تقارير و تحقيقاتعرب وعالم

“ظل المحاربة” الطبيبة الأوكرانية التي أذابت جليد الغرور الروسي

كتبت- مروة محي الدين:

بين قصص الموت والتهجير والدمار التي خلفتها الحرب الأوكرانية الروسية، ومع تواتر الروايات عن صمود المقاومة الأوكرانية في وجه الأخطبوط الروسي الذي يجشم على الداخل الأوكراني، طفا إلى الأذهان “ظل المحاربة”….

نعم عزيزي القارئ ظل المحاربة وليس المحارب…

إنه ظل “أمينة آكويفا”… الطبيبة الأوكرانية المسلمة التي أذابت جليد الغرور الروسي…

البداية:

أمينة… طبيبة أوكرانية من مواليد عام 1983 بمدينة أوديسا جنوب أوكرانيا، لأب شيشاني وأم من أصول بولندية،  وبسبب وجود أبيها في الشيشان اعتنقت “أكويفا” الإسلام في سن 17 عام، وأصبحت “أمينة” بعد أن كانت “نتاليا نيكيفوروفا”.

بدأت رحلة مقاومتها لروسيا مع حرب الشيشان الثانية، وكانت تقدم الخدمات الطبية للمقاتلين الشيشان، وبعد مقتل زوجها الأول “عيسى مصطافينوف”، قررت “أمينة” العودة إلى “أوديسا” لتبدأ رحلتها مع دراسة العلوم الطبية وعملت بالمستشفى المحلي.

حياتها في الشيشان في أجواء الحرب، ثم في أوكرانيا في عهد الرئيس “فيكتور يانوكوفيتش” المدعوم من روسيا، جعلها تحمل العداء للرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” ونظامه، لذلك انضمت للحركات الاحتجاجية المناهضة “ليانوكوفيتش” عام 2013 مع زوجها الثاني “آدم أوسماييف”- الشيشاني الأصل والمتهم بمحاولة اغتيال الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”.

المقاومة والنضال:

 وبحسب موقع “سوريات” لم تكن الطبيبة -شيشانية الأصل أوكرانية المولد- معروفة قبل اندلاع تلك الاحتجاجات، حيث التقطتها عدسات الصحفيين في أحداث “كييف”، بينما كانت تعمل على تطبيب المصابين والجرحى في الصدامات التي وقعت بين المتظاهرين والشرطة، ثم أضحت أحد ابرز وجوه الاحتجاج بفعل وجود صورتها في كل الصدامات والاشتباكات العنيفة في “كييف”.

ومع سقوط نظام الحكم المدعوم من روسيا، دعمت الأخيرة الحركات الانفصالية في الأقاليم الشرقية من أوكرانيا، وهنا عادت “أمينة أكويفا” للمواجهة مع نظام “بوتين” مرة أخرى، وذلك عبر تطوعها وزوجها للقتال مع القوات الأوكرانية- وتحديدًا في كتيبة “كييف-2” التطوعية التابعة للداخلية الأوكرانية، ضد القوات الانفصالية المدعومة من روسيا. 

وبحسب موقع “سوريات”، فعلى الرغم من فشلها في دخول البرلمان الأوكراني، تعززت شعبيتها من جديد حين اختارت العودة إلى شرق أوكرانيا، للعمل تحت شعار “مجد أوكرانيا”، وتعاود نشاطها كجندية في صفوف كتيبة “البوابة الذهبية”، حيث تعلمت القنص وأصبحت من أشهر جنديات القوات الأوكرانية، مع تميزها بالحجاب والبزة العسكرية والبندقية “الكلاشنكوف”، خاصة أنها عسكرت منذ أغسطس 2014 في منطقة “لوهانسك”، التي يسيطر الانفصاليون على أجزاء واسعة فيها.   

 وعن مواجهتها للنظام الروسي وقتالها ضده قالت “أكويفا” في حوار سابق لها مع موقع “أوكرانيا برس“: “مشاركتي واجب ديني ووطني، فقد اعتدت روسيا على دولتنا الآمنة أوكرانيا، واعتدت قبلها على دول القوقاز جميعا، ولهذا سأبقى في مكاني، وسأقوم بدوري كما كانت الصحابيات يقمن بدور دعم الجيش. سأقاتل وأعالج الجرحى ما استطعت”. 

بعد ذلك انخرطت “أكويفا” في العمل العسكري في كتيبة من المتطوعين الشيشان الذين جاءوا للثأر لبلادهم من النظام الروسي، وكان على رأس الكتيبة زوجها “آدم أوسماييف”، واختاروا لكتيبتهم اسم “جوهر دوادييف”- وهو مناضل شيشاني اغتالته روسيا بسبب نضاله ضدها.

الاغتيال:

مع مجاهرة “أمينة” بعداء الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” ونظامه، واستماتتها في المقاومة ضد الانفصاليين المدعومين منه، تعرضت “أكويفا” وزوجها لعدة محاولات اغتيال اتهم النظام الروسي بالتدبير لها، كان أكثر هذه المحاولات شهرة هي محاولة اغتيالها وزوجها في يونيو 2017، وبحسب موقع “أوكرانيا برس”، كانت محاولة الاغتيال عن طريق شخص التقى “بأكويفا” وزجها في حي “بودولسكي” بكييف، مدعيًا أنه صحفي فرنسي بجريدة “لوموند” ويرغب في تسجيل حديث صحفي معهما، ثم استل مسدسه وأطلق النار على زوجها مصيبًا إياه بجروح، قبل أن تتمكن “أمينة” من مهاجمته وإصابته ليعلن تسليم نفسه، ويتم إسعاف زوجها بعد ذلك، وقد أكدت أجهزة الأمن الأوكرانية أنذاك أن الحادث كان بسبب مواقف “أكويفا” و “أوسماييف” الوطنية، مشيرة باصابع الاتهام إلى جهاز المخابرات الروسي إف إس بي.

وما هي إلا شهور قليلة قبل محاولة الاغتيال الثانية في 30 أكتوبر الجاري، المحاولة التي نجحت في القضاء على حياة المناضلة “أمينة أكويفا”، حيث تعرضت السيارة التي كان تقلها ويقودها زوجها “آدم أوسماييف” لإطلاق نار من مجهولين، عند معبر السكك الحديدية بالقرب من قرية “جليفاك” في مقاطعة كييف.

وحسب موقع “اوكرانيا برس” أن “أوسماييف”- زوج أمينة- قال إن إطلاق النار الكثيف قد أصاب “أكويفا” في رأسها مباشرة ما لم تجد معه محاولاته إسعافها، لتلفظ أنفاسها الأخيرة في موقع الحادث، ولم يستبعد وقوف أجهزة الأمن الروسي وراء الحادث.

ليسدل الستار على حياة امراة وقفت في وجه أعتى الأنظمة السياسية بكل قوتها، وسخرت من الغرور الروسي المتجمد كالجليد وصرحت بقرب كسره كثيرًا، ولما كاد الجليد أن يذوب بفعل صلابة مقاومتها، حرك أجهزته الأمنية ذائعة الشهرة بالعالم للقضاء عليها وهي امرأة واحدة، ولم تنجح هذه الأجهزة في اغتيالها بقدر ما نجحت في جعلها طيفًا يظلل على كل محاولات المقاومة ضد المحتل، ووسمًا مذكورًا في كل حدث يخص الأماكن التي اتصلت بسيرتها روسيا وأوكرانيا والشيشان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى