تقارير و تحقيقات

المتحف القومي للحضارة.. بوابة “الرحلة الأخيرة”

سمر صفي الدين

استحضار الماضي في حدث عالمي لـ”الرحلة الذهبية” للموكب الملكي الذي ضم 22 مومياءً لملوك الفراعنة، في رحلة انطلق من المتحف المصري بميدان التحرير إلى نظيره “القومي للحضارة”  بالفسطاط.

والمتحف القومي الذي يشهد فجرًا جديدًا تكون فيه قاعة “الملوك” الورقة الرابحة التي ستلفت انظار العالم إليه وستصل مكانته وشهرته لعنان السماء؛ مع ترقب العالم لهذا الحدث العظيم والذي نقلته كاميرات وعيون وكالات الأنباء الدولية المختلفة.

وفي خضم الحدث العالمي غير المسبوق، يرصد موقع “اليوم” السجل الباهر للمتحف القومي للحضارة ومحيطه تاريخه الضارب في العصور الماضية، وأبرز مقتنياته من آثار ومتاحف وقاعات عرض، التي من المنتظر أن يتوجها الموكب الملكي، وفق تقارير حكومية وأثرية.

**قلعة جديدة

والمتحف القومي هو أحد أكبر المتاحف العالمية، وكذلك المتحف الوحيد من نوعه فى مصر والعالم العربى والشرق الأوسط وأفريقيا، حيث إنه بنُي على غرار متاحف عالمية كبير كاللوفر في باريس والمتحف البريطاني في إنجلترا.

ويقع المتحف في مدينة الفسطاط بمصر القديمة التي أنشأها القائد المسلم عمرو بن العاص عام 640 م كأول عاصمة إسلامية بمصر بعد الفتح الإسلامي لها، وهي المدينة التي تحتوي صروحًا ومواقع أثرية بارزة بما فيها قلعة صلاح الدين وجامع عمرو بن العاص والكنيسة المعلقة وكنيس بن عزرا اليهودي، والثلاثي الآخير يشكل “مجمع الأديان” المعروف.

وتعود فكرة إنشاء المتحف إلى عام 1982 عندما قامت منظمة “اليونسكو” بالإعلان عن حملة دولية لإنشاء المتحف القومي للحضارة ومتحف النوبة بأسوان، وفي عام 1999 تم اختيار الموقع الحالي للمتحف بالفسطاط ، وتم عمل الحفائر الأثرية بموقع المتحف في الفترة من 2000 حتى2005، فيما وضع حجر الأساس لمبنى المتحف عام 2002 لينتهي تدشينه خلال 3 أعوام.

ومؤخرًا عاد الحديث عن تطوير المتحف ليصبح المقر الرئيسي الذي يوثق جميع الحضارات التي مرّت على مصر بعد افتتاح قاعة العرض المؤقتة بالتزامن مع الافتتاح الجزئي للمتحف.

** لوفر مصر

شيُد المتحف على يد المهندس المعماري المصري الغزالي كسيبة، وتبلغ مساحته نحو 33.5  فدانًا منها 130 ألف متر مربع من المباني ، وخُصص لمجمل الحضارة المصرية، حيث ستحكي أكثر من ٥٠ ألف قطعة أثرية مراحل تطور الحضارة منذ أقدم العصور حتى العصر الحديث.

ومن المقرر أن عرض مقتنيات المتحف في معرض رئيسي دائم يتناول أهم إنجازات الحضارة المصرية، إضافة إلى ستة معارض أخرى تتناول موضوعات: الحضارة، والنيل، والكتابة، والدولة والمجتمع، والثقافة، والمعتقدات والأفكار، بالإضافة إلى معرض المومياوات الملكية.

**قاعة الحرف

وهي قاعة العرض المؤقت والتى افتُتحت عام 2017 بحضور إيرينا بوكوفا، مدير عام اليونسكو، بمساحة ألأف متر مربع، وتعرض أربع حرف وهي: الفخار والأخشاب والنسيج والحلي، ونحو 400 قطعة أثرية من مختلف العصور، إضافة إلى عدد كبير من قطع التراث والأفلام والصور التي تبرز الطابع المميز للحرف المصرية الأصيلة.

**حكام الأرض

أهم وأشهر الملوك يجتمعون في قاعة “العرض المركزي”، وهي قاعة العرض الدائم للمومياوات التي صممت خصيصًا لعرض المومياوات في المحطة الأخيرة لرحلة ملوك وملكات حكموا مصر وكونوا إمبراطوريات سطرها التاريخ بحروف ذهبية.

تهيئ القاعة للزائر أجواء منطقة وادي الملوك، حيث عثر على هذه المومياوات، وبشكل يليق بمكانتهم الرفيعة، ويسبقها عرض تمهيدي يشرح كيفية ممارسة المصريين لعلم التحنيط وتفوقهم فيه.

**قلب المتحف

وهو قاعة العرض المركزي تشتمل على العرض الرئيسي للمتحف، تعرض فكرة متكاملة عن الحضارة المصرية وأهم إنجازاتها عبر عصورها المختلفة بدءًا من عصور ما قبل التاريخ ومرورًا بالعصور الفرعونية واليونانية الرومانية والقبطية والإسلامية حتى العصر الحديث، إضافة إلى الموروث الشعبي.

**الهرم الزجاجي

يعرض متحف “العاصمة” تاريخ العاصمة التى تأخذ مكانها مدينة القاهرة الكبرى الحالية، ويقع مكانه فى الهرم الزجاجي الذى يرتفع فوق منطقة العرض المركزي.

ويمكن للزائر من خلاله وبأساليب تكنولوجية حديثة رؤية كل معالم القاهرة القديمة والحديثة.

**فجر الحضارة

وتعرض القاعة الملحقة بمتحف العاصمة البدايات الأولى لملامح الحضارة المصرية في عصورها المبكرة وكيف عرف المصريون الاستقرار والزراعة والرعي، وكيف نشأت القرى والمدن وتوحدت الأقاليم وكيف نشأت الديانة والمعتقدات حتى بداية تكوين ملامح الدولة المصرية.

كما تعرض مجموعة من الأدوات الحجرية التي يعود أقدمها إلى آلاف السنين، وعدد من القطع الفنية والأواني التى تمثل النشاط المبكر للمصريين القدماء، وأيضًا مجموعة نادرة من الهياكل البشرية للمصريين الأوائل، والتي سيراها العالم لأول مرة.

**قاعة النيل

وهي تروي قصة استقرار المصري على ضفاف النيل وكيف ساعده على بناء حضارته العظيمة وتعلم الزراعة والصيد، وكان شريانًا للنقل يربط وحدة المصريين حضاريًا وكذلك ارتبط النيل بمعتقداتهم الأولى به، وعرفوا من ملاحظة فيضانه علوم الفلك والإحصاء وحساب الضرائب مما جعلهم يقيمون على ضفافه ودلتاه أقدم حضارات العالم.

**قاعة الكتابة

وتظهر كيف توصل المصريون للكتابة وكيف تطورت من خلال الاكتشافات الأثرية من معبد أبيدوس بمحافظة سوهاج وغيره من المعابد التي تؤكد سبق وريادة المصريين في الوصول للكتابة.

كما تعرض براعة المصريين في العلوم المختلفة مثل الطب والفلك والرياضيات وعلوم التحنيط والآداب والتي تكشف عن سلوكياتهم وأخلاقهم واحترامهم للقيم الإنسانية النبيلة.

**قاعة الثقافة

وهي تعرض الشواهد المادية الدالة على عظمة الحضارة المصرية مثل العمارة وتطورها من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث بمختلف فروعها المدنية و الدينية والجنائزية والحربية.

كما تتناول قصة الفنون بأنواعها من نحت وتصوير وحلي وأدوات زينة وأدوات موسيقية وتعبيرية وغيرها، إلى جانب مجموعة متنوعة من القطع التراثية المختلفة التي تمثل الأصالة  من ربوع مصر المختلفة.

**قاعة المجتمع

وتعرض نشأة الدولة المصرية والعلاقة بين الحكومة والمجتمع ودور المرأة فى المجتمع،  ومنظومة المؤسسات مثل القضاء والجيش والشرطة ونظام الضرائب.

كما تُبرز العادات الاجتماعية مثل الزواج والمناسبات والأعياد وغيرها من ملامح الحياة الاجتماعية والسياسية المصرية عبر العصور.

**الفكر والعقائد

وتظهر عقائد المصريين ودياناتهم عبر العصور وكيف أنهم عرفوا قوة الإله والتأكيد على أنهم أكثر شعوب الأرض تسامحًا مع أصحاب المعتقدات الأخرى، وكيف أنهم كانوا علامة فارقة فى انتشار المسيحية والإسلام.

وتعرض كذلك العادات والفنون والمعتقدات الشعبية منذ أقدم العصور فى أسلوب يدرك معه المصريون اليوم مدى ارتباطهم وتواصلهم مع الأجداد.

**بيت الهدايا

وللمستنسخات الأثرية نصيب، إذ يعرض المتجر الرسمي بالمتحف منتجات مصنع دُشن خصيصًا مؤخرًا بمدينة العبور للتلك المستنسخات.

ويحمل كل مستنسخ أثري يتم انتاجه بالمصنع ختمًا خاصًا بالمجلس الأعلى للآثار، وشهادة معتمدة تفيد بأنه قطعة مقلدة وصورة طبق الأصل وأنه من إنتاج الوزارة، إلى جانب وجود “باركود” يمكن من خلاله التعرف على كافة المعلومات الخاصة بهذه القطعة باللغتين العربية والإنجليزية، مثل المادة المصنوعة منها والوزن واسم ومكان عرض القطعة الأصلية مما يسهم فى حماية منتجات الوحدة من التقليد والتزييف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى