تقارير و تحقيقاتعرب وعالم

طوفان الأقصى 23… مجازر متواصلة لهدم صمود المقاومة

٢٣ يوما من القصف المتواصل على قطاع غزة، يكثف فيه الاحتلال ضرباته الوحشية للمدنيين في غزة، ومع قطع الاتصالات عن غزة أطلق العنان لطائراته لارتكاب جرائم الإبادة “دون خطوط حمراء”- وفقًا لما أشار له الرئيس الأمريكي “جو بايدن” منذ يومين- ومع عودة الاتصالات قالت وزارة الصحة في غزة: إن عودة الاتصالات كشفت حجم المحرقة التي ارتكبها الاحتلال التي وصلت ٥٦ مجزرة راح ضحيتها ٣٠٢ شهيدًا بخلاف الجرحى.

وكان إجمالي أعداد الشهداء في غزة قد ارتفع إلى ما يزيد على ٨٠٠٥ شهيد بينهم ٣٣٢٤ طفلًا و ٢٠٦٣ امرأة فيما وصلت أعداد المصابين إلى ٢٩.٢٤٢ مصاب. 

ومازال طيران الاحتلال يشعل أحزمة نارية مكثفة من شمال القطاع إلى مخيم الشاطئ وتل الهوي الذي يشمل محيط مستشفى القدس وامتدادا لمنطقة المستشفى التركي، كما فرضت تلك الأحزمة النارية الكثيفة نفسها خلال ساعات النهار في أحياء: الشجاعية والزيتون والصبرة.

كذلك تم تدمير البنية التحتية حتى وصلت المباني المتضررة في القطاع إلى ٢٠٠ ألف بناية، منها ٣٢ ألف بناية تهدمت كليا، حتى تم محو أحياء كاملة من على الأرض. كذلك هدد الاحتلال بقصف المركز الثقافي الأرثوذكسي الذي يضم ١٠٠٠ نازح، ومدرسة الروم وتضم أكثر من ٥٠٠ نازح، على الرغم من أنها مؤسسات إنسانية تخضع لحماية القانون الدولي أثناء الحروب.

كذلك تعطل مولد الاتصالات الرئيسي في حي الشيخ رضوان، الذي يغذي منطقة شمال غزة، ما أدى لانقطاع الاتصالات عن المنطقة من جديد، بعد عودتها هذه الليلة.

الأوضاع الإنسانية في غزة

كما استهدف الاحتلال المؤسسات الطبية وكوادرها فاستشهد ١١٦ فرد من الطواقم الطبية، ودمر قصف الاحتلال ٢٥ سيارة إسعاف واستهدفت ٥٧ مؤسسه صحية، كانت أخرها استهداف محيط مستشفى “القدس” عدة مرات اليوم.  

ومازال طيران الاحتلال يستهدف محيط مستشفى “القدس”، ما أدى لحدوث أضرار كبيرة بالمستشفى جراء تواصل القصف، وأصيب العديد من المرضى والنازحين داخل المستشفى بالاختناق، وقال الهلال الأحمر الفلسطيني: “الاحتلال يتعمد إطلاق صواريخ بجوار مستشفى القدس بشكل متواصل، بهدف إجبار الكادر الطبي والنازحين والمرضى على إخلاء المستشفى، ما ألحق أضرارا بالغة في أقسام المستشفى، وعرض الأهالي والمرضى للاختناق”. وذلك مع تحذير مدير المستشفى من أن قصف محيطه يمكن أن يؤدي لانفجار داخله بسبب وجود خزانات أكسجين داخله، وعلى الرغم من القصف والتهديد المتواصل لأطقم المستشفى- التي تضم آلاف المرضى و ١٤ ألف نازح- واصل النازحون افتراش الأرض أمام مبنى المستشفى وداخله. 

الأمر نفسه تكرر مع مستشفى الصداقة التركي التي أعلن مديرها حدوث أضرار كبيرة بمبناها مع تكرار قصف قوات الاحتلال لمحيط المستشفى عدة مرات على مدار اليوم، الأمر الذي أثار حالة من القلق والتوتر بين مرضى السرطان في المستشفى مع كثافة القصف في محيطه.

يأتي هذا في طل ما أعلنه الصليب الأحمر الدولي بأن المستشفيات التي لاتزال تعمل في غزة على وشك الانهيار، بسبب نفاد الإمدادات الطبية. كما أعلنت الأونروا عجزها عن تقديم خدماتها في القطاع مع تردي الأوضاع الإنسانية. بالإضافة إلى صعوبة وصول السكان الأحياء للمياة والطعام، حيث تداول نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) قال ناشره أنه تكبد مشقة كبيرة ليومين ليصل للمياه النظيفة، وفي طريق عودته للمنزل قابل رجل يرجوه أن يمنحه بعضها منه لابنه الذي لم يشرب منذ يوم كامل بسبب عدم وجود الماء.

معبر رفح

ومع تردي الأوضاع الإنسانية في غزة، انطلقت المناشدات العربية والدولية للسلطات المصرية لإدخال المساعدات الكافية للقطاع، وكان إجمالي شحنات المساعدات التي وصلت القطاع منذ بدء الحرب ٩٤ شاحنة بعد دخول ١٠ شاحنات اليوم.

وأعلن البيت الأبيض عن التوصل لاتفاق مع الاحتلال والسلطات المصرية لإدخال ١٠٠ شاحنة مساعدات يوميا للقطاع، لافتا لأن ذلك جاء بعد مباحثات مع رئيس وزراء الاحتلال بضرورة استمرار تدفق المساعدات بشكل كافي للقطاع.

مسير المقاومة

تواصل كتائب المقاومة “القسام وسرايا القدس وكتائب المقاومة الوطنية” قصف عاصمة الاحتلال ومستوطناته في غلاف غزة والداخل المحتل، برشقات صاروخية متواصلة ردًا على مجازره في حق المدنيين في قطاع غزة، لكن الحرب البرية التي بدأها الاحتلال بالأمس على القطاع أعطت الصراع شكلا آخر.

حيث أعلنت كتائب القسام عن اشتباكات ضارية مستمرة بين قواتها وقوات الاحتلال المتوغلة شمال غرب غزة، بالأسلحة الرشاشة والمضادة للدروع. وذلك بعد قصفها موقع “إيرز” العسكري بعدد من قذائف الهاون الثقيل- عصر اليوم- لمنع وصول الإمدادات لقوات العدو، عقب عملية إنزال أعلنتها “القسام” ظهر اليوم خلف خطوط العدو المتوغلة عند نفس الموقع. كما خاضت اشتباكات عنيفة مع قوات الاحتلال التي تحاول التوغل برا شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة.

فيما أعلن جيش الاحتلال قتل مجموعة من المقاومين الذين خرجوا من نفق قرب معبر “إيرز” وحاولوا التوغل فيه. وأعلنت مصادر فلسطينية أن جيش الاحتلال أطلق إشارات طلب الإمدادات في الموقع ثلاثة مرات خلال الاشتباكات المستمرة خلال اليوم. 

وأعلنت سرايا القدس قصف مستوطنات غلاف غزة ووسط فلسطين، ومنها كيبوتسات “بئيري وكيسوفيم” و “تل أبيب”، وذلك بالتزامن مع إطلاق الرشقات الصاروخية من جنوب لبنان على مستوطنات الشمال، حيث لم يزد الفارق الزمني بينهما على دقائق معدودة. كما أعلنت كتيبة الشهيد “علي الأسود” التابعة لسرايا القدس بتنفيذ عملية اختراق للسياج الأمني لدى العدو- مساء اليوم- عند موقع “حانيتا” العسكري شمال فلسطين،  وتمكنوا من الاشتباك مع قوات العدو.

واقتحمت قوات الاحتلال- وقت كتابة التقرير- مدينة جنين بأكثر من ٣٠ ألية عسكرية ووصلت إلى أطراف المخيم، وسط اشتباكات كبيرة مع شباب المقاومة داخل المخيم. وأعلنت كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس أن مقاتليها يعملون على إعطاب وتعطيل معدات العدو المصفحة- التي تنفذ الاقتحام- عند أطراف المخيم، بسلسلة مركزة م العبوات المتفجرة وحققت نجاحا كبيرا في ذلك.

وأعلن الإعلام العبري عن استيلاء مجهولين على جيب عسكري للاحتلال محمل بالمعدات والذخيرة من قاعدة “تسئيليم” العسكرية دون أن يتم اعتقالهم إلى الآن.

وعلى الجبهة اللبنانية، أعلنت قوات الفجر- الجناح العسكري للجماعة الإسلامية- تكثيف ضرباتها على مواقع العدو في محيط مستوطنة “كريات شمونة” وداخلها في شمال فلسطين المحتلة، حيث دوت صافرات الإنذار في المستوطنة، ونشب حريق ضخم في مبنى داخلها. وقال حزب الله إنه استهدف قوة مشاة إسرائيلية في موقع “المالكية” ومحيطه بعد ظهر اليوم فوراً بالأسلحة المناسبة وأوقعوا فيها إصابات مؤكدة. فيما واصلت المقاومة اللبنانية ضرب معسكرات ومستوطنات الاحتلال منذ صباح اليوم. فيما أفادت مصادر بإطلاق ٣ صواريخ باتجاه الجليل الأعلى.

 ورد الاحتلال بقصف لمدفعي لأطراف بلدات زبقين والقليلة والشعيتية على بعد عدة كيلو مترات من حدود جنوب لبنان في قضاء ⁧”صور”⁩، مع استمرار قصف أطراف “علما الشعب والبستان ويارين واللبونة”. وزعم أنه استهدف خلية تابعة لحزب الله.

الشارع الفلسطيني 

في الضفة الغربية انطلقت التظاهرات الداعمة لغزة في رام الله، حيث خرج أطفال المدارس في مسيرات منددة بمجازر الاحتلال في غزة، وخرج الأهالي في مسيرات منددة تعلن تأييدها للمقاومة بينما تهتف “قالوا حماس إرهابية… كل الضفة حمساوية”. وخرجت مسيرة لسيارات الإسعاف بالضفة دعما للطواقم الطبية.

وبينما وزعت الحركات الطلابية بيانات تطالب الأهالي بالإضراب عن الدراسة، وخروج جميع أعضاء الكادر التعليمي مع الطلبة في مسيرات يومية تضامنا مع غزة، أعلنت قيادة حركة “فتح” في بيان رفض تلك الدعوات وطالب بعدم التعاطي معها، ونعتتها بأنها “تدس السم في العسل لزعزعة الجبهة الداخلية”، بغية جر الضفة لمستنقع “الفتنة و الفلتان الذي لن يسلم منه أحد”.

كذلك خرجت تظاهرات الطلبة والأهالي في القدس و نابلس وطوباس وطولكرم وبيت فوريك تعلن وقوفها ضد العدوان الإسرائيلي على غزة، وترفع شعارات “دم واحد… وطن واحد”.

أما في جنين وبعد فض اعتصام أهالي المدينة الذي خرج احتجاجا على قطع الاتصالات والإنترنت عن غزة، وزيادة القصف والمجازر بالقطاع، خرجت التظاهرات متواصلة تحمل نفس الأهداف، ما دفع قوات الاحتلال لاقتحام المدينة بمعدات ثقيلة والاشتباك مع المقاومة فيها.

الشارع الصهيوني

واصل الشارع الصهيوني ثورته ضد حكومة الاحتلال، حيث يرى معظم أهالي الأسرى لدى حماس، أن حكومتهم تتجاهل حياة أبناءهم في القطاع، وتمضي قدمًا في خططها العسكرية دون تفكير فيما يهدد حياة أبناءهم نتيجة ذلك. وقال مسؤول أمني بالاحتلال للقناة ١٢ العبرية: منذ إعلان أبو عبيدة عن عرض “الجميع مقابل الجميع” أصبحت هذه الجملة تتردد في كل مكان. 

ومازال الغضب ضد “نتنياهو” محاولته للتنصل من مسؤولية ما حدث، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي (إكس) قال فيها: “خلافا للادعاءات… لم توجه الأجهزة الاستخباراتية والأمنية لرئيس الحكومة أي تحذير حول نوايا حماس تنفيذ الهجوم، كل الأجهزة بما فيها الشاباك ورئيس مجلس الأمن القومي قالت إن حماس ردعت وتتجه للتسوية”. وسرعان ما حذفها واعتذر عنها بعد تصاعد حالة الغضب ضده بين أعضاء الحكومة والأجهزة الأمنية بقيادة “بيني غانتس ويائير لابيد” حيث اتهموه بالتنصل من المسؤولية بما يضعف الجبهة أثناء القتال. وقال المحلل الصهيوني “أفي يسسخاروف”: ” حتى حذف التغريدة لن يزيل العار الذي يقع على رئيس وزرائنا، حماس وحزب الله يجلسان ويفرمان أيديهما بسرور في مواجهة الصدع الذي يواصل نتنياهو خلقه في كل مكان في خضم الحرب”. ونشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن ٣ وزراء على الأقل في حكومة نتنياهو يفكرون في الاستقالة، لإجبار “نتنياهو” على تحمل المسؤولية عن الفشل الذريع.

يذكر أن العدد النهائي لأسرى الاحتلال في قطاع غزة ٢٣٩ أسير، قال عنهم “أبو عبيدة” في خطابة بالأمس: مستعدون لتسليم جميع الأسرى مقابل تبييض السجون الإسرائيلية من جميع الأسرى الفلسطينيين، وتحدث “يحيى السنوار” عن ذات الصفقة بنفس الشروط في اول خطاب له منذ انطلاق “طوفان الأقصى”. ومنذ ذلك الحين خرجت التظاهرات في تل أبيب تطالب “نتنياهو” بإتمام الصفقة بشروط “أبو عبيدة”، وهو ما وصفه “نتنياهو” بعد ساعات من الخطاب أنه محض حرب نفسية ليس من ورائها نتائج.

الغضب العربي والعالمي

تصاعد الغضب العالمي بشكل غير مسبوق، حيث خرجت التظاهرات المناهضة للعدوان على غزة، في عدد من العواصم والمدن العربية، منها لبنان والدار البيضاء وتونس.

كذلك خرجت تظاهرات حاشدة في مدينة فلادلفيا الأمريكية، وسان فرانسيسكو، ونيويورك، وفرنسا- التي خرجت فيها تظاهرة مليونية، وأستراليا، واليونان، وبرلين، وتورونتو بكندا، وكويتا عاصمة إقليم بلوشستان الباكستاني، والعاصمة الباكستانية إسلام أباد.

ومع تصاعد الغضب العالمي هاجم محتجون على الجازر في غزة مطار “محج القلعة”- عاصمة داغستان- احتجاجا على هبوط طائرة إسرائيلية تحمل إسرائيليون روس كانت متوجهة لروسيا لإعادتهم لموطنهم الأصلي، ورفعوا الأعلام الفلسطينية في المطار، ما اضطر قوات الأمن لإخلاء المطار منهم وإغلاقه، قبل أن يتم ترحيل الطائرة لروسيا، الأمر الذي دفع شركة العال الإسرائيلية لإلغاء عبور طائراتها من الأجواء السعودية خشية تكرار ما حدث.

وهكذا يستمر الاحتلال في إجرامة رغبة في تكسير عظام المقاومة، التي قلمت أظافرة واقتلعت أنيابه، وألبسته عار هزيمة يتخبط رئيس حكومته بين الجدر بحثا عن شماعة يعلق عليها فشله، ربما فعلت كلفة المجازر التي يرتكبها في حق الفلسطينيين ما فشل في تحقيقه عبر تغريداته الفاشلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى