بها فى الدفاع عن الأمن القومى للأمة العربية

فجند مصر خير أجناد أهل الأرض إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا فتح الله عليكم مصر فأتخذوا فيها جنداً كثيفاً فذلك الجند خير أجناد الأرض قيل ولم كانوا كذلك يا رسول الله قال لأنهم وأزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة )

مصر هى لها عبقرية المكان وبها يجرى نهر النيل وقال النبى صلى الله عليه وسلم ( نهران فى الجنة النيل والفرات طاهران فى الدنيا باطنان بأرصف جنة الفردوس ) –

وبعد أن فتحت مصر بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم بعث عمرو بن العاص ( 40 ق.هـ – 43 هجرية 584 – 644 ميلادية ) برسالة ألقاها فى النيل ( إن كنت تجرى من نفسك فلا تجرى ، وإن كنت تجرى بأمر الله فأجرى ) .


دخل مصر ما يزيد عن مائه صحابى ودفن أكثرهم فى ترابها وبها مراقد السيدة زينب والسيدة نفيسة والسيدة رقية والسيدة سكينة والحسين بن على إبن أبى طالب رضى الله عنهم . وسنتابع بإذن الله تعالى سيرتهم العظيمة والطاهرة .

ونبدأ أولى هذه السلسلة الكريمة بالسيدة زينب حفيدة سيد الخلق ابنة السيدة فاطمة الزهراء البتول والإمام علي بن ابي طالب رضي الله عنهما وارضاهما ، والسيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها وأرضاها ، توفيت عن عمر يبلغ 29 عاماً والتى أنجبت بعد زواجها من رابع الخلفاء الراشدين الإمام على إبن أبى طالب خمسة أبناء هم الحسن والحسين وأم كلثوم والولد الثالث محسن الذى توفى وهو جنين فى بطن أمه والسيدة زينب رضى الله عنهم .

أمي الطاهرة المباركة الشريفة النور السيدة زينب عليها السلام نور من أنوار سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فالبداية نسألكم “الفاتحة لحضرة المباركة الطاهرة الشريفة السيدة زينب أم النور بحر النور والله نور مولاتي من نور سيدنا الرسول، نور حضرتها من نور حضرة ستنا البتول يا نور من أنوار سيدنا النبي يا ست”.

يا جوهره علي مصر منوره يا ست يا ميه العطشان يا ست يا سكرة على مصر معطرة يا ست يا نور القلوب يا ست

ترعرعت السيدة زينب في بيئة دينية وعلمية ، فقد قابلت جدها رسول الله- عليه الصلاة والسلام-، وعاصرت خلافة كل من سيدنا أبي بكر، وسيدنا عمر بن الخطاب، وسيدنا عثمان، ووالدها الإمام علي الكرار، رضي الله عنهم جميعاً ، كما عاشت فترة الفتنة الكبيرة التي أضرت بآل البيت والمسلمين، شهدت سيدتنا زينب- رضي الله عنها- مقتل أبيها، وأخيها الإمام الحسين ، الذي استشهد في معركة كربلاء، كما قتل ولداها محمد وعون ، والعديد من أهل البيت، وتم أسرها وإرسالها إلى يزيد بن معاوية لعنة الله عليه، الذي أصدر أمراً بتفريق أهل البيت في مختلف الأقطار ، أعطى يزيد بن معاوية لعنة الله عليه ، سيدتنا زينب فرصة إختيار المكان الذي تود أن تهجر إليه فاختارت مصر .

مولد ستنا السيدة زينب رضي الله عنه وأرضاها : الحوراء السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب الملقبة بـزينب الكبرى (5 هـ المدينة المنورة-62 هـ دمشق) ؛ ثالث أولاد السيدة فاطمة الزهراء بنت سيدنا الرسول محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، والإمام علي بن أبي طالب وكبرى بنتيهما والأخت الشقيقة للسبطين الإمامين الحسن والحسين . وأبوها هو الخليفة الرابع من الخلفاء الراشدين عند أهل السنة والجماعة، وأوّل الأئمة الأثني عشر عند الشيعة ، ولهذا تعتبر زينب، إحدى الشخصيات المهمة عند المسلمين كافة . كما أن لها قدسية خاصة عند كل المسلمين ، بسبب دورها في معركة كربلاء التي قتل فيها أخوها الشهيد سيدي ومولاي الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، وعدد من أهل بيته الكرام وصحبه .

ويعتقد الشيعة بعصمتها بالعصمة الصغرى ، قال فيها ابن أخيها الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين «ياعمة… أنتِ بحمد الله عالِمة غير معلّمة وفهمة غير مفهمة» .

اسمها وكنيتها وألقابها :
هناك قولان في معنى كلمة زينب . الأول أن «زينب» كلمة مركبة من زين وأب . أما الثاني فهو أن «زينب» كلمة بسيطة وليست مركبة ، وهي اسم لشجرة أو وردة. وهذا ما صرح به مجد الدين الفيروز آبادي في القاموس المحيط، بقوله: ”الزَّيْنَبُ: نبات عشبيٌّ بصليّ معمّر من فصيلة النرجسيات، أزهاره جميلة بيضاء اللون فوّاحة العرف، وبه سُمِّيت المرأة“.

تُكنى زينب بـ”أم الحسن“ و”أم كلثوم“. ومن المشهور وجود بنتين للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام من زوجته السيدة فاطمة الزهراء البتول هما زينب ، وأم كلثوم.

جاء التعبير عن زينب في بعض المصادر التاريخية، وعلى لسان بعض الخطباء والمؤلفين بـ”العقيلة“، والعقيلة وصف لها وليس اسماً ، فيقول أبو الفرج الأصفهاني: ”العقيلة هي التي روى ابن عباس عنها كلام فاطمة في فدك، فقال: حدثتنا عقيلتنا زينب بنت علي“.

وللعقيلة معاني عديدة في اللغة، فمنها: المرأة الكريمة، والنفيسة، والمُخَدَّرة . ويقول ابن منظور في لسان العرب: ”عقيلة القوم: سيدهم، وعقيلة كل شيء: أكرمه“. كما يقول الفيروزآبادي في القاموس المحيط: ”العَقِيلَةُ: الكريمة من النساء.- الرجل: زوجته، تستعمل في المواقف الرسمية بخاصة؛ وجَّه الرئيس وعقيلتُه الدعوةَ إلى رئيس الدولة الصديقة وعقيلته.-: سيِّد القوم؛ كان عقيلةُ القبيلة كبيرَها سنًّا وعقلاً ج عقائل“.

كما انتشر عدد من الألقاب لزينب، منها: زينب الكبرى، للفرق بينها وبين من سميت باسمها من أخواتها وكنيت بكنيتها. الحوراء ، أم المصائب وسُمّيت اُمّ المصائب، لأنّها شاهدت مصيبة وفاة جدّها محمد رسول الإسلام، ومصيبة وفاة اُمّها فاطمة الزهراء، ومصيبة قتل أبيها علي بن أبي طالب، ومصيبة شهادة أخيها الحسن بن علي بالسمّ، والمصيبة العظمى‌ بقتل أخيها الحسين بن علي من مبتداها إلى منتهاها ، وقتل ولداها عون ومحمد مع خالهما أمام عينها وحملت أسيرة من كربلاء إلى الكوفة وأدخلت على ابن زياد إلى مجلس الرجال وقابلها بما اقتضاه لؤم عنصره وخسة أصله من الكلام الخشن الموجع واظهار الشماتة وحملت أسيرة من الكوفة إلى الشام ورأس أخيها ورؤوس ولديها وأهل بيتها امامها على رؤوس الرماح طول الطريق حتى دخلوا دمشق على هذا الحال وادخلوا على يزيد في مجلس الرجال وهم مقرنون بالحبال.

وكذلك سميت الغريبة، العالمة غير المعلمة، الطاهرة، السيدة. وإذا قيل في مصر السيدة فقط عرفت انها السيدة زينب.

تزوجت السيدة زينب من إبن عمها سيدنا عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عليهم السلام ، وانجبت منه عون وعباس وعلي ، وقد قتل ابنها عون مع خاله الحسين وأصحابه في معركة كربلاء، ولها أبنة واحدة هي أم كلثوم. ذكر عدد من الباحثين أن لها ابنٌ ايضاً اسمه محمد، وقيل بأنه ليس ابنها بل ابن زوجته الأخرى الخوصاء من بني بكر بن وائل والذي استشهد مع الحسين بالطف.

دور السيدة زينب رضي الله عنها وأرضاها في كربلاء:

كان لزينب دور بطولي وأساسي في ثورة كربلاء التي تعتبر من أهم الأحداث التي عصفت بالأمة الإسلامية بعد رسول الله ، وكان دورها لا يقل عن دور أخيها الإمام الحسين بن علي وأصحابه صعوبةً وتأثيراً في نصرة الدين . وأنها قادت مسيرة الثورة بعد استشهاد أخيها وكان لها دور إعلامي .فأوضحت للعالم حقيقة الثورة ، وأبعادها وأهدافها.

لما تحرك الإمام الحسين بن علي مع عدد قليل من أقاربه وأصحابه ، للجهاد ضد يزيد بن معاوية لعنة الله، فقد رافقته شقيقته السيدة زينب عليها السلام إلى كربلاء ، ووقفت إلى جانبه خلال تلك الشدائد ،
وشهدت كربلاء بكل مصائبها ومآسيها، وقد رأت بعينيها يومَ عاشوراء كلَّ أحبتها يسيرونَ إلى المعركة ويستشهدون ، حيث قتل أبناؤها وأخوتها وبني هاشم أمام عينيها . و بعد إنتهاء المعركة رأت أجسادهم بدون رؤوس وأجسامهم ممزقة بالسيوف ، وكانت النساء الأرامل من حولها وهن يندبن قتلاهن وقد تعلق بهن الأطفال من الذعر والعطش ، و كان جيش العدو يحيط بهم من كل جانب وقاموا بحرق الخيم، واعتدوا على حرمات النساء والأطفال ، وبقيت صابرة محتسبة عند الله ما جرى عليها من المصائب.وقابلت هذه المصائب العظام بشجاعة فائقة .

خطبة السيدة زينب رضي الله عنها وأرضاها في الشام:

سيقيت السيدة زينب رضي الله عنها وأرضاها من الكوفة إلى الشام، بأمر من يزيد بن معاوية، ورأس أخيها الحسين ورؤوس شهداء أمامها على رؤوس الرماح طول الطريق ، حتى دخلوا دمشق وأُدخلوا على يزيد وهم مُقرنون بالحبال والقيود ، فعندما دخلوا على يزيد أمر برأس الإمام الحسين عليه السلام فوضع بين يديه ، وأخذ ينكث ثنايا الحسين بقضيب خيزران بيده ، فأثار هذا المشهد غضبها ومشاعرها ، فقامت وخطبت في مجلس يزيد معلنة إنتصار الحق ، ونهاية الحكم الأموي ، حيث ردت عليه بكل شجاعة وإباء مستصغرة قدره وسلطانه ، ومستنكرة فعلته النكراء وقالت :«أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء ، فاصبحنا نساق كما تساق الإماء… أنسيت قول الله تعالى: وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهُمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ. أمن العدل يابن الطلقاء تخديرك حرائرك وامائك وسوقك بنات رسول الله سبايا، قد هتكت ستورهنّ وأبديت وجوههنّ، تحدو بهنّ الأعداء من بلد إلي بلد…»

و من خلال هذه الخطبة بيّنت للناس الغافلين الحقائق، وفضحت أفعال بني امية وجرائمهم التي ارتكبوها في حادثة كربلاء

اختلف المؤرخون في تحديد سنة وفاتها، وان كان الأرجح عند كثير من الباحثين أنها توفيت في سنة 62 هـ وذكر الكثير من المؤرخين وسير الأخبار بأنها توفيت و دفنت في القاهرة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى