تقارير و تحقيقاتعرب وعالم

7 أكتوبر صفعة للاحتلال أعاد لأجلها عمشات للعمل

٧ أكتوبر.. الرقم الذي أضحى ذا معنى بعد أن وضعت المقاومة بيدها تعريفًا موحدًا له، فأضحى يعني تاريخ إذلال الاحتلال وخزيه في فلسطين، بعد سنوات من العربدة وانتهاك الحرمات، حيث جاءت عملية “طوفان الأقصى” مدبرة ومحكمة إلى أقصى درجات الإحكام، وكبدت العدو خسائر موجعة في العتاد والأرواح، أخضعت ٢٠٠٠ جندي إسرائيلي للعلاج النفسي، كما تمكنت المقاومة من أسر ما يربو على ٢٥٠ أسيرا، استرد الاحتلال عددًا منهم في صفقة تبادل، ومن هذا المنطلق انبرت الصحف ووسائل الإعلام الغربية في بحث ملابسات وأبعاد تلك العملية.

فخلصت صحيفة “الجارديان” البريطانية في تقرير نشرته اليوم إلى أن حماس جمعت عن طريق متعاونين معها في “إسرائيل” معلومات حول المعسكرات التي خططت لاقتحامها في السابع من أكتوبر على مدار سنوات. وأكدت على لسان مسؤول استخباراتي في حكومة الاحتلال: أن المعلومات والخرائط التي كانت بحوزة عناصر القسام حول المعسكرات والمواقع يوم السابع من أكتوبر لا يمكن الوصول لها إلا عبر متعاونين من الداخل.

وقال ضابط بجيش الاحتلال لوكالة فرانس برس: “أكثر ما فاجأني هو  مستوى التفاصيل والإعداد” لهذه العملية. اكتشفت في أجهزة كمبيوتر- كان بحوزة مقاومين تم أسرهم أو استشهدوا حسب ادعاءات جيش الاحتلال- خطط تكتيكية مفصلة شملت لائحة أهداف وأسماء الوحدات المشاركة وأعضائها ومهمة كل واحدة منها مع التفاصيل العملياتية والتوقيت الدقيق وقائمة الأسلحة المطلوبة. وفي ذات السياق قالت “دويتش فيلة”: إن مقاتلي المقاومة كانوا يحملون صور دقيقة بالأقمار الاصطناعية للكيبوتسات التي تعرضت للهجوم بشكل تفصيلي، مؤكده أن جزءا من تدريب جنود المقاومة كان على كيفية أسر جنود الاحتلال.

وقالت الجارديان:إن خطط حماس بشأن الهجوم قدمت إلى صحفيين أجانب، تتضمن خريطة تفصيلية لقاعدة عسكرية “بشكل يفوق ما يحتاج إليه الجيش الإسرائيلي نفسه”.

عمشات

وعقب السابع من أكتوبر اضطر الاحتلال لإعادة تفعيل وحدة “عمشات”- وهي اختصار لاسم قسم استعادة الوثائق والمعدات التقنية الخاصة بأعداءه.

وهي وحدة مرتبطة بالاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تأسست عقب حرب ٦ أكتوبر ١٩٧٣، إثر الصفعة التي تلقاها الاحتلال في هجوم الجيشين المصري والسوري، عزاه الاحتلال إلى إخفاق استخباراته مثلما فعل عقب ٧ أكتوبر، وقد علق الاحتلال عمل تلك الوحدة ونشطها عدة مرات منذ إنشاءها، كان أخرها تنشيطها في الوقت الحالي.

وقال ضابط في جيش الاحتلال للجارديان: إن “هدف عمشات، الذي أعيد تأسيسها بعد ٧ أكتوبر، هو فهم خطط حماس الهجومية والدفاعية، والحصول على معلومات استخباراتية عملياتية وفهم عقيدتها بشكل أفضل بعد أن تفاجأ جيش الاحتلال بعملية العبور الكبير التي نفذتها كتائب القسام”.

الحرب البرية.. أين وصلت؟

بدأ التوغل البرى في غزة يوم ٢٧ أكتوبر، لتتوالى الخسائر العسكرية للاحتلال، دون تحقيق نتائج مما أعلنه الاحتلال من أهداف، حيث “لا تزال حماس تحتفظ بقوتها، رغم تعهد إسرائيل بتدميرها”- حسب واشنطن بوست.

وقد ارتفع عدد قتلى جيش الاحتلال إلى ٨٤ ضابط وجندي- حسب آخر إعلاناته- منذ بدء العملية البرية في قطاع غزة، وذلك بعد إعلانه مقتل ٧ جنود في غزة اليوم، ليبلغ العدد الكلي لقتلاه ٤٠٨ منذ بدء حرب ٧ أكتوبر. وعلق المتحدث باسم جيش الاحتلال على الخسائر البشرية فقال: ثمن المعارك في قطاع غزة “كبير وصعب”، وبالمثل قال “يوآف غالانت”- وزير جيش الاحتلال: للحرب أثمان عالية بسبب سقوط جنودنا، لذلك يجب الانتصار بشكلٍ حاسم.

وقال الصحفي الإسرائيلي “ناحوم برنياع” في “يديعوت أحرونوت”: إن “العناوين التي ولّدتها أمور قالها رئيس الأركان مضلّلة.. وذلك وقت تخفيض التوقّعات، وإذ لم نتمكّن من تطهير مدينة غزّة وأريافها خلال ٥٩ يومًا، لن نستطيع تطهير خانيونس وأريافها خلال فترة أقل بكثير”.

وبتصريحاته ومن واقع وسائل إعلامه صدق الاحتلال على تصريح القيادي في حماس، “أسامة حمدان” الذي قال فيه: إن أهداف نتنياهو وجيشه غير قابلة للتحقيق بل مقدمة لهزيمته ومحاكمته، وبعد أكثر من 60 يوماً على الحرب لم يستطع الاحتلال انتزاع صورة انتصار في غزة.

وبالإضافة للخسائر البشرية لم يتمكن الاحتلال من حل معضلة الأنفاق في قطاع غزة، فكان فشلا جديدا يضاف لفشل الاحتلال في كل جوانب المعركة، حيث نقلت صحيفة “فايننشال تايمز” عن مصادر إسرائيلية مطلعة: إن تقديرات جيش الاحتلال أن شبكة أنفاق حماس أكبر من شبكة قطار أنفاق لندن، حيث يقدر ما أنشأته حماس بأنها مدن تحت الأرض، وقد تعلمت المقاومة من الهجمات السابقة التي استهدفت تدمير الأنفاق في غزة.

وأضافت الصحيفة: أن حكومة الاحتلال رصدت موارد كبيرة وتلقت مساعدة أمريكية  قيمتها ٣٢٠ مليون دولار، لإيجاد حل لتدمير الأنفاق لكن هذه العملية تشبه الخيال العلمي.

المقاومة

تواصل المقاومة صد هجمات العدو على القطاع في كافة محاور التوغل، فأكظت كتائب شهداء الأقصى في بيان صحفي على وحدة الميدان والتنسيق الكامل مع جميع فصائل المقاومة في قطاع غزة، وقالت: “صمود شعبنا ومقاومته سيفشل حتماً كل مؤامرات الاحتلال النجسة، وجهادنا المقدس مستمر على كل محاور القتال”.

ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن قائد عسكري للاحتلال: أن القوات الإسرائيلية تخوض أشرس يوم لها في المعارك منذ بدء العملية البرية في غزة، ما أدى لانسحابها من بعض المناطق من بينها شمال غربي مدينة غزة.

فيما أعلنت كتائب القسام وسرايا القدس عن خسائر كبيرة في صفوف العدو، فقالت القسام: منذ صباح اليوم خاض مقاتلونا اشتباكات عنيفة مع قوات الاحتلال في جميع محاور التوغل في القطاع، وقد أحصينا تدمير ٢٤ آليةً عسكريةً كليًا أو جزئياً في محاور القتال بمدينة خانيونس وحدها، كما استهدفنا ١٨ جندياً بالهجوم المباشر، وأوقع قناصة القسام ٨ جنود بين قتيل وجريح، ونسفنا منزلاً تحصنت به قوة خاصة بالعبوات، وأوقعنا قوة أخرى في حقل ألغام أعد مسبقاً، وقصفنا التحشدات العسكرية بمنظومة رجوم قصيرة المدى. وأضاف البيان: وجهنا رشقات صاروخية مكثفة نحو أهداف متنوعة وبمديات مختلفة إلى أراضينا المحتلة.

و توعد “أبو حمزة”- الناطق باسم سرايا القدس- جيش الاحتلال بمزيد من الخسائر في كلمة ألقاها اليوم فقال: “ما صدر من وسائط إعلامية عن السرايا ما هو إلا جزء يسير مما ينتظر الاحتلال من التحام مقاتلينا، فالاشتباكات والكمائن ما زالت في ذروتها في جميع محاور القتال، وليس للاحتلال على أرضنا سوى القتل أو الإصابة بالعجز والرعب ولن يملك في نهاية المطاف إلا الرحيل عن أرضنا”. وأضاف: “الساعات القادمة ستشهد مزيداً من الاستبسال والتصدي والتدمير لآلياته المتوغلة”.

وعلى الرغم من استقواء الاحتلال على المدنيين في غزة والمجازر التي يرتكبها في حقهم لمحو خزيه وهزائمه، تبقى الأبصار معلقة بالتحركات اليومية للمقاومة، لعله تحقق أول هزيمة حربية للاحتلال كما توقع أحد مراكز الأبحاث الأمريكية أمس، بعد أن أعاد يوم ٧ أكتوبر الأمل لملايين العرب في يوم تسترد فيه الكرامة العربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى