مقالات

الدكتور مصطفى عثمان يكتب/ رسالة إلى وزير التربية والتعليم


أن عرضكم لمنظومة التعليم الجديدة في مؤتمر للشباب عام 2016 م أمرا كان مبهرا للغاية ؛ إذ كان من أهم ملامحه اختصار نفقات العملية التعليمية المتمثلة في تخفيض نفقات الاشراف على امتحان قوى مثل الثانوية العامة و منع تسريبه ؛ كذلك طبعت الكتب المدرسية ؛ و كان من اهم مميزات المنظومة هي استخدام الوسائل التي يجيد استخدامها الجيل الجديد الا و هي التعليم اليكترونى ؛ مما حدا بي و كثيرين غيرى للانحياز لوجهة نظر الوزير في ذلك الوقت ؛ و كان من الأهداف الفرعية لهذا النظام التعليمي الجديد هو القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية لما في ذلك من ارهاق لموازنة الاسر المصرية ؛ هذا و قد بدء تنفيذ تلك السياسة في مصر من ثلاث سنوات تقريبا .. رغم أنه نظريا ملاءمة المنظومة للتداعيات والظروف التي نعيشها الان ألا أن أي نظام نظري لا يمكن الحكم عليه إلا إذا أصطدم بالتطبيق العملي .. التجربة عايشنها لثلاث سنوات و أسفرت عن النتائج التالية :
عدم تخفيض نفقات التعليم لتستريح الموازنة العامة للدولة من تخفيض نفقات التعليم كما ترنو الى ذلك سياسة التعليم الان ؛ كذلك عدم القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية لكنها قدت مميزات كبيرة للمستفيدين من هذه الظاهرة من المدرسين الذين يقومون بأعطاء هذه الدروس عبر منصتهم الاليكترونية ؛ حيث أنها وفرت له جهدا و وقتا كبيرين ؛ فأصبحت الدروس من خلال فيديو يسجل و يرفع على المنصة يسمح بمشاهدته للطلاب الذين يقومون بالاشتراك من خلال دفع رسوم نقدية او على حساب اليكترونى .. كما أن التعليم تخلى عن أهم وظائفه الا و هي التربية التي لا تكون الا من خلال الاتصال المباشر بالمدرسة و المدرسين ؛ كما أن هذه السياسة لا تخلق اداءة حقيقية الى الان لقياس مستوى الطلاب من خلال امتحان اليكترونى يطلق في وقت واحد و لزمن محدد يعمل على ايمان الطلاب بأن الامتحان يقيس المستوى الفعلي للطلاب في ظل أهم مبدأ للاختبارات الا و هو تكافئ الفرص .. ثلاث سنوات و الامتحان اليكترونى يصعب إجراءه بشكل يحافظ على الثبات الانفعالي للطلاب ؛ فتارة يصعب على الطالب فتح منصة الامتحان ؛ و أخرى تفتح المنصة بعد انتظار لوقت طويل يفقد من خلاله الطالب تركيزه و ثباته الانفعالي و يقوم بالحل و يفشل في اجراء الخطوة الأخيرة و هي الارسال مما يشعرها بضيع جهده و كفره بثوابت التحصيل ؛ و الادهى و الامر في كثير من الأحيان اذا سارت الظروف في مسار السير العادي للأحداث يصطدم الطلاب بتسريب نموذج الامتحان و يفوز في هذه الحالة الطالب الذى سنحت له فرصة الحصول على النموذج قبل دخول الامتحان و لم يذاكر أو يؤدى دروسه بشكل مرضى مما يوقع المجتهد في دائرة الشك في التحصيل و المثابرة في المذاكرة و انها ليست هذه هي الوسيلة المناسبة الان للتفوق و التميز و عليه أن يسعى في طريق اخر غير الاجتهاد من اجل التفوق .. الامر الذى يؤدى بنا الى خلق جيل من المتعلمين غير مؤهلين علميا فاقدين الايمان بثوابت و قيم التحصيل و التفوق
لابد أن يدرك معالى الوزير أن التعليم خدمة تقدمها الدولة تحقق المصلحة العامة و الشخصية ؛ فيجب أن تحرص الوزارة على قياس رضى العميل ( الطالب و ولى الامر ) حتى تستمر الوزارة في تحسين منتجها التعليمي .. كما يجب أن تعلم الوازرة أن امتحان قومى هو الثانوية العامة سيتم اجراءه بعد شهور قليلة غير مسموح فيه بالأخطاء الشائعة و المتكررة للاختبارات السابقة في سنوات النقل من تعذر فتح منصة الامتحان على بعض الطلاب أو التأخير في اجراءه أو عدم الارسال بعد الإجابة عليه أو التسريبات التي لا يخلوا امتحان تم منها ؛ و اذا كانت الوزارة غير متأكدة من منع هذه الأخطاء المتكررة في الاختبارات السابقة لسنوات النقل بالثانوية العامة فعليها أن تجهز بامتحان ورقى و ان تعيد حساباتها في منظومتها الجديدة بما هو مرصود لها من اهداف نوافق عليها و نأمل في تحقيقها .. أن امانة المسئولية تقتضى من معالى الوزير عدم الإصرار على الإخفاق في تحقيق اهداف المنظومة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى