تقارير و تحقيقات

خبراء: مصر تسعى إلى تقويض الدور التركي والإثيوبي في القرن الأفريقي

رمضان وهدان

ترأس شريف عيسى مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية، خلال الشهر الجاري، وفداً رفيع المستوى من مختلف الوزارات والشركات إلى جيبوتي، لبحث تعزيز العلاقات الاقتصادية وغيرها بين البلدين.

وتساءل البعض عن الدوافع وراء زيارة 14 مارس، حيث قال أحد المحللين إن مصر تحاول الآن اللحاق بإثيوبيا المنافسة في القرن الأفريقي.

وقال بيان لوزارة الخارجية المصرية إن الزيارة توجت بموافقة جيبوتي على الترخيص لشركة مصرية لتسيير رحلات جوية بين البلدين من أجل تسهيل حركة المسافرين والبضائع، كما أذنت جيبوتي لمصرف مصري بالعمل في جيبوتي، بالإضافة إلى التوصل إلى اتفاق بشأن التعاون الذي يشمل بناء وحدات سكنية وموانئ ومناطق لوجستية وصناعية، وتطوير الاستزراع السمكي، وسبل إزالة المستوطنات العشوائية، وفقا للبيان.

وأكد البيان أن “الزيارة تشكل بداية مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية بين البلدين”.

وقال متحدث باسم سفارة جيبوتي في القاهرة في تصريحات لموقع “المونيتور” إن “الزيارة تهدف إلى تعزيز العلاقات والتعاون المصري الجيبوتي في مختلف القطاعات”.

وقال رخا حسن، مساعد وزير الخارجية السابق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، لـ”المونيتور” إن الزيارة تهدف إلى استكشاف التعاون الاقتصادي مع جيبوتي في الوقت الذي تسعى فيه القاهرة إلى تطوير العلاقات مع دول القرن الأفريقي وحوض النيل.

وقال أن مصر أدركت أن المنافسة فى أفريقيا يجب أن تكون أكثر الآن بالتنمية والوجود الاقتصادي بدلا من الدبلوماسية والسياسة . وقال إن الوجود المصري في الأسواق الأفريقية “ليس في المستوى المطلوب”.

وقال حسن إن العديد من الدول الأفريقية ترى أن مصر ناجحة في تطوير البنية التحتية التي تفتقر إليها وتسعى للاستفادة من تجربة مصر.

وبدأت السياسة المصرية تجاه أفريقيا تتحرك في اتجاه أكثر إيجابية في عام 2014 مع تحول الأولويات وبعد أن تلاشت الذكريات عن محاولة الاغتيال الفاشلة للرئيس المصري الراحل حسني مبارك في أديس أبابا، إثيوبيا، في عام 1995.

وتسعى مصر الآن إلى تحسين صورتها داخل القارة وحماية مصالحها وتعزيز موقفها عندما يتعلق الأمر بالنزاع على سد النهضة الإثيوبي الكبير.

وقال محمد سليمان، الباحث في “شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” في شركة “ماك لارتي أسوشيتس”، لـ”المونيتور” إنّ القاهرة ركّزت مؤخراً على التعاون الاقتصادي في مجالات التجارة والتنمية ومشاريع البنية التحتية في سياستها في شرق أفريقيا والقرن الأفريقي.

وقال شريف الجبالى، رئيس لجنة التعاون الإفريقي باتحاد الصناعات المصرية، لـ”المونيتور” إنه في حين أن مصر لم تولي أهمية كبيرة للقارة قبل عام 2014، إلا أن “هناك الآن تحرك مصري في جميع الدول الأفريقية”.

وأضاف أن مصر وقعت العديد من الاتفاقيات التجارية مع الدول الأفريقية مثل السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا، بالإضافة إلى منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، وأنشأت صندوقاً للتأمين على المخاطر على الصادرات إلى أفريقيا.

وبحلول نهاية عام 2020، أعلنت القاهرة عن خطة لزيادة الصادرات المصرية إلى الدول الأفريقية، بهدف الوصول إلى 30 مليار دولار خلال ثلاث سنوات. ويقل حجم التبادل التجاري الحالي بين مصر وأفريقيا عن ذلك بكثير.

وقال الجبالى “ما زلنا بحاجة إلى زيادة عدد الشركات والمراكز اللوجستية المصرية وتنظيم وفود تجارية شاملة إلى أفريقيا”.

وفي 22 مارس ، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي تعليمات للحكومة بإنشاء خطوط مباشرة بين الموانئ المصرية والموانئ الأخرى على السواحل الأفريقية.

وقال عدن عمر عبد الله، مدير المركز الجيبوتي للدراسات والبحوث، إنه يعتقد أن زيارة الوفد المصري لجيبوتي في هذا الوقت تحمل دوافع جيوسياسية خفية، في مقدمتها أزمة سد النهضة الإثيوبي الكبير.

وأضاف لـ”المونيتور” إنّ جيبوتي ليست الدولة الوحيدة التي اتصلت بها مصر مؤخراً، حيث أنّ القاهرة نشطت بشكل متزايد في المنطقة.

وفي مارس 2020، لم تؤيد جيبوتي، إلى جانب الصومال، القاهرة في مشروع القرار الذي قدمته إلى جامعة الدول العربية لرفض أي تدابير أحادية الجانب تشرع فيها إثيوبيا في بناء السد، وفى 6 ديسمبر زار وفد دبلوماسى مصرى العاصمة الصومالية مقديشيو لإعادة بناء العلاقات معها .

وقد انخرطت مصر والسودان في مفاوضات شاقة مع إثيوبيا بشأن السد منذ عقد من الزمن للتوصل إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل السد، الذي تعتبره مصر تهديداً وجودياً.

وقال عبد الله إن “جيبوتي تقف مع إثيوبيا أكثر مما تقف مع مصر في الوقت الراهن لأن جيبوتي لديها علاقات اقتصادية قوية مع أديس أبابا ومن الصعب تغيير موقفها”.

وفي 6 أكتوبر 2016، أطلقت إثيوبيا وجيبوتي أول خط سكة حديد مكهرب بالكامل عبر الحدود في أفريقيا بين البلدين، وفي فبراير 2019، وقعتا اتفاقيتين لبناء خط أنابيب للغاز الطبيعي بقيمة 4 مليارات دولار.

وقال سليمان إن مصر تسعى إلى إقامة موطئ قدم دبلوماسي في جيبوتي لتعزيز نفوذها في القرن الأفريقي، وأضاف أن جيبوتي لاعب رئيسي في القرن الأفريقي ويمكن أن تلعب دوراً دبلوماسياً بين القاهرة وأديس أبابا في أزمة السد.

وأضاف سليمان أن القاهرة تسعى أيضا إلى مواكبة الوجود التركي في القرن الأفريقي وشرق أفريقيا.

ووافقه عبدالله قائلاً: “إن الأهداف المصرية واضحة تماماً، وهي تقويض الدور التركي والإثيوبي في القرن الأفريقي، خاصة في الصومال، حيث توجد تركيا بكثافة”.

وقال المركز المصري للدراسات الإستراتيجية في تقرير له في سبتمبر 2019 إن دول القرن الأفريقي لها أهمية جيوسياسية للدولة المصرية، لذلك عززت القاهرة وجودها العسكري في البحر الأحمر من خلال تحديث أسلحتها البحرية وإعادة تنظيم الأسطول الجنوبي لحماية مصالحها.

وحذر معهد واشنطن في تحليل صدر في فبراير 2019 من أن الصراع بين حلفاء الولايات المتحدة في القرن الأفريقي قد يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في بعض الدول الأكثر هشاشة.

في غضون ذلك، تخشى إثيوبيا من نية القاهرة إقامة قاعدة عسكرية في منطقة شرق أفريقيا في الصومال أو جيبوتي. وقال عبد الله “من غير المرجح أن تقبل جيبوتي إقامة قاعدة عسكرية مصرية على أراضيها حتى لا تخاطر بالإضرار بعلاقاتها الجيدة مع إثيوبيا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى