تقارير و تحقيقاتفن ومنوعات

أسباب نجاح أعمال الجريمة وتأثيرها ناقد فني: متنفس للمشاهد واستشاري نفسى: سفاح الجيزة عمل إيجابي

حقق عدد من الأعمال الفنية التى تقدم قصص ونماذج للجريمة مثل “سفاح الجيزة” و”حدث بالفعل” وغيرها نجاح كبير تزامنًا مع وقوع عدد من الجرائم التى شغلت الرأى العام منها واقعة “موظفة جامعة القاهرة” و”سيدة العمرانية” و”فتاة العبور” وغيرها.

الأمر الذى جعلنا نطرح تساؤل هل الأعمال الفنية يمكن أن تكون سبب فى زيادة الجريمة فى المجتمع؟ وانطلاقًا من ذلك كان لنا حديث مع الأستشارى النفسى “وليد هندى” والناقد الفنى “نادر رفاعى” لمناقشة تداعيات هذا الأمر من الناحية النفسية وكذلك رؤية النقد الفنى.

كان لليوم حديث مع الدكتور “وليد هندى” استشارى الصحة النفسية عن تأثير أعمال الجريمة ومشاهد العنف على المتلقى.

حيث قال أن عرض مشاهد العنف والقتل والسحل والبلطجة فى الأعمال الدرامية ليس له تأثير عام أو فى المطلق على المتلقى ولكن تختلف درجة التأثير باختلاف أسلوب العرض واختلاف مؤثرات الصوت والصورة وباختلاف تنوع الأسلحة المستخدمة وأساليب العنف داخل المشاهد، وأيضا طول المدة الزمنية فهو لا يؤثر بشكل مطلق.

وأوضح: أن هناك بعض الأعمال تجسد العنف والبلطجة وغرس سلوك التنمر والايذاء والتنكيل والتمثيل بالجثث فى بعض الأحيان والتأثير يحدث عندمايكون ذلك الشخص هو البطل والمتصدر المشهد فيمكن أن يتشبع البناء النفسى للبعض بهذا البطل وينعكس على سلوكياتهم وذلك بسبب أن الفيلم بالكامل يقدم هذا المحتوى ويمجد البطل صاحب السلوك الإجرامى.

وأردف هندى: حدث ذلك فى وقت من أوقات الإنغلاق الفكرى والتعتيم الإعلامى، عندما يقدم عمل يحكى جريمة كبيرة مثل “المرأة والساطور” كان من الممكن أن يقلد البعض هذه الجرائم بكل تفاصيلها، ولكن مع الانفتاح على السوشيال ميديا بشكل كبير فالكل يملك هاتف ذكى وتعاظم دور الإعلام عبر وسائل متعددة أصبحت أكثر ثراء، تزيد من ثقافة المتلقى فالمعلومات تصل له من كل حدب وصوب فلم يصبح تأثير الدراما بنفس القوة كما كان فى الوقت السابق قأصبح ضعاف النفوس الذين من الممكن أن يحاكوا مشهد إجرامى نسبة لا تذكر.

سفاح الجيزة غير مبنى على العنف

وتابع: أن هناك بعض أعمال الجريمة تعد إيجابية منها ماذكر فى المقدمة  وهو مسلسل “سفاح الجيزة” هذا العمل تحديدًا غير مبنى على العنف وسفك الدماء حسب تصور البعض ولكنه بالرغم من أنه يحكي عدد من الجرائم إلا أنه قدم بحرفيه  وبطريقة مهنية  وأسلوب مقنن وتم الاستعانة بعدد من الأطباء النفسيين، وأنا قمت بتحليله بشكل شخصى بصفتى دكتور واستشارى صحة نفسية، فوجدت أنه يقدم لنا معلومات عن شخصية السفاح ومتلازماته السلوكية، أفكاره ونمط شخصيته سواء كان شخص سيكوباتى أو فصامى أو شخص نوابى.

فهذا العمل يعد من الأعمال الدرامية الإيجابية فلم يحض على سفك الدماء ونشر الجريمة بل أنه يعطى تحصين فكرى ونفسى للتعامل مع مثل هولاء الشخصيات التى يمكن أن يتسللوا إلينا فى غفلة من الزمن فنفتح لهم أبواب بيوتنا وقلوبنا وقد قدم أكثر من رسالة عن بعض من نتعاطف معهم  ونصادقهم فهناك المثل يقول “اللى يصعب عليك يفقرك” بعد هذا المسلسل يمكن أن نقول “اللى يصعب عليك يقتلك”.

بعض الأعمال تحصن الجمهور

وأستكمل هندى حديثه عن تأثير أعمال الجريمة قائلا: مثل هذه الأعمال تقدم نصائح ومعلومات توعى الجمهور مع تطور الجريمة وشكلها ونوعيتها ونوعية المجرم التى أصبحت مختلفة، وهذا الأمر ليس على اعنته فبعض الأعمال تصدر سلوك يحض على العنف ويأتى ذلك حسب فلسفة العمل وبنائه الدرامى والنفسى وحسب تركيبة شخصياته وحسب رؤية القائمين عليه.

موضحا: فى ضوء مايحدث لا يمكن أن ندفن رؤسنا فى الرمال فقد نقابل هذه النماذج فى المجتمع، فيجب غرس سلوك تحصينى فى ابنائنا ضد جرائم قد يواجهوا لاسيما أن الأبناء يسافرون للدراسة والمجتمع مفتوح ولم يصبح منغلق مثل فترات زمنية سابقة وهذا أمر هام يجب أن نراعيه فى تناول الأعمال الدرامية.

وأختتم هندى: نضيف إلى ذلك أن المجتمع المصرى مر بمراحل شديدة من أحداث  العنف خلال السنوات من 2011 وحتى 2013 عانى خلالها من الإرهاب المظلم  منها حصار المؤسسات ومشاهد ذبح وسحل فى أحداث الاتحادية وحرق كنائس وحرق أضرحة وقطع لاذن أحد الأشخاص وحادث قتل الاقباط فى ليبيا ومشاهد بحر الدماء فالبناء النفسى تشبع بكثير من مشاهد القتل والعنف والسحل فيصبح الإقبال على مشاهدة أعمال مثل “سفاح الجيزة” يكون إسقاط ولذلك ذهب البعض لتناول مشاهده بنوع من السخرية والاستهزاء وهذا دليل على التوحد النفسى مع العمل وتأثيره بشكل إيجابى وأنه لم يتسبب فى إثارة الرعب أو الخوف والدراما نستطيع أن نقول عليها أن المعنى فى بطن الشاعر إذا أراد صناعها تقديم شئ إيجابى أو سلبى والمتلقى هو أفضل النقاد.

أيضا تحدثنا مع الناقد الفنى “نادر رفاعى” عن أفلام الجريمة وأسباب نجاحها ومتابعتها من الجمهور وهل لذلك تأثير سلبى على سلوك المشاهد.

الجريمة موجودة قبل ظهور الفن

وقال “رفاعى” أن الجرائم عرفها الإنسان قبل ظهور الفن، غير أننا فى عصر السماوات المفتوحة وحتى منع الأفلام التى تناقش الجريمة لن يمنع وقوعها.

وأضاف: يأتى شغف الجمهور بهذه الأعمال من كونها تحدث تطهير للمتفرج، ويحدث هذا التطهير عندما يكون أحد الأشخاص غير راضى عن حياته فيشاهد عمل مثل “رامبو” ومشاهدت انتصار البطل فيتوحد معه المشاهد ليعوض فشله وكأنه يجد فى السينما متنفس للأشياء التى لم يستطع تحقيقها فى حياته، وهو نفس الأمر عندما يٌقدم عمل يحكى عن مجرم خسر كل شئ فى النهاية، فيرى المشاهد أن حياته التى تملأها المشاكل أفضل كثيرًا فيصبح راضى عنها حين يشاهد نهاية البطل.

نضيف إلى ذلك أن هذه الاعمال تعتمد على الإيقاع السريع وتعتمد كثيرا على الحركة والتشويق فتصبح مادة مسلية للمشاهد، وقد تتخذ أعمال الجريمة بعد آخر نفسى أو سياسي.

الأعمال المصرية تعانى من تضييق

وأجاب “رفاعى” عن حرية النهاية فى الأعمال المصرية حيث قال أن هذا الأمر أكثر تضييقا لدينا عن الأعمال الغربية والسبب فى ذلك أن الجمهور الغربى يستطيع الفصل بين السلوك الخاطئ ومايقدم فى الأعمال الفنية والواقع.

ولعل من الدلائل على هذا التضييق تعرض فيلم “عمهم” لأكثر من مقال نقدى لأن نهاية البطل اللص لم تكن بالقبض عليه، فيميل الجميع إلى النهاية القوسية بطل يعيش فى حياة تعيسة يصبح غنى فى المنتصف بطريقة غير مشروعة ثم تكون نهايته بالخسارة والشفاء أو الموت واختتم حديثه: أن البعض يحمل الأعمال الفنية أكثر مما يجب.

مرثا مرجان

رئيس قسم الفن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى