اقتصاد

التغييرات المناخية تعيد تموضع مصر على خريطة الطاقة المتجددة عالمياً 

كتبت- هبة عوض: 

تضررت مصر كغيرها من دول العالم من آثار التغيرات المناخية، وسط مخاوف من تراجع مستويات الوعي بالمخاطر الناجمة عنه وكيفية التخفيف من تداعياتها، لاسيما بعد أن تأثرت كثير من القطاعات المختلفة بالفعل.

ويأتي قطاع الزراعة على رأس القطاعات المتضررة جراء التغييرات المناخية، بعد أن تسبب طول فصل الشتاء في أضرار المحاصيل الزراعية الصيفية كالذرة والزيتون، ورغم أنه عاد بالنفع على الزراعات التي تتطلب جو معتدل، إلا أن استمرار ارتفاع معدلات درجات الحرارة يتسبب في مشكلات لقطاع الزراعة على المدي البعيد.

وتتزايد التوقعات حول تزايد تأثير التغييرات المناخية على انتاجية بعض المحاصيل الزراعية وخاصة الاستراتيجية مثل القمح والذرة، لاسيما عقب ارتفاع نسبة الملوحة في أراضي الدلتا المدفوع بارتفاع مستوي سطح البحر، والذي يتطلب من المزارعين بذل جهد كبير لمحاولة التكيف مع الامر.

وأفاد تقرير للبنك الدولي بوجود مخاطر تواجه السواحل المصرية وتهدد بتأكلها، الأمر الذي ينعكس على البنية التحتية الصناعية وسكان المناطق الساحلية، فضلاً عن السياحة التي تعد مصدر مهم للعملة الصعبة، لافتاً إلى ضرورة اتخاذ إجراءات رادعة والتي حال عدم توقفها يمكن أن تكلف الدولة مليارات الدولارات سنوياً.

ويرى الدكتور وفيق أحمد، الخبير البيئى، أن الصيد الجائر والذي تسبب في الاختفاء التدريجي للشعاب المرجانية في البحر الأحمر، فضلاً عن أن الممارسات السياحية غير المستدامة باتت تشكل تهديد إضافي لنشاط مهم للدولة، لافتاً إلى أن الحل يكمن في إمكانية استزراع شعاب مرجانية بديلة للحد من أضرار الصيد الجائر.

في السياق ذاته، واجه أصحاب المزارع الحيوانية مشكلات مماثلة، إذ أضطر البعض إلى التوقف عن العمل نتيجة تداعيات ارتفاع درجات الحرارة وأسعار الأعلاف والتي آثرت بدورها على إنتاجية الحيوانات من الألبان، الأمر الذي انطبق على مصنعي العسل، والذي واجه انخفاض غير مسبوق في الإنتاج  نتيجة التغييرات المناخية وتداعياتها على معدلات الطقس والتي باتت متغيرة بشكل غير متوقع.

ورغم تداعيات التغيرات المناخية على قطاعات عدة، إلا أنها لازال لها وجه أخر بعد أن ساهمت في مزيد من التحول الأخضر، بالنظر إلى أنها جعلت من إنشاء سوق السيارات الكهربائية حلم قابل للتحقيق على المدي القريب.

وشهد العام الجاري زخم غير مسبوق حول التغييرات المناخية، عقب استضافة مصر لمؤتمر  COP27 الذي  حفز العديد من القرارات والمبادرات الجديدة في مختلف القطاعات بداية من الطاقة الشمسية إلى السيارات الكهربائية، فيما ساهم في حشد دعم عالمي ووضع الدول الصناعية الكبري أمام مسئولياتها وتعهداتها أمام الدول النامية والتي تدفع ثمن فاتورة لم تشارك بها.

عالمياً، أكد علماء المناخ أن العالم بحاجة ضرورية إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لتجنب كارثة مناخية، فيما شهد العام الجاري تحذيرات غير مسبوقة على مستوي كافة الدول، وسط محاولات رفع الوعي المجتمعي بآثار التغييرات المناخية على كافة مناحي الحياة.

وشدد أحمد خطاب، الخبير الاقتصادي، على ضرورة وضع حد لظاهرة الاحتباس الحراري للوصول بدرجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، لتفادي مزيد من التدهور الناتج عن موجات الحو والفيضانات والأضرار البيئية، لافتاً إلى أن تحقيق هذا الهدف – الوصول بدرجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية – يتطلب ضخ استثمارات كبيرة، وبخاصة داخل أفريقيا التي تواجه مخاطر أكبر نتيجة ضعف مواردها.

وأضاف أن التغييرات المناخية حفزت قطاعات جديدة، على رأسها قطاع السيارات الكهربائية، مشيراً إلى أن الحوافز التشريعية مهدت الطريق أمام إقامة بنية تحتية لشحن السيارات الكهربائية، إذ تتنافس عدة شركات على طرح حكومي خاص بإدارة شركة محطات الشحن العامة للسيارات الكهربائية التي سيجري تأسيسها قريبا، في وقت تسعي الحكومة إلى إنشاء 6 آلاف نقطة شحن للسيارات عبر 3 آلاف محطة في جميع أنحاء البلاد.

إلى ذلك، اتفق الدكتور محرم هلال، رئيس اتحاد المستثمرين، مع سابقه، وأوضح أن التوجه الأخضر قاد الحكومة للتوجه نحو صناعة السيارات الكهربائية محلياً، متوقعاً أن يصبح جزء من استراتيجية توطين تلك الصناعة على المدي المتوسط، لاسما بعد أن ننجح خلال العام المقبل في إنتاج أول سيارة كهربائية مجمعة محلياً.  

وأشار إلى أن مصر تتمتع بقدرتها الهائلة على إنتاج الطاقة من مصادر متجددة، نظراً لما حباها بها الله من مقومات طبيعية تؤهلها أن تكون مصدر حيوي للطاقة المتجددة، لافتاً إلى أنه أصبح لدينا فائض من الكهرباء يمكن أن يعادل ما يتم استيراده من البترول إذا ما تم استبدال السيارات التقليدية بنظيرتها الكهربائية، بما يخفف من أعباء العملة الصعبة على الدولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى