محافظاتمقالات

محمد كامل العيادي يكتب: الزيادة السكانية واستخدامها الأمثل!


متى تكون الزيادة السكانية نقمة ومعضلة؟، وهل يمكن استخدام هذه الزيادة في التنمية الاقتصادية؟، هل الحرية والعدالة الاجتماعية لهما تأثيراً على النمو والتنمية؟، تكون الزيادة السكانية نقمة حقيقية عندما لا يُوجد من يستغل توظيفها توظيفاً صحيحاً، وذلك بعمل دورات تدريبية لرفع الكفاءة ، واعطائهم المساحة الكافية في الحرية في التفكير والابتكار.
لا شك أن النمو الاقتصادي من أهم الأهداف التي تتطلع لها أي حكومة لتحسين المستوى المعيشي لمجتمعهم، وإذا نجحت فيه يعتبر مؤشراً قوياً لرخاء الدولة، ولا يتم هذا إلا بتخطيط سليم، ومراقبة، ومتابعة دقيقة، ومشاركة مجتمعية، والاهتمام بالبحث العلمي، وكذلك بالصحة والتعليم، وعدم التقدير السيء للزيادة السكانية بوضعها حائل بين التنمية والدولة، وقبل أن نلقي الضوء على الزيادة السكانية في مصر، يجب أن ندرس كيف استخدمت بلاد ذات كثافة سكانية عالية، مثل الصين والهند الموارد البشرية في التنمية، فماذا لو استخدمت مصر مواردها البشرية كما استخدمتها الصين والهند.
لا يخفى على أحد عدد سكان الصين المهول والذي يفوق عدد سكان مصر 15 مرة تقريباً، ومتوقع أن يصل عدد سكانها خلال عام 2023م، 1.448.471.400 نسمة ، والصين كما هو معلوم، قد تدرج بها نسبة الفرد الفقير الذي يعيش بأقل من دولار يومياً، والذي يُقدر بـ 634 مليون نسمة في عام 1981م، ، وقلت هذه النسبة إلى 373 مليون نسمة في عام 1990م، حتى وصلت إلى 128 مليون فقير عام 2004م، وهذا لسبب بسيط أن الصين عملت برؤية مختلفة ببلورة استراتيجية وطنية وإعطاءها الأولوية لضمان النجاح وعدم التبعية للغير، وسعت إلى إزالة العقبات أمام دخول رؤوس الأموال الأجنبية إلى الصين، مما جعل النمو الاقتصادي يتدرج منذ عام 1978م، بنسبة 9%، ثم 12.8% في عام 1992م، وإجمالاً قد حققت الصين نمواً اقتصادياً بنسبة 9,8%، من عام 1983م، إلى 2003م، وحسب احصائيات حكومة الصين قد بلغ الناتج الإجمالي لها 2.225 تريليون دولار عام 2005م، ونافست الصين الدول الصناعية المنافسة لتصبح رابع اكبر اقتصاد في العالم عام 2016م، لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم عام 2023م، بعد الولايات المتحدة الأمريكية، ونجحت في القضاء على الفقر نتيجة الجهود الاقتصادية الجبارة للرئيس الصيني “شي جين بينغ”، رغم التزايد السكاني الكبير، الذي لم تجعله عائقاً بل استخدمته أحسن استخداماً، بفضل عدالة توزيع الدخل ومحاربة الفقر، بحصول الأفراد على فرص عمل وكسب العيش بكرامة لضمان الحد الأدنى من حياة كريمة وبعيدة عن العوز والفقر، وذلك بدعم السلع والخدمات الاجتماعية، وضبط العلاقة بين الفقراء والأغنياء، ومحاربة الفساد وإقالة كل من تثبت إدانته، وفعلا قد تم إقالة عدد كبير من المسئولين ومحاسبتهم، مع منع كل من ينتمي للإدارة الحكومية ومؤسسات الدولة بالقيام بأي أنشطة تجارية، لضمان عدم تزاوج المصالح بين رجال الأعمال والبيروقراطيين، وقطع الطريق أمام أي تربح لهم باستغلال أماكنهم ووظائفهم، مما جعل الصين تسبق بلدان كثيرة في التنمية.
والهند التي يبلغ عدد سكانها 1,416,729,327 نسمة في عام 2023م، ويقدر الذين يعيشون تحت خط الفقر فيها بحوالي 813 مليون، ولم يثنيهم ذلك على التنمية بدستورها القوي، الذي فيه الشعب صاحب السيادة ومصدر الشرعية، مما جعل تجربتهم فريدة في تحقيق تطوراً كبيرا في التنمية، وقوة اقتصادية عالمية، منافسة في كل المجالات، سياسياً، واقتصادياً، وعسكرياً، ونووياً، وهذا يعود على نجاح المسئولين في الدولة نجاحاً باهراً في استغلال الزيادة السكانية استغلالاً إيجابياً، وقدرتهم على إنتاج كوادر بشرية مؤهلة من المهندسين والأطباء والتكنولوجيين والعلماء، ويتم الاعتماد عليهم في بناء اقتصاد قوي، وبهذا استطاعت الحكومة الهندية النجاح في الانتقال من سياسة الانكماش والانعزال الاقتصادي إلى سياسة الانفتاح على العالم، وتوظيف الاستثمار الأجنبي توظيفاً جيداً في تطوير اقتصاد بلادهم، وربط علاقات وطيدة مع معظم الدول.
يجب ألا تثنينا الزيادة السكانية في مصر بعدما أصبح عدد سكانها 107.686.026مليون نسمة في عام 2023م، عن التنمية والتقدم، بل يجب التغلب على ذلك بالعمل الدؤوب، وتقليل نسبة الفقر التي وصلت حسب تقرير الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء الى 29.7% عام 2019م/ 2020م، بعد أن كانت 32.5% عام 2017/2018م، وفي حال استمرار زيادة الأسعار سيعود مؤشر الفقر إلى الزيادة مرة أخرى، فلا يمكن الاستفادة من الزيادة السكانية وتحويلها من عبء إلى ثروة في تحقيق التنمية إلا بخطة اقتصادية شاملة واشراك صاحبي الخبرات من الشعب ، كما فعلت الهند التي كان بها فردان من كل خمسة افراد يعيش تحت خط الفقر، التي لم يثنيها ذلك عن التنمية.
نستخلص من هذا أن الزيادة السكانية والفقر لا يمنعا التقدم والتنمية إلا اذا تم الاستسلام ، وعدم استخدامها استخداماً علمياً، وعدم السماح للأفراد بالمشاركة في تقديم الحلول، بذلك يكون التعداد نقمة وكارثة عظيمة، وبركاناً حارقاً وزلزالاً مدمراً، حفظ الله مصر قادة وشعباً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى