مقالات

دكتور محمد جمعة يكتب: مواجهة الغلاء


إنه من الضروري في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم أن تكون هناك سياسات تتخذها الدولة بشكل عاجل لمواجهة الغلاء وتتداعيات ارتفاع أسعار الطاقة التي تتسبب في ارتفاع جميع السلع والخدمات وتلك السياسات تنقسم إلي قسمين سياسات مالية تتخذها الدولة لمواجهة الغلاء وسياسات اجتماعية وخدمية بما يكفل توفير السلع والخدمات والرعاية الصحية لأفراد المجتمع
ومن السياسات المالية التي يجب علي الدولة اتخاذها في ظل تلك الظروف الصعبة أولًا التقشف الحكومي والاستغناء عن الكثير من مظاهر الترف في الكيان الحكومي وتقليل الاحتفالات وتقليل المؤتمرات والحد من التشريفات الخاصة بالسياسيين وتقليص تحركاتهم ودعم الصناعة المحلية وايقاف أي مشروعات لا تدر دخلا مباشرا للاقتصاد علي المدي القريب وتأجيلها لسنة أو أكثر حتي تمر الأزمة وعدم اللجوء إلي الاقتراض الخارجي تحت اي ضغط وتحت أي ظروف والحد من استيراد السلع والخدمات التي لها بديل محلي وتقليص عدد الممثليات والقنصليات بالخارج وتقليص عدد الوزارات فمثلا وزارة البيئة ووزارة التنمية المحلية ووزارة التجارة ووزارة الصناعة يمكن دمجهم في وزارة واحدة كما يجب علي الدولة البحث عن تحسين العقود الخاصة بتصدير السلع المحلية والخدمات بما يوفر عملة صعبة ويجب أيضا تقليص الإنفاق العسكري وتقليص برامج المساعدات الخارجية خلال تلك الأزمة والتركيز علي دعم المجتمع دعما مباشرا لتوفير السلع الأساسية والضرورية لحياة الناس وتخفيض قيمة فاتورة الخدمات الحكومية مياة وكهرباء وغاز كذلك علي الدولة التركيز علي دعم الصناعة المحلية وتخفيف الضرائب والرسوم وتخفيض فاتورة الطاقة لتلك المصانع وخاصة مصانع الدواء والغذاء وفتح الفرص الوظيفية أمام الناس من خلال دعم المشاريع الصغيرة والرقابة علي الأسواق ومنع الاحتكار ولعل دعم الزراعة التي هي أساس الصناعة والتجارة يصب بشكل مباشر في صالح جميع أفراد المجتمع إن الحكومات الذكية هي تلك الحكومات التي لديها تخطيط وتنبؤ بالأزمات وهي تلك الحكومات التي تراعي الظروف الدولية وتنوع من مصادر اعتمادها علي سلع وخامات من دول شتي حتي لا تقع في ورطة نتيجة توقف الامدادات من دولة معينة والحكومات الأذكى هي التي تحتاط وتدعم المجتمع المحلي لتوفير الغذاء والدواء وتلك الحكومات هي التي تمتلك قرارها لأنها تنتهج سياسة الاكتفاء الذاتي من خلال الاهتمام بالزراعة والصناعة والتوظيف ومحاولة تعظيم نواتج التصدير والاستفادة القصوي من موارد البلاد
يجب وبشكل فوري اتخاذ حزمة من القرارات لتحسين الاقتصاد ودعم المشاريع المهددة بالتوقف نتيجة زيادة اسعار الطاقة ومساعدة تلك المشاريع بالقروض العاجلة لتوفير السيولة لتلك المشاريع بشكل مباشر مع اقل فائدة ممكنة حتي يمكن لتلك المشاريع الاستمرار وبالتالي الحفاظ علي العاملين بها ثانيا تخفيض الضرائب أو الغائها عن تلك المشاريع الصغيرة والمتوسطة لمدة ثلاث سنوات علي الأقل حتي يتعافي الاقتصاد فالمشاريع حتي خمسة ملايين جنيه رأس مال يجب إعفائها من الضرائب والرسوم بشكل تام لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات حتي لا يتآكل رأس المال نتيجة انخفاض قيمة الجنيه مقارنة بالدولار ورسالتي إلي الحكومة ليس هذا الوقت المناسب للتجارة في السلع والخدمات وتحقيق مكاسب هذا وقت أزمة عالمية لو لم يتم التعامل معها بحكمة ووعي ستنهار الكثير من مؤسسات الدولة ولن تكون قادرة علي تحمل نتيجة ذلك الانهيار وستصبح الدولة في مهب الريح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى