مقالات

ايمن مدين يكتب : أوبك بلس مفترق طرق بين السعودية والولايات المتحدة

تأتى الرياح  بما لا تشتهي السفن هذه المقولة تنطبق على قرار أوبك بلس خفض انتاجها النفطى مليونى برميل يومياً وهو ما اتى على عكس رغبة الولايات المتحدة فبهذا القرار فشلت مساعيها فى تشديد الحصار الاقتصادي على روسيا عبر سعيها لوضع سقف لاسعار الطاقة الروسية ما يوقف تدفق المليارات لخزينتها ما قد يؤثر على قوة روسيا وموقفها بالصراع الروسي الأوكراني .

وهو ما انتقدته الإدارة الأمريكية بشدة وآثار غضبها ويتضح ذلك جليا عبر تعالى الأصوات الداعية لإعادة تقييم العلاقات بين أمريكا والمملكة العربية السعودية . بل وصل الأمر إلى أن خرجت تصريحات تتهم المملكة بالوقوف إلى جانب روسيا في حربها مع جاراتها أوكرانيا  وهو ما رفضته المملكة جملة وتفصيلا مستغربة ما يصدر من تفسيرات أمريكية محملة السعودية اتخاذ هذا القرار على الرغم من أن القرار يتم اتخاذه بالإجماع وليس قرار دولة بعينها كما وقد علقت المملكة العربية السعودية موضحة أن القرار جاء ليحافظ على تجارة النفط ومتطلبات السوق وأنه قرار إقتصاديا وليس له أغراض سياسية.  

لكن لم توقف تلك الإيضاحات انتقادات الإدارة الأمريكية للمملكة بل خرجت أصوات تهديد بوقف تصدير السلاح إلى المملكة العربية السعودية وأصوات أخرى تتحدث عن تفعيل قانون نو أوبك كخطوة عقابية ضد هذا القرار .  

وهنا علينا أن نتوقف قليل ونقيم الوضع هل الولايات المتحدة الأمريكية الأن قادرة حقا على تنفيذ تهديداتها ؟؟ وإن حدث كيف سيكون رد فعل المملكة العربية السعودية ؟؟

والرد على تلك التساؤلات علينا النظر إلى الربط بين البترول والعملة الأمريكية الدولار 

البترودولار

 هو التعبير الذي نشأ بعد ارتباط  سعر النفط  بالدولار الأميركي إثر اتفاق أميركي  سعودي  جاء عقب حرب أكتوبر 1973 حيث استخدم النفط كسلاح عربي في مواجهة أميركا و إسرائيل . وأسهم في ترسيخ مكانة الدولار الأمريكي العالمية، كعملة مفضلة ومهيمنة بين احتياطات النقد الأجنبي حول العالم بعد انهيار اتفاق (بريتون وودز) الذي كان يربط عملات العالم بالدولار والأخير بالذهب .

ففى عام 1974، وبعد فترة قصيرة من أزمة النفط العالمية، توصلت الحكومة السعودية لاتفاق مع إدارة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، لتسعير كافة صادرات السعودية النفطية بالدولار. شملت الصفقة في حينها شراء السعودية سندات خزينة أمريكية وهو ما جعل كثير من الدول أن تفعل الأمر ذاته وأصبح العالم يسعر البترول بالدولار .

اليوان يهدد عرش البترودولار 

يبلغ حجم صادرات النفط العالمية خلال العام الحالي تقريبا 2.6 تريليون دولار وهو رقم ضخم جدا يساهم بشكل كبير فى زيادة الطلب على العملة الأمريكية الدولار. ويمكن أن نتصور كيف سيكون تأثير اعتماد السعودية على عملة أخرى كاليوان الصينى مثلا والذى تزايد الحديث مؤخرا عن مشاورات صينية سعودية لاعتماد اليوان فى تجارة النفط السعودية

حيث تستورد الصين حاليا نحو 11 مليون برميل يوميا من النفط الخام. يأتي أكثر من 1.7 مليون برميل يوميا منها من السعودية وتمثل نحو 17% من إجمالي واردات الصين من النفط ونحو 26% من إجمالي صادرات النفط السعودية وذلك حسب أرقام 2020. فيما تستورد الصين كمية مشابهة تقريبا، أي نحو 1.5 مليون برميل يوميا، من روسيا. 

وقد أعلنت شركة أرامكو السعودية مؤخرا اتخاذ قرار استثماري في شراكة لبناء مصفاة ومجمع بتروكيماويات في الصين في خطوة يتوقع أن تبني علاقة استراتيجية بين الطرفين في قطاع الطاقة.

وفى حال اتخذت السعودية هذه الخطوة (اعتماد اليوان ) فقد يصحب ذلك اعتماد دولا أخرى للعملة الصينية خاصة دول مجلس التعاون الخليجي النفطية وهو ما سوف يعمق من الأزمة الإقتصادية التى تعيشها امريكا فى ظل  إرتفاع نسب التضخم وفى وقت تشير فيه التكهنات إلى تزايد احتمالية دخول الاقتصاد الأمريكى مرحلة ركود.

صادرات السلاح 

تعتمد المملكة العربية السعودية على السلاح الأمريكى بشكل رئيسي وتعتبر السعودية من أكبر زبائن السلاح الأمريكى حيث تمثل ٢٤٪ من صادرات السلاح الأمريكى ما يدر المليارات سنويا للخزينة الأمريكية 

لكن على الرغم من ذلك فنلاحظ أن المملكة العربية السعودية بدأت مثلها مثل دولا عربية أخرى التوجه نحو توطين صناعة السلاح حيث أبرمت المملكة اتفاقا مع الصين لنقل تكنولوجيا صناعة الصواريخ الباليستيكية .

كما شرعت المملكة فى صناعة الطائرات بدون طيار لكن على الرغم من ذلك فهذا. لا يمكن اعتماد المملكة على تلك الصناعة التى لازالت فى المهد كما أنها تشكل  نسبة بسيطة من الأسلحة  فلا تمتلك المملكة مشروع لصناعة مقاتلات أو قطع بحرية وغيرها من المعدات اللازمة لبناء قوام اى جيش قوى 

لكن على الرغم من ذلك فهناك المعسكر الشرقى والذى لن يتأخر فى تلبية احتياجات المملكة من السلاح. بل ستستفيد المملكة من مميزات عدة أولها السعر المنخفض مقارنة بأسعار السلاح الأمريكى . 

كما يمكن أن تبرم المملكة مزيد من اتفاقات نقل التكنولوجيا والتصنيع داخل الأراضى السعودية وهو ما لا تسمح به الولايات المتحدة الأمريكية بشكل كبير بسبب التخوفات الإسرائيلية ولضمان التفوق الإسرائيلي بالمنطقة .

كما أن المعسكر الشرقى بات أكثر تطورا ويعتمد تكنولوجيا عسكرية حديثة سابقة للمعسكر الغربى بخطوات خاصة فيما يخص القوى الصاروخية والصواريخ الفرط صوتيه      

 كل هذا يعزز من قوة موقف المملكة العربية السعودية فى مواجهة التهديدات الأمريكية والأصوات التى تنادى بإعادة تقييم العلاقات معها بل واحتمال اتخاذ قرارات عقابية ضدها.

ونتيحة لكل ما سبق ذكره لن يكون من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية الاستمرار فى وتيرة التصعيد ضد المملكة فى وقت أيدت كلا من مصر والإمارات موقف السعودية وما لمصر والإمارات من ثقل وعلاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة والتى قد تتأثر بشكل أو آخر حال اتخذت امريكا إجراءات غير مدروسة ضد المملكة العربية السعودية .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى