تقارير و تحقيقاتعرب وعالم

طوفان الأقصى 38.. غزة تحارب مصاصي الدماء

يواصل الاحتلال مسيره في الإبادة الجماعية لأهل غزة، ليكمل مجازره ١١٥٣ مجزرة في ٣٨ يومًا، كأنه يرسم بدماء أطفال غزة تلك اللوحة التي أرادها “إسحق رابين- الذي كان يحلم أن يستيقظ يومًا ليرى غزة قد ابتلعها البحر” وفقًا لأقوال “أبو عبيدة”- الناطق باسم كتائب القسام- في كلمة ألقاها أمس. أو ربما لا يرى في إبادتهم إلا تحقيقًا لحلم “نتنياهو” بتنشئة جيل “لا يكره إسرائيل”.

فقد ارتفعت أعداد شهداء الأطفال إلى ٤٦٣٠ طفلًا، وارتفعت أعداد الأطفال المفقودين تحت الأنقاض ١٧٤٠ طفلًا، من سن الرضيع حديث الولادة حتى سن ١٣ أو ١٤ عامًا، ربما لم يكن الاحتلال يراهم إلا مقاومين أو أمات لمقاومين في المستقبل، فأراد اجتثاثهم قبل أن يكبروا فيقضوا مضجعه، وكان الطرف الثاني لمعادلة الاحتلال هن الأمهات اللائي يصنعن أولئك المقاومين فقتل منهن ٣١٣٠ شهيدة، حيث ارتفعت أعداد شهداء قطاع غزة إلى ١١٢٤٠ شهيدًا بالإضافة إلى ٣٥٠٠ مفقود تحت الأنقاض، وأعداد المصابين ٢٩ ألف مصاب أكثر من ثلثيهم من الأطفال والنساء، كما ارتفع عدد شهداء الصحفيين في القطاع إلى ٥١ صحفيًا، وارتفع عدد شهداء طواقم الدفاع المدني إلى ٢١ شهيدًا- وذلك وفقًا لما أعلنه مكتب الإعلام الحكومي بالأمس.

ووثق صحفيون استهداف الاحتلال لهم في تل الزعتر شمال غزة قرب المستشفى الإندونيسي، بينما كانوا يوثقون حجم الدمار في المنطقة التي كانت يومًا مكتظة بالسكان، وقد نجوا بأعجوبة من القصف العنيف الذي استهدفهم بشكل مباشر.

أما في الضفة الغربية، فيواصل الاحتلال فرض حصاره على مدنها وبلداتها، واقتحام مخيماتها، التي كان آخرها اقتحام مخيم طولكرم الليلة، حيث اشتبك مع المقاومة، واستشهد شابين برصاصات الاحتلال المباشرة، وثلاثة آخرين جراء قصف المخيم، وذلك بخلاف ٩ مصابين بإصابات حرجة وصلوا مستشفى طولكرم بعد فترة من الاقتحام، حيث تعرقل قوات الاحتلال مركبات الإسعاف وتمنعها من نقل مصابي اقتحامها الكبير للمخيم- وقت كتابة هذا التقرير. كما استشهد الشاب “محمد عبد المجيد الحلايقة”- من بلدة الشيوخ شرق الخليل- بعد إطلاق النار عليه قرب مفترق بيت يعنون بالخليل، ليرتفع عدد شهداء الضفة الغربية منذ بدء العدوان إلى ١٩٣ شهيدًا.

الأوضاع الإنسانية في غزة

“إن لم تدخل المساعدات والوقود إلى قطاع غزة، فإن كل مستشفيات القطاع ستخرج نهائيا عن الخدمة خلال ٤٨ ساعة، ولن تتمكن المستشفيات من تقديم الحد الأدنى من الخدمات الصحية للجرحى والمرضى”… كلمات لخص بها د. “أشرف القدرة”- وكيل وزارة الصحة في غزة- ما وصل إليه الوضع الإنساني للمستشفيات في القطاع.

وأكدت طواقم طبية داخل المستشفى المعمداني: أنه المستشفى الوحيد الذي يعمل بكامل طاقته في مدينة ويخدم كل المرضى تقريبا، لكن انقطعت الكهرباء في أجزاء من المستشفى المعمداني، نتيجة تضرر ألواح الطاقة الشمسية بسبب القصف وعدم وجود وقود. كذلك تعمل أقسام من مستشفى العودة، ومستشفى شهداء الأقصى في دير البلح التي أضحت تخدم المحافظة الوسطى بأكملها بعد توقف معظم المستشفيات عن العمل.

وذلك في ظل حصار خانق تفرضه قوات الاحتلال على مستشفيات شمال قطاع غزة، حيث تستمر قوات ودبابات الاحتلال في حصار مجمع الشفاء وتطالب بإخلاءه، في ظل استهداف قناصته لمحيط المجمع وقتل كل من يخرج من مبنى من مبانيه، وبالمثل تحاصر مستشفى الوفاء لرعاية المسنين بمدينة غزة، وتهدد الموجودين فيه ما دفع المرضى والطواقم الطبية للمطالبة بالإجلاء، كما قصف طيران الاحتلال الطابق العلوي لمستشفى الخدمة العامة الذي يضم النازحين عند مفترق الشعبية في غزة، وبالمثل يحاصر الاحتلال مستشفى القدس منذ أيام، ووفقًا لشهادة الدكتور “يوسف أبو الريش”: المرضى يُجبَرون على الخروج إلى الشارع رغم إصاباتهم البليغة تحت تهديد الدبابات الإسرائيلية عند مستشفيات يحاصرها الاحتلال، وأجبر الاحتلال المرضى والأطقم الطبية على الخروج، بينما حاصرت قواته فلسطينيين مدنيين قرب مستشفى القدس وفصلت الرجال عن النساء، واعتقلت الرجال.

ومن استهداف الأحياء لحصار واستهداف الشهداء في مجمع الشفاء الطبي، حيث يمنع قناصة الاحتلال المتواجدين بالمجمع من دفن جثث الشهداء فتراكمت ١٠٠ جثة في ساحة المجمع الخارجية تحللت ونهشت الكلاب بعضا منها دون أن يجرؤ أحد لى الاقتراب منها بسبب الاستهداف، و٤٠ جثة داخل مباني المستشفى بادئة في التحلل و٥٠ أخرى في الثلاجة، واستشهد ثمانية أشخاص بالمجمع بسبب توقف الخدمات منذ صباح الأمس.

ومع صمم آذان العالم الذي يرفض إعانة مستشفيات غزة رغم النداءات اليومية والصرخات التي تعلوا من مستشفيات القطاع كل يوم، قال الدكتور “محمد أبو سلمية”- في تصريح: “سئمنا من إرسال الرسائل للعالم ولا مجيب”.

وقد وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إعدام “إسرائيل” عشرات الفلسطينيين في ممرات النزوح من غزة وشمالها، بما يكذب ادعاءاته بوجود ممرات آمنة في القطاع.

وعن الطعام والمياة، يعاني المحاصرين في المستشفيات من عدم توفره، بما ينذر بمزيد من الضحايا داخل مباني تلك المستشفيات، أما في الجنوب فمع منع إمدادات الوقود وقطع والكهرباء والخدمات الأساسية في ظل استمرار الحصار والعدوان الإسرائيلي، لجأ سكان رفح لطهي الطعام على نار الحطب في تكايا، وتقديمه للنازحين والأهالي في رفح، وبالمثل فعل مخبز في رفح فاستخدم الحطب، بعد انقطاع الوقود بفعل الحصار الذي يفرضه الاحتلال على قطاع غزة.

مسير المقاومة

استمرت الاشتباكات العنيدة من فصائل المقاومة مع قوات الاحتلال على جميع محاور شمال غزة ومدينة غزة وفقًا لكل إعلانات الفصائل، وتحقيق الإصابات المباشرة بين صفوف جنود الاحتلال وآلياته، فقال “أبو عبيدة”: إن مجاهدي القسام دمروا ٢٠ آلية عسكرية بين دبابات ومدرعة في ٤٨ ساعة. لترتفع خسائر الاحتلال من الدبابات والآليات إلى ١٨١ آلية ودبابة منذ بدء العدوان البري.

و تحدثت القسام في بيانات مقتضبة عن قنص جنديين صهيونيين شمال بيت حانون، فلقيا مصرعهما. وقالت إن مقاتليها نجحوا اليوم في تدمير ١٠ آليات للعدو بين دبابات ومدرعات وجرافات عسكرية في محاور مختلفة شمال القطاع، كما استهدفوا قوة صهيونية خاصة متحصنة في مبنى بقذيفة “TBG” شمال بيت حانون، و استهدفوا دبابتين صهيونيتين شمال بيت حانون بقذائف “الياسين١٠٥”، ودمروا ناقلة جند صهيونية غرب مدينة غزة بقذيفة “الياسين ١٠٥” واحرقوها بالكامل.

أما سرايا القدس فقد أعلنت قصف جنود وآليات العدو المتوغلة في شارع ١٠ جنوب غزة بقذائف الهاون ٦٠ النظامي، وقصف التحشدات العسكرية المتوغلة في محيط مصنع النسيج قرب نادي الفروسية في محور شمال غرب غزة بقذائف الهاون مرتين- كان آخرها وقت كتابة هذا التقرير. وخاض مجاهدوها اشتباكات ضارية مع قوات العدو في محيط مجمع الشفاء وحي النصر ومحاور التقدم غرب وجنوب غزة. واستهدفوا الآليات الصهيونية المتوغلة في أرض أبو عريبان جنوب الزيتون برشقة صواريخ ١٠٧. كذلك أكدت السرايا قصفها التحشدات والآليات العسكرية في موقع “كرم أبو سالم” وقاعدة “اميتاي” برشقات صاروخية.

وأعلنت كتائب أبو علي مصطفى أن مقاتليها يخوضون اشتباكات مسلحة مع الاحتلال على عدة محاور في مدينة غزة وشمالها. وتستمر اشتباكات المقاومة مع الاحتلال شمال بيت حانون شمال قطاع غزة، كما تجددت الاشتباكات بين المقاومة وجيش الاحتلال بمحيط شارع العيون في حي الشيخ رضوان غرب غزة.

وقد أعلن جيش الاحتلال ارتفاع حصيلة قتلاه إلى ٤٧ منذ بدء العدوان البري على قطاع غزة في ٢٧ أكتوبر، آخرهم جنديين أعلن مقتلهم وقت كتابة هذا التقرير. وأعلنت هيئة البث الإسرائيلية: أن زوجة رئيس الاحتلال “هريتسوج” تقول إنها فقدت الاتصال بابنها الجندي الذي كان مع القوات المتوغلة برياً إلى قطاع غزة، ونشر جيش الاحتلال فيديو يوثق نقل جنود مصابين له خلال الاشتباكات في قطاع غزة.

وهزت 4 انفجارات هائلة مدينة “تل أبيب” بعد دفعة صاروخية استهدفت مناطق واسعة من فلسطين المحتلة، بعد دقيقتين من تصريح وزير حرب الاحتلال بأن “حماس فقدت السيطرة على غزة.”

وأعلنت كتائب القسام قصف “تل أبيب” برشقة صاروخية رداً على المجازر الصهيونية بحق المدنيين، زلزلتها بأربع انفجارات هائلة، وتبعتها الانفجارات متتالية وقوية وسط فلسطين المحتلة عقب إعلان القسام، وسقطت صواريخ على “تل أبيب” و”حولون” وعسقلان. وحققت الصواريخ أضرار في كيبوتس بغلاف غزة، وذلك بعد دقيقتين من تصريح وزير حرب الاحتلال بأن “حماس فقدت السيطرة على غزة”. كذلك ضربت السرايا “تل أبيب” و”سديروت” برشقات صاروخية رداً على مجازر الاحتلال بحق المدنيين. ما خلف دمار في مبنى ومركبات داخل عسقلان، و أدى لاندلاع حريق كبير جراء سقوط صاروخ للقسام في “بتاح تكفا” وسط فلسطين. وأعلن الإسعاف الصهيوني أنه تم إبلاغهم عن سقوط صواريخ في تل أبيب فتوجه لمكان سقوط الصواريخ.

وفي الضفة الغربية، استمرت جرائم الاحتلال في اقتحام البلدات والمخيمات والمدن، فاقتحم طولكرم وقلقيلية وبيت لحم والخليل ونابلس وقرية عوريف التي أطلق فيها الاحتلال قنابل الغاز وغيرها، وكأنه يفرض حصار خانقًا على ذلك الماردة الذي يخشى انطلاقه. 

وكان بطل المشهد هذه الليلة هو مخيم طولكرم ومحيطه حيث اقتحمته في قوات كبيرة وتعزيزات عسكرية ضخمة، لكن كتائب المقاومة اشتبكوا من قواته وأحدثوا فيها إصابات موجعة، فقالت كتائب شهداء الأقصى – الرد السريع: تمكنا من إعطاب ٣ آليات عسكرية بأنواعها المختلفة واستهداف جرافة عسكرية بعبوة مدمرة من نوع الجهاد ما سبب لها أضرار جسيمة، ونؤكد وقوع إصابات في صفوف جنود الاحتلال خلال اقتحام مخيم طولكرم. 

واستهدف مقاومون قوات الاحتلال بالعبوات الناسفة خلال العدوان المستمر لمخيم طولكرم.

وعلى الجبهة الشمالية، نشرت المقاومة الإسلامية في لبنان مشاهد لاستهداف قوة مشاة تابعة لجيش الاحتلال في مستوطنة “نطوعا” قرب ثكنة “بيرانيت” عند الحدود اللبنانية الفلسطينية.

وبث حزب الله مشاهد لاستهداف قوة لوجيستية تابعة لجيش العدو قرب مستوطنة “دوفيف” عند الحدود اللبنانية الفلسطينية. وأعلن استهداف عدة مواقع عسكرية منها: موقع “حدب يارون” وموقع ‏الراهب ‏بالأسلحة المناسبة وحققوا فيه إصابات مباشرة‎.‌‎ ‎

وعلق رئيس مجلس مستوطنة المطلة مع الضربات التي يوجهها حزب الله لمستوطنات شمال فلسطين: “مستوطنو المطلة لن يعودوا إلى منازلهم إذا لم يكن حزب الله وقوة الرضوان بعيدين عن مكان وجودهم اليوم، لأن ما حدث في غلاف غزة إذا حدث في شمال فلسطين فالقتلى سيكونون أضعافاً”.

الأسرى

تحدث الناطق باسم القسام عن صفقة تبادل جزئية للأسرى بين المقاومة والاحتلال- بوساطة قطرية- يتم فيها الإفراج عن ٧٥ امرأة و٢٠٠ طفل مقابل ١٠٠ امرأة وطفل من أسراهم لدى المقاومة، وأكد أنهم أبلغوا الوسطاء أن ذلك يمكن أن يتم خلال هدنة مدتها ٥ أيام، تضمن وقف اطلاق النار وتسمح بدخول المساعدات لجميع أنحاء غزة، و يتم الإفراج فيها عن ٥٠ امرأة وطفل وقد يصل العدد إلى ٧٠، وذلك بسبب وجود هؤلاء لدى فصائل متعددة. 

لكن ما يعيق إتمام الصفقة أن الاحتلال يراوغ ويماطل ويتهرب ويضرب عرض الحائط ليس فقط بحياة الفلسطينيين، بل لايهمه حتى قتل أسراه- حسب قول “أبو عبيدة”، ودلل على صحة كلامه بالحديث عن قتل المجندة “فاؤول أزاي مارك أسياني” التي أطلقت رسالة للإفراج عنها في بداية الحرب، حتى لقيت مصرعها مع استمرار القصف، وقد بثت القسام فيديو للأسيرة قبل موتها يحمل صورًا لها بعد الموت بفعل القصف.

ونشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية- بعد ساعات من خطاب “أبو عبيدة”- تصريح عن مسؤول رفيع لدى الاحتلال قال فيه: إنه سيتم السماح بعمل هدنة ٥ أيام لتبادل الأسرى. فيما بدا أنه استجابة لما فرضه “أبو عبيدة” في الخطاب.

وهكذا استمرت غزة في تقديم التضحيات مقترنة بالبطولات، بين أبرياء يسقطون شهداء بفعل هجمات الاحتلال الوحشية التي تمثل جرائم حرب تلبسه رداء العار عبر التاريخ، ومقاتلين صناديد يصنعون النصر من العدم ويتفوقون ويثبتون ويقاتلون جيش كامل دائمًا ما يوصف بتلك الكلمة التي جعلتها المقاومة مبتذلة “لا يقهر”… لعل قهره والضربة القاصمة له تكون بأيدي فلسطيني غزة.

الأزهر الشريف

أطلق الأزهر أمس بيانا رسميًا ندد فيه بالمجازر الصهيونية في فلسطين، وطالب المجتمع الدولي بمحاكمة الكيان الصهيوني الإرهابي في جرائمه بحقِّ مستشفى الشفاء، ودعى أحرارَ العالم والمنظَّمات والهيئات الدولية للتحرك العاجل لكسر الحصار عن مستشفيات غـزة.

وقال في البيان: الكيان الصهيوني الإرهابي لا يعرف معنى الإنسانية والحياة وبرهنَ على قسوته وتجرُّده من كل ‏معاني الرحمة، حيث يستعرض هذا الكيان الإرهابي جبروته على الأطـفال والمـرضى ويرتكب من الجرائم ما تعف عنه الحيوانات في ‏الأدغال، والصمت على جرائم الاحتلال وصمةُ عار على جبين الإنسانية والمجتمع الدولي،

ودعى كل أحرار العالم أن يغسلوا أيديهم من دعم هذا الكيان المجرم، وحيا أطباء غزة ‌‏وكل العاملين في مستشفيات القطاع، لدورهم الباسل وتصدرهم الصفوف الأمامية في خدمة ‏الجرحى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى