مقالات

عماد نصير يكتب: نصر أكتوبر الملهم

كلما مرت علينا ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة، تلك الذكرى التى لا تحدها أوصاف ولا تطوى محاسنها كلمات، نجد أن حرب أكتوبر قديمة بمرور 50 عاماً، وحديثة بكونها ربت جيلاً شارك فىها وعاصرها، فأثمرت فىهم شرفاً ونخوة وعشقاً لتراب الوطن الذي ارتوى بذويهم آباء وأشقاء.
نصر أكتوبر ليس مجرد ملحمة عسكرية متعددة الأطراف، بل تعدت ذلك بكونها حدثاً غرس فى نفوس المصرىين والعرب ثقة فى النفس، وقدرة على التغيير وتطلعاً لسيادة سلبت منهم احتلالاً ثم نكسة، كما أنها كانت النافذة الحقيقية والعملية لصهر المصرىين فى قالب واحد، هو قالب الوطنية وإعلاء مصلحة الدولة وهدفها فى استعادة الأرض والكرامة.
برغم من أن الصفحات لا تتسع لسرد حكايات البطولة ونكران الذات فى ملحمة أكتوبر، سواء على جبهات الحرب أو الداخل المدنى، إلا أننا ما زلنا نستمع ونقرأ لتلك القصص بعين الإجلال والإكبار والتقدير، ونثنى على أبطالها ونصنع لهم فى نفوسنا وقلوبنا مكانة ومكان لا ينزله غيرهم.
فالعسكرية المصرىة باتت وما زالت بما تفرج عنه الأيام من قصص الإيثار والتضحية، مضرباً للأمثال بالالتزام وصيانة العهد وحفظ الأرض، ولا أثمن من آلاف الأرواح الزكية التي قدمتها فداءً للوطن، سواء فى حروبها الأولى لقضايا الأمة، أو لملحمة استعادة سيناء التى ما زالت تسبب كابوساً يؤرق الأعداء.
أكتوبر برغم كونه لم يكن عملاً مصرياً خالصاً، وهذا لا ينتقص من بطولات جيشنا شيء، إلا أنه كان مناسبة لتضافر الجهود العربية عدة وعتادً ونفوس زكية، حملت السلاح على الجبهة المصرىة والسورية، إيماناً بوحدة الوجود واللسان والدين، فتجد أن الذكرى تسعد العرب من المحيط إلى الخليج، فلم يكن العربى بمنأى عن أخيه تضامناً بقوة ناعمة أو خشنة أو بحضور داعم وقلب مساند.
الدروس من الحدث كثيرة ولا تحصى، وعاما بعد عام تزداد وتزدان بقصص مشرفة لم نعرف تفاصيلها بعد، لذا وجب علينا أن نصنع من ذكرى النصر ميعادً مقدساً، ليس لتداول القصص المعروفة والمواقف المشهورة، بل لصوغ درب من العزة يسير على نهجه جيل يتسلمه ويسلمه لمن بعده شرفاً وفخراً وإيماناً بقوة العسكرية المصرىة، وقدرتها على تخطى أحلك الظروف.
حفظ الله جيش مصر درع الأمة وسيفها، والجد كل الجد فى صون مكتسبات حروبه ومعاركه من أجل مصرنا وأمتنا، عازمين على تخليد ذلك الحدث الجلل عملاً واقتداءً، بإزكاء روح الفداء والتضحية فى نفوس أجيال لم تعرف عن أكتوبر سوى أنه شهر الحرب، ولم تعرف عنها سوى مشاهد درامية فى أعمال قليلة، أقل ما يقال عنها أنها لم تحط بذلك الإنجاز والإعجاز سرداً ولا نقلاً ولا تقديماً، وأن نصر أكتوبر يحتاج إلى بانوراما فى كل مدينة وقرية مصر، لنتمكن من إيصال حجم البطولة لأجيال من شأنها حمل اللواء وحفظ المكتسبات بعزة واقتدار.

نلقاكم فى قعدة عرب أخرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى