مقالات

دكتور أيمن سعد غراب يكتب:رمضان فى درب الغربان!

رائحة العيش البتاو… وكنافة الافران البلدى تلك الافران الطينية التى تعلوها صاج ويستخدم فيها “كوز مخروم” لتشكيل دوائر الكنافة …صوت القرأن فى المساجد قبل المغرب …صلاة التراويح …صوت طبل المسحراتى …لعب الاطفال فى الشوارع بعد رشها بالماء…زحمة السوق وتهافت الناس على شراء الجرجير والخضروات بعد العصر …كلها مفردات تغازلنى هذه الايام مع قرب حلول شهر البركة والتى معها تتجدد ذكريات رمضان فى الاعوام الماضية.

كانت ليالى رمضان فى العقود الماضية لها ذكريات ربما أطول منا عمرا فكان الناس أكثر ترابطا وتماسكا وودا وهناك فى صعيد مصر فى الماضى كانت ترش المصاطب الطينية فى الشوارع والمنازل بالماء وتوضع عليها الحصر الحلف أو المفارش.كان الصغار أكثر بهجة فى استقبال الشهر فكانوا يصنعوا زينة من أوراق الكتب القديمة ليزينوا بها الشوارع وواجهات المنازل وامام المساجد فضلا عن الفوانيس …نعم كام لرمضان طابعا خاصا ومذاقا مازال عالقا فى الاذهان.هناك فى أرياف الصعيد فى درب الغربان كانوا حريصين قبل عصر الثلاجات على وضع الازير وجراكن المياة محاطة بالخيش فى محاولة لتبريد المياة.وفى منتصف رمضان كان الازدحام يشتد على الطواحين المصنعة من الحجر لاستقبال جوالات القمح والدرة الشامية لطحنها حيث كانت الاسر تستعد لاعداد البتاو والعيش الشمسى والبسكوت.كنا صغار فكنا نلتف حول التلفاز لمشاهدة برامج فطوطة وفوازير عمو فؤاد وقبلها برامج شريهان ونيللى، مازلت لاغنية رمضان جانا تعيدنا إلى أجواء رمضان زمان.هناك كان التسامح أكثر والوصال والترابط أشد والاطمئنان والسؤال على الاخرين فريضة كانت الناس أكثر بساطة وعمقا.عندما زرت الهند تذكرت أيام رمضان وأنا أتجول فى شوارع دلهى القديمة والتى تعد منطقة تمركز للمسلمين الهنود حيث مسجد جاما الشهير محاطا بسوقا كبير لبيع الجلاليب وسجادات الصلاة والمطاعم الافغانية والباكستانية …نعم شعرت أنى أتجول فى أحد شوارع أو احياء مصر القديمة والقاهرة الفاطمية.رمضان فرصة عظيمة للتقرب الى الله والعوده الى كتابه …رمضان فرصة لنبذ العنف ودعوة للترابط والوئام والسلام …رمضان فرصة للننقى أنفسنا من شوائب الحقد والكراهية …تقبل الله منى ومنكم صالح الاعمال ورزقنا حب الخيرات وجعل رمضان بلا فقد ولا هم ولا حزن …رمضان كريم وبعوده الايام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى