تقارير و تحقيقاتعرب وعالم

طوفان الأقصى في اليوم 16.. أسطورة الصمود مازالت تقاوم

استمرت وحشية الاحتلال في غزة والأراضي المحتلة حيث صرح مسؤول إسرائيلي لقناة (سي إن إن) إنه لن يكون هناك أي وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وتزايدت أعداد الشهداء والمصابين داخل قطاع غزة والضفة الغربية، حيث وصلت أعداد الشهداء ما يربو على ٤٧٤١ شهيد بينهم ١٨٧٣ طفل و ١٨٧ مسن و ١٠٢٣ امرأة و ١٤٢٤٥ مصاب، كما بلغت أعداد الشهداء في الضفة الغربية ٩٣ شهيدًا و ١٦٥٣ مصاب، بعد مجزرة مخيم جنين فجر اليوم- الأحد.

وقال “أشرف القدرة”- الناطق باسم وزارة الصحة في غزة: الاحتلال ارتكب ٢٤ مجزرة خلال ٢٤ ساعة مضت، راح ضحيتها ٢٦٦ شهيداً منهم ١١٧ طفلاً، وغالبيتهم من جنوب القطاع. 

كما قالت إحصائيات وزارة الصحة في قطاع غزة: إن المجازر التي ارتكبها الاحتلال ضد العائلات بلغت ٥٧٤ مجزرة راح ضحيتها ٣٦٠٠ شهيداً وصلوا للمستشفيات، ولا زال أضعاف ذلك تحت الأنقاض. وأكدت الوزارة أنها تلقت ١٤٥٠ بلاغا عن مفقودين ما زالوا تحت الأنقاض منهم ٨٠٠ طفل.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: وثقنا استهداف الاحتلال أكثر من ١٥ تجمعا  في الأسواق والمطاعم والمخابز.

وإكمال لمسلسل استهداف الصحفيين في غزة قتلت قوات الاحتلال المصور الصحفي “رشدي السراج” في قصف على منزله بمدينة غزة. ليرتفع عدد شهداء الكلمة إلى ١٢ إعلاميا من منابر إعلامية مختلفة في غزة.

كما سقط ٣٠ شهيدًا وعشرات المصابين معظمهم من الأطفال في قصف الاحتلال لمنطقة الترنس وسط مخيم جباليا. وأعلنت الأنروا: استشهاد ١٣ من موظفيها بغزة ليرتفع إجمالي عدد الشهداء من العاملين فيها إلى ٢٩ شهيدًا منذ يوم ٧ أكتوبر.

وبسبب كثرة الشهداء والجرحى وقلة الإمكانات جراء الحصار، اضطر بعض الشباب الفلسطيني لصنع نقالة طبية بأدوات بدائية في دير البلح.

الوضع الإنساني في قطاع غزة

مع تواصل القصف تفاقم الوضع الصحي والإنساني في غزة، خاصة مع استخدام الاحتلال لقذائف غير تقليدية جديدة تسبب إصابات بشعة، فقالت وزارة الصحة في غزة: إن ‏الطواقم الطبية رصدت استخدام الاحتلال لأسلحة غير معتادة تسببت بحروق شديدة في أجساد الشهداء والجرحى. 

ووسط ذلك العدوان الشرس قال المديرالإقليمي لمنظمة الصحة العالمية: إن ٢٠ مستشفى في القطاع من أصل ٣٥ لا تعمل، وهناك ١٣٠ طفلًا تحت أجهزة التنفس الصناعي بغزة يواجهون خطر الموت. وأكدت وزارة الصحة في غزة الأرقام فقالت: إن إجمالي المرضى الذين يعيشون تحت أجهزة التنفس الصناعي بلغ ١٤٠ مريض.

وعلقت الصحة العالمية على مجمل الوضع الصحي فقالت: هناك كارثة حقيقية بسبب انهيار القطاع الصحي في قطاع غزة، وشاحنات المساعدات التي دخلت لا تكفي أبدا لسد الاحتياجات الطبية.

ومع نقص الوقود بعد قطع الاحتلال إمداداته عن القطاع، بدأ انهيار الوضع الصحي حيث تعمل المستشفيات بمولدات الكهرباء التي يتم تشغيلها بالوقود، وانطلقت الاستغاثات من وزارة الصحة والمنظمات العالمية لسرعة الإنقاذ، فقالت وزارة الصحة بغزة: تأخير دخول الوقود لمستشفيات قطاع غزة ينذر بكارثة صحية وإنسانية وخيمة. وقال الناطق باسم وزارة الصحة في غزة لقناة الجزيرة الفضائية: المنظومة الصحية فقدت كل قدراتها العلاجية والوقود اللازم لتشغيلها. والمساعدات المحدودة التي دخلت إلى القطاع غير كافية ولم تصل للمستشفيات. و قالت الأونروا: الوقود في قطاع غزة بدأ ينفد، ومن دونه ستتوقف الاستجابة الإنسانية.

كما علق مدير عمليات الأونروا على مجمل الوضع الإنساني في غزة فقال: الوضع فظيع والإمدادات الإنسانية محدودة جدا والغذاء ومياه الشرب أصبحا نادرين، نحن بحاجة إلى خط إمداد مستدام من المساعدات لتجنب وقوع كارثة في القطاع.

ولم تهدئ كل تلك الاستغاثات من وحشية الاحتلال المتعطش لمزيد من الدماء، إذ استمر تهديده للمستشفيات فشن غارات عنيفة على محيط مجمع الشفاء الطبي وسط غزة، وقصف محيط المستشفى الإندونيسي التي استقبلت شهداء مجزرة مخيم جباليا مسببا أضرار جسيمة وإصابات، وكذلك قصف محيط مستشفى الكويت غرب رفح، وهدد بقصف مستشفى القدس في أي لحظة منذرا بضرورة إخلائها بعد تكرار قصف محيطها منذ يومين، وفق تصريحات مدير الإعلام في الهلال الأحمر الفلسطيني الذي حمل المجتمع الدولي مسؤولية أي قصف تتعرض له المستشفى، حيث أكد على استحالة نقل المرضى والنازحين بالمستشفيات التي طلب الاحتلال إخلاءها.

وليست المستشفيات والمنازل وحدها التي كانت هدفًا للاحتلال، فكانت دور العبادة هدفًا آخر لقصفاته، حيث عدد المساجد التي دمرها الاحتلال بشكل كلي منذ بدء العدوان إلى ٣١ مسجدا وتضرر ٣ كنائس بشكل بالغ- حسب تصريحات مسؤولين حكوميين في غزة.

أيقونة الصمود

على الرغم من القصف الوحشي والقتل والدماء والأشلاء، تستمر غزة في صمودها أمام الاحتلال الغاشم المدعوم من الغرب دعما مطلقًا، استمر صمود أهالي غزة في وجهه فنظم النازحين وأهالي الشهداء والمصابين وقفة هتفوا فيها للمقاومة ضد الاحتلال، وطالبوا فصائل المقاومة بالثأر.

ومع ضغط الاحتلال لترحيل أهالي غزة وبالتحديد أهل الشمال لإعادة احتلالها، كانوا أكثر صمودا على الرغم من البلاء، فعاد آلاف من الشمال الذين كانوا قد نزحوا باتجاه الجنوب خلال اليومين الماضيين لمحيط مناطق سكناهم ومراكز إيواء فيها- حسب تصريحات “سلامة معروف”- مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

وجاءت المشاهد من غزة تعرض صورا لأسر عادت لمواقع منازلهم المهدمة وجلسوا فيها، لإثبات حقهم على الأرض.

وقال القيادي بحركة فتح، “جمال حويل”: الاحتلال مرعوب من المطاردين والمقاومين لذلك يهدد عائلاتهم في جنين، وإن الدخول البري لغزة يعني انفجار براميل بارود في وجه الاحتلال بكل مكان وليس فقط بغزة.

وقال رئيس حركة حماس في الخارج “خالد مشعل”: نحن نتكلم من موقع الثقة واليقين بأن الله سينصرنا، لقد صمدنا في 5 حروب سابقة، ورددنا كيد العدو إلى نحره، وهذا العدو الذي أخاف دولاً وجيوشاً، قد تمكنت المقاومة من هزيمته وكسر هيبته.

وخرجت التظاهرات المناصرة لغزة وأهلها في الضفة الغربية والداخل المحتل، ومنها رام الله والخليل الذي هتفت فيه الجماهير لأحد ضباط الشاباك الإسرائيلي خلال مسيرة داعمة لغزة “كابتن باندا هدّد هدّد.. هي الشعب متوحد” ونابلس ومخيم العروب بالخليل وقباطية بجنين.

مسير المقاومة

نجحت كتائب “القسام” في الإيقاع بقوة صهيونية مدرعة في كمينٍ محكم شرق خانيونس بعد عبورها السياج الفاصل لعدة أمتار، حيث التحم مجندوا المقاومة مع القوة المتسللة فدمروا جرافتين ودبابة وأجبروا القوة على الانسحاب وعادوا إلى قواعدهم بسلام. وأعلن الاحتلال مصرع أخد جنود القوة وإصابة ٣ آخرين بفعل المواجهة، وقال موقع “والا” العبري: إن القوة التي وقعت بكمين القسام شرق خانيونس حاولت دخول حدود غزة لجمع أشلاء قتلى إسرائيليين فيها. بينما نشر القسام رسالة إلى جيش الاحتلال بعد انتهاء العملية قال فيها: تقدموا كي تهزموا، وتعرفوا أي صنف نحن من بني البشر.

وواصلت كتائب المقاومة خلال ساعات النهار قصف تل أبيب وعسقلان و “كيسوفيم” ومستوطنات غلاف غزة ومستوطنات القدس المحتلة. كما تم رصد دوي 5 انفجارات في “بيت شيمش” قرب القدس، بعد إطلاق رشقة صاروخية من غزة. ما أوقع عدد كبير من الإصابات في صفوف العدو وأصيب مستوطن أثناء هروبه إلى الملاجئ عند دوي صافرات الإنذار في “كريات جات” بعد انطلاق صواريخ من غزة، وأصيب مستوطنين اثنين، أحدهما بجراح خطيرة؛ جرّاء سقوط صاروخ من غزة على مستوطنة “نتيفوت” جنوب فلسطين.

وفي الشمال كثف حزب الله عملياته ضد مستوطنات ومعسكرات العدو الصهيوني شمال فلسطين، فهاجمت قواته بالأسلحة الصاروخية والقذائف المدفعية موقع رويسات العلم في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وحققوا فيه إصابات ‏مباشرة، عصر اليوم، واستهدفوا المزيد من الأجهزة التجسسية في موقع مستوطنة “مسكاف عام” و”العبّاد”. 

تهجير المحتل

ارتفع عدد الجنود والمستوطنين المصابين في غلاف غزة وجنوب فلسطين إلى ٥٤٣١ منهم ١٢ بحالة ميؤوس منها و ٢٩٢ بحالة خطيرة. ومع استمرار عمليات المقاومة وثبوتها أمام المحتل بدأت عمليات الفرار، فهرب أكثر من نصف مليون مستوطن من مستوطنات غلاف غزة ومدينة عسقلان وشمال فلسطين المحتلة. وصادق “يوآف غالانت”- رئيس لجنة الطوارئ القومية لدى وزير جيش الاحتلال- على إضافة 14 مستوطنة إلى خطة إجلاء المستوطنين من المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة

لكن مسؤولين في حكومة الاحتلال صرحوا بعدم وجود متسع في الفنادق لإخلاء المستوطنين من شمال فلسطين وجنوبها، وهو ما أكدته بلدية عسقلان وفق ما نقلته شبكة قدس الإخبارية عن القناة 12 العبرية: أنه سيتم وقف إجلاء المستوطنين من عسقلان، بسبب عدم توفر غرف فارغة في الفنادق داخل الأراضي المحتلة. 

ولم يمض الكثير من الوقت حتى تم الإعلان عن إقامة خيام للمستوطنين الهاربين من غلاف غزة- وفقا لصحيفة “معاريف”. وكأنهم يتجرعون ذات الكأس التي يسقونها لغزة وأهلها.

وبدأ التمرد والغضب يضرب الشارع الإسرائيلي، فنقل قناة “كان” العبرية خبر غضب جنود الاحتلال من وحدة “ناحال” غاضبون، بسبب سرقة جنود من وحدة أخرى أغراضهم الشخصية وأغراض رفاقهم الذين قتلوا بغلاف غزة. 

وتظاهر مستوطنون في مناطق عدة منها مقر وزارة دفاع الاحتلال، وأمام منزل رئيس الاحتلال للمطالبة بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين بغزة، ومحاسبة حكومة “نتنياهو” عن فشله في الحرب. ما اضطر حكومتهم للجنوح لدعم الجهود الدبلوماسية لإعادة الأسرى ما قد يترتب عليه تأخير العملية البرية قليلًا، لكنها عادت وأخبرت واشنطن أنها  لن تنتظر طويلا لبدء العملية البرية في غزة.

ومع التخبط الضارب في كل أركان الاحتلال قال المحلل السياسي “غيورا آيلاند”: “أولئك الذين ما زالوا يحلمون بالسلام العربي الشامل، لن يحدث ذلك فحسب، بل إننا بالفعل أكثر عزلة، نحن نرى جبهة موحدة للغاية معادية لإسرائيل، نحن في معركة صعبة مع بقية العالم”. وذلك على الرغم من الدعم الغربي غير المشروط الذي منح للكيان الصهيوني في كل أفعاله حيث تواصل الدول العظمى تأكيد دعمها المطلق لإسرائيل.

الغضب العربي والعالمي

بركان من الغضب الشعبي مازال يغلي ضد الاحتلال ومجازره في جميع أنحاء العالم، على الرغم من صلف الحكومات الغربية في الاستجابة لمطالب شعوبها وإيقاف الدعم المطلق للكيان الصهيوني، أما الشعوب العربية فمازالت مسيراتها مسموعة في الكيان الصهيوني تقول بشكل واضح: إن غزة ليست وحدها.

نظمت الطواقم الطبية في مأرب اليمنية مسيرة دعماً لأطباء غزة. وخرجت نقابة المحامين في مصر وبعض مناطق القاهرة في نظارات حاشدة ضد الاحتلال ومجازره ودعما لغزة وأهلها، كما خرجت مسيرات كبيرة في تونس وبيروت- التي وصلت المظاهرات فيها إلى السفارة الفرنسية احتجاجا على الدعم الأوروبي للكيان الصهيوني- والمخيمات الفلسطينية فيها، وخرج طوفان بشري ضد جرائم الاحتلال في مدينة طنجة المغربية كما نظم الصحفيون في الجزائر.

وفي أوروبا ألقى أتراك الألعاب أمام سفارة الاحتلال في إسطنبول في إشارة إلى الجرائم التي يرتكبها بحق الأطفال في غزة، ونظمت المسيرات حاشدة في الدانمارك وفرنسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا.

وفي القارة الأمريكية خرجت المظاهرات في واشنطن وبوسطن وخرجت مسيرة في كوستاريكا؛ وفي أسيا كان المظاهرات الحاشدة في باكستان وسراييفو. 

الحدود المصرية الفلسطينية

نجحت السلطات المصرية في إدخال ١٥ شاحنة مساعدات طبية وعذائية لغزة من معبر رفح، وأعلنت دخول ٤٠ شاحنة أخرى من المعبر غدًا.

لكن جيش الاحتلال قصف عن طريق الخطأ نقطة مراقبة مصرية على الحدود بين فلسطين المحتلة ومصر. ما أسفر عن إصابة 9 مصريين، وعلق المتحدث العسكرى باسم الجيش المصري على الحادث فقال: خلال الاشتباكات القائمة فى قطاع غزة اليوم الأحد الموافق 22 / 10 / 2023 أصيب أحد أبراج المراقبة الحدودية المصرية بشظايا قذيفة من دبابة إسرائيلية عن طريق الخطأ، مما نتج عنه إصابات طفيفة لبعض عناصر المراقبة الحدودية، وقد أبدى الجانب الإسرائيلى أسفه على الحادث غير المتعمد فور وقوعه، وجارى التحقيق فى ملابسات الواقعة .

هكذا استمرت المقاومة والصمود على الجبهة الفلسطينية، على الرغم من الألم والجراح ونزيف الدم المستمر منذ أكثر من ٧٥ عامًا، جيلا يقاوم ويورث الأجيال التي تليه، فداء أرض كانت ومازالت أرضهم بالحق الطبيعي التاريخي. في تحد أسطوري لجبهة الإجرام الغربي التي خلعت قناع الإنسانية عن وجهها لتؤيد المجرم تأييدًا مطلقًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى