تقارير و تحقيقات

حرب الوعي.. كيف تُنفذ إسرائيل “إبادة تعليمية” في قطاع غزة؟

منذ السابع من أكتوبر الماضي، أعلنت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، تعليق التعليم في جميع المؤسسات التعليمية بقطاع غزة، ولم يتم استئنافها حتى الآن؛ نتيجة لاستمرار حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة.

ودمر الاحتلال الإسرائيلي الجامعات والمدارس في القطاع، حيث تعرضت جميع الجامعات والبالغ عددها 12 جامعة لتدمير كامل أو جزئي، وتم تدمير 80% من المدارس، وذلك عن طريق الغارات الجوية أو القصف المدفعي أو النسف المباشر بعد تفخيخها خلال الاجتياح البري للقطاع.

وفي الشهر الماضي؛ حذّر خبراء من هيئة الأمم المتحدة من “إبادة تعليمية متعمدة”، ومع حجم التدمير الكبير للمؤسسات التعليمية، تسائل 19 خبيرًا ومقررًا أمميًا مستقلًا “إذا كان هناك جهد متعمد لتدمير النظام التعليمي في القطاع”.

واستئناف العملية التعليمية في القطاع قد يحتاج لسنوات، وهو ما يهدد بإبادة الوعي لدى جيل فلسطيني كامل، حيث قال الخبراء إن “الهجمات القاسية المستمرة” على البنية التحتية التعليمية في غزة لها تأثير مدمر طويل الأمد على حقوق السكان الأساسية في التعلم والتعبير عن أنفسهم بحرية.

الإبادة التعليمية

ويشير مصطلح “الإبادة التعليمية” الذي أطلقه الخبراء الأمميون، إلى المحو الممنهج للتعليم من خلال اعتقال أو احتجاز أو قتل المعلمين والطلاب والموظفين، وتدمير البنية التحتية التعليمية.

ووفقًا للبيان؛ أنه بعد أكثر من نصف عام من الحرب على قطاع غزة، قُتل أكثر من 5479 طالبًا، و261 مُعلمًا، و95 أستاذًا جامعيًا.

وأصيب أكثر من 7819 طالبًا و 756 معلمًا، مع تزايد الأعداد المستمر بشكل يومي، كما لا يحصل مالا يقل عن 625 ألف طالب على التعليم.

استهداف المؤسسات

قبل الاستهداف المتعمد، كان يوجد في قطاع غزة 796 مدرسة، منها 442 مدرسة حكومية و284 مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، و70 مدرسة خاصة.

في حين بلغ عدد الأبنية المدرسية للعام الدراسي نفسه بالقطاع 550 مبنى مدرسياً، منها 303 مبانٍ مدرسية حكومية، و182 مبنى مدرسياً تابعاً لوكالة غوث، و65 مبنى مدرسياً خاصاً.

ولم يسلم أي مكان له صلة بالتعليم في غزة من الاستهداف، فقد تم تدمير أو تضرر 195 موقعاً تراثياً، بما في ذلك الأرشيف المركزي لغزة الذي يحتوي على 150 عاماً من التاريخ، إضافة إلى 227 مسجداً و3 كنائس.

وتضررت أو دمرت 13 مكتبة عامة، وهدم جيش الاحتلال جامعة الإسراء في 17 يناير الماضي، وهي آخر جامعة متبقية في غزة.

وأكد الخبراء أنه حتى مدارس الأمم المتحدة التي “تؤوي المدنيين النازحين قسراً تتعرض للقصف، بما في ذلك في المناطق التي حددها الجيش الإسرائيلي على أنها آمنة”.

خسائر بالمليارات

كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومقره جنيف، أن هجمات الاحتلال ضد قطاع غزة أدّت إلى تدمير البنية التحتية للتعليم العالي، ويُقدر المرصد أن الأضرار التي لحقت بالجامعات تبلغ كلفتها أكثر من 200 مليون يورو

بينما يرى صندوق النقد الدولي أن خسائر قطاع التعليم في قطاع غزة جراء الهدم والتدمير وتضرر 70% من المدارس والجامعات فيها تفوق 720 مليون دولار حتى شهر فبراير الماضي.

اغتيال العلماء

وفقًا للمرصد الأورومتوسطي، أنه منذ السابع من أكتوبر، قُتل ما لا يقل عن ثلاثة رؤساء جامعات وأكثر من 95 عميداً وأستاذاً جامعياً، فيما اضطر نحو 88 ألف طالب إلى تعليق دراستهم، ولم يتمكن 555 طالباً من حاملي المنح الدولية من السفر إلى الخارج بسبب الانتهاكات.

وكشف المرصد أن الجيش الإسرائيلي في “هجمات متعمدة”  استهدف شخصيات أكاديمية وعلمية وفكرية في قطاع غزة، العشرات منهم قتلوا في غارات مباشرة استهدفت منازلهم دون سابق إنذار، ليقتلوا سحقاً تحت الأنقاض مع أفراد عائلاتهم أو عائلات أخرى نزحت إليهم أو نزحوا إليها”.

ووثق المرصد قائمة تضم 17 شخصية يحملون درجة البروفيسور، و59 من حملة الدكتوراه، و18 بدرجة الماجستير، مشيراً إلى أن الحصيلة غير نهائية، وغالبيتهم يمثلون “مرتكزات العمل الأكاديمي في جامعات غزة”.

وفي نوفمبر، تم قصف منزل في جباليا يعود لرئيس الجامعة الإسلامية، الفيزيائي المعروف البروفيسور سفيان التايه، وقتل معه جميع أبناء عائلته

 وفي ديسمبر، قتل الكاتب والشاعر والباحث رفعت العرعير بإطلاق صاروخ موجه، كان عالماً في الأدب والكتابة الإبداعية في نفس الجامعة.

وحذّر المرصد الأورومتوسطي من أن الجرائم التي تنتهجها إسرائيل من تدمير واسع النطاق والمتعمد ضد المباني المخصصة للأغراض التعليمية والفنية والعلمية والدينية والآثار التاريخية تشكل بحد ذاتها انتهاكات جسيمة وجرائم حرب، وفقاً لاتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى