تقارير و تحقيقاتعرب وعالم

طوفان الأقصى ٣٤… غزة الجريحة تقاوم مرارة الخذلان

غزة في اليوم ٢٤ للحرب، يمر اليوم وتزداد المجازر ولا تجد من ينقذها أو يزود عنها، أو حتى يوصل لها ما تحتاج من معونات… القطاع الصغير الذي قد تكون مساحته أصغر من حي كبير في مدينة من المدن الكبرى المصرية استقبل على رؤوس ساكنيه نحو ٣٢ ألف طن من المتفجرات وأكثر من ١٣ ألف قنبلة من طائرات الاحتلال منذ بداية العدوان، ما يعني بالمتوسط ٨٧ طن لكل كيلومتر.

و أعلنت وزارة الصحة في غزة مثل كل يوم عداد ضحايا يزداد بالمئات عن اليوم السابق، حيث وصلت أعداد الشهداء إلى ١٠٨١٢ شهيدا بينهم ٤٤١٢ طفلا و٢٩١٨ امرأة و ٦٦٧ مسنا، وارتفعت  أعداد المصابين إلى ٢٦٩٠٥ مصاب، بخلاف أعداد المفقودين التي تخطت أربعة آلاف مفقود تحت الأنقاض، منذ بدء العدوان على غزة وحتى عصر الأمس.

هي حرب إبادة جماعية شنها الاحتلال على غزة، ارتكب فيها كل المحرمات، من القتل الجماعي للاعتداء على المستشفيات واستهداف الصحفيين والحصار ومنع المساعدات، ومن ثم لم يكن غريبًا أن يستخدم أسلحة محرمة دوليًا، حيث أكد طبيب في القطاع ذلك الاحتمال فقال: “إحنا بنعالج إشي ما بنعرفه”.. هناك أكثر من ٢٧ ألف إصابة مختلفة وصعبة نتيجة استخدام أسلحة محرمة وفتاكة في قصف القطاع.

ولمنع كشف الحقائق رمز الاحتلال استهدافه على الصحفيين، فمنهم من استهدف حيث وصل عدد شهداء الصحفيين ٤٨ شهيدًا، ومنهم من قتل عائلته وذويه مثل وائل الدحدوح ومعتز عزايزة، ومنهم من أصيب فقط مثل المصور الصحفي سعيد المجدلاوي أثناء تغطية قصف الاحتلال لمنزل في رفح، على الرغم من أنه كان يرتدي الخوذة والسترة الدالة على انتمائه للعمل الصحفي، لكن القصف الأعمى لم يره كما لن يعير اهتماما ليراه أو يرى غيره. ومن هنا أدان المكتب الإعلامي الحكومي بغزة حملة التحريض المشبوهة التي يقوم عليها الاحتلال ووسائل إعلامه المجندة ضد الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين، الذين أبدعوا في التغطية الإعلامية للمحرقة الهمجية النازية المتواصلة على شعبنا في قطاع غزة.

وبالطبع لم يترك المجرم فرصة للقطاع ليعيش فضرب اقتصاده كما ضرب أهله ومبانيه، فقال المكتب الإعلامي الحكومي: إن الخسائر المباشرة للقطاع الزراعي في غزة تتجاوز 180 مليون دولار، بسبب توقف التصدير وضرب موسم الزيتون والزيت وموت عشرات الأفواج بمزارع الدواجن والطيور والحيوانات.

وكذلك كانت محملة تشريد أهالي القطاع، حيث شر القصف ٩٠٠ ألف من سكان غزة وشمالي القطاع، فأصبحوا بلا مأوى ولا دواء ولا حماية. حيث دمر الاحتلال أكثر من نصف المساكن في القطاع خلال شهر واحد- وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حيث بلغت القيمة التقديرية الأولية لأضرار المباني والأبراج السكانية ٢ مليار دولار، فيما قدرت أضرار البنية التحتية بنحو مليار دولار.

ولم تكن الضفة الغربية أحسن حالا من غزة، حيث قتلت قوات الاحتلال المتوغلة في بلداتها ومدنها ومخيماتها ١٩ شهيدا، ١٤ منهم في جنين وحدها، وشهيد في الأمعري، وشهيد في مخيم بلاطة، وشهيد في دورا بالخليل، وشهيد في بيت فجار، وشهيدا في بيت فوريك، ليصل عدد شهداء الضفة الغربية منذ بدء معركة طوفان الأقصى إلى ١٨١ شهيدًا. وأصيب أكثر من ٢٠ آخرين في جنين و ٢١ آخرين بالرصاص الحي في المخيم ومحيطه، في  إطار الحملة الأمنية الشرسة التي يشنها الاحتلال على الضفة الغربية.

الأوضاع الإنسانية في غزة 

لم تعد الأوضاع في غزة إنسانية إنما أضحت مأساوية، حيث تمضى من الموت إلى العذاب حتى الموت، “فالوضع في غزة أصبح مروعًا والاستمرار فيه كارثة” مثلما قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية.

وقالت وزارة الصحة في غزة: إن الاحتلال يستخدم التجويع ضد المرضى والنازحين والطواقم الطبية وهي جريمة حرب، ومازالت المؤسسات الدولية ما زالت حتى اللحظة مرتهنة للاحتلال ولم تجد الآليات لإنقاذ أهالي غزة. واتهمت الأونروا بترك “لاجئي غزة دون توفيق الطعام أو المساعدات أو أي واجبات أخرى مفروضة عليها”. وشددت الجبهة الشعبية على ذلك الاتهام فقالت: “الأونروا تخلت عن مسؤولياتها منذ اليوم الأول للعدوان، ورضخت لتهديدات الاحتلال، ونقلت مركز عملياتها من مدينة غزة إلى الجنوب وتركت خلفها آلاف المواطنين يئنون بفعل القصف والجوع، في تساوق خطير مع مخططات التهجير التي وضعها الاحتلال”.

أما عن مستشفيات غزة فقد بدأت الكارثة الإنسانية فيها، فقد استغاث الدكتور “مصطفى الكحلوت”- مدير مستشفى الرنتيسي بغزة- مع الساعات الأولى لبداية اليوم -الجمعة- من القصف المكثف للمستشفى، الذي أدى لاندلاع حريق كبير في المستشفى بدأ يلتهم السيارات والطوابق السفلية للمستشفى، وقال: “انقذونا من الحريق الذي يأكل الأخضر واليابس، وأوقفوا آلة الحرب”، وذلك بعد أن توقفت المستشفى بشكل كامل بسبب نقص الأدوية ونفاد الوقود، ولم يتبق فيها إلا أقسام العناية المركزة فيها. 

وبالتزامن مع قصفها شن طيران الاحتلال غارات على محيط مجمع الشفاء الطبي ما أدى لاستشهاد طفل وسيدة في قصف مستشفى الولادة التي تم قصفها بالمجمع. وقال مدير المجمع لقناة الجزيرة الإخبارية: إن الاحتلال أمن العقاب بعد قصف المستشفى المعمداني فكان من الطبيعي أن يستهدف باقي المنشآت الطبية.

وأكد الناطق باسم وزارة الصحة بغزة استنفاد كل المحاولات لتمديد عمل الخدمات الصحية، وقال: “ليس أمامنا سوى ساعات معدودة لخروج مستشفيات غزة وشمال غزة عن الخدمة”. كما أعلنت وزارة الصحة خروج عدة مرافق صحية في القطاع عن الخدمة أو دنو خروجها، حيث تعجز معظم مستشفيات القطاع عن تقديم أبسط الخدمات، بسبب نفاد الوقود ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية، وذلك مثل: جمعية بنك الدم بمدينة غزة- التي خرجت عن الخدمة نتيجة استهداف الاحتلال المركز لها- ومستشفى العودة ومستشفى العيون الوحيد في القطاع ومستشفى الصحة النفسية ومستشفى الرنتيسي والنصر للأطفال التي توقفت كل خدماتها وأبقت على الحضانات فقط، وبدء العد التنازلي لتوقف العمل في المستشفى الإندونيسي وكمال العدوان بعد ٢٤ ساعة نتيجة نفاد الوقود.

كما أعلنت أن الاستهداف المتكرر للمستشفيات في غزة مثل مستشفى النصر للأطفال- التي استهدفها الاحتلال عدة مرات اليوم وأصاب مناطق فيها- يهدد حياة الأطفال والطواقم والنازحين، لاسيما مع عدم استطاعة سيارات الإسعاف الوصول إلى مستشفى النصر لإخلاء الإصابات بسبب الاستهداف. 

ولم يكن الاحتلال ليقصف المستشفيات ويترك كوادرها الطبية، فأعلن د. أشرف القدرة- المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة اليوم: أن الاحتلال زاد من استهداف الطواقم الطبية، ما أدى لاستشهاد الشقيقين الطبيبين “عبد الله البدري وهاشم البدري” اللذين ارتقيا بعد مغادرة مجمع الشفاء الطبي للاطمئنان على عائلتيهما واستهدفهما الاحتلال في طريق العودة.

وقد وعدت بعض الجهات الدولية بوصول قافلة طبية منذ عدة أيام لمجمع الشفاء الطبي، لكنها لم تتمكن من الوصول بسبب القصف، كما تلقت المستشفي وعودًا بوصول ٣ شاحنات مساعدات لها، لكن إدارة المستشفى قالت إنها لن تكفي المصابين في المستشفى، إذ أنهم بحاجة إلى جسر مساعدات متواصل.

معبر رفح

قال البيت الأبيض : إن هناك ١٠٦ شاحنة مساعدات دخلت القطاع أمس، بينما تستهدف واشنطن إدخال ١٥٠ شاحنة اليوم. فيما أعلن عمل هدن إنسانية تبدأ من اليوم لمدة ٤ ساعات في اليوم، لإدخال المساعدات للقطاع.

يأتي هذا بينما تتواصل المناشدات لإبقاء المعبر مفتوحًا، وإدخال مساعدات كافية لسد احتياجات أهالي القطاع، وتمرير المساعدات إلى شمال القطاع حيث يمنع الاحتلال ذلك لإتمام مخطط التهجير للجنوب.

مسير المقاومة

ألقت كتائب القسام تحية الصباح على قوات الاحتلال- صباح الأمس- بالإيقاع بقوة راجلة منهم في كمين محكم في جحر الديك واستهدافهم بقذيفة أفراد، ثم أجهزوا عليهم من مسافة صفر، وأعلنت بعدها تدمّير دبابةً صهيونيةً في محور شمال غرب مدينة غزة بقذيفة “الياسين105” واشتعال النيران فيها.

كما أعلنت قصف “إسدود” وقاعدة “رعيم” العسكرية و”عسقلان” برشقات صاروخية كثيفة. 

أما سرايا القدس، فقد طمأن “أبو حمزة”- الناطق باسم سرايا القدس- الشعب الفلسطيني على وحدة وتماسك فصائل المقاومة، في كلمة بثتها السرايا اليوم، وقال عن الهجوم البري الصهيوني: إن العدو الإسرائيلي يحاول منذ أيام طويلة التقدم نحو غزة من محاور عدة لكنه يتجرع الهزائم، حيث يصد مقاومونا أرتال الدبابات- التي تحولت إلى توابيت متنقلة- ومرتزقة العدو في كافة محاور القتال، وعن الغارات الهمجية للعدو على المدنيين قال: “نحن نواجه حربا كونية هدفها إبادة شعبنا الفلسطيني والعدو يستهدف كل شيء حتى أسراه”.

وأعلنت سرايا القدس قصف تجمعا لآليات العدو المتوغلة قرب موقع ١٧ شمال غرب غزة بعدد من قذائف الهاون. كما قصفت “إسدود” وعددا من مستوطنات غلاف غزة، ردًا على استهداف المدنيين.

حيث أعلن الاحتلال عن تزايد خسائره في الهجوم البري إلى ٣٦ قتيلا، وإصابة٢٥٠ جنديا، منهم ١٠٠ في حالة حرجة.

وفي الضفة الغربية، خاضت تشكيلات المقاومة- من كتائب القسام وسرايا القدس وشهداء الأقصى وكتائب أبو علي مصطفى- اشتباكات مسلحة ضارية مع الاحتلال الذي نفذ اقتحامين في جنين ومخيمها منذ فجر الأمس. وأوقعت به الخسائر حتى أجبرته على الانسحاب، بعد استهداف قواته بالعبوات الناسفة وصليات مكثفة من الرصاص على عدة محاور وجبهات وتحقيق اصابات مؤكدة في صفوفه وتكبيدهم خسائر فادحة .

وأعلنت مصادر محلية في الضفة الغربية- مع الساعات الأولى لليلة الماضية- فشل العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيم بلاطة، حيث نجح مقاومون في إجبار قوات العدو على الانسحاب، وكانت الاشتباكات قد بدأت حين اكتشفت المقاومة قوة خاصة إسرائيلية بالمخيم، فاشتبكت معها لساعات تخللها إعطاب آلية لجيش الاحتلال- وذلك بعد أن دفع الاحتلال بتعزيزات عسكرية كبيرة في محاولة لكسر تصدي المقاومة له.

وقد أسفرت الاشتباكات في المخيم عن استشهاد شاب بعد إصابته برصاصة في البطن أطلقها عليه جنود الاحتلال، وإصابة ٢١ آخرين بالرصاص الحي في المخيم ومحيطه اليوم- الخميس- وفقا لما أعلنه الهلال الأحمر الفلسطيني.

كما واصلت المقاومة التصدي لمناطق أخرى في الضفة اقتحمها الاحتلال، فاستهدف مقاومون قوات الاحتلال بعبوة ناسفة في محيط مخيم عسكر شرق نابلس، ورصد تبادل إطلاق نار بين مقاومين و قوات الاحتلال خلال اقتحام بلدة بيت فوريك شرق نابلس.كذلك اقتحمت قوات الاحتلال بلدة بيت دجن شرق نابلس. واقتحمت مخيم عايدة في بيت لحم، واشتبكت مع مقاومين فيه، قبل أن تعتدي على سيارة الإسعاف التي حاولت دخوله لنقل مصاب واعتدت على طاقمها بالضرب قبل أن تعتقل المصاب. 

وواصلت قوات الاحتلال إجرامها حتى الساعات الأولى من صباح اليوم، حيث نفذت عمليات اقتحام واعتقال في عدة مناطق منها مخيم العروب بالخليل ومدينة الخليل التي فجرت فيها منزل الأسيرين محمد وصفر الشنتير، ومخيم الفوار بالخليل، ومخيم الدهيشة في بيت لحم، وقرية تل جنوب غرب نابلس، وبلدة جبع جنوب جنين، وقرية عناتا شمال شرق القدس المحتلة.… وغيرها، ومازالت قوات المقاومة تتصدى لها في العديد من تلك المناطق.

وفي الشمال هاجم حزب الله موقع “المطلة” بالصواريخ الموجهة وحققوا فيه إصابات مباشرة، عصر اليوم، حيث أصاب دباباتي ميركافا إسرائيليتين وأسقط طاقميهما بين قتيل وجريح. واستهدف جنود الاحتلال في محيط ثكنة (دوفيف) على الحدود بين لبنان وفلسطين، كذلك أعلن استهداف قوة مشاة إسرائيلية ترافقها آليات في قرية “طربيخا” اللبنانية المحتلة (وادي شوميرا) ‏بالأسلحة ‏الصاروخية وحققوا فيها إصابات مباشرة، وبالمثل استهدفو ثكنة راميم الإسرائيلية قبالة بلدة مركبا بالقطاع الأوسط لجنوب لبنان.

وبدأت مناوشات بين الجيش السوري وقوات الاحتلال، استمرت سوريا فيها بدعم فلسطين ومقاومتها، وهدد فيها جيش الاحتلال بضرب أي مكان يهدد أمن إسرائيل. ثم نفذوا غارات على سوريا صباح اليوم. وقد أعلن “البنتاجون:-“خسائره في العراق وسوريا فقال: إن ٥٦ جندياً أمريكياً تعرضوا لإصابات أو ارتجاج دماغي إثر ٤٦ هجوماً في العراق وسوريا منذ ٧ أكتوبر.

يأتي هذا بينما زادت الضربات اليمنية لجماعة أنصار الله الحوثية على الاحتلال اليوم، حيث قال الناطق باسم أنصار الله الحوثيين: أطلقنا دفعة صواريخ بالستية على أهداف بمنطقة “إيلات”، وأكدت القوات المسلحة الحوثية إن صواريخها البالستية أصابت أهدافها بدقة في “إيلات”، وأن الاحتلال الإسرائيلي تكتم على ذلك، وقالت: عملياتنا مستمرة حتى يتوقف العدوان على أهلنا في غزة. وصدقت مصادر عبرية على صحة أقول القوات اليمنية حيث أعلنت أنهم تصدوا للمرة الثالثة خلال اليوم لطائرة مسيرة كانت في طريقها إلى “إيلات” من اليمن.

الأسرى

أعلن “أبو عبيدة”- الناطق باسم كتائب القسام: مقتل الأسيرة المجندة “فاؤول أزاي مارك أسياني” 19 عاماً من “موديعين” بطاقة رقم (214179293) وإصابة جندي أسير إصابةً متوسطة في قصف صهيوني استهدف قطاع غزة اليوم، علماً بأن كتائب القسام ستصدر لاحقاً مادة توثق صحة هذا الإعلان.

وأخلى “أبو حمزة” مسؤولية المقاومة عن أرواح الأسرى الذين يتساقطون في القصف، قبل أن يعلن استعداد سرايا القدس للإفراج عن “حنا كاستير” والفتى “ياغيل يعقوب” لأسباب إنسانية وصحية.

وعقب الخطاب بثت المقاومة مقطع مصور للأسيرة “حنا كاستير” قالت فيه إنها من كيبوتس “نتسالي عوز” وأعلنت رغبتها في العودة إلى بيتها وأسرتها بحلول الأسبوع القادم. وحملت مسؤولية ما حدث وما يحدث لهم لرئيس وزراء حكومتهم “بنيامين نتنياهو”، وقالت: لقد دمر كل شيء جميل، وقتل الناس وعذبهم، وهو السبب في قتل الأطفال، وارتكب أخطاء فادحة ما أضر بمجتمعنا، وقد أن الوقت ليترك كل شيء ويترك الحكم ويجلس في بيته. وفي المقطع نفسه ظهر “ياغيل يعقوب” فهاجم نتنياهو وقصفه العنيف على القطاع الذي وصفة بالوحشية وقال: إنه يقتل الأطفال والأسرى الإسرائيليين. وهاجم قطع “نتنياهو” للمياة والغاز والكهرباء، وقال: إنه ليس الفلسطينيين وحدهم الذين يحتاجون ذلك ولكن الأسرى الإسرائيليين بحاجة أيضا إليه. وحمل “نتنياهو” مسؤولية كل ما يحدث لهم وكل أذى يصيبهم.

أما “نتنياهو” فقد بدا لا يكترث بشيء سوى آهدافه الشخصية ولا يولي اهتماما لأسراه وحياتهم. فزاد وحشية قصفه الذي يراه السبيل الوحيد لإنقاذهم وإطلاق سراحهم- الذي تحدث عنه في خطابه أنه أحد الأهداف المهمة من الحرب، لكنه لم يحدد إن كان يقصد إطلاقهم للحياة أم إطلاقهم بسرعة توصيلهم للسماء، للخلاص من ضغط عائلاتهم.

الموقف الفلسطيني الأمريكي

يكاد يتطابق الموقفان الرسميان الأمريكي والفلسطيني، فكلا السلطتان تسير على نهج الأخرى، أو استنسخ خطواتها. ولم يبد بينهما اختلاف على الرغم التصريحات التي طالب فيها رئيس السلطة الفلسطينية بوقف إطلاق النار، بينما يستمر “بايدن” في التأكيد على أنه لا نية لوقف إطلاق النار على غزة.

يصر “بايدن” على وضع سيناريوهات الحكم في غزة ما بعد حماس، وسربت “نيويورك تايمز” معلومة عن أمين سر منظمة التحرير: أن السلطة الفلسطينية أبلغت واشنطن انفتاحها على القيام بدور بمرحلة ما بعد حماس في غزة. كما كثر الحديث عن اجتماع دولي في جنيف بمشاركة وفد من السلطة الفلسطينية لبحث سيناريوهات “ما بعد حماس”. في تجاهل تام من كلتيهما لرؤية شعب فلسطين وأهل غزة، وفي تجاهل من السلطة الفلسطينية لمناشدات حركات المقاومة برفض المشروع الأمريكي وقطع العلاقات مع الولايات المتحدة.

وبينما تنادي المقاومة الضفة الغربية بالاستنفار المسلح، يحيي “بايدن” جهود السلطة الفلسطينية للحفاظ على هدوءها- حيث يخشى “نتنياهو” تحولها لجبهة ثانية- وتؤكد مصادر عبرية استمرار الاتصالات بين السلطة والشاباك- جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي- للتوصل لوضع لا يسمح بفتح جبهة قتال إضافية في الضفة.

وتتفق كلتا السلطتين على أن حماس ارتكبت هجمات بربرية ضد ضحايا أبرياء وارتكبت الفظائع دون دليل على ذلك، أعطى الرئيس عباس الوجاهة لتلك الاتهامات المكذوبة يوم خرج معلنًا إدانته قتل المدنيين “من الجانبين”، وكأنه يصدق على أكذوبة قتل مدنيين إسرائيليين.

وتطلق الولايات المتحدة أشد عبارات الحقد في حديثها عن القضاء على حماس، سربت معلومات على اتصال السلطة الفلسطينية بالغرب لمطالبتهم سرًا القضاء على حماس. واتفق عباس وسوناك على إدانة إرهاب حماس وأنها لا تمثل الشعب الفلسطيني، وفقًا لبيان صادر من مكتب رئيس الوزراء البريطاني خلال لقائهما في القاهرة في بداية العدوان.

وذلك في نفس التوقيت الذي انفجرت فيه التظاهرات عارمة في كلتا البلدين مناهضة للعدوان الإسرائيلي، حيث تدين التظاهرات في الولايات المتحدة الدعم الأمريكي المطلق غير المحدود لإسرائيل في الوقت الذي يشهد فيه العالم جرائمها الوحشية ضد الفلسطينيين، مثلما أدانت نائبة ديمقراطية بالكونجرس جور قرار الهدن المؤقتة واعتبرته قرار معدوم الإنسانية، وبالمثل انتفضت كل مدن وبلدات الضفة الغربية ضد الاحتلال وجرائمه وعممت الإضرابات، وملأ الحراك الطلابي شوارع الضفة مطالبين بسرعة التحرك لدعم غزة وطالبت السلطة بالتحرك لدعم غزة.… تجاهل الزعيمان رغبة شعوبهما وحقهما في التعبير، ليمضيا قدمًا في دعم قوي واضح لإسرائيل في جرائم الحرب التي ترتكبها في غزة. 

إذن تركت غزة في النهاية فريسة يتكالب عليها الأكلة الجوع والعطش من ناحية وإسرائيل والغرب من ناحية أخرى، ثم السلطة الفلسطينية من ناحية ثالثة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى