تقارير و تحقيقات

زخم وضجيج وظروف تملأ “حكايات شارع الصابحة” على مسرح مجراية بملوي

مسرحية “حكايات شارع الصابحة”، والتي تم عرضها على خشبة مسرح مؤسسة مجراية بمدينة ملوي التابعة لمحافظة المنيا، هي رواية للشاعر والكاتب إكرام بشرى كتبها أثناء سفره إلى أمريكا، وسيناريو وإخراج “أسامة طه” المخرج بالهيئة العامة لقصور الثقافة، وإنتاج فرقة “طعم المكان” المسرحية وبطولة هويدا فتحي وسلمى محمود ومحمد سمير ومينا ميمي وحسام البحيري وبسملة عمرو.

زخم الحكايات يملأ شارع

تتحدث المسرحية عن شارع “الصابحة” وهو ضمن شوارع مدينة ملوى والتي يملؤها الزخم والحياة المزدحمة بالحكايات عن البشر الذين يسكنون فيه، بعاداتهم وتقاليدهم وثقافتهم القديمة الخاصة بهم آنذاك، التي تسرد حقبة الستينات والسبعينات، فبالرغم من بُعد الكاتب إكرام بشرى عن ملوي لم ينسى قصص شارع الصابحة الذي عاش وتربى فيه، مع جيرانه ومعارفه ورأى تفاصيل حياتهم، والتسامح والترابط بين أبناء الوطن، معتقدين أنه سُمي بهذا الاسم لأن بناته طازة وصابحة.

بدأت المسرحية بأغنية يعزفون مقطوعتها الموسيقية بالزلط والخشب، مُعبرين به عن مدى بساطة المكان والزمان الذي روى الكاتب حكاياته عنها، ومنها كلمات من اغنية “كشكة كشكة تلات كشكات جبنا عروسة من السودان قعدت تطبخ الطبيخ أكلت منه 100 رغيف واشهدي يا أم العريس يا أم سنان مخلعة”، حيث كانت قديما السيدات البسيطة في التفكير تعيب على بنات الشارع، إلى أن تأتي لها زوجة ابنها لتكون أدهى وأضل سبيلا ممن كانت تعيب عليهم، وكان الناس يصفون ذلك الشخص “ابو أو أم سنان مخلعة” على غرار المثل باب النجار مخلع.

عادات وكلمات تبعث على الترابط

أما عن عادات الشارع القديمة كغيره من الشوارع المصرية في رمضان، والتي يجتمع فيها المسلمون والمسيحيون على صُنع زينة رمضان يأيديهم، والشوارع التي تمتلئ بالأطفال والفوانيس معبرين: “واللي هتكون من بيت برسوم عبد الملك و عقاد الزينة هتمشي زقزاق من أول بيت عم فايز موسى كيرلس لحد بيته التاني” كلمات وإن دلت إنما تدل على الترابط والتسامح، والعادة التي كبُر عليها أهل الشارع، وعم حليم حنا اللي بنى فرن الكنافة لرمضان، والأغاني الفلكلورية “يا فاطر رمضان يا خاسر دينك قطتنا السعرانة تاكل مصراينك”.

حكاية شارع توفليوس واحمد

وعن حكاية شارع الشهيد ماهر رشدي توفيلوس، والذي استُشهد في حرب الاستزاف، والشهيد احمد عثمان محمود استشهد في حرب 1973، وكلاهما من شارع الصابحة، وآنذاك جاءت البلدية لتُطلق على اسم أحد الشهيدين على إحدى الشوارع المتفرعة من شارع الصابحة، ففاجئهم الحاج عثمان والد الشهيد أحمد، قائلا: “هنسميه شارع الشهيد ماهر رشدي توفيلوس “.

“عيني عليك يا الولا دمع البكا غرق بيوت .. نبكي عليك يا الولا مولود مابيننا عشان تموت”، كانت في ذلك الوقت كلمات نحيب على الميت أو الشهيد الذي قُتل غدرا، وتعبيرا عن وجع قلوب أهله وذويه، فحينما يتذكرون موقف دخوله عليهم وهو في نعش الموت، واصفينه في ذلك الموقف بالوحش المغدور به من عدوه برصاصة في صدره، وكانت هذه كلمات الحاج عثمان عندما طلب من موظفين البلدية، تسمية الشارع باسم ماهر رشدي توفيلوس وليس أحمد عثمان ابنه، حتى تم تغيير شارع الاسعاف القديمة باسم شارع ماهر رشدي وإلى الآن.

عبد العزيز وأوديت قصة حب ظروف خاصة

كنا يادوب نشبه حياة .. كنا ضجيج ملهش صوت” أغنية تُعبر قصة حب عبد العزيز وأوديت حنا، وضجيجهما الداخلي المُعترض على ظروفهما الخاصة، بينما كانت حكاية أبناء الشارع المتداولة فيما بينهم ومعتقدات الناس “أن اللي يرضع لبن الزعل كأنه شرب لبن عكر”، وذلك لأن أوديت رضعت من والدتها وهي غاضبة فترك ذلك أثره، فأصبحت أوديت مشلولة وقعيدة كما يعتقدون، والتي تُشبه حكايتها لعبد العزيز الذي كان يجلس على كرسي متحرك من لوح خشب تجرها 4 عجلات رولمان بلي، واللذان كانا يتقابلان على فترات متباعدة ليتبادلا كلمات الحب، غير مباليين بكونهم من ديانات مختلفة ولكن ظروف العجز هي التي جمعتهم، فمن وجهة نظرهم هما لا يُقارنان بغيرهما نظرا لظروفهم الخاصة.

مشرق المجذوب

“حج مقص وحج مقص .. هنا عرايس بتترص” كلمات مشرقي الشاب المعوق ذهنيا “المجذوب”، والذي مات والداه منذ صغره ولم يجد من يرعاه من أهله، الذين لم يعطوه حقه في ميراثه “داسوا على حقه في الورث” كما يحكي الناس في شارع الصابحة، فكما اعتادتت أعيننا أن ترى ذلك الشخص يجوب الشوارع، ليكون تربة خصبة لتنمر أطفال الشارع وكبارهم عليه، فأحينا كان يلهو ويلعب معهم غير مبالي بتصرفاتهم تجاهه، أحيانا اخرى كان يخاف منهم لأن ظروفه فرضت عليه ذلك وأن يكون على هذه الحالة، وكان يجلس أمام باب مطرانية ملوي ليحتمي بها من الناس، وكذلك على رصيف الجامع العرفاني بالمدينة، وبكلمات تلك الأماكن التي تبعث على الطمأنينة “كيالايسون كيالايسون .. الله اكبر الله اكبر”، إلى أن مات مشرق بجوار المطرانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى