أخبارتقارير و تحقيقات

مهرجان رمضان للتسول .. ج 1

جمال زكي – سامية أحمد

مهرجان موسمي متنوع أقامه “الشحاتين”، حيث يتنافسون فيما بينهم علي اقتسام “تورتة” الشهر الكريم، باستعطاف المارة وأصحاب الجمعيات الخيرية، تعددت أساليبهم  وطرق استجداء المارة واستغلال روحانيات الشهر الكريم لزيادة مكاسبهم.

 وبرغم  الحالة الاقتصادية التي يعيشها المواطنون ، إلا ان “نفحتهم” وعطاياهم لم تنقطع  عن المتسولون، سواء متسول موسمي او متسول مؤقت، او متسول دائم، ولكن الغريب ان اغلب المتسولين من النساء، باختلاف الوانهم وموطنهم الذي يغلب عليه طابع بنت القرية خاصة في حين لا نجد متسولين من المدن الا عدد قليل.

اختيار المواقع بدقة:

محافظة المنيا من المحافظات التي يكثر بها اعدد الشحاتين المتسولين، بذهابهم الي مواقف السيارات او محطات القطارات او امام المستشفيات والمساجد، وبعض المنشآت الحكومية وامام الجمعيات الخيرية.

 في الشهر الكريم اعداد كبيرة  تشارك في مهرجان “التسول” الذي يجمع الفقراء مع محترفي النصب والفهلوة علي مائدة واحدة، ويعد رمضان “موسم” لمن اتخذوا منه سبوبة وتجارة مربحة بعد اللعب علي مشاعر الصائمين بكلمات ودعوات ومشاهد مفتعلة ومصطنعة تقشعر منها الأبدان إلي جانب حكايات وهمية كثيرة، واللافت في الأمر أن التسول لم يعد مهنة من فقدوا نعمة البصر أو أصيبوا بإعاقة أو حتي العجائز والصغار.

الأماكن المفضلة للمتسولين إما أن تكون أمام المساجد، أو عند مواقف السيارات والأتوبيسات، أو أمام الأماكن السياحية، أو في وسائل النقل والمواصلات وأمام المستشفيات.

الشحاتة درجات:

للشحاتة أنواع عدة، يتم تقسيم المجموعة عليها بالتساوي، منها مثلا أولي مراتب الشحاتة وهو المبتدئ، وهو المرتدي للملابس قديمة، يتعمد الإهمال في ملابسه، كذلك الرومانسي وهو المتخصص في الهجوم علي كل خطيب وخطيبته أو زوج وزوجته، ويتعمد إحراج الرجل أمام أنثاه أيا كانت صلة القرابة بينه وبينها كي يجبره علي الدفع، أما الشحات الصامت فهو نوع من الشحاتين الذين يلجأون لبعض الوسائل التقليدية مثل الجلوس أمام كرتونة بيض مكسور أو ما شابه ذلك، أما الشحات “الشيك” فهو علي شاكلة الفنان عادل إمام في فيلم “المتسول” وهو من يرتدي بدلة أنيقة، ويتسول بمنتهي الرقي، ويغير أماكن وقوفه باستمرار، ويستعطف الناس بمظهره الراقي النظيف الذي يحتاج للمساعدة بسبب تغير الأحوال.

التسول المزدوج:

أحمد الجبالي الباحث الاجتماعي بمديرية التضامن الاجتماعي بالمنيا  الذي اعتبر أن “التسول المزدوج” هو أكثر أنواع التسول انتشارا علي الإطلاق، وهو الذي يعتمد فيه المتسول علي غيره، وغالبا ما يحتاج إلي طفل مشوه أو مريض يحمله ويسير به ليستعطف الناس ويجعلهم يتصدقون عليه بحجة العلاج.

واضاف الجبالي أنه بالرغم من الظروف الاجتماعية المتدنية إلا أنها أصبحت حرفة يمتهنها عدد كبير من الأفراد في المجتمع يستطيعون من خلالها تكوين الثروات، لكن في أحوال أخري يتحول الموضوع إلي جريمة، خصوصا مع الأطفال، حيث إنهم ينشأون دون أي تعاليم تربوية، وفي بيئة قائمة علي الأخذ دون العطاء، مما يجعلهم مهيئين لاستقبال الأمراض النفسية والاضطرابات ويصبحون عُرضة لتعلم الجريمة، فكل ما يهمهم هو النتيجة والحصول علي
المال دون النظر للاعتبارات الأخلاقية وما يجب أن يتبعوه من أجل الحصول علي تلك الأموال
.

150 جنيه في اليوم الواحد:

على كوبري محطة المنيا الشهيرة تجلس ام محمود الاربعينية في السن  وبجوارها قفص عليه كمية من علب المناديل لكنها لم تطلب بيع المناديل بل تطلب التسول والمساعدة من الناس وفي اخر النهار قبل الافطار بساعة تقوم بعد الحصيلة من الاموال التي جمعتها  والتي تصل الي 150 جنيهاً.

التسعيرة 5 جنيهات! :  فيما يجلس المعاق عمي فتحي منذ عدة سنوات بشكل يومي في شارع الجمهورية القريب من عدة بنوك حكومية ويطلب المساعدة كونه معاق علي العلم انه يتحصل علي معاش معاقين من التضامن الاجتماعي واقل من 5 جنيهات لا يأخذ من احد جنيه او اقل  من ذلك  ورغم ذلك تصل حصالته اليومية الي 200 جنيه.

اما الست ام احمد  تجلس في استحياء بجوار المحلات التجارية ولا تطلب المساعدة الا من قليل من المارة كونها تظهر عليها علامات الاستحياء  من الناس  ربما يراها احد  اقرباءها او اولادها لكنها لا تخشي احيانا من التسول تحت شعار اشتري علبة مناديل.

“جنيه يا بيه”:

 وهنا تجلس سيدة متسولة بجوار محطة المحطة  وتتسول من المسافرين سواء القادمين للمحافظة او المغادرين من المحافظة الي مكان عملهم لا انها تطلب لتسول بشكل مخيف وبشكل علني “جنيه يا بيه.

امام عمرو علي المعاق الذي يجلس في شارع الجمهورية وسط السيارات  لكنه يطلب بشكل افضل  ويعتبره سبوبة خلال الشهر الكريم فيما تجلس الست ام حسن وسط المارة طالبة المال  والمساعدة لا تأخذ كرتونه او مواد غذائية بقدر ما تطلب اموال من المارة.

وفي الشرقية لا يختلف الوضع كثيراً، فالتسول أصبح مهنة، وعصابات التسول تغزو الشرقية والمحافظ يتدخل بقرار عاجل لوقف المد “التسولي” الموسمي.

فبرغم أن أتي شهر رمضان شهر العبادة والطاعة وصلة الأرحام، وفعل الخير، والصدقات، شهر الرحمة، والإحسان إلا أنه موسم يجب استغلاله بشكل ربما يكفي للإنفاق على باقي شهور السنة.

متسولون انتشروا في ربوع الجمهورية اتخذوها مهنه للكسب بحيل وكذب ليستعطفوا المواطنين وهم في الأصل غير محتاجين.

بيزنس التسول:

قالت أميرة عشماوي من إحدى قرى الشرقية عن ظاهرة التسول : “بصراحة لازم يكون في حل الواحد بقي يقلق علي أولاده لابد من التصدي للتسول لأنها بقت تجارة وظاهرة بشعة”.

بينما علقت أدمن جروب شهير بالشرقية علي ظاهرة التسول قائله : “عصابات التسول في ديرب نجم حدث ولاحرج وليهم قادة انا شفت بعيني بيتخانقوا علي الأماكن اللي بيقفوا فيها وكل واحد ليه منطقة محدش يتعداها من المتسولين التانيين والقادة شفتهم بعيني لبس وفلوس وذهب وموبايلات”. وكان إمام مسجد الرحمن “بحي عمران” قد أشار في خطبة الجمعة عن ظاهرة التسول.. موضحاً أن هؤلاء المتسولين ليسوا فقراء بل هي مهنة.. مشيراً إلي أنهم من أصحاب الأراضي والعقارات فالأفضل أن تعطي المحتاجين من أسرتك وأهلك وجيرانك هم أولي من هؤلاء.

متسولون وفقراء متعففون:

وأضافت سيدة أخرى أن المتسولين لا يستحقون الصدقات.. مشيرة إلي أن هناك أمهات تربي أيتام وأخري تعيل ولكن لديهم عفت النفس لا يطلبون الناس فهم أولي أن نبحث عنهم من جيراننا أو اهلينا.

متسول وصاحب أطيان:

وقال محمد عبد الحميد يقيم إحدي مدن المحافظة أنه يوجد رجل يتردد علي المنازل في الحي المقيم به قائلاً: “كان الناس يتعاطفون معه لكبر سنه ويقدمون له المساعدات علي مدار العام اللي ذات مرة كان يجلس مع احد اصدقائه من قرية مجاورة أكد له أن هذا الرجل يمتلك أراضي زراعية تقدر بأفدنة.. واصفاً ايها بالصدمة ومن وقتها لم أثق في متسول واتوجه للمستشفيات بتقديم التبرع لخدمة البسطاء”.


محافظ الشرقية يواجه التسول:

ونظراً لفداحة الأمر أصبح وجوباً على الجهات الرسمية التدخل الفوري لوقف هذا المد، حيث أصدر الدكتور ممدوح غراب محافظ الشرقية القرار رقم 2138 لسنة 2021 ، بتشكيل لجنة برئاسة المهندسة لبني عبد العزيز نائبة المحافظ ، وعضوية كلاً من مديرو إدارات “الوحدة العامة لحماية الطفل، المتابعة الميدانية، و حدة التدخل السريع بمديرية التضامن الاجتماعي، مسؤول خط النجدة بالوحدة العامة لحماية الطفل، ممثلاً عن مديرية أمن الشرقية ومقرري اللجان الفرعية بالمراكز والمدن والأحياء .

كما أوضح المحافظ أن اللجنة تختص بمكافحة ظاهرة استغلال الأطفال في أعمال التسول وأشكال تعرض الأطفال للخطر بنطاق المحافظة، واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها والوقوف علي أسباب إنتشار تلك الظاهرة والأسباب المؤدية لذلك ، للحد من انتشارها بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية والعرض بتقرير شهري في هذا الشأن.

قوانين حماية الطفل:

وأكد المحافظ أن القرار جاء بعد الإطلاع علي القانون رقم 43 / 1979 بشأن نظام الإدارة المحلية ولائحته التنفيذية وتعديلاتهما ، وعلي قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 ، وعلي قانون الجمعيات الأهلية رقم 149 لسنة 2019 بشأن ممارسة العمل الأهلي ، وعلي القرار رقم 5645 لسنة 2020 بشأن إعادة تشكيل اللجنة العامة للطفل بالمحافظة والوحدة العامة لحماية الطفل بالديوان العام ، وللصالح العام .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى