مقالات

عماد نصير يكتب: أكذوبة بدائية الحضارات القديمة

إنقسام على أشده وتباين لا تكاد العين تخطؤه، كلما احتدم نقاش في أي من مجالس المثقفين والمحسوبين على النخب الف كرية، لا سيما إذا ما تعلق الأمر بالعديد من القضايا المعاصرة، أو القديمة على حد سواء، فكما قالوا الإنسان عدو ما يجهل، وإذا ما تطرق الأمر “للغيبيات”.. فالكل يحد سيفه ولسانه وذاكرته، ويشحن طاقة الخيال عنده وينطق دون علم وينطلق نحو جائزة الأكثر “فتيا” بين أصحابه.
بدورنا لن “نفتي” هنا دون علم، بل نسوق بعض الآراء والدراسات والفرضيات، وللقارئ أن يميل بعقله إلى أيها، ويختار المنهج الفكري الأقرب للقبول والاستساغة.
إذا ما نظرنا بعين المتعلم، وأصغينا بأذن المنتبه لمن يتحدثون عن العصور البائدة، نجد أن منهم من يقول مثلاً بأن الحضارة المصرية عمرها 7000 سنة، ومنهم من يحدد عمرها بعمر الكتابة أي ما يقارب 4000 سنة فقط، علماً بأن الحضارة ذاتها من وجهة نظر البعض تعود بالتاريخ لعشرات الآلاف من الأعوام، مقسماً إياها إلى حقبتين اثنين، أولاهما حقبة بناة الأهرام، والثانية هي ما بات يعرف بـ”عصر الأسرات”، وأنهم ورثوا الحضارة وسكنوها.
وتعد نشأة وتاريخ الحضارة المصرية من أكثر الحقب التي تحدث عنها المختصون، وكتبت حولها الكتب والمؤلفات والدراسات والأبحاث العلمية من البعثات الداخلية والخارجية، وهي بحق مادة خصبة لذلك كونها لم تبح ولو بجزء يسير من أسرارها بعد، لذا فلنأخذها مثالا في هذا الطرح.
القارئ للقرآن الكريم حتماً قرأ قوله تعالى “وعلم آدم الأسماء كلها”، وظاهر الآية ورأي جمهور من العلماء، أن الله علمه أسماء كل ما يطلق عليه اسماً حتى قيام الساعة، سواء في العلوم التجريبية وغيرها على حد سواء، وأن آدم بدوره وكّل إلى أبنائه لا سيما نبي الله “شيث” تلك العلوم الربانية المنشأ، حتى وصلت وتم تداولها لتصل إلى نبي الله إدريس، وهو بدوره وفق الكثيرين مولود في مصر، وأنه أول من “خط وخاط” أي خط بالقلم وخاط الثياب، أي أن المصري القديم أو مختلف الحضارات التي تعاملت مع الحضارة المصرية لم تكن تلبس جلود النمور أو تعيش في الكهوف وتشعل النار بحجرين.
وبالنظر لبعض من نقوش الحضارة المصرية في معبد دندرة مثلا، ستجد نقوش لطائرات وآلات حربية بل ولمبات كهربائية، وفي الحضارة العراقية ما يعرف بـ “بطارية بغداد”، وفي اليونان عام 1901 اكتشف بحارة في قاع سفينة غارقة، ما صنفه العلماء على أنه “كمبيوتر” دقيق ومعقد من بقايا حضارات قديمة، ولا أدق من أن أوبنهايمر “أبو القنبلة النووية” حين قال (هذه ليست المرة الأولى التي يفجر في الانسان قنبلة نووية)، وبدوره قال “جراهام بيل” مخترع الهاتف (نحن نعيد بناء تكنولوجيا قديمة) والأمثلة كثيرة ومتعددة، ولها من يؤمن بها إيماناً قطعياً، وهؤلاء يرون في الأهرامات أنها مصانع للطاقة كانت تنير بلاد مصر وكافة البلاد التي بنيت فيها أهرامات، وهي كثيرة وليست في مصر فقط.
فصيل آخر يرى بأن الإنسان المعاصر يتربع على قمة ما أنتجته البشرية من علوم، وأن العصر الذهبي ليس إلا قرناً وبضع عقود، وأننا كلما عدنا للخلف عقوداً لن يقابلنا سوى الجهل والظلام والتخلف والبدائية بكل ما تحمله من معاني، ولا مجال للأمثلة هنا، فيكفي أن تؤمن بأن كل ما قبل عصر الآلات كان جهلاً ومرضاً فقط، وأن كل القرون الغابرة لم تقم إلا على الزراعة والتجارة بالمراكب مع المجتمعات المجاورة، وليس لها في مآلات التكنولوجيا الحالية نقير أو قطمير.
الشاهد عزيزي القارئ أن القطع بمعرفة ماهية ما يتم تصنيفه على أنه من الأمور المبهمة و” الغيبية”، سلباً كان أو إيجاباً، لا يخدم المعرفة ولا يثري العلوم، ولك أن تحدد وتختار الأقرب لعقلك وتتخذه منهجاً، مع مراعاة أن يظل العقل مفتوحاً على الحوار والنقاش، مع إعمال البحث الحر غير المنحاز، فمعرفة الماضي جزء أصيل من ثقافة الحاضر والتطلع بشغف إلى المستقبل، وكما قال الراحل الشخ زايد آل نهيان، رئيس دولة الامارات العربية المتحدة، طيب الله ثراه “من ليس له ماضٍ.. ليس له حاضر ولا مستقبل”.    
 
                        نلقاكم في قعدة عرب أخرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى