مقالات

في ذكرى استشهاد الإمام محمد الجواد.. ابنه المأمون والمتعصم ملوثين بدم الإمام الذي رفع الفضيلة في الأرض

قلم وصوت ومحام آل البيت

الشريف عبدالرحيم أبوالمكارم حماد

يصادف آخر ذي القعدة الحرام، ذكرى استشهاد الإمام محمد الجواد(عليه السلام) بن الإمام علي بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (سلام الله عليهم). وهو تاسع أئمة أهل البيت الاثنى عشر عند الشيعة (سلام الله عليهم)

ولما كان الإمام الجواد عليه السلام، يمثل خطراً على النظام الحاكم المنحرف، لذلك نجد المأمون العباسي يستقدم الإمام الجواد عليه السلام من المدينة المنورة سنة 211 هـ ويقوم بتزويجه من ابنته أمّ الفضل،، في محاولة منه لاستيعاب موقف الإمام الجواد عليه السلام وضمّه إلى حاشيته واحتواء حركته الجماهيرية في المجالين الفكري والسياسي.

وقد كتب المأمون كتاباً إلى والي المدينة المنورة يأمره بإرسال محمد الجواد إلى بغداد، وقد وصل الجواد إلى بغداد وهو في العاشرة أو الحادية عشرة من العمر، ويرى بعض مؤرخي الشيعة أن استقدام المأمون للجواد كان سنة 204 هـ أي فور وصول المأمون من خراسان، فيما يذهب آخرون كابن طيفور أن استقدامه كان سنة 215 هـ.

وقد أراد المأمون أن يزوجه ابنته أم الفضل، وحينها أُثيرت ضجة كبيرة على العباسيين، الذين كانوا يومذاك أصحاب السلطة ورجال الدولة، ويُشَكِّلون طائفة كبيرة، فقد قيل: إنَّ الإحصائيات أُجرِيَت في وِلد العباس فكانوا ثلاثاً وثلاثين ألف نسمة. لكن المأمون كان مصراً على تزويج ابنته أم الفضل لمحمد الجواد، وقد حصل ذلك.

بعد موت المأمون جاء المعتصم للسلطة، فكان كأسلافه العباسيين على خوفه من إمامة أهل البيت عليهم السلام ومكانتهم العلمية والسياسية، فاستدعى الإمام الجواد عليه السلام من المدينة المنورة الى بغداد عام 219هـ خوفا من تألق نجمه واتساع تأثيره أكثر وليكون على مقربة من مركز السلطة والرقابة ولعزله من ممارسة دوره العلمي والسياسي والشعبي. لقد كان هذا الاستقدام بمثابة الاقامة الجبرية تتبعه عملية اكبر وهي التصفية الجسدية.

وفعلا تم استقدام الإمام الجواد عليه السلام من المدينة المنورة إلى بغداد، ولم يبق في بغداد إلا مدة قصيرة حتى استشهد سنة 220هـ بدسيسة حاقدة خبيثة، فقد استغل المعتصم ام الفضل لتنفيذ هذه الجريمة النكراء.

لقد احس المعتصم العباسي ان وجود الامام الجواد خطرا كبيرا على سلطته وانه سيعري شرعية هذه السلطة الزائفة ولهذا السبب درس المعتصم اكثر السبل التي يستطيع بها ان يصفي الإمام، فاعلية وأقلها ضرراً، فلم يجد افضل من اُم الفضل بنت أخيه المأمون للقيام بهذه المهمّة فهي التي تستطيع ان تقتله بصورة اكيدة دون ان تثير ضجة في الاُمة، مستغلاً نقطتين في شخصيتها، هما:

  • كونها تنتمي للخط الحاكم انتماءً حقيقياً، فهي بنت المأمون وعمّها المعتصم، وليست بالمستوى الايماني الذي يجعلها تنفك عن انتمائها النسبي هذا، لذلك كانت تخضع لتأثيراته وتنفذ ما يريده ضد الإمام.

-غيرتها وحقدها على الإمام بسبب تسريه وتزوّجه من نساء اُخريات خصوصاً وانها لم تلد للامام وإنما رزق الإمام من غيرها ولده الهادي عليه السلام.

واخيرا قرر المعتصم العباسي قتل الامام الجواد عليه السلام على يد ام الفضل، فاقدمت على تنفيذ هذه الجريمة النكراء، فدسّت السمّ للإمام الجواد عليه السّلام وكان صائماً في يوم صائف ، فأفطر عليه وقضى به مسموماً شهيداً، آخرَ ذي القعدة الحرام سنة 220 هجرية، وهو في ريعان شبابه الشريف، إذ لم يبلغ عمره المبارك إلاّ خمساً وعشرين سنة وأربعة أشهر. وقد انطوت بشهادته بموته صفحة من صفحات الرسالة الاسلامية التي اضاءت الفكر ورفعت منار العلم والفضيلة في الارض.

بعد أن استُشهد عليه السّلام ببغداد دُفن في مقابر قريش مع جدّه الإمام موسى الكاظم عليه السّلام، وقد ضمّهما ضريح واحد عليه قبّتان ذهبيّتان في المدينة التي كانت حياتها بهما، وهي اليوم تُدعى بـ “الكاظميّة” وتقع في جانب الكرخ من مدينة بغداد عاصمة العراق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى