مقالات

عبدالرحيم حماد يكتب: هل جائزة نوبل شيك على بياض للاستبداد والقمع في إقليم تيغراي ؟!

كتب عبدالرحيم أبوالمكارم حماد

 

فاز آبي أحمد ، وهو أصغر زعيم في القارة وعمره 44 عاما، بجائزة نوبل للسلام في عام 2019 على الإصلاحات الديمقراطية وإحلال السلام مع دولة إريتريا

آبي أحمد ذلك الرجل الحائز على جائزة نوبل للسلام ، الذي سعى للسلام مع بداية وصوله للسلطة بتوليه منصب رئيس الوزراء عاد الآن لموقع المقاتل، والمهاجم، والقامع ، والمشرد لابناء شعبه ، بعد أن اصدر قراره بتوجيه قوات بلاده العسكرية في 4 نوفمبر الجاري إلى إقليم “التيجراي” للتعامل مع المحتجين وفرض الطوارئ في البلاد مستغلا انشغال العالم بحدث إنتخابات الرئاسة الأمريكية وأجواء المنافسة بين المرشحين دونالد ترامب وجو بايدن ، من فيهم سيحكم أمريكا ويقود العالم.

لكن يبدو أنه فهمه (الجائزة) على محمل آخر، حيث اعتبرها شيكا على بياض يخول له بيع وشراء البضاعة التي يريدها.

لجأ إلى التصعيد بدلا من السلام، وافتعل مشكلات من الممكن حلها سياسيا، معتقدا أن زيادة الخصوم في الخارج يضمن له وحدة الجبهة الداخلية التي تتسم بالرخاوةالسياسيةوالعسكرية والاجتماعية، وفقا لقاعدة متداولة تقول “إذا أردت أن توحد شعبا فأوجد له عدوا (أعداء) خارجيا ”.

فتح آبي أحمد لسياسته التعسفية طريقا للمناوشات مع السودان في جدار الحدود المسكوت عن أزماتها المتقطعة، ووقعت اشتباكات غير معهودة بين قوات إثيوبية وأخرى سودانية، بعضها جاء عفويا جراء تحرك الرعاة على الجانبين، وبعضها كان مقصودا للضغط على الخرطوم لعدم تغيير موقفها من سد النهضة، وتظل على ثباتها في تأييده بلا تحفظات.

ضاعف آبي أحمد من تعنته بما وصل إلى حد الغطرسة مع مصر بشأن توقيع اتفاق ملزم يضمن حقوق جميع الأطراف، وعدم الجور على مصالح أحدها، وأمعن في الخلاف معها، والتلويح بخطاب التصعيد على حساب السلام.

أفشل وساطة الولايات المتحدة والبنك الدولي، وعلى وشك إعلان فشل وساطة الاتحاد الأفريقي بعد أسابيع طويلة من المفاوضات، ولم يعبأ بتقليص جزء من المساعدات الاقتصادية الأميركية أو التلويح بممارسة ضغوط دولية عليه، وتعمد الإنجرار إلى الصلف مع القاهرة وتجاهل الليونة التي حافظ عليها خطاب مصر السياسي.

ورغم حصول آبي أحمد على جائزة نوبل للسلام العام الماضي إلا أنه فشل في منع اندلاع الاشتباكات والاضطرابات العرقية، ما أحبط آمال المجتمع الدولي في تجنب المزيد من الأزمات والكوارث في محيط إقليمي مضطرب في الأساس

بدأ من تفاءلوا بصعود آبي أحمد إلى رئاسة الحكومة الإثيوبية منذ عامين ونصف العام يراجعون مواقفهم المؤيدة له كرجل للأمن والاستقرار في المنطقة، حيث تسببت سياساته في عودة شبح الحرب الأهلية في بلاده، بعد أن أمر الجيش بالتدخل عسكريا في إقليم تيغراي، الذي أعلن رفضه للكثير من تصرفات رئيس الحكومة المركزية.

إذ أن النزاع في منطقة التيجراي يمكن أن يؤدي إلى جذب قومية “الأمهرة” أيضًا التي عانت من صراعات حدودية مع “التيجراي” على مدى سنوات، كما أنها يمكن أن تمتد لإثارة المزيد من الاضطرابات العرقية في إثيوبيا.

إذ يشكل سكان تيغراي سوى 5% من سكان إثيوبيا البالغ 109 ملايين نسمة، لكن الإقليم أشد ثراء وتأثيرا من أقاليم أخرى كثيرة أكبر في البلاد.

وتقدر مجموعة الأزمات الدولية أن القوات شبه العسكرية التابعة لجبهة تحرير شعب تيغراي والميليشيات المحلية تشمل حوالي 250 ألف جندي

ويصر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على المضي قدما في التحشيد العسكري متجاهلا التحذيرات الدولية ليتحوّل رجل السلام وصاحب جائزة نوبل إلى “محارب” عنيد يرفض الاستماع لأي دعوات تهدئة.

ويهدد العنف في المنطقة الشمالية المتاخمة لإريتريا والسودان بزعزعة استقرار ثاني أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان حيث احتدم الصراع العرقي في المنطقة منذ تولي رئيس الوزراء آبي السلطة في 2018.

أكد المعهد الإفريقي للتنمية والتعليم أن النظام الحاكم الحالي في إثيوبيا بقيادة رئيس الوزراء أبي أحمد، الذي انتهت مدة ولايته ويباشر سلطاته بالأمر، «لا يعبأ بتوفير الأمان لمواطنيه».

وقال المعهد، ومقره في واشنطن، في خطاب مفتوح له، إن «النظام الإثيوبي لم يحرك ساكنا إزاء تعرض آلاف الإثيوبيين للاعتداء على أيدي مسلحين مجهولين، لافتا إلى أن قصف إقليم التيجراي يعد أحد مظاهر اللامبالاة والحماقة التي تتصف بها حكومة آبي أحمد».

وتواصل الحكومة الإثيوبية حملتها العسكرية في إقليم التجراي، في حين تتصاعد المخاوف من أن تؤدي المعارك إلى تعميق الانقسامات العرقية والسياسية في البلاد.

وقد سبق إن عين رئيس وزراء اثيوبيا آبي أحمد يوم (الأحد) الماضي ، قائداً جديداً للجيش بعد أربعة أيّام من إطلاق عملية عسكرية في إقليم تيغراي شمال البلاد. وذكر بيان صدر عن مكتب آبي أن برهان جولا، نائب قائد الجيش، ” تمت ترقيته إلى منصب قائد “، من دون ذكر أسباب.

وأجرى رئيس الوزراء الإثيوبي، تعديلات كذلك على الحكومة شملت حقيبة الخارجية، وأصدر آبي أحمد قراراً بتعيين ديميكي ميكونين وزيراً للخارجية الإثيوبية، خلفاً لـ قدو أنتقاشو، بالإضافة إلى منصبه كنائب رئيس الوزراء الإثيوبي، فيما عين غدو أندرجاتشاو، مستشارا لرئيس الوزراء للأمن القومي.

وشمل القرار أيضاً تعيين تمسجين تيرونه، الذي كان يشغل منصب حاكم إقليم الأمهرة، مدير لأمن شبكة المعلومات “إنسا”، بدلا عن ديميلاش جيبري ميكائل، الذي عينه مفوض مفوضية الشرطة الفيدرالية الإثيوبية.

وقال مسؤول حكومي إثيوبي الثلاثاء إن آلاف الإثيوبيين الفارين من الصراع في منطقة تيغراي الشمالية عبروا الحدود غربا إلى دولة السودان المجاورة.

وصرح رئيس مفوضية اللاجئين السودانية في مدينة كسلا الحدودية، السر خالد، لوسائل إعلام أن “قرابة ثلاثة آلاف لاجئ عبروا الحدود”.

ودعا الاتحاد الأفريقي إلى وقف إطلاق النار في منطقة تيغراي.

وقال في بيان إن “رئيس الاتحاد، موسى فقي محمد، يدعو جميع الأطراف إلى الوقف الفوري للقتال واحترام حقوق الإنسان وضمان حماية المدنيين”.

يذكر إن إقليم تيغراي وإن كان من الأقلية إلا أنه الأكثر نفوذا وتسليحا، وكان ينحدر منه رئيس الوزراء السابق ميليس زيناوي، وخرج من المنصب ليتولاه أبي أحمد الذي ينتمي إلى الأورمو، ولدى الإقليم جيش وجبهة تسمى جبهة تحرير تيغراي، وكانوا وراء الإطاحة بإمبراطور إثيوبيا السابق هيلا سيلاسي، وهناك صراع كبير بينهم وبين الأمهرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى