مقالات

محمد كامل العيادي: تنابلة السلطان ودمار الذوق العام!

هل ما نراه من بعض الناس من استهتار ولا مبالاة ومحاولة التعطيل شيء طبيعي؟.. وإذا كان كذلك فما دور الدولة في منع بعض السلبيات المنتشرة في الشارع؟؛ أليس من العدل أن يشعر الإنسان السوي بالراحة النفسية والطمأنينة وأن تخرج قوانين من الدولة لمحاربة حالة التسيب ومحاربة التخلف في الشوارع العامة؟.

الدولة تقوم بعمل جبار في تمهيد الطرق بالرصف والتجديد والتوسعة، وإنشاء الكباري، ليكون الوقت الذي يأخذه الفرد في التنقل من مكان لآخر أقل من نصف الوقت الذي كان يأخذه من قبلْ، إلا أن هناك أُناس على النقيض تمامًا، وبدلًا من ظهور ملامح الراحة والطمأنينة عليهم وعلى تصرفاتهم نجد ونرى بعض الظواهر الغريبة لأنُاس ما هم إلا “تنابلة” يُلقون بالقمامة في قارعة الطريق وتحت الكباري الجديدة، حتى باتت الطرق مليئة بالقمامة، وبين هذا وذاك ظاهرة أخرى أشد أسفًا لبعض العربات الكبيرة المُحملة بالقمامة، والتي من المفترض أن تتخلص منها في الأماكن المخصصة لذلك، لكنها تلقيها دون مسؤولية في الطريق العام، فلو كانت هناك كاميرات مراقبة ما فعلوا ذلك، لكن المفاجأة أن بعض قائدي تلك العربات يفكون لوحات عرباتهم حتى لا تستطيع الكاميرات تصويرهم أو يُحرر بشأنهم أية مخالفات.

ما نتحدث بصدده يجعلنا نتساءل عن ماهية عمل الأحياء والدوريات المرورية على الطرق وأعمال تأمين الطرق من بعض السيارات التي تعكس مرور السير دون أدنى مسؤولية، أضف إلى ذلك “التكاتك” التي يرتكب أصحابها أعمال فك “البلدورة” الموجودة على الأرصفة ليتثنى لهم الدوران وسلوك اختصارات ابتكرونها بمخالفة السير والمرور والقانون، وحين تحاول التحدث مع أيٍ منهم يستحقرك، فإذا كان العتاب يدعوهم لتحقير من يعاتبهم ويرجو تصرفات آدمية من جانبهم، فماذا لو عاقبهم الحي وكا من يُكدر مزاج الناس بالقاء القمامة في الشوارع العامة والتعدي على المال العام بتكسير الشوارع والأرصفة؟.

اللا مبالاة والبلادة والكسل وتعطيل الأمور صفات سيئة في بعض البشر، أصحابها يفرون دومًا من تحمل المسؤولية، ويرتكنون جوار الفوضى وحُب التيه، صفاتهم ثابته لا يُحركون ساكنًا أو تتمعر وجوههم من خطأ، فهكذا المستهتر ليس هناك ما يدل على إنسانيته ولا على أن لديه ولو قدر بسيط الحس والشعور، ناهيك عن غياب غريزة الغيرة التي يمكن تحركه؛ فهو يرضى على نفسه أن يكون “تنبل” لا يهش ولا ينش، الكل من حوله يتحرك عداه.

يُحكى أن هناك قصة أسطورية تحكي أن هناك كان في قصر بعض السلطلاين ثلاثة أفراد دون وظيفة يعيشون في القصر، يأكلون ويشربون وينامون، وظلوا كذلك لسنواتٍ إلى أن رآهم وزير السلطان، فسألهم ماذا تفعلون في القصر؟، فأجابه إنما نحن ناكل ونشرب من خيرات ابن عمنا السلطان، فقال ألا تخشون غضبه عندما يكتشف أنكم عبء فيطردكم من القصر، حين ذاك ماذا تفعلون؟، فقالوا ما فكرنا أبدًا في ذلك من قبل، فقال لهم الوزير إذًا إعملوا عملًا ينفعكم ويقيكم مكر السلطان، فسخروا منه وقالوا ما خلقنا الله لنعمل، فذكر الوزير ذلك للسلطان، فدعاهم السلطان وقال لهم نسيت سيفي في غرفة السلاح أسفل القصر، وأشار إلى “التنبل” الأول ليأتي به، فأشار التنبل للحارس ليذهب ويأتي بالسيف، فذهب الحارس، ثم قال السلطان إن هناك شجرة أمام القصر تعترض طريق المارة فاقطعوها، وكلف بذلك التنبل الثاني، فأشار إلى الحراس ليفعلوا، فذهب الحراس، ثم قال السلطان يوجد ثلاث نوافذ في غرفة نومي إذهبوا وأغلقوها، قالوا انتظر حتى يأتي الحراس وكلفهم بهذه المهمة أيها السلطان، فرد السلطان ليقول لهم: إذًا إذهبوا الآن، فقالوا بل ننتظر حتى يأتي أحد الحراس ليفتح لنا الباب، هنالك غضب السلطان وقال لهم ماذا لو كنتم في غابة وتعرض لكم السباع؟، قالوا هذا قدرنا، فقال لهم ألا تهربون، قالوا أنغير قدر الله؟، فأمر السلطان وزيره بحفر حفرة على أن يقوم  بدفنهم فيها، ففعل الوزير وإذ هو كذلك مر عليه رجل طيب وقال له لماذا تفعل بهم ذلك؟، فقص القصة عليه، ليرد الرجل قائلًا له اتركهم معي وعندي خبز يابس ينقعونه ويأكلونه، فعرض عليهم الوزير ما قاله الرجل الطيب، ليقولوا له هل سننقعه بأنفسنا؟، فعندما سمع الرجل الطيب منهم هذا الرد صرخ وقال للوزير “إردم يا رجل إردم”!.

من حق أي إنسان أن يعيش في مكان صحي، يرى الشجر وليس القمامة، يشم الهواء النقي وليس عوادم السيارات والأتربة، لذا يجب على الحي الزام كل عقار بإحضار صندوق قمامة أمام عقاره، كما يتم إلزام الشركة المسؤولة عن القمامة بتفريغ تلك الصناديق باستمرار وتعقيمها أيضًا، ويا ليت لكل حيٍ من الأحياء عمل جراج خارج كل منطقة مقابل مبلغ شهري لمنع تكدس السيارت داخل الشوارع، فبلا شك لا يطلب أحد أن تكون المدينة كمدينة أفلاطون، لكنه يتمنى أن يعيش عيشةً كريمة وذلك بالتقليل من “التنابلة” الغير مُبالين في أي شيء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى