مقالات

19 رمضان..سفك دماء الذكية لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب شهيد المحراب

كان الصحابي الجليل وأمير المؤمنين الإمام على بن أبي طالب رضي الله عنه من أعقل الناس وأحزمهم، وقد اشتهر بالشجاعة والإقدام، وهو أول من أسلم من الصبيان، ثم لازم النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة، وعند خروج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة بصحبة أبي بكر رضي الله عنه خلَفه فنام على فراشه، ومن مناقبه رضي الله عنه ما ثبت عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول يوم خيبر: (لأعطين الراية رجلا يفتح الله على يديه، فقاموا يرجون لذلك أيهم يعطى ، فغدوا وكلهم يرجو أن يعطى، فقال: أين علي؟ فقيل يشتكي عينيه، فأمر فدعي له، فبصق في عينيه فبرأ مكانه حتى كأنه لم يكن به شيء) رواه البخاري 2942 ، ومسلم 2406.

«أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ، وَعَلِيٌّ بَابُهَا» هو باب مدينة العلم كما وصفه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ابن عمِّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأبو سيدنا الحسن وسيدنا الحسين وسيدتنا زينب والسيدة أم كلثوم عليهما السلام.

بدأ الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه طريق البطولة مبكرًا؛ فأول ما تُحدثنا به كتب السيرة: أن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان أول من شرى نفسه في سبيل الله، ووقى بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ ففي ليلة الهجرة المباركة أتى جبريلُ عليه السلام رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: لا تَبِتْ هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه. قال: فلما كانت عتمة من الليل اجتمع على بابه المشركون لتنفيذ خطتهم المجرمة بقتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكانهم، قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: نَمْ على فراشي وتغطى ببردي الأخضر، فَنَمْ فيه، فإنَّه لن يصل إليك شيء تكرهه منهم.

وفي غزوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان الفارس المغوار، والبطل الكرار، الذي لا يشقُّ له غبار، شارك في معظم غزوات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي غزوة خيبر قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ، لَيْسَ بِفَرَّارٍ» ،فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليًّا رضوان الله عليه، وهو يشكو من عينه، فنفخ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عينه فبرأت، ثم قال له: «خُذْ هَذِهِ الرَّايَةَ فَامْضِ بِهَا حَتَّى يَفْتَحَ اللهُ عَلَيْكَ».في هذا اليوم رأى المسلمون كرامةً لسيدنا عليٍ رضي الله عنه تدل على تأييد الله له وللمسلمين؛ أنه لما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم، فضربه رجل من اليهود، فطرح درعه من يده فخلع علي أحد أبواب الحصن فجعله درعًا له!، فلم يزل في يده وهو يقاتل، حتى فتح الله تعالى عليه، ثمّ ألقاه من يده حين فرغ، يقول أحد الصحابة الذين كانوا معه: فلقد رأيتني في نفرٍ سبعةٍ أنا ثامنهم، نجهد على أن نقلب ذلك الباب، فما نقلبه!عاش سيدنا علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مجاهدًا في سبيل الله، وبعد انتقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تولى مهام القضاء والفتوى في عهد الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين واشتهر بين الصحابة بعلمه لكتاب الله وفهمه الدقيق الثاقب، وكان مما أُثر عن سيدنا عمر رضي الله عنه قوله: ” اللهم إني أعوذ بك من معضلة ليس لها أبو الحسن”، يعني سيدنا علي كرم الله وجهه.

في مثل هذا اليوم  الموافق 19 رمضان تمر ، ذكرى ضرب  الإمام على بن أبى طالب فى سنة 40 هجرية، واستشهاده بعد أيام قليلة من طعنه على يد الخارجى الملعون عبد الرحمن بن ملجم ، فى واحدة من أقسى التجارب فى التاريخ الإسلامى وكان أمير المؤمنين الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه خير أهل الأرض فى ذلك الزمان ، أعبدهم وأزهدهم ، وأعلمهم وأخشاهم لله عز وجل، ومع هذا كله خذلوه وتخلوا عنه حتى كره الحياة وتمنى الموت، وذلك لكثرة الفتن وظهور المحن، فكان يكثر أن يقول : ما يحبس أشقاها، أى ما ينتظر؟ ماله لا يقتل؟ ثم يقول: والله لتخضبن هذه ويشير إلى لحيته من هذه ويشير إلى هامته

كما قال البيهقى : عن الحاكم ، عن الأصم ، عن محمد بن إسحاق الصنعاني ، ثنا أبو الحراب الأحوص بن جواب ، ثنا عمار بن زريق ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبى ثابت ، عن ثعلبة بن يزيد قال :

قال على : والذى فلق الحبة وبرأ النسمة لتخضبن هذه من هذه للحيته من رأسه فما يحبس أشقاها؟
فقال عبد الله بن سبع: والله يا أمير المؤمنين لو أن رجلا فعل ذلك لأبدنا عترته.
فقال: أنشدكم بالله أن يقتل بى غير قاتلى.
فقالوا: يا أمير المؤمنين ألا تستخلف؟
فقال: لا ولكن أترككم كما ترككم رسول الله ﷺ.
قالوا: فما تقول لربك إذا لقيته وقد تركتنا هملا؟.
أقول: اللهم استخلفتنى فيهم ما بدا لك، ثم قبضتنى وتركتك فيهم فإن شئت أصلحتهم وإن شئت أفسدتهم.

قصة تحالف أهل الشر على مقتل أمير المؤمنين الإمام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه:

ذكر ابن جرير ، وغير واحد من علماء التاريخ والسير وأيام الناس: أن ثلاثة من الخوارج وهم: عبد الرحمن بن عمرو المعروف: بابن ملجم الحميرى ثم الكندي ، حليف بنى حنيفة من كندة المصري ، وكان أسمر حسن الوجه ، أبلح شعره مع شحمة أذنيه ، وفى وجهه أثر السجود.
والبرك بن عبد الله التميمي ، وعمرو بن بكر التميمى أيضا – اجتمعوا فتذاكروا قتل على إخوانهم من أهل النهروان فترحموا عليهم.

وقالوا: ماذا نصنع بالبقاء بعدهم؟ كانوا لا يخافون فى الله لومة لائم ، فلو شرينا أنفسنا فأتينا أئمة الضلال فقتلناهم فأرحنا منهم البلاد وأخذنا منهم ثأر إخواننا؟
فقال ابن ملجم: أما أنا فأكفيكم على بن أبى طالب.
وقال البرك: وأنا أكفيكم معاوية.
وقال عمرو بن بكر: وأنا أكفيكم عمرو بن العاص.

فتعاهدوا وتواثقوا أن لا ينكص رجل منهم عن صاحبه حتى يقتله أو يموت دونه ، فأخذوا أسيافهم فسموها واتعدوا لسبع عشرة من رمضان أن يبيت كل واحد منهم صاحبه فى بلده الذى هو فيه.

فأما ابن ملجم فسار إلى الكوفة فدخلها وكتم أمره حتى عن أصحابه من الخوارج الذين هم بها، فبينما هو جالس فى قوم من بنى الرباب يتذاكرون قتلاهم يوم النهروان إذ أقبلت امرأة منهم يقال : قطام بنت الشجنة.

قد قتل أمير المؤمنين الإمام على عليه السلام يوم النهروان أباها وأخاها ، وكانت فائقة الجمال مشهورة به ، وكانت قد انقطعت فى المسجد الجامع تتعبد فيه ، فلما رآها ابن ملجم سلبت عقله ونسى حاجته التى جاء لها، وخطبها إلى نفسها فاشترطت عليه ثلاثة آلاف درهم وخادما وقينة ، وأن يقتل لها على بن أبى طالب .

قال : فهو لك ووالله ما جاء بى إلى هذه البلدة إلا قتل علي، فتزوجها ودخل بها ثم شرعت تحرضه على ذلك وندبت له رجلا من قومها ، من تيم الرباب يقال له : وردان، ليكون معه ردءا ، واستمال عبد الرحمن بن ملجم رجلا آخر يقال له : شبيب بن نجدة الأشجعى الحرورى قال له ابن ملجم : هل لك فى شرف الدنيا والآخرة؟
فقال : وما ذاك : قال؟ قتل علي.
فقال : ثكلتك أمك، لقد جئت شيئا إذا كيف تقدر عليه؟
قال : أكمن له فى المسجد فإذا خرج لصلاة الغداة شددنا عليه فقتلناه، فإن نجونا شفينا أنفسنا وأدركنا ثأرنا، وإن قتلنا فما عند الله خير من الدنيا.
فقال: ويحك لو غير على كان أهون علي؟ قد عرفت سابقته فى الإسلام وقرابته من رسول الله ﷺ، فما أجدنى أنشرح صدرا لقتله.
فقال: أما تعلم أنه قتل أهل النهروان؟
فقال: بلى.
قال: فنقتله بمن قتل من إخواننا.
فأجابه إلى ذلك بعد لأى ودخل شهر رمضان فواعدهم ابن ملجم ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت.

وقال: هذه الليلة التى واعدت أصحابى فيها أن يثأروا بمعاوية وعمرو بن العاص فجاء هؤلاء الثلاثة – وهم : ابن ملجم، ووردان ، وشبيب ، وهم مشتملون على سيوفهم فجلسوا مقابل السدة التى يخرج منها علي ، فلما خرج جعل ينهض الناس من النوم إلى الصلاة.
ويقول : الصلاة الصلاة فثار إليه شبيب بالسيف فضربه فوقع فى الطاق، فضربه ابن ملجم بالسيف على قرنه فسال دمه على لحيته رضى الله عنه.
ولما ضربه ابن ملجم قال : لا حكم إلا لله ليس لك يا على ولا لأصحابك، وجعل يتلو قوله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ } [البقرة: 207] .

ونادى علي: عليكم به ، وهرب وردان فأدركه رجل من حضرموت فقتله ، وذهب شبيب فنجا بنفسه وفات الناس، وُمسك ابن ملجم وقدم على جعدة بن هبيرة بن أبى وهب فصلى بالناس صلاة الفجر، وحمل على إلى منزله، وحمل إليه عبد الرحمن بن ملجم فأوقف بين يديه وهو مكتوف – قبحه الله – فقال له: أى عدو الله ألم أحسن إليك؟

قال: بلى.

قال: فما حملك على هذا؟

قال: شحذته أربعين صباحا وسألت الله أن يقتل به شر خلقه.

فقال له علي: لا أراك إلا مقتولا به، ولا أراك إلا من شر خلق الله.

ثم قال: إن مت فاقتلوه وإن عشت فأنا أعلم كيف أصنع به.

فقال جندب بن عبد الله: يا أمير المؤمنين إن مت نبايع الحسن؟

فقال: لا آمركم ولا أنهاكم، أنتم أبصر.

ولما احتضر على جعل يكثر من قول لا إله إلا الله، لا يتلفظ بغيرها.

وقد قيل: إن آخر ما تكلم به: { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّا يَرَهُ } [الزلزلة: 7]

وقد أوصى ولديه الحسن والحسين بتقوى الله والصلاة، والزكاة، وكظم الغيظ، وصلة الرحم، والحلم عن الجاهل، والتفقه فى الدين، والتثبت فى الأمر، والتعاهد للقرآن، وحسن الجوار، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، واجتناب الفواحش.

ووصاهما بأخيهما محمد بن الحنفية، ووصاه بما وصاهما به، وأن يعظمهما ولا يقطع أمرا دونهما وكتب ذلك كله فى كتاب وصيته رضى الله عنه وأرضاه

كان الإمام علي عليه السلام في يوم 19 من شهر رمضان يؤم المسلمين في صلاة الفجر في مسجد الكوفة، و في أثناء الصلاة ضربه عبد الرحمن بن ملجم بسيف مسموم على رأسه، فقال علي جملته الشهيرة: «فزت ورب الكعبة»،

إذ أن الإمام علي عليه السلام و هو ساجد ضربه اللعين ابن ملجم على رأسه بالسيف فصاح الإمام علي عليه السلام صلوات الله وسلامه عليه: فزت ورب الكعبة

فقال بعض من حضر ذلك: فرأيت بريق السيف وسمعت قائلاً يقول لله الحكم يا علي لا لك، ثم رأيت سيفاً ثانياً فضربا جميعاً، فأما سيف عبد الرحمن بن ملجم فأصاب جبهته إلى قرنه ووصل إلى دماغه، وأما سيف شبيب فوقع في الطاق، وسمعت علياً يقول: لا يفوتنكم الرجل. وشد الناس عليهما من كل جانب، فأما شبيب فأفلت، وأخذ عبد الرحمن بن ملجم فأدخل على علي فقال: أطيبوا طعامه وألينوا فراشه، فإن أعش فأنا أولى بدمه عفواً أو قصاصاً، وإن أمت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين!

وأما شبيب بن بجرة، فإنّه خرج هارباً فأخذه رجل فصرعه وجلس على صدره، وأخذ السيف من يده ليقتله، فرأى الناس يقصدون نحوه، فخشي أن يعجلوا عليه فوثب عن صدره وخلاه، وطرح السيف عن يده ففاته، فخرج هارباً حتى دخل منزله، فدخل عليه ابن عم له فرآه يحل الحرير عن صدره، فقال له: ما هذا؟ لعلك قتلت أمير المؤمنين! فأراد أن يقول: لا، فقال: نعم، فمضى ابن عمه فاشتمل على سيفه ثم دخل عليه فضربه حتى قتله.

حمل الإمام عليه السلام إلى داره بعد ضربه

لما ضرب أمير المؤمنين عليه السلام احتمل فأدخل داره فقعدت لبابة عند رأسه وجلست أم كلثوم عند رجليه ففتح عينيه فنظر إليهما فقال: الرفيق الأعلى خير مستقراً وأحسن مقيلاً.

وأخذ ابن ملجم فأدخل على علي، فقال أطيبوا طعامه، وألينوا فراشه، فإن أعش فأنا ولي دمي، عفو أو قصاص، وإن مت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين.

وقال ابن الاثير: أًدخل ابن ملجم على أمير المؤمنين عليه السلام، وهو مكتوف فقال: أي عدو الله ألم أحسن إليك، قال: بلى قال عليه السلام. فما حَملَك على هذا؟! قال ابن ملجم: شحذته أربعين صباحاَ “يقصد بذلك سيفه”، وسألت الله أن يقتل به شر خلقه، قال علي عليه السلام: لا أراك إلا مقتولاً به، ولا أراك إلا من شر خلق الله، ثم قال عليه السلام: النفس بالنفس إن هلكت فاقتلوه كما قتلني، وإن بقيت رأيت فيه رأيي، يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين، تقولون قتل أمير المؤمنين ألا لا يُقتلن إلا قاتلي، انظر يا حسن إذا أنا متّ من ضربتي هذه، فاضربه ضربة بضربة، ولا تمثـلن بالرجل، فإنّي سـمعت رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم إيّاكم والمثلة ولو بالكلب العقور.

وفي كتاب الخرائج قال عمرو بن الحمق: دخلت على علي عليه السلام، حين ضرب الضربة بالكوفة، فقلت: ليس عليك بأس إنّما هو خدش، قال: لعمري إنّي لمفارقكم، ثم أغمي عليه، فبكت أم كلثوم، فلما أفاق قال عليه السلام: لا تؤذيني يا أم كلثوم، فإنّك لو ترين ما أرى، إنّ الملائكة من السماوات السبع بعضهم خلف بعض والنبيين يقولون انطلق يا علي فما أمامك خير لك مما أنت فيه.

لقد بقي أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام يعاني من ضربة المجرم الأثيم ابن ملجم ، ثلاثة أيام، عهد خلالها بالإمامة إلى إبنه الإمام الحسن المجتبى عليه السلام ، وطوال تلك الأيام الثلاثة كان عليه السلام يلهج بذكر الله ، والرضا بقضائه ، والتسليم لأمره ، كما كان يُصدر الوصية تلو الوصية، داعياً إلى إقامة حدود الله عز وجل ، محذراً من اتباع الهوى والتراجع عن حمل الرسالة الإسلامية.

كانت آخر وقعة خاضها الإمام علي عليه السلام هي معركة النهروان ، حيث جابه فيها مجموعة من أنصاره الذين فرضوا التحكيم عليه في حرب صفين آنفاً ، لكنهم ندموا بعدة أيام، فنكثوا عهدهم وخرجوا من بيعة الإمام علي عليه السلام ، وقد عُرفوا هؤلاء فيما بعد باسم الخوارج أو المارقين ، فانتصر عليهم الإمام عليه السلام، وكان يتهيأ لقتال المتمردين في الشام – بعد أن فشل التحكيم عند اللقاء بين الحَكَمَين

وتقول بعض الروايات أن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام كان في الطريق إلى المسجد حين ضربه ابن ملجم وروايات أخرى تقول ضربه إبن ملجم المعلون والإمام علي كان ساجد في الصلاة ثم حمل على الأكتاف إلى بيته وقال: «أبصروا ضاربي أطعموه من طعامي، واسقوه من شرابي، النفس بالنفس، إن هلكت، فاقتلوه كما قتلني وإن بقيت رأيت فيه رأيي» ونهى عن تكبيله بالأصفاد وتعذيبه. وجيء له بالأطباء الذين عجزوا عن معالجته فلما علم علي أنه ميت قام بكتابة وصيته كما ورد في مقاتل الطالبيين. ظل السم يسري بجسده إلى أن توفي بعدها بثلاثة أيام، تحديدا ليلة 21 رمضان سنة 40 هـ عن عمر يناهز 64 حسب بعض الأقوال.

وبعد مماته تولى سيدنا عبد الله بن جعفر والإمام الحسن والإمام الحسين غسل جثمانه وتجهيزه ودفنه، ثم اقتصوا من ابن ملجم بقتله ولقب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بعدها بشهيد المحراب

وعبد الرحمن بن ملجم لعنة الله أحد الخوارج كان قد نقع سيفه بسم زعاف لتلك المهمة.

ويُروى أن ابن ملجم كان اتفق مع إثنين من الخوارج على قتل كل من معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وعلي بن أبي طالب يوم 19 رمضان، فنجح بن ملجم في قتل أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام وفشل الآخران .

تذكر العديد من كتب الحديث النبوي وكتب التاريخ أن سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تنبأ بمقتل أمير المؤمنين علي عليه السلام، وتعددت رواياتهم حول ذلك ومنها: «يا علي أبكي لما يُسْتَحَلُّ منك في هذا الشهر ، كأني بك وأنت تريد أن تُصلِّي وقد انبعث أشقى الأولين والآخرين، شقيق عاقر ناقة صالح ، يضربك ضربة على رأسك فيخضب بها لحيتك »

وفقا للشيخ المفيد فإن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام طلب من إبنه الإمام الحسن عليه السلام أن يدفنه سرا وأن لا يعرف أحد مكان دفنه ، لكي لا يتعرض قبره للتدنيس من قبل أعدائه ، وظل مدفن أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام مجهولا إلى أن أفصح عن مكانه الإمام جعفر الصادق عليه السلام في وقت لاحق خلال الخلافة العباسية. وبحسب الرواية الأكثر قبولا عند الشيعة فإن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه دفن في النجف حيث بني مقام ومسجد أمير المؤمنين الإمام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه الموجود حتى الآن.

بعد مقتل الإمام علي عليه السلام

رحل خليفه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام تاركاً خلفه الفتنة مشتعلة بين المسلمين، واستلم الخلافة من بعده ابنه الإمام الحسن بن علي عليهما السلام وبايعه الناس في الكوفة، واستمرت خلافته ستة أشهر ، وقيل ثمانية، وانتهت خلافته فيما عرف بعام الجماعة بصلح الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية وتنازله عن الحكم حقنا لدماء المسلمين ، ويقال أن قبوله للصلح يرجع لضعف موقفه حيث استطاع معاوية بسط نفوذه على الشام ومصر وكانت جيوش الحسن ضعفت بعد قتال الخوارج.

كما تذكر بعض المصادر أن أحد بنود الصلح كانت أن يكون الأمر بعد موت معاوية للإمام الحسن عليه السلام ثم لأخيه الإمام الحسين عليه السلام.

يذكر ابن كثير وابن الأثير أن الإمام الحسين بن علي عليهما السلام كان رافضا صلح أخيه مع معاوية ، وأنه كان يريد السير على نهج أبيه والقتال حتى النهاية ، ومع إصرار أخيه الحسن الشديد سلم الإمام الحسين عليه السلام بالأمر ، بعد وفاة الإمام الحسن عليه السلام ثم معاوية أعلن الإمام الحسين عليه السلام ثورته ضد الفاسد يزيد بن معاوية ، واستشهد الإمام الحسين عليه السلام وأهله وأصحابه والتابعين له في معركة كربلاء في مواجهة جيش يزيد .

تقول بعض المصادر أن في الفترة الأموية استحدثت سنة سب علي على المنابر حتى ابطلها عمر بن عبد العزيز

فيما يروى أيضا عن قصة استشهاد الامام علي عليه السلام

اُغتيل علي بن أبي طالب على يد عبد الرحمن بن عمرو بن الملجم المرادي من خوارج مصر. كان والدا ابن ملجم من حمير، ولكن نسب إلى مراد بسبب قرابة أمه، وتحالف مع بني جبلة من كندة. دخل الكوفة بهدف قتل علي للانتقام لقادة الخوارج في النهروان.

في الكوفة، التقى بمجموعة من قبيلة تيم الرباب الذين كانوا يبكون على عشرة من رفاقهم الذين قتلوا في النهروان على يد جيش علي. من بينهم امرأة تدعى قُطام ابنة الشّجنة. طبقاً لرجل الدين علي الصلابي، عندما رأى ابن ملجم قُطام «سلبت عقله» و«نسي حاجته» التي جاء لها، واقترح عليها الزواج. فاشترطت عليه قُطام أنها ستتزوجه إذا استطاع أن «يشفيها» بإعطائها ثلاثة آلاف درهم وخادماً وقينة، وأن يقتل لها علي بن أبي طالب. أرادت قُطام الانتقام أيضًا، حيث قُتِل والدها وشقيقها على يد قوات علي في النهروان.

وفي ذلك قال عبد الرحمن بن ملجم:

ثلاثة آلاف وعبد وقينة
وضرب علي بالحسام المصمم
فلا مهر أغلى من علي وإن غلا
ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم
أقنع ابن ملجم رجلاً يدعى شبيب بن نجدة الأشجعي الحروري لمساعدته في قتل علي. إلى جانب شاب يُدعى وردان بن مجالد، كان وردان شريكاً مع بن الملجم. كان المتآمرون متمركزين مقابل الباب الذي منه سيدخل علي المسجد.

في يوم الجمعة 19 (أو 17 ) رمضان، دخل علي مسجد الكوفة لأداء صلاة الفجر. ثار إليه شبيب بالسيف فضربه فوقع، وضربه ابن ملجم بسيف مسموم على «قرن رأسه» فسال دمه على لحيته بعد أن تلى علي آيات من سورة الأنبياء كجزء من الصلاة، أو عندما كان يدخل المسجد. لما ضربه ابن ملجم قال: لا حكم إلا لله ليس لك يا علي ولا لأصحابكم، لم يضرب سيف شبيب علي وبدلاً من ذلك «ضرب الإطار الخشبي للباب أو القوس». هرب وتم القبض عليه بالقرب من أبواب كندة من قبل رجل من حضرموت يدعي «عويمر»، لكنه تمكن من الفرار عبر الحشد. هرب وردان إلى منزله وقُتل هناك غضباً بالسيف على يد قريب له يُدعى «عبد الله بن نجابة بن عبيد الكاهلي»، بعد أن اعترف بتورطه. تم القبض على ابن ملجم من قبل الهاشمي المُغِيرَة بن نوفل بن الحارث.

أمر علي أنه إذا مات متأثراً بجراحه، يجب إعدام ابن ملجم قصاصًا. توفي علي بعد ذلك بيومين في 21 رمضان 30 يناير 661 (أو 19 رمضان 28 يناير 661) عن عمر 62 أو 63، وقُتل ابن ملجم قصاصًا بأمر الحسن بن علي تنفيذًا لوصية علي، بعد أن بويع خليفة للمسلمين.

مجموعه إشعار ورثاء كتبت عن استشهاد أمير المؤمنين الإمام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه وليد الكعبة وشهيد المحراب

أزِفَ الكَرْبُ واستُبيحَ الذمار          مُذْ قضى حيدرٌ وحَلَّ الدَّمارُ

غِيلَ مَنْ كانَ بلسماً للبرايا            والجميلَ الخِلاق فهو المنارُ

قُتِلَ البَرُّ والأمامُ المُواسِي             بِفدا النفْسِ في الوغى كرّارُ

بابُ علمِ النبيِّ خيرُ البرايا            معهُ الحقُّ تابِعٌ دَوّارُ

أشهَرَ الخير فاستضاءَتْ قلوبٌ       واستَنارتْ بعلْمهِ الأفكارُ

نفْسُ طه النبيِّ ثُمَّ أخُوهُ              وأبو الأطهَرِينَ نِعمَ البِذارُ

هو زَوجُ البتولِ اُمِّ أبيها             هو بدرُ الدُّجى به يُستَنارُ

يا بلاءً صَبَّ الشُّجونَ علينا         هدَّنا الفَقدُ فالرزايا كِبارُ

فلقد فاتَ قائدٌ ذو أناةٍ                واعتلى فاسِقٌ وذئبٌ سُعارُ

وانحنى فوقَ صدرِ الأناسِي         مَخلبُ الحقدِ قاطعٌ بتّارُ

جلَّ رِزْءٌ بأنْ يُغالَ وَصيٌّ           طاهرُ النفسِ ما عليهِ غُبارُ

وبِبَيتِ اللّطيفِ يُضرَبُ عبدٌ         زاهدٌ .. في خُشُوعهِ الإقرارُ

ويُنادي الشقِيُّ: “لستَ مُطاعاً”      ثمّ تُـدمى محاسنٌ أنوارُ

زمرةُ المارقينَ ضلُّوا مِراراً        وهمُ اليوم لعنَةٌ واندِحارُ

جعلوا القتلَ للأنامِ شِعارا             حيثُما استوطنوا فثَمَّ انفجارُ

يا حبيبَ الإلهِ في كلِّ حينٍ            يا فتى خيبرٍ بَكاكَ الفِقارُ

كنتُّ دِرعَ الرّسُولِ يومَ الدواهي     في حُنينٍ لمَّـا بَدا الإدبارُ

رحِمَ اللهُ عِتْرةَ الطُّهرِ طه           فلقدْ أخلصوا ونَهجاً أنارُوا

وهُمُ الخيرُ للأنامِ وَرِدْءٌ             منبعُ الغيثِ غادقٌ مِدرارُ

وهمُ جُنَّةٌ من التّيهِ حتمَاً           ومَلاذُ الهُدى بِهِم يُستجارُ

فسلامٌ على قِبابٍ حوتْهُم           طاهراتٍ يُسعى إليها تُزارُ

تغمُرُ الخَلقَ بالغَوالي عَطاءاً      عَظُمَتْ أقبُـرٌ إليها يُشارُ

حسبُنا وُدُّنا عَليّاً إماماً             وعليهِ السلامُ مِنّـا الكِثارُ

طِبْتَ حيّاً وميّتاً يا إمامِي          إنّكَ المَجدُ فخرُهُ الإبهارُ

يا شهيدَ المحرابِ شِعري زهيدٌ   في خُلودٍ حَفّتْ بهِ الأسرارُ

🟢 يا سيوف الاحرار في قبضة المجد، تهاوي – رغم الحفاظ – فلولا

***

والفي غمدك المخضب بالعار، تصوني فخارك المطلولا

***

واخرسي، لا صليل كالرعد ينصب بأذن الكمي لحنا جميلا

***

واحمدي لا بريق يجرح بالنور ظلام القتام فجرا  صقيلاِ

***

واخمدي لا بريق يجرح بالنور ظلام القتام فجرا صقيلا

***

واكهمي لا غرار كالقدر المحتوم، إن صال تنحني الهام ميلا

***

إن سيف ابن ملجم يرشح العار على صفحتيك جيلا فجيلا

———

طأطي الهام يا عروبة حتى

ترفعي بالظبا جبينا ذليلا

***

وتعيدي بنجدة الثأر مجدا

لم يزل بادي الشحوب عليلا

                                            ***                  

وتشدي بعزمه الحق كفا

هجر السيف فارتمى مشلولا

***

واطرحي البيض يا سواعد قحطان، وسلي عنها العصي بديلا

***

فالعصار تعرف الحمية – خير

من حسام يكون وغدا دخيلا

يا حسام ابن ملجم لم لم ترع

لا قرانك السيوف اصولا

***

شرف السيف ان يقارعه السيف فان فاز كان نصرا نبيلا

***

ليرى المجد – والقراع امتحان –

ايها كان ملحقا ام اصيلا

***

أمن النبل يا الصيق المواضي

غدرة الليل فجأة وذهولا

***

وعلي نشوان من خمرة النجوى مع الله حسبة ومثولا

***

كهربت حسه الصلاة فلا يألف إلا التكبير والتهليلا

***

ثم سرعان ما يخر وليد البيت في البيت ساجدا وجديلا

***

فاذا بالصلاة في المسجد المحزون ثكلى تنعى أبا وكفيلا

***

وتردت من بعده ليلة القدر ثياب الحداد عمرا طويلا

***

فاهتدينا لغامض السر: ان القدر والجرح توأمان قبيلا

***

واضافت لمجدها ليلة القدر بفضل الامام مجدا اثيلا

***

فاستطالت على الليالي بفخر ينضح الحمد بكرة واصيلا

——-

أية اشقى الورى أما يستحي سيفك أن يشهد الامام سليلا

***

والمواضي كانت متى شاهدته لم تبارح اغمادها تبجيلا

***

حيث كانت ترى بعينيه وقد العزم يذوي حديدها المصقولا

***

وعلى فيه من فحيح البطولات لظى يترك البصائر حولا

***

هكذا الحق يصلت العزم سيفا عبقريا وساعدا مفتولا

***

إيه اشقى الأنام، هلا تراجعت لدى هيبة الامام خجولا

***

كيف مدت منك اليمين وكانت تستقي من ندى الامام سيولا

***

أفهل جفت الصلات فجاءت تبتغي من صلاته التنويلا..؟

***

لا – وحاشا نداه – وهو غمام – أن يرى ساعة المحولا بخيلا

***

لكن النفس إن زكت تخصب الخير إلى الناس روضة وحقولا

***

ومتى ساء غرسها تنبت الشر – برغم الوجدان – مرعى وبيلا

——

لست أرثيك  – يافقيد البطولات – بحفل يلوك معنى ملولا

***

إنما يعقد الرثاء لميت يرشح الدمع ماتما وعويلا

***

لست ارثيك –يافقيد البطولات – بحفل يلوك معنى ملولا

***

إنما يعقد الرثاء لميت يرشح الدمع ماتما وعويلا

***

أنت اسمى من أن تموت وهذا نهجك الحي يعضد التنزيلا

***

أنا أرثي لمدلجين أضاعوا هدف السير مقصدا ومقيلا

***

وزعوا بين فكرتين: فقوم ألفوا في اليمين ظلا ظليلا

***

فاستطابوا النعيم، وليمت المسكين، ما دام عيشهم معسولا

***

ولو أن الجميع ساروا على نهجك، واستهدفوا خطاك دليلا

***

لاستراحوا من حبره الفكر فالاسلام أرسى قواعدا وأصولا

***

انه يرشد الأنام إلى الخير، ويوحي الهدى، ويغدو العقولا

——-

يا صريع ابن ملجم، لم تكن وحدك في مذبح الصلاة قتيلا

***

ولو أن الخصام بينكما – حسب – فهيهات يستقيم طويلا

إنما تلك قصة العدل والظلم، وهيهات دورها أن يزولا

***

لم تزل والزمان في مسرح التأريخ عذراء تصرع المستحيلا

***

إن سيفا ارادك في ساحة الرحمة ما زال فوقنا مسلولا

***

والدماء التي استقى ريها المحراب لا زال جرحهن خضيلا

***

فصراع ابن ملجم وعلي يتخطى التأريخ جيلا فجيلا
🟢 ولكنتَ للدنيا سماءَ منافعٍ

تسقي مرابعَ جفَّ منكَ ثراها

***

يا مقلة الحق السليبةَ غالها

صرفُ الرّدى فتكورت وضياها

***

قد كان بعدك حين غِبْتَ ملاحمٌ

قدَّرتها وصَدَقتَ في ذكراها

***

هذا ابن ملجم عادَ والسّيفُ الذي

من نجعِ هامِك بلَّ شيبَ لحَاها

***

وكأنهم بدماك لم يُبْلَلْ لهم

حِقْدُ النفوسِ ولا اشتَفَتْ سُقَماها
عَطَفَتْ على أتباعِ نهجك بالرّدى

كي تشتفي عصَبٌ يعِزُّ شِفاها

***

وتقاطرت بالسمِّ حِقْداً بعدما

فَغَرَتْ عليكَ كما الأفاعي فاها

***

وتتبعتْ فينا منازِلَ قُدوةٍ

كانتْ لها رزقاً يُدِرُّ نَماها

***

وتقاسموا ما بينَهم أن يهدِموا

بيتَ النّبيِّ بأرضِ سامُرّاها

***

لِعليٍ الهادي وقبة سؤدَد

حَلَفَ الإله ليَغْلِيَنَّ عِداها

***

مَنْ كانَ يعلَم هَدْم قبّتهِ الّتي

كُلُّ النّجومِ تلألأت برؤاها

***

ألْقَتْ عليهِ يَدُ الحصانَةِ ظِلّها

فَغَدا لَنا هُزواً يَمُطُّ شِفاها

***

كم جِيفةٍ في (البرلمان) ذميمةٍ

ما مثّلت مِن أهلِها شُرَفاها

***

تعتاشُ مِنْ حرْبِ الشعوب كأنها الـ

ـعِقبانُ في الأرضِ الخرابِ تراها

***

لابدَّ ان تمضي ويمضي شرُّها

ما دامَ شعبي عارفاً مغزاها

***

أوَلمْ يجفَّ دمٌ لآلِ اميّةٍ

بقليبِ بدرٍ حين اُفلِجَ طه

***

حتّى تتبعَت الذّراريَ مِنه في

طولِ البلادِ وعرضِها بأذاها

***

يا مَنْ يمرُّ على منازلِ فتيةٍ

للوحيِ كانَ مهابِطاً مغناها

***

سلّمْ على خالي البيوتِ وقُلْ لها

صارَ السّلامُ ضريبةً لِبقاها

***

قد غابَ عهدُ السيفِ والأملُ الّذي

يُسْراهُ تحكي في الوغى يُمناها
فتبلَّغي بالصّبرِ عَنْ أنْ تبلغي

صَهَواتِ مجدٍ فاحَ قبلُ شذاها

***

ما المجدُ يا ابنَ العسكريّ لهاشمٍ

إن لم تقوِّمْ بالسيوفِ بِناها

***

ولأنتَ تعلَمُ أنّها الحربُ التي

حربٌ عليك تطلَّبت مبداها

***

هذي دماك تسيلُ من فوق الثّرى

عَجَباً وكانَ بكربلا مَجْراها

***

ما جَفَّ دَمْعُكَ من قديم مسيلها

حتّى تجارى مِن جديدِ دماها

***

عجباً لصبرِك والجبالُ تأوّهت

وإليك قدّمتِ الورى شكواها

***

ملأتْ فِعالُ الجاهلية أصدُراً

مِنّا بِنارٍ اُلهِبَتْ بلَضَاها

***

لِلآنَ والدُنيا تكذب وعدَنا

وتقولُ أوهامٌ لكمْ عِشناها

***

يا صدمةً لو يعلمونَ عظيمةً

لو أنْ ظهَرْتَ مكذّباً دعواها

***

وَضَعوا إذنْ ما يملكونَ أصابعاً

في ملئِ ما بِكَ حرّكوا أفواها

***

ورأوكَ والاملاكُ حولَكَ حاملاً

سيفَ الفقارِ ووَاعداً بفناها

***

أوْ تستقيمُ لشرعِ آلِ محمدٍ

الله أكبرُ أو تزيلُ بقاها
يا ابن الإمام العسكري أما ترى

هذه الكبودَ تصدعتْ بأساها

***

يا ابن النساء الطاهرات أما سمعـ

ـتَ الناشراتِ الشَّعرَ فيمَ بُكاها

***

يا ابنَ الحجورِ الزّاكياتِأنظرةٌ

منها القلوبُ تبلُّ حرَّ جواها

***

ما كان صبرُك باليسيرِ لتنجلي

عن ضوءِ فجرِكَ في ظلامِ دُجاها

***

مِنْ بعدِ أن نازعتَ نفسَكَ أن ترى

آلَ النبيِّ تذوقُ مُرَّ سِباها

***

وحُماتها ما بين مسلوبٍ على

رمضائِها ومزمّلٍ بثراها

***

بسيوفِ آل أميةٍ وشفاهُهُ

بقيت ثلاثً والدّما سُقياها

***

وعلى ترائِبِ جدِّك الطِّفلُ الّذي

قتلوه كي تُمحَوْنَ مِنْ دُنياها

***

الله ربّي لا أُمانعُ أمرَهُ

وهو الكفيلُ بثارِ أهلِ وِلاها

***

لكنَّ ثاركَ أنتَ معنيٌّ به

فانهض فآلك مُزِّقتْ أشلاها

***

واظهَرْ لآلِ أميّةٍ فلقدّ عَدَوْا

واقلبْ أسافِلَها وقُمْ أعلاها

***

يا ربِّ إنّي قد قصدتُ بهذهِ

غُرَفَ الجنانِ تطيبُ لي سُكناها

***

بجوارِ آلِ محمّدٍ وبصحبةِ الــ

أشرافِ مِن نَسلِ البتولِ نَماها

***

فاجعلْ بميزاني قصيدتيَ التي

أرجوكَ أن ألقى القبولَ لِقاها

***

وارحَمْ بها الكعبيِّ يومَ وفاتِهِ

وكُنِ الشّهيدَ عليهِ في مَغْزاها

🟢حَكَمَ القضاءُ فأدمُعي أنهارُ

واُذيقَ كأسَ حمامِه الكرّارُ

***

وعلا ابْنُ ملجَم رأسَهُ بمهنّدٍ

مثواهُ فيما قد أتاه النّارُ

***

وَيْلٌ له أوَلَيْسَ يعلَمُ أنّهُ

في قتلِ حيدرَ دينُنا يَنْهارُ

***

فَبَكَتْهُ حورٌ في الجنانِ وشيعةٌ

تبكي وليسَ يفيدُها اسْتِعْبارُ

***

هذا هُوَ اليومُ الذي قد أنبأ الـ

ـمولى الوصيَّ بموتِه المختارُ

***

إذ قال كيف إذا ضُرِبتَ بأبيض

بالسمِّ اُنقِعَ حدُّهُ بتارُ

***

فأجابَه الكرارُ دونَ ترددٍ

وعلى طلائِعِ وجهِهِ استبشارُ

***

أنَا لستُ أرهبُ موتةً اعتادُها

وأنا اُديرُ الموتَ حيثُ يُدارُ

***

حتّى إذا وقَعَ المقدّرُ وانثنى

وَقضى بأمرِ مماتِه الجبّارُ

***

بَرَدتْ حشاهُ لما سَيَلْقى بَعدَها

وحشى محبّيهِ ففيها النّارُ

***

وعجبتُ للملَكِ الّذي بيمينِهِ

يُنهي حياةً ملؤها إيثارُ

***

لا بَلْ وسائلَه ليبذِلَ روحَه

فأجابهُ في بذلِها المغوارُ

***

وكذا الكريمُ يضيعُ حتّى روحَه

إنّ الكريمَ بروحِه مِبذار

🟢

حملت ولاك رأياً واعتقاداً

وفي دنياك بصرت الفؤادا

***

ومن صغر تلمست الاماني

بحبك روح من حمل الودادا

***

وما انصب الدم العربي إلا

على حب الوصي . وما تهادا

***

ولا عجب فان ولاه فينا

بياض العين تكتنف السوادا

***

فديتك جس أياً من عضامي

تجدها السنا خلقت . حدادا

***

أب لي مشفق حدب وأم

قد اصطنعا لدي ولاك زادا

***

وباسمك عوذا مهداً علي

شغاف القلب ينعقد انعقادا

***

غرست ولاك في قلبي ليوم

به ابغي على يدك الحصادا

***

اكاد . وللهوى وضح مشع

بروحي . استحيل له زنادا

***

وينطق كل جرح يعربي

دماً كان الفؤاد له مدادا

***

انا العربي ولتكن القوافي

كآمالي جلاء واتقادا

***

فديتك أي عاطفة تغذت

بروحك ما تحملت السدادا

إبن أمير المؤمنين الإمام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه والسيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهما وارضاهما
إبن الإمام الصوفي العارف بالله الشيخ محمد بن هارون والسلطان محمد شمس الدين ابوهارون الشريف
الكاتب والمؤرخ الإسلامي
عبدالرحيم حماد أبوهارون الشريف
الإدريسي الحسني العلوي المحمدي الهاشمي القرشي


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى