اقتصاد

روسيا تتجه لإلغاء اتفاقية الحبوب وسط قلق عالمي

كتبت هبة عوض: 

اتهم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أوكرانيا بتوجيه غالبية صادراتها من القمح عبر البحر الأسود إلى الدول الأوروبية عقب التوقيع على اتفاقية تصدير الحبوب بين البلدين، والتي بموجبها تم  إعادة فتح موانئ أوكرانيا مرة أخري على البحر الأسود لمدة 4 أشهر.

اتهامات بوتين أثارت التساؤلات حول إمكانية تعديل أو إلغاء الاتفاقية عقب انتهائها في نوفمبر المقبل، لاسيما بعد أن أعرب عن رغبته في تعديل الاتفاقية لحصر الدول التي تتلقي شحنات الحبوب، إذ اتهم الرئيس الروسي أوكرانيا بتوجيه صادراتها إلى الدول الغنية وتجاهل الدول النامية التي بحاجة أشد إلى تلك الشحنات لمكافحة انعدام الأمن الغذائي، مقترحاً دفع الأخيرة إلى إرسال القمح إلى الدول التي تستحق الدعم بصورة أكبر.

رسالة بوتين ربما تلقي ترحيب أفريقي، لاسيما بعد انتقاد غزالي عثماني، رئيس الاتحاد الأفريقي العقوبات الغربية والتي امتدت تداعياتها إلى الإمدادات الغذائية للدول الأفريقية، غير أن الكثير يري أن بويتن يستهدف الدول النامية برسالته عقب محاولة الغرب وضع سقف لسعر النفط الروسي. 

 إلغاء اتفاق الحبوب ربما يمثل رد روسي مزدوج على الهجوم الذي وقع على «سيفاستوبول» وتفجير جسر القرم، إذ أنه يزيد من خسائر الحكومة الأوكرانية عبر حرمانها من إيرادات تصدير الحبوب في رسالة مفاداها أن أي تهديد للمصالح الروسية سيقابل بالمثل، كما أنه يمثل رد على دعم الاتحاد الأوروبي للموقف الأوكراني، لاسيما وأن وقف تصدير الحبوب يشكل تهديد للأمن الغذائي لدول عدة خاصة النامية، ما يتسبب في موجات هجرة إلى أوروبا.

تداعيات إلغاء اتفاقية الحبوب لن تقتصر على الحدود الروسية- الأوروبية بل ستطال العديد من الدول المستوردة، غير أن تحديد مدي تأثر الدول يتوقف على مدة تعليق التصدير، خاصة وأن الدول المستوردة عادة ما تحتفظ بمخزونات تكفي لعدة أشهر، لذا فإن تأثرها حال استئناف الاتفاقية بعد فترة قصيرة يكاد يكون معدوم.

في سياق متصل، تعد الدول المصدرة للحبوب مستفيدة من حظر التصدير وخاصة روسيا، لاسيما وأن نقص العرض سيؤدي بالضرورة إلى ارتفاع الأسعار الأمر الذي سينعكس إيجاباً على روسيا ذاتها وسط محاولة الأخيرة دعم مواردها عقب العقوبات الاقتصادية الغربية.

إلى ذلك، يعد اتفاق الحبوب ورقة ضغط في يد روسيا تستخدمه متي تشاء وفق مصالحها الاستراتيجية بما يعطي رسالة واضحة للعالم بأنها طرف فاعل لا يمكن انتزاعه من المعادلة الدولية بالسهولة التي يتوقعها الغرب، إذ لاتزال مسيطرة على ملفات بالغة الأهمية، فضلاً عن قدرتها على اختيارال توقيت  المناسب للتصعيد، الأمر الذي يسبب إرباك للمجتمع الدولي برمته.

ويري الخبراء أن روسيا لم يعد لديها ما تخسره بعد العقوبات الاقتصادية الغربية، والتي ربما تأتي بنتائج عكسية، إذ أن روسيا لن تقبل الهزيمة بطبيعة الحال أو عدم الرد على الغرب في الوقت المناسب بما يضمن حفظ هيبتها ويعطي رسالة مفاداها أنها ليست معزولة.

الأمم المتحدة دخلت على خط الأزمة ودعت روسيا إلى تجديد الاتفاقية إلى ما بعد منتصف نوفمير لتخفيف معاناة مليارات الأفراد التي سببتها الظروف المعيشية الصعبة جراء الحرب الروسية – الأوكرانية، وحضت الأطراف المشاركة في الاتفاقية على ضرورة ضمان وصول الحبوب إلى الأسواق العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى